خضعت حكومة اسرائيل أول أمس لقطاع سكاني نزاع الى القوة، هو قطاع ذو عزم سياسي شديد. لا يدور الحديث عن عاملي الموانئ او شركة الكهرباء، بل عن الاصوليين الذين يرفضون التعاون في تنفيذ الواجب القانوني والاخلاقي في الدفاع عن الدولة، عن مواطنيها، وضمن امور اخرى عن أنفسهم ايضا. فقد صادقت الحكومة بأغلبية 14 وزيرا مقابل 4 امتنعوا عن التصويت على اصلاحات التجنيد التي وضعتها لجنة بيري، التي تتضمن قانون التجنيد الجديد وقانون الخدمة المدنية. وحسب قانون التجنيد الجديد فان كل مواطن اسرائيلي ابن 17، باستثناء العرب، سيلزم بالامتثال بموجب الامر العسكري الاول، في ما أنه يتلقى كل سنة 1800 متفوق في التوراة اعفاء جارفا من الخدمة. وسيكون بوسع تلاميذ المدارس الدينية الاخرى أن يؤجلوا التجنيد حتى سن 21، حينما سيتقرر اذا كانوا سيتجندون الى الجيش او الى الخدمة المدنية. وكما هو دارج في السياسة، فقد عرض الفشل كتقدم والتراجع كانجاز. ليست المسألة كم جنديا يحتاج الجيش الاسرائيلي، كما يحاول الادعاء مؤيدو الخضوع للاصوليين. وحسب هذا المقياس، فان العديد من العلمانيين لا حاجة للجيش اليهم. الحديث يدور عن مبدأ آخر وأكثر أهمية بكثير، على الجميع أن يكونوا متساوين أمام القانون. من هذه الناحية، يخلد القانون الجديد التمييز وعدم المساواة. يدخل اصلاح التجنيد حيز التنفيذ الكامل بعد أربع سنوات فقط. وحتى ذلك الحين ستكون كنيست اخرى وحكومة جديدة، قد تنفذ صلاحياتها السيادية وتمدد التأجيل. فضلا عن ذلك، لا جدوى حقيقية من تأجيل تجنيد الاصوليين حتى سن 21. فالمعنى هو تشجيع الشباب الاصولي على الزواج والانجاب، بشكل تثقل فيه الدفعات للعائلة، التي تصل الى عشرات أضعاف مصروف الجيب الذي يحصل عليه من يقومون بالخدمة الالزامية، على ميزانية الجيش بحيث يفضل، على سبيل التوفير، التخلي عن تجنيد ذوي العائلات. اذا كان يفترض بالتأجيل الى سن 21، جلب جنود أكثر نضجا للجيش فلا بأس، ينبغي ان يطبق التأجيل على الجميع. محظور ان تتقرر معاملة القانون والجيش مع مرشحي الخدمة الامنية وفقا للقوة السياسية للقطاع السكاني الذي ينتمي اليه المرشح. كما تتضمن الصيغة الجديدة بندا منحازا آخر، بموجبه يخدم تلاميذ المدارس الدينية المشاركة في التسوية في الجيش17 شهرا فقط بينما يخدم الاخرون 32 شهرا. لا يوجد أي سبب يبرر مثل هذا التمييز: العلمانيون، المتدينون والاصوليون يجب ان يخدموا في ذات الشروط وعلى مدى ذات الفترة الزمنية. حقيقة أن هذا التمييز منصوص عليه الان في قانون جديد يعظم فقط الاحساس بعدم العدل.