القاهرة- “القدس العربي”: واصلَ عمال شركة مصر للغزل والنسيج في المحلة إضرابَهم، لليوم الرابع على التوالي، للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور المعلن من قبل رئيس البلاد، والبالغ 6 آلاف جنيه كصافي أجر، وزيادة بدل الوجبة ليصل إلى ثلاثين جنيهاً يومياً.
وبدأ العمال إضرابهم الخميس الماضي، حيث رددت عاملات مصنع الملابس هتافات “واحد اثنين.. الريّس فين”، احتجاجاً على عدم تضمن شركات قطاع الأعمال العام “المملوكة للدولة”، في قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخاص بزيادة الرواتب، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 6 آلاف جنيه.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أقرّ، في السابع من فبراير/ شباط الجاري، حزمة إجراءات للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية والتخفيف من الأعباء المعيشية على المواطنين، على أن يبدأ تطبيقها من شهر مارس/ آذار المقبل.
ويطالب العمال بإلغاء الضرائب على المنحة، أو رفع حدّ الإعفاء إلى 7 آلاف جنيها، كما يطالبون بتدرّج الحدّ الأدنى، الذي يبدأ بـ 6 آلاف جنيه ويرتفع حسب درجات العاملين بالشركة.
وتضمنت الحزمة الاجتماعية زيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية، ورفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 في المئة ليصل إلى 6 آلاف جنيه.
وقال أحد القيادات العمالية في الشركة لـ “القدس العربي” إن جولة المفاوضات الأولى التي عقدت بين رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج ورئيس النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج ووفد من العمال فشلت في التوصل لاتفاق لإنهاء الإضراب.
وأضاف: عرضت إدارة الشركة القابضة على العمال تطبيق مبلغ 6 آلاف جنيه كحدّ أدنى للأجر، ولكن مع خصم نسبة الضرائب، وكذلك حصة التأمين الموكل بها صاحب العمل، فضلاً عن خصم الأرباح التي تبلغ 6 شهور ونصف، موزعين على 12 شهراً، ما يخفض المبلغ المقرر إلى النصف تقريباً، كما أنها أجّلت البتّ في مسألة الوجبة إلى شهر أبريل/ نيسان المقبل، والتي يطالب العمال بزيادتها إلى 30 جنيهاً يومياً.
وكان العمال رفعوا شعار زيادة “ثمن كيلو غرام من اللبن”، للإشارة إلى مبلغ الثلاثين جنيهاً التي يطالبون بها، ليصبح مبلغ الوجبة 900 جنيه شهرياً، بدلاً من 210 جنيهات حالياً.
وقال حزب العيش والحرية تحت التأسيس إنه يحيي عاملات وعمال غزل المحلة المضربين لليوم الثالث عن العمل، اعتراضًا على الاستثناء من قرار رفع الحد الأدنى لأجور العاملين بالدولة إلى 6 آلاف جنيه.
وأكد الحزب، في بيان، تضامنه وتأييده مع مطالب عمال شركة مصر للغزل والنسيج، والتي تضم عددًا من المصانع للغزل والنسيج والقطن الطبي، ومحطة للكهرباء، ويعمل بها 14 ألف عامل تقريباً.
وتابع: الشرارة التي بدأتها عاملات مصنع الملابس، الخميس الماضي، تؤكد على الأهمية التاريخية للحركة العمالية، وفي قلبها نضال العاملات، اللاتي خاطرن سابقاً، ويخاطرن اليوم بالتظاهر والهتاف خلال زيارة محافظ الغربية للشركة، لتتصاعد الهتافات من مصنع تلو الآخر، وذلك قبل إغلاق أمن المصنع البوابات، لمنع خروج العاملات إلى ساحة الشركة، أو ما يسمى “ميدان طلعت حرب”.
وأضاف: يؤكد الحزب على أن حجة تجاهل مطالب عمال الشركة، على اعتبار أنها إحدى شركات قطاع الأعمال العام، الذي لا تشمله الموازنة العامة، وبالتالي تتبع المجلس القومي للأجور، الذي رفع الحد اﻷدنى إلى 3500 جنيه فقط، تدل على الاستخفاف بالعمال، كما تبين استمرار منظومة الاستغلال التي تبقي على رواتب عمال قضوا 10 أعوام من العمل ضمن الحد الأدنى، في ظل ارتفاع غير مسبوق للأسعار.
وقال الحزب إن الأوضاع الاقتصادية شديدة القسوة التي يعيشها المصريون، خاصة بعد موجات ارتفاع الأسعار المتلاحقة، تجعل ضم العمال، وهم الأهم إذا أردنا دفع الإنتاج، على أولوية ورأس أيّ قرارات اقتصادية تسهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية، والتي جعلت مصر في المرتبة السادسة عالمياً في ارتفاع أسعار الغذاء.
وتابع: من هنا، نطالب الشركة بضرورة عقد مفاوضات عاجلة مع ممثلى العمال، والاستماع والاستجابة الفورية إلى مطالبهم المستحقة، خاصة في ما يتعلق بمسألة الأجر العادل، وتحسين وصيانة الماكينات، ونطالب كذلك وزارة قطاع الأعمال العام بتطبيق قرار الحدّ الأدنى المقر للقطاع العام على قطاع الأعمال العام.
وأضاف: نشدد على أن العمال يعون جيداً وينتبهون إلى محاولة بيع أصول الشركة بالتدريج، تمهيداً للتصفية، كحال باقي قطاع الأعمال، ألا أننا نرى أن الطبقة العمالية في المحلة التي لا تزال تتمسك بالماكينة والمصنع والتي قادت على مرّ التاريخ أهم الإضرابات العمالية ستقف بالمرصاد أمام أي محاولة للتفكيك أو الاستغلال، وأنه لا سبيل إلى حل هذه الأزمة سوى بالتفاوض مع العمال والاستجابة لهم.
إلى ذلك، أعلنت أمانة العمال في حزب المحافظين رفضها استثناء العاملين في القطاع الخاص والاستثماري من تطبيق الحد الأدنى للأجور المقرر اعتبارًا من الشهر المقبل مساواة بالعاملين في الدولة، بصفته من أهم وسائل التضامن الاجتماعي، مع الإشارة إلى أن هذه الزيادة الأخيرة المقررة في الأجور لا تتناسب مع الارتفاع غير المسبوق في الأسعار ومعدلات التضخم.
وأكدت أمانة الحزب على تقديرها لعمال غزل المحلة أصحاب الدور التاريخي الوطني، لتمسكهم بحقهم المشروع في المطالبة بهذا الحق من خلال الإضراب الذي اختاروه جزئياً، باستثنائهم لبعض الأقسام حتى الانتهاء من تسليم الطلبيات المتعاقد عليها؛ حرصًا على المصلحة العامة وتجنبًا لأي غرامات تأخير يمكن أن تفرض على الشركة.
وطالبت أمانة عمال حزب المحافظين الحكومة بتطبيق قرارات رئيس البلاد على القطاعات كافة، ومن دون استثناء، تجنباً لما قد يثير القلق وعدم الاستقرار في مرحلة حـرجة تمرّ بها البلاد.
وكثيراً ما نظّمَ العمال إضرابات للمطالبة بتحسين الأجور، كان أشهرها إضراب 6 أبريل/ نيسان 2009، وهو الاحتجاج العمالي الذي تحوّل من دعوة للإضراب في المحلة إلى إضراب في عموم مصر، بعد تبنّي عدد من المدونين الدعوة له، فيما اعتبر بعدها أنه أهم حدث مهّد لثورة الـ25 من يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك.