«عمر الغريب» رواية جديدة لسلمى مختار أمانة الله

حجم الخط
0

الرباط ـ «القدس العربي»: عن المركز الثقافي للكتاب صدرت رواية جديدة للكاتبة المغربية سلمى مختار أمانة الله تحت عنوان «عمر الغريب» وتحكي عن دكتور يستيقظ ذات صباح من صباحات الصيف القائظة على مشهد مروع، لم يكن ليتصور حدوثه حتى في أشد كوابيسه هلعا، إذ يرى انعكاسه داخل المرآة الضخمة المثبتة على جدار في مدخل شقته الفخمة، تحاصر زواياها جثته الملقاة على الأرض وهي غارقة في دم خاثر.
مأخوذا بهول الصدمة، يراقب «عمر» روحه وهي تتنصل بخفة من جسد فقد قدرته على الحركة والنطق، لتجوب بنا محطات عمر مغبون أطفأته طلقة رصاصة لم تخطئه. تنساب الصور بسرعة أمام شاشة ذاكرة مترامية الأبعاد. يلهث السارد خلفها في محاولة يائسة لجمع شتات سنين متراكمة مرت أمامه كأنها جزء من ثانية يقلب صفحاتها المتداخلة، ينقب بدقة في كل تفاصيلها لعله يمسك باليد القاسية التي صوبت نحو قلبه كل هذا الموت الجائر.
خلال رحلته غير القصيرة تلك، توضح المؤلفة، «يغرقنا السارد حينا في قتامة طفولة بائسة عاشها مهمش الوجود، مهشم الشعور والإحساس. ولادة غير مكتملة نجا فيها الجسد وبقيت النفس خدجا بلا حاضنة. كما يحدث أن ينتشلنا أحيانا أخرى وبالقوة والقدرة نفسها على الوصف، يحلق بنا في سماء أحلام صبغت واقعه الحالي بألوانها الوردية. سطوة ومكانة مرموقة بلغها بعد مسيرة من الأعطاب والإخفاقات».
نسافر في هذا النص الروائي مع السارد داخل تلك المسالك الوعرة للنفس البشرية، إذ هي حكي تتعرى فيه الذات من كل هواجسها ومخاوفها السابقة، بعد أن حررها الموت وأطلق أخيرا عنان لسانها. يتعلق الأمر برحلة شاقة ومضنية تنطلق مع الطفل الذي ولد لأبوين مجهولين. طفل متخلى عنه بلا أوراق هوية. لم يسق كغيره من الصغار برحيق الحب، في الوقت الذي لم يكن يحتاج فيه لغير الحب. لم يرضع في المقابل غير المهانة والإهمال والكره. تقاذفته الأماكن والأحداث والأشخاص لينتهي به المطاف ضحية جريمة قتل، وليظل السؤال المسنن عالقا كشوكة في حلق السارد وعلى مدار صفحات الحكي: من قتلني؟ من قتلني؟
مسرح الجريمة الذي يشكل الفضاء الثابت لرواية «عمر الغريب» لم تتهاون الكاتبة في مده بخلفيات متحركة زمانيا ومكانيا، شكلتها من مجموعة من الأحداث التاريخية والمتغيرات الاجتماعية والسياسية التي عرفها مغرب ما بعد الاستقلال.
وحسب الكاتبة، فإن رواية «عمر الغريب» تأتي نتاج وعي واضح منها بأهمية الكتابة الروائية ودورها الفعال في تشكيل الوعي الجماعي داخل مجتمع ما، والمساهمة في خلق تلك الديناميكية الفكرية التي نحتاجها لتحريك عجلة نمو بلد ما، مؤكدة أن اللغة أيضا تحضر في هذا العمل باعتبارها عنصرا قويا يكرس قناعة الكاتبة بجدوى اللغة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الكتابة الإبداعية.
تبقى الإشارة إلى أن سلمى مختار أمانة الله كاتبة مغربية من مواليد الرباط، وهي من أصول موريتانية مصرية. صدرت لها سنة 2016 مجموعة قصصية «تي جي في» بدعم من وزارة الثقافة، ورواية «ولي النعمة» سنة 2018.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية