نعم خسر ريال مدريد 3 من أول تسع مباريات له في الدوري الاسباني… نعم جنى نقطة واحدة من آخر 12… ونعم أخفق في تسجيل أي هدف في 482 دقيقة قبل ان يفك العقدة الظهير الأيسر… لكن هل أصبحت اقالة المدرب جولين لوبيتيغي حتمية وضرورة ملحة لاصلاح الأوضاع؟ ام ان هناك ما هو أعمق من ذلك؟
اليوم هو يوم الكلاسيكو، والمنافس لا يرحم، بل يتشفى بمشاكل النادي الملكي ولا يتردد في تعميق جروحه، وسيكون من الصعب الدفاع عن مدرب فاز فريقه العملاق 6 من 13 مباراة في الشهور الأربعة الاولى من استلامه المهمة، وهي اشارة الى ان لاعبيه أصابهم التشبع من انجازات السنوات الاخيرة، وانهم لا يستمعون الى نصائحه وارشاداته وخططه، فرأينا عروضا متواضعة من فاران في قلب الدفاع ومن مودريتش في وسط الملعب ومن اسينسيو في الشق الهجومي، مثلما وقع لوبيتيغي بأخطأء واضحة بالسماح للخط الدفاعي بالتقدم على غرار المواسم الماضية، من دون البحث عن حلول لتنظيم الخط وجعله اكثر صلابة، ولهذا رأينا شباك الريال تهتز كثيراً وبصورة منتظمة، بل ان 89% من الاهداف التي دخلت مرماه جاءت في الشوط الاول.
المطالبة باقالة المدرب أصبحت “تريند” يرددها الجميع، لكن عالم كرة القدم “العاقل” يعلم ان ثلاثة عوامل تقود الى اقالة أي مدرب، خصوصا اذا اجتمع عاملان على الاقل، فالعامل الاول هو اللاعبون، فاذا تمردوا علانية وأظهورا استياءهم حتى في الخفاء فانه سيقود الى الجفاء والى رغبة المدرب في الرحيل، لكن الى الان هذا لم يحدث في الريال، بل كان أبرز رموز الفريق، على غرار راموس وايسكو، متضامنين جداً مع لوبيتيغي، واعتبروا ان اقالته في هذا الوقت المبكر لاستلامه المهمة يعتبر “ضرباً من الجنون”. والعامل الثاني هو العروض في أرض الملعب، فرغم النتائج الكارثية منها والمتواضعة، تظل عروض الريال مقبولة الى حد ما، ففي مباراته الاخيرة في الدوري التي خسرها 1-2 امام ليفانتي أصاب لاعبوه الخشبات الثلاث 3 مرات من بين 34 فرصة سنحت له، بينها 15 على المرمى، ما يعكس ان الفريق يهاجم ويصنع الفرص، وهي مهمة المدرب بايجاد هذا الحل، لكن تخليص الفرص هي من مهمة اللاعبين ومهاراتهم. اما العامل الثالث فهو الجماهير، فاذا بدأت صيحات الاستهجان تصدح في المدرجات مطالبة برحيل المدرب، وانتقلت حدة المطالبة الى غضب واستياء وربما عنف، فان على الادارة ان تتحرك سريعا، لكن حتى الان سمعت صافرات الاستهجان بعد كل خيبة، حتى عقب الفوز الهزيل على فيكتوريا بلزن، لكن ليس للمطالبة برحيل المدرب، بل المطالبة برأس رئيس النادي فلورنتينو بيريز.
نعم بيريز الذي أظهرت صحيفة “آس” في استفتاء ان 85% من أنصار النادي يرون ان الذي يتحمل مسؤولية الأزمة الحالية هو بيريز، الذي أخفق في الاستثمار في الفريق بضم نجوم من العيار الثقيل على غرار سابق عهده، واكتفى بنجوم واعدين غير مجربين، ليحلوا مكان موراتا وبيبي وخاميس وكوسافيتش، بل حتى لم يعوض رحيل الهداف التاريخي رونالدو بأي لاعب، لان كل تفكيره في مصاريف اعادة تجديد وبناء استاد “سانتياغو بيرنابيو”، وهو أيضاً يدرك ان الاستياء منه يعود الى اسابيع الصيف عندما أربك استعدادات المنتخب باعلان ضم مدربه عشية المنافسات ما قاد الى اقالته، لتضاف الى الفشل في تعويض رحيل النجوم واختيار مدرب فشل في تجربتيه السابقتين مع فايكانو وبورتو.
لكن في مدرجات “نو كامب” اليوم سيجلس بيريز الذي يعلم حقيقة الامر، ويعلم ان عليه العد الى الـ100 قبل أن يضغط على الزناد، ومن قد يقوم بالمهمة، فخيارا غوتي وسولاري، ليسا استنساخا لتجربة زيدان مثلما يروج الكثيرون، لان المدرب الفرنسي كان مشروعا طبخ على نار هادئة منذ 2012 قبل ان يختمر في 2016، وفارق شاسع بين الشخصية والكاريزما مع غيره من نجوم النادي، لكن لسبب مادي سيضطر بيريز للانتظار حتى الرمق الاخير قبل اصدار اقالة لوبيتيغي، وان فعل بعد الكلاسيكو مباشرة فانه يكون قد عد الى 99 قبلها بأيام.