ثمة خطة أعدتها وزارة الدفاع وضعت منذ بضعة أسابيع على طاولة وزير المالية ورئيس الوزراء، تستهدف تحريك قاطرة نمو اقتصادية بواسطة الصناعات الأمنية. تلك الخطة التي تسمى “البطانية الآمنة” تتحدث عن ضخ 5 مليارات شيكل للصناعات الأمنية في السنوات الثلاث القريبة المقبلة، ما سيسمح لجهاز الأمن بأن يوصي بمنتجات منها يعنى الجيش بشرائها لبناء قوّته. وتأتي “البطانية الآمنة” لتسبق المخططات الشرائية للجيش كي تسمح للصناعات الأمنية بالعمل في فترة كورونا -التي قلصت سوق السلاح العالمي- دون أن تفقد زخم الحداثة وقدرة المنافسة في العالم. وسيسمح تقديم موعد ضخ المال للصناعات الأمنية بإطلاق ألف وظيفة أخرى، وإقامة ثلاثة مصانع لشركتي “البيت” و”رفائيل” (اثنان في يروحام وواحد في شلومي) وتوفير عمل لمئات المصانع الأصغر الداعمة للصناعات الأمنية الكبرى. وقد صفقت لهذه الخطة وزارة المالية وديوان رئيس الوزراء. ولكن ما إن انتهت مرحلة التصفيق، لم يحصل شيء ولم يتحرك شيء.
بزيادة قدرة الصناعات الأمنية على المنافسة، تجرى وزارة الدفاع اليوم مباحثات لتغيير المعايير لتصدير العتاد الأمني من إسرائيل. والمعنى هو بحث متجدد في إصدار تراخيص التصدير لعتاد وصف حتى وقت أخير مضى بأنه سرّي، عتاد غير قابل للتصدير، أو قابل للتصدير لعدد محصور من الدول. وبالتوازي، يبحثون هناك أيضاً في تغيير التصنيف لدول امتنعت إسرائيل حتى الآن عن بيعها عتاداً يتضمن تكنولوجيات معينة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المباحثات تجري بالتوازي مع تحسين شبكة العلاقات مع دول في الخليج الفارسي وإفريقيا وجنوب شرق آسيا. ويفترض بالأذون المبدئية لتوسيع التصدير الأمني أن تأتي في نهاية المطاف من الكابينت، ولكن جدول أعمال هذه الحكومة يتركز على البقاء من يوم إلى يوم، ومن يعنى بهذا بالضبط هناك. كما أن اللجنة الوزارية لشؤون التسلح والتي يفترض بها أن تقر لجهاز الأمن قائمة المشتريات من الولايات المتحدة للعقد القادم، بموجب اتفاقات المساعدات الأمنية التي وقعت قبل سنتين، لم تنعقد منذ أن تشكلت هذه الحكومة. صحيح، الجيش هو الآخر جر الأرجل، ولكن هذه القوائم سترفع إلى الحكومة هذا الشهر، إذا كان هناك من يستقبلها.
شلل الحكومة هذا يبدأ بالمس مباشرة بالأمن. قبل بضعة أسابيع، أعلن رئيس الوزراء عن قرار لنقل مبلغ 3 مليار دولار إلى جهاز الأمن كي يسمح للجيش بمواصلة الإبقاء على الجاهزية حتى نهاية السنة. لم تكن هذه بادرة طيبة ولا علاوة ميزانية: فمنذ سنتين كان واضحاً أن سينقص جهاز الأمن في العام 2020 مقدار 3 مليار شيكل كي يستوفي الأهداف التي تحددت له. ومنذ إعلان رئيس الوزراء لم تدخل إلى جهاز الأمن أغورة واحدة، ولكن العجز لا يزال هناك. وبالتالي، بدأ الجيش الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة يخفض النشاطات مما يمس بجاهزيته وأهليته العملياتية. إذا استمر شلل الحكومة هذا، ستتسع الحفرة المالية وسيواصل الجيش تقليص النشاطات.
يمكن للحكومة أن تدعي: الأزمة شديدة، ولكن وضعنا الأمني جيد. نصنع السلام مع الإمارات، ويمكن أن نضع الجيش في حالة “التوقف”. غير أنه لا يمكن للجيش أن يتعفن. تماماً مثلما سيكون هذا بكاء للأجيال إذا لم تعط الدفعة للصناعات الأمنية، التي هي محرك نمو يساعد على خروج الاقتصاد من الأزمة الاقتصادية الصعبة. إسرائيل هي الدولة العاشرة في العالم في حجر التصدير الأمني، وهذا معطى مثير للانطباع، ولكنه مضلل بالنسبة لوزنه في الاقتصاد الإسرائيلي: يشكل التصدير الأمني 6 في المئة فقط من التصدير الإسرائيلي، وبالكاد 2 في المئة من الإنتاج. واضح أن هناك امكانية كامنة غير متحققة. هذه صناعات أمنية فاخرة، تكنولوجيا مع إمكانيات ربح كامنة عالية، ولكن تنقصها سياسة حكومة تدفعها إلى الأمام.
فيما يتعلق بالجيش الإسرائيلي والصناعات الأمنية الإسرائيلية، يعد التصدير إكسير الحياة. وبخلاف الصناعات الأمنية الكبرى في العالم، فإنها ملزمة بتصدير 70 – 80 في المئة من إنتاجها كي تبقى وتحافظ على التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي. وعليه، فإن الحكومة عندما تتجاهل المخططات التي يفترض بأن تعطيها دفعة، فسيصبح قريباً من التقصير.
بقلم: اليكس فيشمان
يديعوت 8/9/2020