القاهرة ـ «القدس العربي»:«حمم النار تغتال أرض سوريا، مثلما تغتال أهلها الصغار والكبار. تدفع بعضهم إلى الوقوف أمام السفارات العربية والغربية، من أجل سمة دخول لاجئ، وتدفع معظمهم إلى الفرار لأماكن يعرفونها وأخرى لا يعرفونها، مشيا على الاقدام، أو تكدسا في شاحنات متخطين السهل والوعر والنهر. فيهم مَن حملوا مفاتيح بيوتهم ومحلاتهم، ظنا منهم أن عودتهم قريبة. وفيهم مَن نسوا أن يحملوا معهم أي شيء، حتى هوياتهم الشخصية. فالمحرقة التي تمارس عليهم أفقدتهم أحداثهم الفردية خصوصيتها، فصار الجوع عاما والتعذيب عاما والفرار عاما».
من خلال هذه الرؤية تتناول الكاتبة والباحثة السورية جمانة طه الواقع السوري اليوم، عبر روايتها «على تخوم الوجع»، الصادرة مؤخراً عن دار الثقافة الجديدة في القاهرة. وفي سرد متقاطع زمنياً ما بين بطلة الرواية في صباها، وما كانت تعيشه وتحلم به مستقبلاً، وزواجها وحياتها الجديدة التي كانت الوعود الخائبة هي المحفز الأول على اتخاذ قرار الزواج ـ شيخ خليجي ـ تتواتر أحداث الرواية، ليصبح هناك واقع مؤلم، وقصة حب تتنامى من خلال عالم افتراضي، لكن بطلها بدوره يعاني المشكلات نفسها، فهو من العراق، والأمر أصبح سيان ما بين ما يحدث في سوريا، وما يعيشه هذا العراقي المهاجر إليها، ليجد جحيماً آخر أكثر مما كان يعيشه في بلده.
تنسج طه أحداثها حكايتها في لغة كلاسيكية إلى حدٍ ما، وإن حاولت أن تقترب أكثر من عالم حديث غير مفهوم بالمرّة، مُجسّدة لحظة راهنة وممتدة، أصبح يتخبط فيها الجميع، وليس أدل على ذلك من مواقف القريبين منها من الثورة السورية، حيث الاختلافات والتناقضات الحادة على أمر يُفترض أنه من المُسلمات.. الثورة، «استعاد خاطري محادثتي مع صديقتي سونيا التي فاجأتني برفضها للحراك الشعبي في بدايته، وبتأييدها للعنف الذي يقابل به، فذلك برأيها يحمي الأقليات من الإرهاب… وزادت على ذلك بقولها إن المثقفين المعارضين مجموعة متواطئة مع الخارج، ويجب معاقبتهم».