طرابلس -«القدس العربي»: جدل واسع في الأوساط المحلية الليبية في ضوء مخططات مصرية لإنشاء نهر صناعي في الصحراء الغربية بمحاذاة الحدود مع ليبيا، لتوفير إمدادات لمشروعات استصلاح زراعي تعكف مصر على تنفيذها في المنطقة.
الجدل لم يبدأ حديثاً لأنه بدأ منذ العام 2017، عندما تحدثت الباحثة المصرية المتخصصة في استكشاف المياه الجوفية الدكتورة إيمان غنيم عن وجود نهر عملاق يجري تحت الأرض تترامى أطرافه بين ليبيا والسودان وتشاد ومصر.
وقتها قالت إنها زودت سلطات بلادها بـ 180 صورة رادارية، تغطي ربع مساحة مصر في المنطقة الحدودية مع ليبيا، لافتة إلى أن مصب هذا النهر تحت الأرض موجود تحت واحة الكفرة جنوب شرق ليبيا.
وفي العام 2023، كشفت وسائل إعلام مصرية عن تفاصيل أكبر نهر اصطناعي شرعت مصر في تنفيذه شمال غرب البلاد بمحاذاة الحدود الليبية المعروف بـمشروع الدلتا الجديد.
وارتبطت تصريحات الباحثة المصرية ومخطط النهر الصناعي الجديد لدى الرأي العام في ليبيا بمسألة الأمن المائي، والمخزون الجوفي الليبي والذي يُستخدم كإمدادات مائية رئيسية لمشروع النهر القائم في ليبيا.
وعلى خلفية عودة هذه القضية إلى السطح مجدداً، أكدت وزارة الموارد المائية بحكومة الوحدة الوطنية أن التصريحات الإعلامية حول المياه الجوفية المشتركة (العابرة للحدود) وبالأخص عن منطقة حوض الحجر الرملي النوبي المشترك والتي تمثل ليبيا أحد أطرافه، تصدر عن أشخاص غير مسؤولين، ولا تمثل الموقف الرسمي لدولة ليبيا.
وأفادت الوزارة بمباشرتها في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لذلك، وأن الوزارة عاكفة على إعداد ندوة حوارية تستضيف فيها لفيفًا من الخبراء المعنيين بالمياه الجوفية ومن خبراء الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر الرملي النوبى المشترك خلال الأيام القادمة.
وأضافت أن الندوة المرتقبة ستكون لتوضيح كافة الجوانب المتعلقة بالأحواض الجوفية المشتركة العابرة للحدود وآلية التنسيق المتبعة في إدارتها ومراقبة الخزانات الجوفية وتبادل المعلومات والبيانات حولها واستغلال مياهها بالدول المتشاطئة.
وتداولت بعض وسائل الإعلام مباشرة الشركات المصرية التنقيب عن المياه قرب منطقة “الجغبوب” على الحدود الليبية مع مصر؛ حيث وفرة من المياه الجوفية ونقل دولة مصر للمياه الجوفية الليبية إلى أراضيها عن طريق نهر صناعي.
وذكرت الوسائل أن تنقيب مصر عن المياه هو ضمن مشروع زراعي تعتزم تنفيذه، ويتطلب نقل المياه المستخرجة من الحدود المشتركة إلى المناطق في مصر القريبة من الحدود الليبية.
يشار إلى أن الحوض هو خزان جوفي تبلغ مساحته 2,2 مليون كم²، وتشترك فيه 4 دول هي السودان، ومصر، وليبيا، وتشاد، وقد وقَّعت هذه الدول في فيينا عام 2013 على اتفاقية للتعاون الإقليمي أُنشِئت بموجبها “الهيئة المُشتركة لتنمية ودراسة واستخدام خزان الحوض الرملي النوبي”.
ونفى عضو مجلس الإدارة في جهاز النهر الصناعي فوزي الشريف، ما يشاع عن استغلال مسارات المياه الجوفية الليبية من الجارة جمهورية مصر العربية، مؤكداً أن ليبيا ليست غافلة عن مواردها المائية.
وأشار إلى وجود هيئات ومنظمات لمراقبة مشروع الخزان الجوفي النوبي المشترك بين الجانبين الليبي والمصري، موضحا أن “بلادنا تمتلك مخزوناً مائياً ضخماً مشتركاً مع دول الجوار مصر والسودان وتشاد، يبلغ مساحته الكلية 2 مليون و200 ألف كيلومتر مربع.
وأضاف أن الجزء الأكبر من هذا الخزان الجوفي يقع في مصر بمساحة 828 كيلومتراً مربعاً، وبعدها ليبيا بمساحة 760 ألف كيلومتر مربع، ثم السودان وتشاد.
وأشار الشريف إلى أن الخزان النوبي ساهم في استثمار العديد من المشاريع الزراعية الليبية منذ سبعينيات القرن الماضي، لا سيما مشروع السرير الزراعي على جانب الاستفادة منه في مخزون النهر الصناعي.
ونوه إلى أن مسار الأنهار القديمة في ليبيا يأتي من الجنوب مروراً بالكفرة ثم يتجه شمالاً وينحرف باتجاه منخفض القطارة المصري، وفي الاتجاه المقابل إلى الواحات إلى خليج سرت.
وذكر أن وكالة أمريكية متخصصة أجرت دراسة عام 1987، تؤكد أن الليبيين لو استغلوا بكثافة المياه الجوفية في مشروعات صناعية وزراعية سيؤثر على سريان المياه الجوفية باتجاه مصر. واستطرد الشريف بأن مصر تعتمد على المياه الجوفية في عديد المشروعات، لكن ذلك لا يعني أنها تأخذ المياه الجوفية الليبية، فلكل منا لديه مسارات المياه الجوفية الخاصة به.