على وقع استمرار سياسة “الإهمال الطبي”.. الأسرى الإداريون يستعدون لـ “المعركة الكبرى” والمضربون يواجهون مصيراً خطيراً

أشرف الهور
حجم الخط
0

غزة-“القدس العربي”: من المقرر أن يضاعف الأسرى الإداريون فعالياتهم الاحتجاجية رفضاً لاعتقالهم، وذلك بعد سلسلة من الخطوات التي اتخذوها خلال الأيام الماضية، في وقت لا يزال فيه الأسيران خليل عواودة ورائد ريان يواصلان “معركة الأمعاء الخاوية”، للمطالبة بإطلاق سراحهم رغم ما يتعرضون له من عمليات تنكيل وتجاهل لمطالبهم.

الأسرى الإداريون

ويخطط الأسرى الإداريون لعدة خطوات احتجاجية خلال الأيام القادمة استباقاً لقرارهم الأخير بالدخول في مواجهة مفتوحة مع سلطات السجون، بالإعلان عن الإضراب الشامل عن الطعام، رفضاً لاعتقالهم الإداري، وذلك ضمن برنامجهم النضالي “قرارنا حرية” المستمر منذ 151 يوماً، والمتمثل برفض الامتثال أمام المحاكم الإسرائيلية.
وكان الأسرى قد قرروا قبل يومين، الشروع في اعتصام بساحات “الفورة” وتأخير الدخول على العدّ المسائي، احتجاجاً على الاعتقال الإداري.
وقالت لجنة الأسرى الإداريين، في بيان لها، إن تلك الخطوة الاحتجاجية تشمل كل السجون التي يوجد فيها الأسرى الإداريون، لافتة إلى أنها تأتي ضمن برنامج تصعيد نضالي يخوضه الأسرى الإداريون ليكون بمثابة الرسالة الأخيرة لكل الأطراف لوقف هذه المجزرة المسمّاة الاعتقال الإداري، “وذلك قبل فوات الأوان، والذهاب إلى الخيار الأخير الإضراب المفتوح عن الطعام”.
وجاء في البيان: “هذا نداؤنا إلى أبناء شعبنا وفصائلنا الوطنية والإسلامية بتصعيد الفعاليات للتضامن والوقوف معنا في معركتنا العادلة ضد هذا الاعتقال الظالم”.
وكان الأسرى الإداريون قد رفضوا قبل أيام الامتثال للعد اليومي الأمني، وبقوا داخل زنازينهم في سجون الاحتلال، وهو ما أربك حسابات سلطات السجون.
والجدير بالذكر أن الاعتقال الإداري هو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، ودون السماح للمعتقل أو لمحاميه بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، في خرق واضح وصريح لبنود القانون الدولي الإنساني، لتكون إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة.
وتتذرع سلطات الاحتلال وإدارات المعتقلات بأن المعتقلين الإداريين لهم ملفات سرية لا يمكن الكشف عنها مطلقاً، فلا يعرف المعتقل مدة محكوميته ولا التهمة الموجهة إليه، وغالباً ما يتعرض المعتقل الإداري لتجديد مدة الاعتقال أكثر من مرة لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية، وقد تصل أحياناً إلى سنة كاملة، ووصلت في بعض الحالات إلى سبع سنوات كما في حالة الأسير علي الجمّال.
يأتي ذلك في وقت يواصل المعتقلان خليل عواودة (40 عاماً) من بلدة إذنا في الخليل إضرابه عن الطعام لليوم الـ 90، ورائد ريان (27 عاماً) من قرية بيت دقو شمال غرب مدينة القدس لليوم الـ 55، رفضاً لاعتقالهما الإداري.
وكانت سلطات الاحتلال، قد أعادت المعتقل عواودة قبل أسبوع مجدداً إلى “عيادة سجن الرملة”، رغم وضعه الصحي الخطير جداً، وذلك بعد يوم من قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بنقله إلى المستشفى بشكل عاجل، نظراً لحالته الصحية الحرجة.
وحالياً يعاني عواودة من أوجاع حادة في المفاصل، وآلام في الرأس ودُوار قوي وعدم وضوح في الرؤية، ولا يستطيع المشي، ويتنقل على كرسي متحرك، وبشكل متعمد تقوم إدارة السجون بنقل عواودة بشكل متكرر إلى المستشفيات المدنية، بدعوى إجراء فحوصات طبية له، لكن في كل مرة تتم إعادته دون إجرائها، بذريعة أنه لم يصل إلى مرحلة الخطورة.
كذلك يعاني ريان الموجود في عزله الانفرادي في “سجن عوفر”، من آلام في الرأس والمفاصل وضغط في عيونه، ويشتكي من إرهاق شديد وتقيؤ بشكل مستمر، ولا يستطيع المشي ويتنقل على كرسي متحرك.
وبشكل يومي تنظم فعاليات شعبية مساندة للأسرى الإداريين وللأسيرين المضربين في العديد من المدن الفلسطينية، حيث ينظم بعضها أمام مقرات الصليب الأحمر بمشاركة قادة الفصائل وذوي الأسرى.
إهمال طبي واعتداءات
وفي سياق الحديث عن معاناة الأسرى، قال نادي الأسير إنّ المعتقل إبراهيم محمد غنيمات (46 عاماً)، من بلدة صوريف شمال غرب الخليل، يتعرض لإهمال طبي (القتل البطيء) في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من خلال جملة من السياسات التي تنفذها إدارة سجون الاحتلال بحقّ الأسرى، ومنها المماطلة المتعمدة في تقديم العلاج والمتابعة الصحية اللازمة.
وهذا الأسير محكوم بالسّجن المؤبد و(20 عاماً)، ويُعاني من مشاكل حادة في القلب، ومنها: ضعف في عضلة القلب، وينتظر منذ عامين أن تُجرى له عملية لوضع جهاز ينظم دقات القلب، كما تبين أنّه مصاب بالسكري والضغط، فيما تكتفي إدارة سجون الاحتلال بإعطائه المسكنات، وأدوية مميعة للدم، وتُماطل في متابعة أوضاعه الصحية جدياً، رغم مطالباته المتكررة لذلك.
وأكد نادي الأسير، أنّه بالإضافة إلى جريمة الإهمال الطبيّ، فإن ظروف الاعتقال وبنية السجون تُسهم في انتشار الأمراض بين صفوف المعتقلين، إضافة إلى تعرض غالبية المعتقلين إلى التعذيب خلال فترة التحقيق.
من جهتها، نشرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، شهادات متشابهة لعدد من الأطفال القاصرين المحتجزين حالياً داخل معتقل “الدامون”، التي تفيد بتعرضهم لاعتداءات وحشية وتنكيل شديد على يد ما يسمى “وحدات النحشون”، وذلك أثناء نقلهم للمحاكم والسجون.
وأوضحت الهيئة نقلاً عن لسان مجموعة من الأسرى الأطفال، أن “أفراد النحشون” والسجانين يتعمدون الاعتداء عليهم وأذيتهم جسدياً بدون أي مبرر يستدعي ذلك، وذلك خلال عمليات نقلهم من وإلى المحاكم أو خلال عملية نقلهم من سجون أخرى إلى سجن “الدامون”، كذلك أثناء احتجازهم داخل أقسام وغرف الانتظار في المحاكم.
يشار إلى أن هيئة شؤون الأسرى والمحررين قالت إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تستخدم القوة المفرطة والضرب والتنكيل بحق الشبان الفلسطينيين خلال عملية اعتقالهم، وأوضحت أن سلطات الاحتلال ترتكب بشكل يومي انتهاكات وأساليب تعذيب بحق الشبان الفلسطينيين، سواء عند اعتقالهم أو احتجازهم، مما يشكل وصمة عار بحق المؤسسات الدولية والإنسانية التي تعجز عن تأمين وتوفير الحماية لأبناء شعبنا.
ووثقت محامية الهيئة حنان الخطيب، ظروف اعتقال القاصر معتز الحاج محمود من حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، الذي تعرض لاعتداء همجي على يد جيش الاحتلال بدءاً من لحظات اعتقاله الأولى، بالإضافة إلى ظروف التحقيق القاسية معه داخل مراكز التحقيق والتوقيف، وقال هذا الأسير إنه طوال عملية التحقيق لم يسلم من الشتم بألفاظ نابية والضرب المبرح، عدا عما تعرض له من ظروف احتجاز صعبة للغاية داخل زنازين “سجن عوفر”.
كما رصدت الهيئة تفاصيل اعتقال الشاب بلال الجعبري من القدس، في الساعة الرابعة مساءً، وعصبوا عينيه وتم ربطه بقيود بلاستيكية محكمة، ليقتادوه بعد ذلك إلى مركز تحقيق “المسكوبية” ومن ثم إلى “عوفر”، وقالت إن الأسير الجعبري وضع في زنازين تحقيق صعبة للغاية تفتقر لكل مقومات العيش الآدمي، إضافة إلى تعرضه لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي على إثرها تعرض لعدة إصابات، وما زال يعاني منها إلى هذا الوقت.
وفي دلالة على حجم الاعتقالات الخطير، قال نادي الأسير إن قوات الاحتلال اعتقلت منذ مطلع العام الحالي بمدينة القدس المحتلة أكثر من 1530 مواطناً، وأكد أنّ عمليات الاعتقال في القدس تأخذ خصوصية من حيث الممارسات الممنهجة التي يتعرض لها المعتقلون، موضحاً أن هناك بعض المقدسيين تعرضوا على مدار سنوات قليلة لعمليات اعتقال وصلت إلى 40 مرة، وغالبيتهم إما أن يتم الإفراج عنهم بشروط كفرض الغرامات المالية والكفالات، أو بشرط الحبس المنزلي والإبعاد تحديداً عن البلدة القديمة بما فيها المسجد الأقصى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية