تستعد العاصمة الجزائرية لاستقبال مؤتمر القمة العربية في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، الذي يصادف الذكرى الثامنة والستين لانطلاق الثورة الجزائرية العظيمة، التي تعتبر مناسبة عزيزة يفتخر بها كل الجزائريين، لأنها كانت اللحظة الفارقة التي أدت في النهاية إلى كنس الاستعمار الفرنسي، وإنجاز الاستقلال في الخامس من تموز/يوليو 1962.
وتعمل الدولة الجزائرية على كل المستويات لإنجاح القمة، التي تسميها «قمة لمّ الشمل العربي»، عن طريق إبعاد الملفات الخلافية من جهة، والتركيز على ما يجمع الأمة ويوحدها من جهة أخرى، مثل القضية الفلسطينية والأمن القومي العربي والاستفادة المشتركة من أزمة النفط والغاز، ورسم سياسة شبه توافقية تستثمر الصراعات الدولية الحالية لصالح الأمة العربية.
وبهذه المناسبة وتحضيرا للقمة دعا المرصد الوطني للمجتمع المدني بالجزائر لعقد منتدى واسع لمنظمات المجتمع العربي للتباحث لمدة أربعة أيام في كيفية توسيع العمل المشترك بين الشعوب العربية، إن لم يكن ميسرا بين الحكومات. وكأن الجزائر تريد أن تضع رسالة قوية أمام الحكومات مفادها، أن الشعوب العربية تريد التقارب والعمل المشترك والحوار وإقصاء الخلافات، فلماذا لا تستجيب الحكومات لرغبات شعوبها؟ عقد «منتدى تواصل الأجيال لدعم العمل العربي المشترك» في مدينة وهران بالغرب الجزائري بمشاركة أكثر من 150 مندوبا ثلثهم على الأقل من النساء، ونحو نصفهم من الشباب يمثلون 20 دولة عربية من بينهم وزراء سابقون وأساتذة جامعيون ومثقفون وخبراء وناشطون وناشطات من منظمات المجتمع المدني في تلك الدول. وقد تميزت الجلسات بالصراحة والتركيز على بحث الأزمات المستعصية والعمل على طرح أفكار ومبادرات وحلول حول تحديات العمل المشترك، وآفاق التعاون ودور المجتمع العربي في مواجهة التأثيرات الدولية وكيفية إحياء الذاكرة العربية من أجل تواصل الأجيال وسبل إصلاح وتطوير منظومة العمل العربي المشترك وتفعيل دور المجتمع المدني.
كما تقدم المتدخلون بمجموعة أوراق تتضمن العديد من الاقتراحات للخروج من حالة تشرذم الأمة العربية وتخلفها، وهدر طاقاتها وأموالها.. لقد تميز النقاش بحس عال من المسؤولية وجدية في الطرح واستعداد عال للاستمرار في نهج الحوار وتطوير آلية التواصل في المستقبل بين المشاركين في المنتدى. وأود أن أبلور بعض الأفكار والقضايا التي نوقشت وحظيت بنوع من التوافق، أو الإجماع وبعض المبادرات المهمة التي طرحت من أكثر من مندوب. وأستطيع أن اقول بشيء من الثقة وقبل صدور البيان الختامي، إن المشاركين في الملتقى توافقوا حول مجموعة من النقاط:
أولا: مركزية القضية الفلسطينية – لم يتكرر موضوع في اللقاء مثلما تكرر موضوع قضية فلسطين، التي خذلها كثير من الأنظمة العربية، ما فتح المجال للشعوب بأن تقوم بالدور الذي تخلت عنه أنظمة التطبيع.. وكان الوفد الفلسطيني أكبر الوفود من حيث العدد والكفاءات والتجارب، وقد وقف الحاضرون تكريما للأسير المحرر، محتسب حمايل، الذي قضى في سجون الصهاينة 14عاما وخرج قبل أربعة أشهر وهذه أول مرة يخرج من فلسطين وعمره 36 سنة. مثلما استطاعت الشاعرة فيحاء عبد الهادي رئيسة مجلس الرواة للدراسات والأبحاث في القدس، أن تشد القاعة بكاملها عندما خلطت كلمتها السياسية بالشعر، وأطاحت بالحاجز بينهما وهي تتحدث عن الفلسطينيات اللواتي بدأن الكفاح إلى جانب الرجال منذ ثورة 1936.
دعا المرصد الوطني للمجتمع المدني بالجزائر لعقد منتدى واسع لمنظمات المجتمع العربي للتباحث في كيفية توسيع العمل المشترك بين الشعوب العربية
ما يريده المنتدى من الجماهير العربية أن تصر على تعليم القضية الفلسطينية في المدارس والجامعات كي ننشئ جيلا واعيا يعرف الحقائق التاريخية بعيدا عن تزييف الوعي، أو تهميش القضية الفلسطينية، وشيطنة الفلسطينيين التي مارسها أكثر من نظام. كما يرى المنتدى أن هناك ضرورة لإحياء المناسبات الفلسطينية جماهيريا مثل، يوم النكبة ويوم الأرض ويوم الأسير وغير ذلك. واقترح ممثل المجتمع المدني في عُمان تحريم استعمال اسم الكيان الصهيوني بتاتا، «فاستخدام اسم الكيان بطريقة عادية تعني أن الاختراق للعقل العربي قد تم وكأنها دولة طبيعية»، كما قال. وقد كثرت الاقتراحات حول القضية الفلسطينية، بل تمنى الوفد الفلسطيني أن يصدر عن المنتدى: «بيان وهران لمنظمات المجتمع المدني لدعم فلسطين».
ثانيا: مناهضة التطبيع – توقف المنتدى أمام ظاهرة التطبيع الخطيرة التي تشكل طعنة في ظهر الأمة واختراقا للجسم العربي، وتراجعا عن قرارات الإجماع الصادرة عن الجامعة العربية وتجاوزا لعدالة القضية الفلسطينية. ويرى المشاركون أن مهمة المجتمع المدني في بلدان التطبيع هو التصدي لاختراقات العدو الصهيوني، ومنعه من نقل أنشطته المشبوهة إلى الشارع، ومقاطعة كل الأنشطة التي قد يشارك فيها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أسوة بالشعبين المصري والأردني. ويرى المشاركون أن منظمات المجتمع المدني يجب أن تفضح وتقاطع وتشهر بالمطبعين من الأفراد كالصحافيين والتجار والجمعيات والنوادي أو الفرق الرياضية، التي تتعامل مع الكيان. وبهذه المناسبة أشاد المنتدى بظاهرة مشرفة للرياضيين العرب الذين يرفضون المشاركة في أي مسابقة أو مباراة رياضية مع أفراد أو فرق من الكيان، حتى لو كلفهم ذلك فقدان فرصة الفوز.
ثالثا: إصلاح الجامعة العربية – كان هناك شبه إجماع على أن الجامعة العربية قد انسلخت تماما عن هموم المواطنين العرب، وأصبحت مطية لبعض الحكام. لقد كان هناك توافق بضرورة الإصلاح الجذري للجامعة التي خيبت آمال الشعوب العربية، وأصبحت كيانا هزيلا لا دور له في حل الخلافات العربية أو حماية الأمن العربي أو بلورة مواقف موحدة تعبرعن إجماع الأمة. صدرت مطالبات ومبادرات عديدة لإعادة كتابة الدستور وتغيير مهماتها وإعطائها صلاحيات واسعة، وإلزام الدول العربية باحترام قراراتها، وتدوير منصب الأمين العام بين الدول الأعضاء، وتشكيل لجنة من المجتمع المدني مهمتها مراقبة أداء الجامعة ومدى التزام الدول الأعضاء بمقرراتها.
رابعا: ترددت كثير من الأفكار حول تسهيل وتعميق التواصل بين مكونات المجتمع المدني العربي والضغط على الحكومات لتسهيل حركة الأفراد والبضائع بين مختلف الدول العربية. إذ كيف ندعي أننا أمة واحدة لكن هذه الدول ترحب بجواز السفر الأجنبي دون تأشيرة، بينما يمنع بعض المواطنيين العرب من دخول حدود أو مطارات الغالبية الساحقة من هذه الدول. فلتبدأ هذه الأنظمة بتسهيل مرور الأفراد والبضائع وزيادة التجارة البينية، التي تنعكس خيرا على الطرفين. فالاستقلال السياسي يظل ناقصا إن لم يكن هناك استقلال اقتصادي. «لماذا تستورد العراق من إيران بقيمة 22 مليارا ومن تركيا بقيمة 36 مليارا ومعظم المستوردات متوفرة لدى دول عربية؟»، قال مندوب عراقي يشارك في اللقاء.
خامسا: تطوير فكرة المنتدى للتواصل ودعم العمل العربي المشترك الذي دعا له المرصد الجزائري والانتقال إلى إنشاء مرصد عربي. وتمنى اللقاء أن تقوم لجنة المتابعة المنبثقة عن ملتقى وهران بالتحضير والعمل على إنجاز المرصد العربي وتقنينه وإنشاء جريدة إلكترونية كمنصة للتواصل العربي والتوجه نحو عقد لقاء موسع في بلد يعطي هامشا أوسع من الحرية لعمل المجتمع المدني.
سادسا: يرى المشاركون أن تكون هناك لجنة مصالحة عربية تحاول أن تتوسط في الكثير من الخلافات لاحتوائها. إذ يرى المشاركون أن معظم الدول العربية تعيش أزمات كبرى أو حروبا داخلية، أو تعيش أزمات إنسانية كبرى، أو تقيم علاقات تطبيعية مع الكيان الصهيوني. وتكرر اسم دولة الكويت في هذا المجال نتيجة علاقاتها المميزة مع كل الدول العربية ونأيها عن التطبيع. كما أن الجزائر بإمكانياتها الضخمة وتوجهاتها العروبية، يمكن أن تسهم مع الكويت في إنجاح هذه المبادرة لرأب الصدع بين الدول العربية.. وقد تضاف إلى الكويت والجزائر دول أخرى مثل عُمان وربما موريتانيا التي تجرّم التطبيع لإغناء مجموعة الوساطة.
ويرى المنتدى ضرورة أن تصدر عن مؤتمر القمة المقبل في الجزائر مواقف جادة وبرامج عمل تهدف إلى التصرف كأمة واحدة تركز على ما يجمعها وتستبعد ما يفرقها، وتأخذ موقعا موحدا في الصراعات الحالية بين الكتل الدولية، إذ لم يعد بمقدور دولة واحدة أن تقف أمام هذه التيارات العارمة، فإما أن تقف الأمة العربية موحدة في مواجهتها، وإلا فتذروها الرياح العاتية إذا واجهتها فرادى.
محاضر في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة رتغرز بولاية نيوجرسي
جاء في المقال: (ويرى المنتدى ضرورة أن تصدر عن مؤتمر القمة المقبل في الجزائر مواقف جادة وبرامج عمل تهدف إلى التصرف كأمة واحدة تركز على ما يجمعها وتستبعد ما يفرقها…) إه ، كلمات وخطب مماثلة سمعناها آلاف المرات على امتداد عقود من المثقفين والنخب والجمعيات وحتى من افواه الحكام ولازالت دار لقمان على حالها.
” واقترح ممثل المجتمع المدني في عُمان تحريم استعمال اسم الكيان الصهيوني بتاتا، «فاستخدام اسم الكيان بطريقة عادية تعني أن الاختراق للعقل العربي قد تم وكأنها دولة طبيعية» ” إهـ
لم أفهم مالمقصود من هذا الكلام , فالعدو الصهيوني أسس كيان غير شرعي إعترف به العالم !
الحل الأمثل هو بعودة المقاطعة العربية لهذا الكيان سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ,
وهذا أقل ما نفعله لأرضنا المقدسة فلسطين !! ولا حول ولا قوةة الا بالله
يتفق الجميع على أن الجامعة العربية تعيش في غرفة الإنعاش في حالة فقدان للوعي،و جاءت قمة الجزائر لمحاولة إعادة بعثها من جديد ، و ما قام به المرصد الوطني للمجتمع المدني بالجزائر في عقد منتدى منظمات المجتمع العربي يندرج ضمن التحضيرات الأولية من أجل إنجاح هذه القمة التي لا تهدف لحل المشاكل و الأزمات العربية الراهنة بقدر ما تهدف لوضع أسس إنطلاقة سياسية و قانونية صحيحة و إصلاح جذري لنصوص القانون الداخلي للجامعة العربية و وضع آليات تُجبر جميع الأعضاء على إحترامها ،و تدوير مكان إنعقادها و رئاستها . القمة القادمة تكون بمثابة إنقلاب حقيقي على الوضع القديم للجامعة و إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة كقضية جوهرية و وقف التطبيع . و هناك الكثير من المسائل التنظيمية التي يتم التباحث حولها بعيدا عن المعالجة العقيمة للصراعات العربية التي لا تجدي نفعاً .
هل تنجح الجزائر في إعادة إنعاش الجامعة العربية ؟ هذا ما سنعرفه بعد الإطلاع على نتائج نهاية القمة في هذه المحاولة الأخيرة .
ماذا عن سعي بعض الدول العربية لتقسيم دول مجاورة وقطع الغاز و وإغلاق الحدود برا وجوا وبحرا ، و التسهيل بالمقابل للأوروبيين بالحصول على الغاز بأبخس الأثمان، كفانا شعارات مستهلكة
كل دوله مطبعه مع كيان النصب والسرقه والاغتيال يجب نبذها خارج العروبه والامازيغيه والاسلام
اعتقد ان الحرية والديموقراطية مفقودتان في العالم العربي . وهذه الماسي تجعل من الحكام اللجوء اما الى الدول الغربية واسرائيل لضمان استمرارها في الحكم. كما معظم الدول العربية لا تنظر الى منظمات المجتمع المدني بارتياح الا اذا كانت تخدم المصالح الانانية للحكام. ومع ذلك يجب تاءييدهذا الجهد الرائع من الاخوة الجزائريين. وعلى وسائل الاعلام العربي الحرة بما في ذلك القدس العربي وقناة الجزيرة ان توفر تغطيه كاملة لهذه المبادرة.
مقال الدكتور صيام كالعاده كله حرص على الامه العربيه وعلى راسها قضيه فلسطين, ارجوا من الله ان تتحقق هذه الامنيات ولكن يا دكتور صيام الرجاء المعذره فلم ارى امل هذه الايام بتغيير حقيقي من قمه سلم الهرم الجاثم على صدورنا والذي ولد مع انشاء كيان الاحتلال ووجهين لعمله واحده الا ما ندر من بعض الدول العربيه المعروفه. سمعنا هذه الامنيات منذ نومه اظافرنا قبل عقود طويله بلا نتائج حقيقيه. طالما نحن نعيش تحت انظمه قمعيه لا تسمع للمواطن العادي ولا تسمح باي نسبه من الحريه وهمها الحكم وبمزارع بشريه طارده لشبابها ومستعده للتآزر مع حتى الشيطان لحمايه انظمتها وعروشها كما يحصل من المطبعين . لك التحيه وارجوا ان اكون مخطأ
مقال رائع بأخبار مفرحة جدا عن نشاط عروبي يعبر عن هموم الناس ويضخ الامل والوعد بمستقبل على الاقل افضل من الحاضر ولو بند اليد لانتشال الامة من القاع الموحل الذي غاصت فيه …. وندعو الله ان تنجح الحزائر في تضميد جراح الامة النازفة .
شكراً أستاذ حميد على المقال الذي سلط الضوء على بعض نقاط مهمة رغم كل الصعاب نتمنى القمة العربية في الجزائر تكون مفتاح خير على كل البلدان العربية وشعوبها وفي مقدمتها فلسطين
مجرد تساؤل
لماذا لا تستجيب الحكومات لرغبات شعوبها؟
التساؤل مقتبس من المقال، مع التحفظ على عبارة “الحكومات”، لأن في دولنا يوجد حاكم هو الآمر الناهي “لا يمكن مخالفته” كما قال أحد رؤساء الحكومات.
ومنذ أيام فقط كتبت هذا التعليق:
لماذا الملوك ليسوا على دين شعوبهم؟
“الناس على دين ملوكهم” مقولة شائعة في كتب التراث والأمثال والقيل والقال. لكن الواقع أثبت فسادها، لاسيما في البلاد العربية حيث نجد الناس في واد وملوكهم في واد أخر يكادا أن يكونا متوازيان أو هما كذلك.
ذلك ما لحظناه من خلود الملوك إلى الأرض عكس شعبوهم التي تتوق إلى الجهاد ونراها في الهرولة نحوى التطبيع عكس شعوبهم التي ترفع سلاح المقاطعة ونراها في الانشقاق عكس الشعوب التي تدعوا للوحدة ورأينه في سياسة القمع عكس الشعوب التي تتوق إلى الحرية ورأيناه في إهمال ثوابتنا عكس الشعوب التي لا ترضى عنها بديلا.
“كما تكونوا يُولَّ عليكم”، مقولة أخري مشهورة بين الناس وأصوب من الأولى، حتى أن البعض اعتبرها حديثا شريفا.إنها تجيب على التساؤلين السالفين وأراها هي الأصوب، لأنها تعبر على درجة نضج الشعب ورفضهم الخنوع لملوكهم وتعبر على مدى التزام الملوك بـ “الديمقراطية” في بلدانهم.
فمن انساق وراء ملكه، أصبح عبدا له يشرعن به حكمه ويصون به عرشه ليس إلا.
لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم
انتهى الكلام
يا استاذ الاستعمار الذي كنسته الجزاءر بالامس جاء اليوم و تم استقباله بالاحضان و اخذ ما يريد من الغاز تحسبا لشتاء قارس دون الا عتذار طبعا
اما جار الجزاءر الغربي فالويل له
كفانا ثم كفانا