علم أسود هناك!

حجم الخط
0

‘في الاسبوع الماضي نشبت الحرب الاهلية في العراق بين السنيين والشيعة بكامل سعتها. فالى ذلك الوقت كان الحديث ‘فقط’ عن سيارات مفخخة مع نحو من 8 آلاف قتيل في 2013. ونشبت الحرب الواسعة حينما سيطر آلاف من مقاتلي القاعدة بصورة عاصفة على المدينتين السنيتين غرب بغداد الفلوجة والرمادي ومعهما محافظة الأنبار الضخمة على مشارف الحدود مع الاردن وسوريا. وقد فعلوا ذلك بتعاون مع قبائل العراق السنية التي ضاقت ذرعا بالحكم الشيعي من بغداد الذي انشأه الامريكيون، والذي يتلقى جميع أوامره من طهران في واقع الامر. وهكذا اتحد السلفيون من العراق وسوريا في كيان ضخم للقاعدة وسيتحدون مع سلفيي شمال الاردن والسلطة الفلسطينية والامر أمر وقت فقط.
إن مشهد أعلام القاعدة السوداء تخفق فوق أبناء الجمهور في مدن العراق السنية مدهش، لأن الجيش الامريكي حارب عن هذه المدن في السنوات 2003 2011 مضحيا بنحو من 4500 من جنوده، وأصبحت القاعدة تحكم هناك الآن. إن الامريكيين رأوا العراق الجديدة تجربة للديمقراطية والمساواة والتعاون بين الطوائف، ورأوها مثالا يحتذي عليه الشرق الاوسط العربي كله، لكنها أصبحت الآن قد توغلت عميقا في حرب أهلية سيشتد أوارها كلما مر الزمن كما في سوريا، وبلا حل.
وبذلك انهارت نفقات المليارات الامريكية في العراق، وانهارت الأحلام والسعي الموسوس والخطط العسكرية والسياسية، وتختفي دولة عربية اخرى. إن رفع علم القاعدة في الفلوجة لا يقل عن الهزيمة الامريكية في فيتنام. صحيح أن حلم العراق كان حلم الرئيس بوش في الأساس، لكن حلم الخروج السريع كان حلم اوباما وقد انهار هذان الحلمان وأصبح هذا الآن انهيارا لادارة اوباما. كان اوباما يأمل، بمساعدة صامتة من ايران أن يمر وقت بعد اخراج جنوده السريع من العراق في كانون الاول 2011، كي يستطيع أن يقول إن الولايات المتحدة لا تتحمل تبعة الانهيار بيد أن التبعة كلها عليها.
وبذلك نفهم ايضا كيف تعمل ادارة اوباما بأن توقع على اتفاق لا معنى له، فالشيء الأساسي أن توجد ورقة ما، وأن تهرب سريعا مغلقة أذنيها كي لا تسمع الانهيار المطلق بعد ذلك. كانت الولايات المتحدة هي التي أخربت العراق قبل عشر سنوات، والولايات المتحدة هي التي سببت الآن نشوب الحرب الاهلية التي لن تكون لها نهاية.
وفي نفس الاسبوع بالضبط يعرض علينا جنرالات امريكيون ‘خطة أمنية’ في يهودا والسامرة، في ضوء نجاحهم المدهش في العراق المنهارة. فكما نجحت الخطة هناك نجاحا رائعا ستنجح هذه التي يُعدونها لنا ايضا. ويا لسخرية التاريخ: ففي نفس الاسبوع الذي انهارت فيه الخطة ‘الامنية’ في العراق على أيدي سلفيين ومجاهدين يحملون صواريخ الكتف والـ آر.بي.جي، أصبحوا يعرضون علينا من خططهم الامنية الرائعة هنا ايضا.
لن يوجد الجيش الاسرائيلي بحسب الخطة الامريكية في منطقة يهودا والسامرة ألبتة، أو سيكون موجودا بصورة جزئية فقط. وهذا يضمن سيطرة سلفية سريعة للقاعدة في بضعة ايام، فوق مطار بن غوريون، الذي هو مخرج اسرائيل وتل ابيب وحيفا والقدس الوحيد.
اجل إن العراق نموذج يُحتذى به حقا، فما عدنا بحاجة الى الخطط الامنية الامريكية. ولن تصبح اسرائيل على أي حال من الاحوال عراقا اخرى ولن نوافق على خراب امريكي هنا ايضا، فالامر أمر وجودي.

يديعوت 16/1/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية