زارت نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس مؤخراً جامعة جورج مايسون في ولاية فيرجينيا لإجراء حديث حر مع جمهور الطلاب. ولما سألتها إحدى الطالبات: كيف يقر الكونغرس مساعدة أمنية لإسرائيل بمليار دولار رغم أنها تنفذ قتل شعب بحق السكان الفلسطينيين؟ لقد بكيت حين أقرت المساعدة”؟
ماذا أجابتها نائبة الرئيس؟ “يحق لكِ أن تحتفظي بآرائك”، قالت. “يسرني إعرابك عنها على الملأ، محظور قمعها. هذه عظمة الديمقراطية التي لا نستبعد فيها رأياً، ولا نلغي فكراً. كلنا معاً، أمة واحدة”.
جواب نائبة الرئيس غير صحيح ولا معقول أخلاقياً. مؤكد أنها هي نفسها تعرف جيداً أن ليس كل “رأي” جدير بأن يشمل في الخطاب الديمقراطي والليبرالي، وليس فيه مكان للأكاذيب الدعائية. هاريس، المثقفة اللامعة، مع صلة شخصية ذات مغزى باليهود وبإسرائيل، ردت على هذا النحو لخوفها من أن تدحض وترد اتهامات الطالبة المناهضة لإسرائيل علناً. فضلت التملص.
إن الخوف السياسي – الانتخابي المشل هذا ينتشر في أوساط الحزب الديمقراطي في أمريكا، وينبغي ألا يقلق رئيس وزراء إسرائيل وحده. ينبغي لبينيت أن يتحرك لعمل سياسي مع الفلسطينيين قبل فوات الأوان، عملاً وليس “دعاية”. يتولى البيت الأبيض الآن منصب رئيس ديمقراطي انتخب بأصوات اليسار الأمريكي، بما فيه الراديكالي. وهو عاطف بعمق على إسرائيل وسيسره -كما يشهد رجاله- على أن يكون مشاركاً بتوليد تسوية سياسية – فلسطينية جديدة.
من سيحل أو ستحل محل بايدن، إذا ما حاكمنا الأمور حسب سلوك هاريس، من شأنه أن يتخذ مواقف مختلفة تماماً. وبالتالي فإن الزمن يضغط هنا وهناك؛ فيأس السكان الفلسطينيين يتعاظم، والاضطراب يشتد. إن عدم وعي الجمهور الإسرائيلي لذلك أو أنه واع ولا يتأثر، هو أمر لا يشهد على حصانة وطنية بل على عمى، وعلى دحر الواقع كبديل للتصدي له.
في خطابه أمام الأمم المتحدة وفي الكنيست أمس، كان لبينيت فرصة دعوة لتحريك المسيرة السياسية والتعهد باستئنافها، ولكنه اختار تجاهل النزاع. وشرح مقربو التجاهل بتعدد ألوان السياسة بالحكومة وبعدم اكتراث الجمهور. خطأ جسيم. هنا في الشرق الأوسط لحظة نادرة من الرحمة لإحداث انعطافة وفرصة لبداية جديدة. فالمعسكر العربي الذي يرفض وجود إسرائيل ضعف، والأصوات التي تدعو للاعتراف بها والتطبيع معها لم يسبق أن كانت قوية بهذا القدر.
إذا أراد بينيت أن يترك أثره على مستقبل إسرائيل، فعليه الاهتمام بمصير السلام ورفع علمه أمام الشعب، وأن يقود لا أن يقاد من الاستطلاعات والاعتبارات الائتلافية. ويمكنه إثبات جدارته في الوقوف صفاً واحداً مع رؤساء وزراء محققي التاريخ فقط وحصرياً إذا كان مستعداً للمخاطرة بأن يأخذ فرصة ويفتح الطريق من جديد لتسوية إسرائيلية – فلسطينية. تسوية تؤدي إلى نهاية النزاع، وبالتالي منع التدهور إلى دولة ثنائية القومية التي تعني عملياً نهاية الصهيونية واتباع نظام الأبرتهايد. إن تفويت فرصة نادرة كهذه بانعطافة وطنية مصيرية ستجبي منا أثماناً باهظة.
بقلم: سيفر بلوتسكر
يديعوت 5/10/2021