عمرو عبد الجليل «جوكر» الدراما الرمضانية في السباق المصري

كمال القاضي
حجم الخط
0

ربما يكون عمرو عبد الجليل هو الممثل الأكثر حضوراً هذا العام في الدراما الرمضانية، ليس لأن فرصة الحصول على دور متميز في السينما أصبحت مهمة عسيرة، وإنما لأن الاتجاه العام في خط سير الممثل المُحترف صار إجبارياً. فالدراما التلفزيونية هي النوع المتميز والمتوافر على مدار السنة تقريباً، ولا يمكن لموهوب مثل عمرو أن يترك مكانة شاغراً على الشاشة الصغيرة، ويظل يبحث عن ما يناسبه في السينما بلا ضمانات حقيقية لنجاح الدور أو الفيلم، وتلك إشكالية تواجه كثيراً من بدأوا مشوارهم الفني من السينما لشدة ارتباطهم بها واعتقادهم بأنهم لن ينجحوا خارجها مهما تعددت فرصهم!
أفنى عمرو عبد الجليل وقتاً طويلاً في المفاضلة بين ما يُعرض عليه من أدوار سينمائية وأخرى تلفزيونية، فأضاع الكثير من المجهود وبدد جُل طاقته في ما لا طائل منه، حتى واتته الفرصة مع المخرج خالد يوسف في عدد من الأفلام، كان من بينها «دكان شحاتة» و»حين ميسرة» و»كلمني شكراً» فأعيد اكتشافه مُجدداً كممثل كوميدي من الطراز الأول، يقدم لوناً مُختلفاً يعتمد فيه على المفارقة والتناقض وسرعة البديهة والتلقائية المفرطة في الأداء والتقمص.
وبنجاح الأفلام المذكورة تكرر ظهور عمرو عبد الجليل وتنوعت أدواره واختلفت شخصيته الفنية تماماً عن الصورة التي ظهر بها في أفلام يوسف شاهين واتسمت بالجدية إلى حد كبير، وكان لها أثراً سلبياً في تحجيم موهبته الكوميدية العميقة.
ويمكن القول أن فيلم «صرخة نملة» الذي لعب فيه عبد الجليل بطولة مُطلقة وتصادف عرضه مع اندلاع الشرارة الأولى لثورة 25 يناير في عام 2011 كان بداية التركيز عليه بعد النجاح الذي حققه الفيلم بضربة حظ لربط الجمهور بين ما جرى في الواقع وما ورد في السياق الدرامي للأحداث السينمائية التي تم توظيفها في حينه لتتماشى مع إيقاع الثورة كأنها التسجيل الحي للوقائع الميدانية.
من هذه البوابة عبر الممثل الذي تأخرت نجوميته لفترة طويلة بلا مبرر، إلى أن انفتح على عالم الشاشة الصغيرة فأخذته الجماهير بالأحضان، وبدأ يُعيد حساباته في ضوء الواقع الإبداعي الجديد القريب من نبض الناس البسطاء، الشعبيين الذين وجدوا فيه شبيهاً لهم يُمكن أن يُمثلهم ويجسد مشكلاتهم بصدق وواقعية.
وبالفعل جاءت الفرصة ولعب عمرو عبد الجليل دور العُمدة في مسلسل «الزوجة الثانية» مع أيتن عامر، في محاولة لمُحاكاة الفيلم الشهير المعروف بنفس الاسم، والذي قام ببطولته كبار النجوم، سعاد حسني وصلاح منصور وعبد المنعم إبراهيم وسناء جميل. وبرغم التحفظات الكثيرة التي جاءت على المسلسل إلا أن أحداً لم يعترض على أداء عمرو ولا يرى فيه عيباً أو خروجاً على مقتضيات الأداء الطبيعي للشخصية برغم اختلافه شكلاً وموضوعاً عن أداء الممثل القدير الراحل صلاح منصور.
وظل الانطباع الإيجابي عن أداء البطل السينمائي الذي بقي مغموراً لسنوات هو السائد، وبتكرار الفرص وتوالي النجاحات من دور إلى دور ومن شخصية إلى شخصية، تحمس المنتجون له فأصبح من العلامات الدرامية الأساسية في الموسم الرمضاني، وحتى بعد أن سيطرت أكبر شركات الإنتاج على معظم الإنتاج السنوي الموسمي، لم تفلت الفرص من يد الممثل والنجم، بل زاد حضوره وتواجده بتأثير موهبته واتساع رقعته الجماهيرية والشعبية، وليس أدل على ذلك من استحواذه على عدد من البطولات المتميزة في أكثر من ثلاثة مسلسلات، وكلها ذات مستوى فني مقبول أو على الأقل مقبول في ما يختص بدوره هو الشخصي. فمن بين بطولاته الرئيسية، مسلسل «لحم غزال» مع غادة عبد الرازق، حيث يقدم دور المعلم الشرير في سوق اللحوم والجزارة بشكل مثير يتسم بالدهاء والمكر والحيطة والحذر وهي نوعية من الأدوار تحقق نجاحات فائقة في الأوساط الشعبية.
وكذلك نراه في مسلسل «ملوك الجدعنه» رجل المافيا الكبير الذي يتاجر في السلاح والمخدرات والسيارات ويهابه رجال الحارة ويقيم له الجميع ألف وزن، وهو دور مهم يذكرنا بدور المعلم سلطان للفنان محمود إسماعيل في فيلم «سماره» مع النجمة الراحلة تحية كاريوكا. غير أنه يقدم أيضاً دوراً بارزاً في مسلسل «كل ما نفترق» مع ريهام حجاج وأحمد فهمي. وعلى الرغم من أنه دور تقليدي إلى حد بعيد إلا أن نكهة الأداء فيه مختلفة والقدرة على التنوع في طريقة الكلام والحركة والنظرة تجعله جديداً وحيوياً، خاصة أن الموضوع نفسه مثير ومشوق وبه الكثير من مناطق الجذب كأسطورة الغولة والمخاوف الهستيرية لسكان المنطقة الجنوبية من الغموض الذي يكتنف الأماكن المسكونة بالعفاريت والمُحاطة بالأسرار والخزعبلات الشعبية.
ولا شك في أن اختيارات عمرو عبد الجليل ذاتها هي التي تحدد نجاحه من عدمه في الأدوار التي تُسند إليه ويقبل هو بها، فهو بالقطع يعرف حجم موهبته ويقدر وقع أقدامه على الطريق الصحيح، سواء في السينما أو الدراما التلفزيونية، ولكن من واقع المنظور والمرئي لدينا، نجد أنه يمتلك البوصلة الأدق في تعامله مع الأدوار ذات الطبيعة الخاصة لا سيما الدرامي منها، خاصة إذا كانت تشبه دوره في مسلسل «النهاية» الذي قدمه العام الماضي مع يوسف الشريف وحقق من خلاله نجاحاً غير مسبوق فأدخر له في رصيد هذا العام ليُصبح هو جوكر الشاشة الصغيرة في دراما رمضان المصرية بنكهتها الشعبية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية