على هامش الانتخابات الرئاسية التونسية

حجم الخط
0

ارتفاع وتيرة الحراك الانتخابي.. وسعي محموم لكسب الرهان والجلوس على الكرسي الوثير في قرطاج.
الأمر ليس صعبا فكلنا يعلم حقا ما الذي يريده المواطن من أي مرشح عن دائرته الانتخابية في أيّ دولة من دول العالم “الديمقراطي”

جدول أعمال

كل مرشّح يجب أن يقدم جدول أعمال أو أجندة أو قانوناً يتبنّاه ويدافع عنه لتحسين ظروف المواطنين وهذا هو عمل المرشح بالدرجة الأولى..
العمل وهذه الواجبات يجب على المرشح أن يتحلى ببعض المميزات التي من شأنها أن تساعد على تأدية عمله بصورة متقنة واحترافية، إضافة الى الموضوعية والعقلانية.
أهم تلك المميزات أن يكون ذا تعليم أو تخصّص واضح وله خبرة في العملية السياسية “وأنا أتكلم هنا بصورة عامة وهذا ما جرت عليه الأمور في العالم”، أن يكون صاحب تاريخ وطني مشرّف لا غبار على سيرته الاجتماعية أو المهنية، نزيها، متحدثاً لبقاً يُحسن اختيار الألفاظ التي تدعم حجته وأجندته التي ستصبّ أولا وأخيرا في خدمة المواطنين الذين انتخبوه، وبالتالي ستصبّ في خدمة الوطن ورفاهيته..
أما في بلادنا(تونس) التي ترفل في ثوب الديمقراطية بعد أن أوغل ليلها في الدياجير عبر عقدين ونيف من الظلم والظلام، فيجب أن يتصف المرشح تماما بالمواصفات العالمية نفسها، وعليه، يجب على المواطن أن يعي حقا ما هي المواصفات التي على أساسها يتمّ إعطاء صوته “الثمين”.
تعيش اليوم تونس أجواء المنافسة على -كرسي قرطاج-وهي تعاصر من جديد الحملات الانتخابية والدعايات السياسية لهذا الطرف أو ذاك.
لكن السؤال المطروح اليوم، هل ستكون المنافسة من أجل برامج تنموية مبنية على حقيقة الموجود وخارجة من عمق التفكير في الموارد الموجودة بحيث تكون ناتجة عن دراسة جديّة لوقائع الأمور؟
أم أنّ «الحرب الانتخابية» ستكون غير نزيهة فيها لجوءٌ إلى ممارسات التخوين والتخويف من هذا الطرف أو ذاك؟

فوضى الاختيار

في خضم هذا الزحام والازدحام يبقى الناخبُ تائهًا في فوضى الاختيار..
الطرف الأول يعد الناخبين بتحسين البنية التحتية في ظرف حولين، وبتحسين الموارد البلدية وتحسين الخدمة المقدّمة للمواطن (الحالة المدنية، النظافة، رخص البناء…) وتقليص نسبة الفقر ومحاربة الإرهاب والتهريب، أمّا الطرف الثاني فهو يعدُ بالنقاط نفسها في مدّة وجيزة.
وبين الطرفين تختفي حقيقة الوعود الانتخابية المقدّمة: هل هي جديّة أم هي فقط طريقة لجلب الناخبين وكسب أصواتهم؟
ربّما الصورة وسياسة التأثير والوعود غير المعقولة قد تؤثرُ على نسبة محترمة من أصوات الناخبين، هذا من دون تجاهل الانتخاب من أجل الولاء السياسي، لا من أجل البرنامج وهذا يعتبرُ تهديدًا لروح الانتخابات التي أُقيمت في الأساس من أجل البرامج لا الانحياز لأيديولوجيا مُعيّنة ربّما تعيق مسار التنمية والعمران المنشود من وراء عملية الانتخاب والاختيار.
الطرف الثالث في اللعبة سيكون الإعلام بامتياز. فسلطة الصورة والصوت والانتشار في كلّ بيت وكلّ عائلة ستؤثّر بالضرورة على التوجّه الانتخابي للعامّة، إمّا بالتسويق لهذا الشقّ أو بإدانة وتشويه الآخر تحت مسمّى الإشاعة المحمودة.

المنصّات الإعلامية

المنصّات الإعلامية باتت مسيّرة للرأي العام وقادرة على صناعة الشخصيات وتقديمها في زيّ المنقذ والحلّ للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة. على أمل أن يُحكّم كل طرف ضميره وصوته الداخلي من أجل خوض منافسة في التنمية والازدهار، لا منافسة صورية من أجل منصب أو مركزٍ مرموق.
وبما أنني أحترم رسالتي الإعلامية وأسعى جاهدا لأن أكون حياديا وعلى مسافة واحدة مع كل الأطراف المتنافسة على هذا المقعد الوثير (كرسي قرطاج) هنا.. أو هناك، فإن مسؤوليتي الضميرية جسيمة وتغطيتي الإعلامية لهذا الاستحقاق الانتخابي جد عسيرة وتستدعي حرفية عالية وموضوعية- كما أسلفت-أعلى..

صوت الناخب

ما لفت انتباهي في ولاية تطاوين هو اللهث المحموم خلال هذه الأيام خلف “صوت الناخب”.. كل يغني لي ليلاه” ويعد الناخب بجرار العسل والأرغفة السخنة، والنمو المزدهر في حال تم انتخاب هذا المترشح.. اختلطت البرامج، تباينت وتشابهت أيضا.. وظل في الأخير الناخب في حيرة من أمره..

نقطة فارقة

على هذا الأساس ستكون الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 نقطة فارقة في تاريخ الدولة الوطنية وبناء تونس المستقبل التي طال بها مسار الانتقال الديمقراطي وهي على حافّة الإنجاز.
وأبناء تونس بشكل عام أمام فرصة لخوض انتخابات نصبو إلى أن تكون نزيهة وشفافة من دون أن تمس السقف السياسي الذي تمثله الأحزاب، شرط أن تتيح هذه الأحزاب المجال للتنافس على عناوين إنمائية وأن تفتح نافذة لتجديد النخب السياسية ولو على المستوى البلدي…
أما بخصوص المشهد التنموي- البائس- جهة تطاوين وما إذا كان سيشهد انتعاشة ما بعد الانتخابات الرئاسية؟
أكتفي بالقول إن مطالب أبناء جهة تطاوين مشروعة وطموحاتهم لا تتجاوز سقف الممكن والمتاح ومن أهمها: عقود عمل في الشركات البترولية ذات صبغة رسمية وقانونية..
وفتح مكاتب في جهة تطاوين للشركات البترولية المنتشرة عبر الصحراء..
ودفع عجلة الاستثمار بالجهة والتسريع في منوال التنمية..
وإحداث صندوق تنمية جهوي ممول من الشركات النفطية..
وإرساء نمط نمو اجتماعي يقلّص من حدّة البطالة إلى الحد الأقصى.. إلخ
وتبقى الآمال مفتوحة.. إلى أن يبوح-الصندوق- الانتخابي بسره..

كاتب تونسي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية