لندن ـ «القدس العربي»: اكتشف العلماء طريقة جديدة من الممكن أن تنجح في تشخيص مرض «الزهايمر» بشكل مبكر، وذلك عن طريق الأذن، فيما يأتي هذا الاكتشاف بعد سنوات قليلة من استخدام الأطباء «حركات العين» من أجل التنبؤ بالمرض في وقت مبكر ومحاولة التعامل معه ومكافحة تقدمه.
وحسب تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي» فإن مجموعة من العلماء يقولون إن الأذنين قد تكون طريقة أفضل للكشف عن العلامات المبكرة للمرض.
وتتمثل إحدى طرق قياس خطر الإصابة بمرض الزهايمر في فحص العين الذي يبحث عن تغييرات معينة في شبكية العين لدى الشخص، وهو الجزء من العين الذي يكتشف الضوء ويحوله إلى إشارات ليقوم الدماغ بتفسيرها.
ويبحث الأطباء أيضاً عن تغييرات في شيء يسمى حركات العين السريعة، وهي تحولات سريعة ومتقطعة تستخدم عند النظر حولك بسرعة، حيث يميل الأشخاص المصابون بمرض الزهايمر إلى صعوبة إكمال هذا النوع من حركات العين، حيث يستغرقون وقتاً أطول للانتقال من النظر بين شيء وآخر، أو في بعض الأحيان ينظرون في الاتجاه الخاطئ تماماً.
وفي حين أن الأطباء غير متأكدين من سبب حدوث هذه التغييرات، فمن المحتمل أن يكون لها علاقة بفقدان أنسجة المخ أثناء الخرف.
وعادةً، لاكتشاف التغيرات في نمط العين، يجب على الأطباء استخدام معدات باهظة الثمن لتتبع العين، ولكن هذه الآلات ليست منتشرة على نطاق واسع ولا يستطيع جميع المرضى تحمل تكلفة هذا النوع من الاختبار.
وللتغلب على هذا، طور باحثون من جامعة دارتموث ومدرسة التكنولوجيا العليا، وهي جامعة كندية في كيبيك، جهازاً يمكنه «سماع» مرض الزهايمر بدلاً من ذلك.
وتنتج الحركة أثناء حركات العين السريعة اهتزازات صغيرة في طبلة الأذن، ويأمل العلماء أن يتمكن جهازهم، المسمى «Hearable» من تتبع حركات عين الشخص من خلال هذه الاهتزازات.
ومن خلال استخدام هذا الجهاز في نفس الوقت الذي يختبر فيه الباحثون المرضى بأجهزة تتبع العين التقليدية، يمكن للعلماء تحديد أنماط صوتية فريدة للبحث عنها والتي قد تساعدهم في تشخيص مرض الزهايمر مبكرًا وبتكلفة زهيدة.
ويعيش حوالي 6.7 مليون أمريكي حالياً مع مرض الزهايمر، وتتوقع جمعية الزهايمر أن يستمر هذا الرقم في الارتفاع ليصل إلى ما يقدر بنحو 13 مليوناً بحلول عام 2050.
ويؤثر الخرف على الذاكرة والحكم والمزاج والشعور بالاتجاه واتخاذ القرار وإكمال المهام، من بين أشياء أخرى عديدة.
ونظراً لأن أعراض المرض منتشرة على نطاق واسع، وغالباً ما تكون خفية في المراحل المبكرة، فقد لا يتم تشخيص الأشخاص في وقت مبكر وكافٍ، ما يؤدي إلى تفويت العلاجات الحاسمة.
وعلى الرغم من عدم وجود علاجات تعكس المرض، إلا أن هناك بعض العلاجات المبكرة التي يبدو أنها تساعد الأشخاص على تأخير بعض أسوأ أعراض المرض، ما يجعل التشخيص المبكر أمراً بالغ الأهمية.
ويأمل الباحثون، الذين قدموا نتائجهم في اجتماع الجمعية الصوتية الأمريكية، أن تكون السماعات أداة أخرى أكثر سهولة في الوصول تعالج الحاجة إلى التشخيص المبكر.
وأحد الأعراض المبكرة التي بدأ العلماء في البحث عنها لتحديد خطر الإصابة بمرض الزهايمر وتشخيصه هو حركة العين، حيث إن تحريك العين عملية معقدة، تتضمن ردود الفعل والتحكم من الدماغ.
ووفقاً لتقرير صدر عام 2017 عن علماء الأعصاب في جامعة فاندربيلت، فإن تدهور دماغ الشخص عندما يعاني من الخرف قد يؤدي إلى تغيير طريقة عمل العينين.
ويتضح هذا بشكل خاص عند النظر إلى حركات العين السريعة، حيث غالباً ما يكافح الأشخاص المصابون بمرض الزهايمر لتحريك أعينهم في اتجاهات سريعة ومميزة للنظر إلى الأشياء في المحيط عند توجيههم للقيام بذلك في المختبر.
والجهاز المبتكر الذي اخترعه فريق دارتموث يستفيد من فيزياء الصوت لترجمة حركات العين إلى رسالة يمكن التقاطها بواسطة ميكروفون صغير في جهازهم السمعي. وعندما تسمع الأصوات، تنتقل عبر الأذن الداخلية، وتهتز الشعيرات والعظام الصغيرة، حيث تتحول هذه الموجات الصوتية بعد ذلك إلى إشارات كهربائية وتتم معالجتها من خلال الجهاز العصبي السمعي إلى الدماغ، حيث يتم ربط العضو المعنى بها.
وعلى الرغم من أنها غير محسوسة بالنسبة لنا، إلا أن حركة أعيننا ترسل اهتزازات مرتدة صغيرة إلى قناة أذننا.
واعتقد الباحثون أنه إذا حددوا إيقاع حركات العين السريعة، فيمكنهم الاستغناء عن معدات تتبع العين باهظة الثمن لجهازهم القابل للسمع، على الرغم من أنه من غير المعروف كم سيكلف جهازهم. وقد يسمح لهم هذا بشكل أساسي بـ«سماع» العلامات المبكرة لمرض الزهايمر.
وعلى الرغم من أن الأبحاث ربطت بين الصعوبات المرتبطة بحركات العين السريعة والعلامات المبكرة للخرف، إلا أنها لا تزال ليست اختباراً مستخدماً في كل مكان، ولم يتم تطويرها إلا مؤخراً نسبياً.
ووجدت دراسة أجريت عام 2022 من جامعة لوفبورو والتي اختبرت حركات العين السريعة على أشخاص يعانون من ضعف الإدراك الخفيف ومرض الزهايمر أن استخدام تتبع العين تنبأ بشكل موثوق بالمرضى الذين يعانون من الخرف.
ويشير الباحثون إلى أنه إذا كان لدى شخص ما حركات عين سريعة، فقد يكون أكثر عرضة للإصابة بالخرف أيضاً، ومع ذلك، ليس من المؤكد أن كل شخص لديه هذه الحركات يعاني أيضاً من المرض.
وقال أريان شامي، مرشح الدكتوراه في اللغويات بجامعة كولومبيا البريطانية والذي ألف الدراسة أيضاً، إنه على الرغم من أن عملهم في مراحله الأولى، إلا أنهم يعتقدون أنه قد يكون لديه القدرة على المساعدة في تحديد أمراض أخرى في المستقبل.
وقال شامي: «بينما يركز المشروع الحالي على المراقبة طويلة المدى لمرض الزهايمر، فإننا نود في النهاية معالجة أمراض أخرى والقدرة على التمييز بينها بناءً على الأعراض التي يمكن تتبعها من خلال إشارات داخل الأذن».