الجزائر- عبد الرزاق بن عبد الله: منذ أيام، دخلت العلاقات بين الجزائر وفرنسا نفقا مظلما؛ إثر تقليص باريس عدد التأشيرات للجزائريين، وكذا هجوم غير مسبوق من الرئيس إيمانويل ماكرون، ادعى فيه عدم وجود أمة جزائرية قبل استعمار بلاده للجزائر (1830-1962)، في نهاية دراماتيكية لعلاقة بدأت مع آمال كبيرة في التقارب.
وعُقدت في الجزائر آمال على حقبة الرئيس ماكرون للوصول إلى تطبيع العلاقات، بعد اعترافه قبيل وصوله الحكم بأن الاستعمار الفرنسي للجزائر كان جريمة ضد الإنسانية، لكنه خيب آمال الجزائريين وتسبب بأزمة دبلوماسية بين البلدين، مع اقتراب نهاية ولايته الأولى التي بدأت في 2017 لمدة خمس سنوات.
وهذه أبرز محطات العلاقات الثنائية في عهد ماكرون:
المرشح والرئيس
– 16 فبراير/ شباط 2017: ماكرون يصرح، خلال زيارته الجزائر بصفته مرشحا للرئاسة، بأن الاستعمار الفرنسي كان جريمة ضد الإنسانية، وهو تصريح خلف ترحيبا في الجزائر وغضبا لدى اليمين الفرنسي.
– 6 ديسمبر/ كانون الأول 2017: ماكرون يزور الجزائر، بصفته رئيسا لفرنسا، لكنه لم يقدم اعترافا ولا اعتذارا رسميا من باريس عن جرائم الاستعمار كما طالب الجزائريون، في وقت شهدت فيه ولايته الأولى في الحكم تقاربا كبيرا مع الجزائر.
– ديسمبر 2018: وزير قدماء المحاربين الجزائري، الطيب زيتوني، يقول إن أربعة ملفات أساسية تخص الفترة الاستعمارية، وهي الأرشيف وجماجم المقاومين والمفقودون وتعويض ضحايا التجارب النووية، هي مفتاح العلاقات الطبيعية بين البلدين.
بوتفليقة وتبون
– فبراير 2019: شعارات معادية لفرنسا تكتسح مظاهرات الحراك الشعبي الجزائري المطالب برحيل نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
– مارس/ آذار 2019: غضب في الشارع الجزائري إثر إعلان فرنسا دعمها لخارطة طريق أعلنها بوتفليقة لتمديد فترة حكمه، ما يخلف غضبا في الشارع.
– طيلة 2019: تصريحات تتوالى من مسؤولين وسياسيين جزائريين، بينهم قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح، تتهم باريس بمحاولة التدخل للتأثير في المرحلة الانتقالية بالجزائر (ما بعد بوتفليقة 1999-2019).
– ديسمبر 2019: فرنسا تتأخر في تهنئة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بعد فوزه في انتخابات رئاسية أُجريت في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019.
استدعاء سفيرين
– أبريل/ نيسان 2020: الخارجية الجزائرية تستدعي سفير باريس لديها، كزافيي دريونكور؛ احتجاجا على نشر الجيش الفرنسي صورة على حسابه بـ”تويتر” تضمنت اسم الجزائر وعلمها، وأضيف إليها العلم الأمازيغي واسم منطقة القبائل، وكأن الأمر يتعلق بكيانين مختلفين أو مستقلين، وليس دولة واحدة هي الجزائر.
– 27 مايو/ أيار 2020: الجزائر تستدعي سفيرها في باريس للتشاور؛ احتجاجا على بث قنوات حكومية فرنسية فيلما وثائقيا حول الحراك الشعبي الجزائري يظهر شبانا وهم يطالبون بالتحرر من التقاليد، كما تضمن انتقادات للسلطات وقيادة الجيش.
رفات وعداوة
– يوليو/ تموز 2020: فرنسا تسلم الجزائر 24 من رفات مقاومين جزائريين ضد الاستعمار الفرنسي من بين مئات أخرى ما زالت محتجزة في متحف باريس.
– 8 أبريل 2021: وزير التجارة الجزائري الهاشمي جعبوب، يصف فرنسا بأنها “عدوة الماضي والحاضر والمستقبل بالنسبة للجزائريين”، وباريس تحتج.
إلغاء زيارة
– 9 أبريل 2021: باريس تعلن تأجيل زيارة لرئيس حكومتها جان كاستاكس، إلى الجزائر “لأسباب صحية”، فيما قالت مصادر دبلوماسية إن السبب الحقيقي هو رفض الجزائر تقليص حجم الوفد الفرنسي.
– 19 أبريل 2021: عبد المجيد شيخي، مستشار الرئيس الجزائري، يتهم فرنسا بنشر الأمية في الجزائر مع استعمارها عام 1830، بعد أن كانت نسبتها لا تتجاوز 20 بالمئة في العهد العثماني.
أحدث أزمتين
– 29 سبتمبر/ أيلول 2021: الخارجية الجزائرية تستدعي سفير فرنسا، فرانسوا غويات؛ بعد قرار باريس تقليص عدد التأشيرات الممنوحة لرعايا جزائريين إلى النصف، من دون التشاور المسبق مع السلطات الجزائرية.
– 30 سبتمبر 2021: ماكرون يستقبل أحفاد “حركى” (عملاء جزائريون عملوا مع فرنسا)، ويطلق تصريحات غير مسبوقة، ادعى فيها عدم وجود أمة جزائرية قبل استعمار بلاده للجزائر.
وهي تصريحات اعتبر خبراء أن ماكرون يستهدف بها كسب الناخبين من اليمين المتطرف في رئاسيات أبريل/ نيسان 2022.
– 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2021: الرئاسة الجزائرية تعلن استدعاء سفير الجزائر في باريس للتشاور؛ احتجاجا على تصريحات ماكرون، التي وصفتها بـ”المسيئة”.
– 3 أكتوبر 2021: الجيش الفرنسي يعلن أن الجزائر بدأت في منع طائراته العسكرية من عبور الأجواء الجزائرية باتجاه دول الساحل الإفريقي، في خطوة لم تعلق عليها السلطات الجزائرية.
(الأناضول)
لو كان لدى النظام الجزائري حدّ أدنى من الشعور الإنساني والوطني، لكان سارع إلى الاستفادة من ملاحظات الرئيس الفرنسي بدل رفضها ومحاولة المتاجرة بها بطريقة شعبوية لا علاقة لها بما هو حضاري في هذا العالم… اقتباس خ.خ.