علماء العرب المغتربون ينطلقون من قطر لاستعادة أمجاد العصر الذهبي للعلوم

سليمان حاج إبراهيم
حجم الخط
0

الدوحة ـ «القدس العربي»: سجلت قطر في السنوات الأخيرة، حراكاً علمياً واسعاً، ومحاولات لاستقطاب العلماء العرب المغتربين والمبتكرين في أقوى الجامعات الغربية، للتكتل ضمن مبادرة تهدف لنقل خبراتهم لدول المنطقة وإعادة إحياء مسار العلوم، واستعادة أمجاد العصر الذهبي للعلوم. ومؤخراً، استضافت قطر من خلال مؤسسة قطر للتربية اللقاء السنوي لـ”رابطة العلماء العرب” التي ترجع جذور فكرتها إلى ما يقرب من عقدين من الزمن. وكانت قد انبثقت من تأسيس “شبكة العلماء العرب المغتربين” كإحدى مبادرات مؤسسة قطر، وترعى الشيخة موزا بنت ناصر حرم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق ورئيسة مجلس إدارة المؤسسة المبادرة. وشارك في اللقاء السنوي، خبراء عرب مرموقون دولياً ومحلياً في المجالات العلمية والاجتماعية بالشرق الأوسط ودول العالم في حوار رفيع وورش عمل متخصصة أعدتها جامعة حمد بن خليفة. وتتبوأ هذه الرابطة مكانتها كمجتمع يركز على الابتكار ويعزز العلاقات وأواصر التعاون بين العلماء العرب والمعاهد البحثية والجامعات والشركاء في القطاع الصناعي للنهوض بالعلوم والبحوث ومشاريع بناء الكفاءات في قطر، حيث تضم رابطة العلماء العرب بعضويتها حالياً أكثر من 14 مؤسسة كبرى في هذه الدولة وعلى مستوى العالم.
ويكشف الدكتور كارم أحمد ساق الله، أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر، في جامعة ميشيغان الأمريكية في هذا الحوار الذي خص به “القدس العربي” أن جمع العلماء العرب من مختلف أنحاء العالم العربي حول هدف مشترك يركز على تحقيق إنجازات ملموسة، بهدف الاستفادة من خبرات المفكرين والمبتكرين العرب حول العالم لإعادة إحياء شغف البحث العلمي والاكتشاف، والذي كان سمة بارزة لعصر النهضة الذهبي في الحضارة العربية قبل قرون عديدة.
لماذا تعقد في قطر لقاءات سنوية لرابطة العلماء العرب؟ وما المرجو من عقدها؟
رابطة العلماء العرب هي إحياء لمبادرة “شبكة العلماء العرب المغتربين” التي أطلقتها مؤسسة قطر في 2006، بهدف الاستفادة من خبرات المفكرين والمبتكرين العرب حول العالم لإعادة إحياء شغف البحث العلمي والاكتشاف، والذي كان سمة بارزة لعصر النهضة الذهبي في الحضارة العربية قبل قرون عديدة.
كانت مبادرة “شبكة العلماء العرب المغتربين”، التي مهدت الطريق لرابطة العلماء العرب، قد أفضت إلى تأسيس ثلاثة معاهد بحثية في قطر في مجالات الحوسبة، والطب الحيوي، والبيئة، والاستدامة. ومع إعادة إحياء هذه المبادرة تحت اسم “رابطة العلماء العرب”، فإن الهدف هو توسيع نطاق مساعيها وتبني رؤية طويلة الأمد تسعى لبناء القدرات البشرية محلياً في قطر وفي مختلف أنحاء العالم العربي.
كيف يمكن أن يساهم العلماء في تحقيق التنمية المنشودة في ظل التحديات الإقليمية والعالمية؟ كما يقول المثل: “رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة”. ونحن ندرك أن تحقيق حلم النهضة العلمية في العالم العربي يواجه العديد من التحديات. لكننا لا نملك رفاهية الانتظار حتى تُحل المشاكل السياسية والاقتصادية والبيئية وغيرها من الأزمات التي أثقلت كاهل المنطقة على مدى الأجيال قبل أن نبدأ بالتحرك. وإن جمع العلماء العرب من مختلف أنحاء العالم العربي حول هدف مشترك يركز على تحقيق إنجازات ملموسة في هذا المسعى قد يكون في حد ذاته شرارة تُحدث تحولات كبيرة في شتى المجالات، وربما يسفر ذلك عن حلول غير متوقعة للتحديات الماثلة أمامنا.
هل أنتم متفائلون بشأن تحول العقول العربية واتجاهها لتنمية دول المنطقة واستقطابها من الدول الغربية؟
هذه ليست مسألة اختيار من بين خياريْن. فمن الصعب “إعادة” العلماء العرب المغتربين بشكل دائم إلى قطر أو غيرها من الدول العربية بأعداد كبيرة بما فيه الكفاية لبناء قاعدة علمية مستدامة. وينطبق هذا بشكل خاص على أولئك الذين أسسوا مسيرة مهنية في الخارج ويمكنهم خدمة المبادرة من مواقعهم الحالية كمرشدين للعلماء العرب الأصغر سناً أو أولئك الذين لا يزالون في بداية حياتهم المهنية. إن النهج الأكثر فعالية لبناء قاعدة علمية مستدامة من العلماء العرب هو الاستثمار بقوة في جيل الشباب من العلماء ورواد الأعمال المستقبليين. ويمكن تحقيق ذلك بسهولة من خلال تحديد أفضل الطلاب في المدارس الثانوية من جميع أنحاء العالم العربي كل عام ورعاية مشوارهم في التعليم العالي، إما محلياً أو تحت إشراف علماء مغتربين، وفي المقابل، يلتزم هؤلاء الطلاب بالعودة لمتابعة مسيرتهم العلمية والمهنية في قطر وربما التوسع في باقي أنحاء العالم العربي. وبمرور الوقت، سيصبح هذا البرنامج مستداماً ذاتياً وسيسهم بشكل كبير في رفع المستوى العلمي في المنطقة العربية. هذا مشروع طويل الأمد ويتطلب قيادة مستدامة لإنجاحه، لكنه يحمل أملاً كبيراً بتحقيق حلم النهضة العربية الثانية.
هل قطر تتجه بالمسار الصحيح في احتضان المفكرين العرب؟ ولماذا قطر أساساً؟
نعم، مع الحاجة للمزيد من العمل، وتتميز قطر عن باقي الدول العربية بأنها نجحت في رسم مسار تنموي يعترف بالإمكانات الفكرية والريادية للعلماء العرب بغض النظر عن أصولهم. كما خصصت قطر كمية هائلة من الموارد لدعم وضمان استدامة نجاح هذه المبادرة. ومع بعض الحظ، يمكن لبقية الدول العربية أن تتبنى هذه الفكرة، فالمنافسة في هذا المجال ستسهم بلا شك في تسريع التحول الذي تشتد الحاجة إليه في المجتمعات العربية لتصبح فاعلة ومؤثرة على الساحة العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية