المتابع لردود الفعل الاعلامية والجماهيرية بعد إعلان مدرب منتخب الجزائر فلاديمير بيتكوفيتش قائمة اللاعبين الذين اختارهم لمواجهتي غينيا وأوغندا برسم الجولتين الثالثة والرابعة من تصفيات كأس العالم، يدرك حجم الانقسام الذي بلغه الشارع الجزائري منذ رحيل جمال بلماضي الذي لم تكن خياراته تثير نفس الاختلاف الحاصل اليوم رغم الاخفاقات الثلاثة المتتالية في كأس أمم أفريقيا بالكاميرون، وتصفيات كأس العالم أمام الكاميرون، ونهائيات كأس أمم أفريقيا في كوت ديفوار، ورغم تراجع مستويات عديد اللاعبين على غرار رياض محرز ويوسف بلايلي وسليماني وفيغولي الذين تعرضوا لانتقادات لاذعة، قبل أن يتحولوا الى ضحايا تعرضوا للظلم في نظر نفس الأطراف التي انتقدتهم.
جمال بلماضي لم يستدع يوسف بلايلي لمدة سنة قبل نهائيات كأس أمم إفريقيا الأخيرة، وأعاد فيغولي ورايس مبولحي الى التشكيلة بعد غياب طويل، واستغنى عن براهيمي وياسين بنزية أكثر من سنتين، وخاض أولى مبارياته في نهائيات كوت ديفوار بسبع لاعبين أساسيين ممن شاركوا في نهائي 2019، لكنه لم يكن يقبل انتقاد خياراته، وكان يحظى يدعم كبير من عديد الإعلاميين وبعض صناع المحتوى الرديء الذين انقلبوا اليوم على المنتخب، واتضح أنهم كانوا مع رئيس الاتحاد والمدرب وبعض اللاعبين، وليس مع المنتخب، لكن عندما ارتأى المدرب الحالي ضخ نفس جديد في التشكيلة والاستغناء، ولو مؤقتاً، عن بعض اللاعبين، قامت القيامة لأجل التشويش احتجاجا على عدم استدعاء بعض الكوادر.
المدرب بيتكوفيتش استدعى تقريبا نفس القائمة التي شاركت في تجمع شهر مارس/أذار الماضي، وهو خيار منطقي الى حد بعيد في نظر المحللين، يستوجب احترامه او على الأقل انتظار انتهاء المباراتين القادمتين للحكم عليه، لكن الأوصياء الجدد على المنتخب وعلى الرأي العام الكروي، الذين كانوا يطالبون باحترام خيارات بلماضي، ثاروا ضد خيارات بيتكوفيتش وطالبوه باستدعاء محرز وبلايلي وسليماني وشايبي وبلومي وبوداوي وبن دبكة وغيرهم من اللاعبين المصابين، أو الذين لا يشاركون حتى مع أنديتهم، أو مطالبته ضمنيا باستدعاء أربعين أو خمسين لاعبا حتى يرضيهم كلهم.
“كلنا بلماضي” تحولوا الى “كلنا محرز” و”كلنا بلايلي” و”كلنا سليماني”، ليس حبا فيهم ولا اقتناعا باستحقاقهم، بل نكاية وانتقاما ليس من المدرب الجديد ورئيس الاتحاد الجديد، بل من منتخب لم يتعلقوا به يوما، بقدر ما تعلقوا بالمزايا والهدايا التي كانت تقدم لهم بشكل مباشر وغير مباشر لأجل دعم الرداءة وشتم الصحافيين والمحللين الذين يتعرضون منذ مدة لحملة تشويه لم يسبق لها مثيل، ويتعرض المدرب لانتقادات “شرسة” بسبب خياراته التي كانت مبررة الى حد بعيد، ولو أنها لا تحتاج الى تبريرات ما دامت تدخل في نطاق صلاحياته ويتحمل مسؤوليتها في نهاية المطاف.
الانتقاد والتعبير عن الرأي حق، والاختلاف حول الخيارات ظاهرة صحية عادية وطبيعية في كرة القدم وفي غيرها من المجالات، لكن التحريض على المدرب، وإحباط معنويات اللاعبين قبل موعدين مهمين، هو فعل مشين يجب الوقوف عنده ومواجهته خاصة عندما يدخل في إطار حملة ممنهجة.
إعلامي جزائري