رام الله ـ «القدس العربي»: قالت الدكتورة حنان عشراوي، العضو السابق في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والناشطة النسوية، إن ما جرى من اعتداء على صحافيات فلسطينيات هو أسلوب رخيص ولا أخلاقي، معتبرة سرقة جوالات الصحافيات واستخدام صورهن الخاصة للتشهير بهن أمر يتنافى مع أبسط قواعد الأخلاق.
وأضافت أن خطاب السلطة في رام الله الذي يقوم على التعبئة العامة ضد من يعارضها سيقود إلى شرذمة المجتمع الفلسطيني من الداخل.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي لـ«مؤسسة الحق» وصحافيات فلسطينيات عقد في مقر المؤسسة في رام الله، أمس، حول الانتهاكات التي وقعت بحق الصحافيين والصحافيات في الأيام الأخيرة على خلفية مقتل المعارض السياسي نزار بنات قبل نحو أسبوع على أيدي قوات من أجهزة الأمن الفلسطينية في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.
ووثق المؤتمر شهادات كل من الصحافيات: نجلاء أبو زيتون، وشذا حماد، وفيحاء خنفر، وبتول كوسا، وسجى العلمي وفاتن علوان، وكلهن تعرضن لاعتداءات خلال تغطيتهن لمسيرات مناهضة ومطالبة بتشكيل لجنة تحقيق في ظروف مقتل المعارض بنات.
وجاء في كلمة عشراوي أن الشهادات التي قدمتها الصحافيات تجسد واقع ما وصلت إليه الحالة الفلسطينية، «وهو واقع مؤسف جدا، حيث هناك سياق حقوقي مأسوي لم يأت من فراغ، حيث حذرنا سابقا من أن هناك تآكلا وتراجعا في المنظومة الحقوقية وكل ما يتعلق بقضية الحكم الصالح والرشيد ومتطلباتها».
وتابعت ان القرارات بقوانين حلت محل المجلس التشريعي، والقضاء فقد كل شروط استقلاله، والانتخابات مؤجلة، وكل مصادر القوة تجتمع في مكان واحد فقط فيما تفرغ المؤسسات، لتكون النتيجة أن الشعب وحقه في كل حقوق منتهك.
وتابعت: لقد تراجعت المنظومة السياسية لنصل إلى اعتداء مركب ومضاعف ومؤلم، حيث الاعتداء على النساء الفلسطينيات الذي يعتبر أمرا جديدا على مجتمعنا، حيث تنتهك مساحتها وتحرم من مساحة الأمان ويعتدى عليها بوحشية، وهو أمر يستهدف جميع النساء الفلسطينيات.
وأكدت أن رسالة الصحافة هي حرية الكلمة وتوصيل المعلومات للمواطنين، ومن حق المجتمع والشعب أن يصل للمعلومة ويعلم ماذا يحدث، ويفترض أن الصحافي مصون بالحماية ليكون الاعتداء عليه اعتداء على حق المجتمع كله بالمعرفة.
وقالت «من المؤسف أننا نعيش في خوف الآن، فيما الآثار غير المرئية تؤثر كثيرا من ناحية الصدمة، ومن ناحية منع البنات من العمل، ولها أبعاد أكثر من الحدث نفسه ولها دلالات على عقلية وذهنية وطريقة تعامل وهي عقلية تتبلور وتخرج للعلن بالتدريج.
وطالبت الصحافيات والصحافيين بأنه «لا يجب أن نخاف اليوم، لا يجب أن نشعر أن علينا الاختباء والصمت» مؤكدة أن «الكلام والتحريض رخيص ولكن ثمنه تشويه المجتمع بكامله. فشعبنا لم يرضخ أو يركع أو قبل بعقلية الهزيمة. لن يقدروا لنا بأي شكل من الأشكال».
وطالبت عشراوي بالإصلاح الشامل، فالإصلاح لا يكون جزئيا بل هو شامل، والمساءلة يجب ان تكون شاملة، نحن في حاجة إلى إصلاح كل المكونات.
خلال مؤتمر عرض شهادات صحافيات تعرضن للقمع
بدورها قالت الدكتورة رندة سنيورة، المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، إن الخروقات والانتهاكات لحقوق الإنسان وللحريات العامة والتغطية الصحافية مؤخرا حاولت استغلال مفاهيم ثقافية واجتماعية واستغلال الدين بطريقة غير صحيحة، وذلك بهدف الإساءة للنساء في محاولة ضبط الفتيات وقمعهن وتحديدا عندما يصبحن ناشطات ويطالبن بالحقوق العامة.
وأكدت أن مجموعة كبيرة من الشكاوى حول اختراق خصوصية الفتيات وصلت مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، حيث هناك حالة من ترويج صور لفتيات من على موبايلات لهن تمت سرقتها خلال حالات القمع التي تعرضت لها الصحافيات.
وتابعت: «السرقة موثقة، لكن الموبايلات لم تعد حتى الآن لأصحابها، فيما تستمر محاولة التحريض على العنف ضد الفتيات عبر نشر صورهن بهدف محاولة التضييق عليهن من أهلهن، وهذا أمر نتائجه كبيرة من حيث مشاركة النساء في الفضاء العام».
وأكدت سنيورة أن المؤسسات الحقوقية تحركت عبر إصدار بيانات لتسجيل مواقف، لكننا نعكف على تقديم بلاغ للنائب العام حيث لدينا ملف يتضمن الصور والأسماء لكل من قام بهجمات على النشطاء والصحافيات.
وأضافت: «صحيح أن هناك تقاعسا لأصحاب الواجب بمباشرة التحقيق في هذه القضايا، فإننا نخطط للتحرك مع المقررين الخاصين في الأمم المتحدة وتحديدا المقررين الخاصين بالحريات والعنف ضد المرأة ومناهضة التعذيب.
وتابعت رندة: «العنف الذي مورس بحق الصحافيات يقود إلى تهديد السلم المجتمعي، وتعريض الفتيات للعنف المضاعف والقتل لا سمح الله، وهو أمر نحاربه بكل قوة».
وتساءل عصام عاروري، مدير مركز القدس للمساعدة القانونية، أين تلفزيون فلسطين؟ أين نقابة الصحافيين؟ أين وزارتي الإعلام والمرأة من هذا المؤتمر؟ وتابع: «نريد مؤسسات للشعب الفلسطيني وليس لحزب أو حركة، نحن أهل البلاد ودافعو الضرائب، وأنا أشعر بالحزن والقهر والغضب، لم أكن أتمنى العيش لرؤية هذا الكابوس الذي أصبحنا نعيشه».
وتابع العاروري: «هناك عار يلحق بشعبنا الثائر، كنا نتمنى أن نكون بالقدس وسلوان. كنت أتمنى أن لا تكون الجبيرة على يد مراسلة الجزيرة جيفارا البديري وعلى يد الصحافية فيحاء خنفر».
وختم عاروري قائلا: «من يحاول إرهاب الشعب هو جبان مهما كانت الادعاءات التي ينطلق منها» مطالبا بضرورة «أن يكون هناك نظام مساءلة ومحاسبة، كما ناشد بعدم نشر الصور التي تم تهريبها من جوالات الصحافيات الفلسطينيات، فواجبنا حماية بناتنا».
وكان ملف الاعتداء على الصحافيات قد تصاعد مع توثيق جهات حقوقية فلسطينية وجهات مختصة بالأمان الرقمي، حيث قامت جهات بنشر صور شخصية مأخوذة من الهواتف التي سرقت خلال المسيرات الاحتجاجية على مقتل الناشط بنات.
وكشف مركز صدى سوشال في مدينة رام الله عن وجود موجه من حملات التحريض والابتزاز والتشهير بعدد من المتظاهرات والمتظاهرين الذين شاركوا في الاحتجاجات الأخيرة في مدينة رام الله، وتم استخدام مواد خاصة بهم من صور ومحادثات ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً.
وجاء في بيان المركز «ندعو عبر مركز صدى سوشال المستخدمين ممن فقدوا هواتفهم ويتعرضن للابتزاز بصور خاصة تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي مراسلتنا عبر حساباتنا أو موقعنا للمساعدة في الحماية والخصوصية ومنع انتهاك الملكية الخاصة بهم».
وذكر المركز أن فيسبوك يتجاوب مع طلبات «صدى سوشال» بإغلاق صفحات كانت تمارس أنشطة تضليلية وتنتهج تشويه صور ناشطات وصحافيات فلسطينيات.