علي الأديب لـ«القدس العربي»: للسيستاني دور في تعديل الاتفاقية مع الأمريكان واحتواء السنّة… بلدنا ضعيف وإيران تعطينا السلاح لسبب طائفي وأمني

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: كشف القيادي في حزب الدعوة الإسلامية، والوزير السابق علي الأديب، عن سعي الحزب لعقد مؤتمر عام يضم جميع الأطراف وعلى رأسها الأمين العام، زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ورئيس الوزراء السابق، زعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي، وفيما لفت الأديب إلى دور رجل الدين الشيعي البارز علي السيستاني في تعديل اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» الموقعة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، اعتبر إن الأمن في العراق «مستعار».
وقال في لقاء موسّع مع «القدس العربي»، إن «الولايات المتحدة الأمريكية أجهضت الانتفاضة العراقية التي حدثت في عام 1991، رغم إنها كانت قد وعدت الشعب العراقي بتحرير العراق من نظام حزب البعث، لكنها اتفقت مع صدام حسين آنذاك، وسمحت له بقمع الانتفاضة في الجنوب والشمال أيضاً».
وأضاف أن «الدول الكبرى (أمريكا، بريطانيا، فرنسا) حاولت حماية منطقة كردستان ومنعت الطائرات والمدفعية العراقية من إصابة هذه المنطقة بأي ضرر، وعندما طالبنا الأمم المتحدة بحماية المنطقة الجنوبية أيضاً، تخلوا عنا»، منوهاً أنه «التقى في وقتها بسكرتير الأمم المتحدة (دكويلار) في سويسرا، ضمن وفد كان يرأسه محمد باقر الصدر (عم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر). المسؤول الأممي أخبرنا بأن الأمم المتحدة ليس بيدها شيء، ويجب إقناع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ـ على رأسها الولايات المتحدة ـ للحصول على قرار أممي بشأن حماية المنطقة الجنوبية في العراق من نظام صدام. حاولنا ذلك لكننا لم نستطع فعل شيء».
واعتبر القيادي في حزب الدعوة الإسلامية المعارض لنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، إن «واحدة من أسباب إجهاض الانتفاضة هو أن الولايات المتحدة وجدت أن هويتها شيعية، بتحريض من السعودية التي كانت تعدّ القاعدة التي تنطلق منها طائرات التحالف»، مبيناً أن «جميع تحركات التحالف الدولي في المنطقة آنذاك (عام 1991) كانت تنطلق من السعودية، وهم الذين أقنعوا الأمريكان بإيقاف عملية إسقاط صدام».
وبعد عودة الأديب إلى العراق عام 2003، شارك في لجنة صياغة الدستور العراقي. وعن تلك الحقبة أوضح قائلاً: «الجمعية الوطنية (نواة لمجلس النواب الحالي) قررت تشكيل لجنة من مختلف الأطياف العراقية لصياغة الدستور، وهذه اللجنة تم تقسيمها إلى لجان. أنا كنت ضمن لجنة الأحكام الختامية»، لافتاً إلى إن «الظروف التي كتب فيها الدستور العراقي كانت استثنائية ولم تساعد في كتابة الدستور بالطريقة التي تحفظ وحدة العراق وانسجام القوى المختلفة داخل البلد، بل كان هناك طابع تجزيئي».

مطالب الأكراد

وقال الأديب: «الدستور تأثر كثيراً بقانون إدارة الدولة الذي أعدّه الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر مع بعض الخبراء الأمريكان، وراعى الوضع في إقليم كردستان العراق، الذي تشكلت حكومة فيه منذ عام 1992 واستمرت»، موضّحاً بأنه «كانت للأكراد مطالب معينة، خصوصاً إنهم رفضوا الدخول في المشروع العراقي الشامل، بكونهم كانوا يسعون للاستقلال وفقاً لخارطة كانت قد طبعت في وقتها لكردستان الكبرى التي تمتد لمساحات كبيرة في العراق تصل حتى إلى مناطق في جنوب العراق. هذا الطموح الكردي والرعاية الأوروبية والغربية لإقليم كردستان، جعلت من الأكراد ومطالبهم موضع اهتمام بالنسبة للحاكم المدني الأمريكي».
ومن أبرز المطالب الكردية آنذاك، وفقاً للأديب، هو «تقسيم العراق إلى فدراليات حتى يتم الاعتراف بفدراليتهم، كبديل عن الاستقلال، وهذا ما أسهم في جرّ المحافظات العراقية الأخرى إلى مفهوم مجهول وضبابي. لهذا لا توجد في العراق فيدرالية أخرى غير في إقليم كردستان».
في عام 2006 طرح اسم علي الأديب كمرشح لمنصب رئيس الوزراء، خلفاً لإبراهيم الجعفري، غير إنه لم يتمكن من شغل المنصب بسبب «اعتراض من بعض السنّة المتطرفين»، وفقاً للأديب، الذي أكد إن «المكون السنّي لم يكن راغباً في تلك الفترة بأن يشارك في العملية السياسية، لكن القوى الأجنبية التي كانت موجودة في العراق فرضت عليه بعض الضغوط اضطرته للدخول في العملية السياسية. بعض السنّة كانوا منسجمين مع النظام السابق، بكون إن أغلب القيادات التي كانت تقود البلد هي من المكون السنّي».
وتابع حديثه قائلاً: «إصرار المرجع الديني الأعلى (علي السيستاني) على إشراك السنّة، هو الذي دفعنا للحوار معهم من أجل جذبهم للمشروع السياسي حتى لا يقال بأن العراق أصبح (بعد 2003) لمكون دون المكونات الأخرى»، مشيراً إلى إن «السنّة وافقوا بعد ذلك على أن أتولى رئاسة الوزراء، لكن هناك ملابسات حدثت داخل حزب الدعوة الإسلامية، جعلتني أتخلى عن الترشيح وترك المنصب للمالكي».
وفي عام 2010، تكرر السيناريو ذاته، وطرح اسم الاديب لرئاسة الوزراء خلفاً للمالكي هذه المرة، لكن «المساومات التي حدثت بين الكتل العراقية ـ وخصوصاً الشيعية، حول موضوع التجديد للمالكي، وتم الاتفاق على إعطاء المعترضين بعض الوزارات الإضافية من حصة الكتلة الأكبر. عملية ترضية حصلت داخل التحالف الوطني ومشت الأمور» هي التي منعت الأديب من الوصول للمنصب، على حدّ قوله.

لقاء السيستاني

ويعدّ القيادي في حزب الدعوة الإسلامية، من بين أبرز السياسيين العراقيين الذين التقوا رجل الدين الشيعي علي السيستاني، الذي يرفض حالياً لقاء أي سياسي عراقي.
وعن لقاءاته بالسيستاني يقول الأديب: «التقيت به أكثر من مرة. كنا نراجعه ونستفسر منه عن الكثير من القضايا التي توحد الخطط والمواقف. في الغالب كنا نراجع معه الخطة التي كانت تعدّها الدولة العراقية مع الولايات المتحدة (الاتفاقية الإستراتيجية). المرجعية كان لديها ملاحظات كثيرة على هذه الخطة».
ومضى إلى القول: «في بادئ الأمر كانت اتفاقية أمنية على سحب القوات الأجنبية من العراق، لكن تحولت إلى اتفاقية للتعاون بين العراق وأمريكا»، مبيناً إنه «كان هناك الكثير من الثغرات في هذه الاتفاقية، وعلى إثر ذلك تم تعديل (104) نقاط تم وفقاً للجنة تم تشكيلها من قبل رئيس الوزراء (نوري المالكي)، بناءً على اعتراض المرجعية والقوى السياسية، وتمت معالجتها. جميع القوى السياسية الشيعية والسنية كانت لديها اعتراضات، خصوصا السنة الذين لم يكونوا راغبين بالموافقة على الاتفاقية من دون الحصول على امتياز. لكنهم انسجموا في الأخير وأيدوا الاتفاقية».

حمّل التحالف الوطني الشيعي مسؤولية التشظي بين صفوف حزب «الدعوة» في العراق

وعن انقسام حزب الدعوة الإسلامية إلى جناحين، أحدهما يمثله الأمين العام للحزب، زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، فيما ذهب الجناح الآخر مع ائتلاف النصر وزعيمه حيدر العبادي، وخوض الانتخابات التشريعية الأخيرة (جرت في 12 أيار/ مايو 2018) على أن يتم دمّج الجناحين بعد الانتخابات، أكد الأديب إن «الوضع النفسي بين الكتلتين لم يسهم في إندماجهما بعد الانتخابات، والسبب في ذلك يعود إلى ما حدث في السنوات الأربعة الأخيرة (2014 ـ 2018)، من الاتهامات والأحاديث الجانبية»، كاشفاً عن «محاولات لتقريب الكتلتين لكن لم تنته إلى نتيجة».
ورغم إن الأديب الذي شغل منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي (2010 ـ 2014) أقرّ أن الخلاف بين المالكي والعبادي «ليس فكرياً»، غير إنه اعتبر إن الانقسام في داخل الحزب «له علاقة بما حدث من ملابسات تولي العبادي رئاسة الوزراء في 2014، عندما كانت أغلب الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات لا تريد تمديد الولاية للمالكي لدورة ثالثة. عندها توقفت العملية السياسية وبدأت أطراف في التحالف الوطني (الشيعي) يخاطبون كتلة دولة القانون بضرورة تغيير مرشح رئيس الوزراء حتى تمضي العملية».
وأضاف: «أبرز هذه الأطراف هي المجلس الأعلى (بزعامة عمار الحكيم حينها قبل أن ينشق ويكوّن تيار الحكمة)، والتيار الصدري. تم الاتفاق على حيدر العبادي، الأمر الذي أثار حفيظة المالكي»، مبيناً إنه لم يرشح للانتخابات حتى لا يكون مع طرف ضد طرف «كنت أرغب في جميع الاثنين (المالكي والعبادي) في كتلة واحدة».

إضعاف الحزب

وزاد بالقول: «أنا ضد إضعاف حزب الدعوة الإسلامية الذي يعدّ ثقل المعارضة في زمن صدام. دخول العبادي والمالكي بقائمتين منفصلتين لا تحملان اسم حزب الدعوة يسهم في إضعاف الحزب»، كاشفاً عن «مساعٍ داخل الحزب لعقد مؤتمر عام يضم جميع الأطراف. وإن سبب تأجيل انعقاد المؤتمر يأتي لانتظار الانتهاء من العملية الانتخابية وآثارها».
وتحدث القيادي في حزب الدعوة الإسلامية، عن دور للتحالف الوطني (الشيعي) «في التشظي الذي حصل في حزب الدعوة، بسبب تدخلهم في مسألة التمديد للمالكي من جهة، واختيار العبادي من جهة ثانية في 2014. لو ترك الأمر لحزب الدعوة في حسم هذا الخلاف داخلياً، أفضل من تدخل أطراف التحالف».
كذلك اعتبر الأديب إن «الأمن في العراق مستعار. يتطلب وجود قوات أجنبية دائماً لضبط الوضع»، مشيراً إلى إنه «لم نتمكن من دحر داعش بقواتنا فقط، وإنما أخذنا عوناً من التحالف الدولي. كذلك الحال بالنسبة للأسلحة. لا أحد يرضى أن يبيع لنا السلاح من دون الاتفاق مع دولة معينة، أو الدخول في تحالف معين. السلاح اليوم مشروط».
وأضاف: «إيران دعمت العراق بالسلاح لأن لديها مصلحة. اختلال الأمن في العراق يؤثر عليهم. إيران أعطتنا السلاح دفاعاً عن أمنها، بالإضافة إلى مسألة الطائفة، لكن إيران تخشى من تمدد داعش ووصوله إلى حدودهم وتهديدهم».
وتطرق القيادي في حزب المالكي إلى الزيارة الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العراق، وموجة السخط الواسعة تجاه الحكومة، مبيناً إن «زيارة ترامب إلى العراق كانت سرية، ولم يكن يرغب (ترامب) في أن يعرفها أحد»، معتبراً إن «الزيارة تجاوز على السيادة العراقية بدون أي شك، لكن العراق لو لم يكن ضعيفاً لما حدثت هذه الزيارة».
وتابع قائلاً: «هذه الحالة تكررت في زيارة مماثلة للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما للعراق، فمن استقبله في المطار حينها؟ الأمريكان. هو غير معترف بالعراق واحترام وجوده»، معتبراً إن «الاعتراض السياسي والشعبي هو: لماذا العراق غير محترم من قبل رئيس دولة تعتبر الأكبر في العالم؟».
وختم الأديب حديثه بالقول: «انسحاب القوات الأمريكية من سوريا إلى العراق ليس بموافقة الحكومة العراقية»، وعندما طالب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بـ«الدخول في حوارات جديدة مع الأمريكان بشأن هذه الخروقات المتكررة»، أقرّ أن «العراق ضعيف».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية