من المعروف أن النمو الإقتصادي والتقدم في كافة المجالات يحتاج إلى إستقرار في التخطيط والأداء بعيدا عن العفوية والعبثية والسياسات المتناقضة، ولكن الأوضاع في عالمنا العربي تسير إلى الوراء وفي أحسن الأحوال تسير إلى الأمام مضطربة مرتبكة دون نتائج حقيقية ملموسة. لقد بلغت العبثية وعدم الإستقرار في الدول العربية مبلغها وهي قائمة منذ إستقلالها ووصل الأمر عند السياسيين حد المراهقة والإضطراب في الأداء على حساب تطوير البنية الأساسية والإصلاحات السياسية والإقتصادية ، ففي الكويت والتي تعتبر من أغنى الدول العربية يستعد السياسيون والمواطنون لإجراء سادس إنتخابات لمجلس الأمة خلال سبع سنوات في ظل إنقسام وتشجنج غير مسبوق والأمر نفسه ينطبق على الأردن والتي تعد واحدة من افقر الدول العربية حيث شكل فيها أربع وتسعون حكومة منذ إنشاء الإمارة عام 1921 وخمسة عشر مجلسا نيابيا منذ الإستقلال عام 1946 ولا يزال الإصلاح شعارا بعيد المنال وفي الأراضي الفلسطينية والتي تتمتع بحكم ذاتي شكل خمس عشرة حكومة منذ قدوم السلطة الوطنية في أيلول عام 1994 وقد يشفع للفلسطينيين وقوعهم تحت الإحتلال ويزداد الأمر بؤسا عند الحديث عن لبنان، حيث تختطف الطوائف الدولة، ويختطف القادة طوائفهم ويستمر إستنزاف هيبة الجيش والدولة ويضيع أمل ملايين اللبنانيين في لبنان دولة مستقرة ومزدهرة وينسحب الأمر نفسه على العراق والذي يستنسخ التجربة اللبنانية بمهارة بما فيها مقدمات الحرب الأهلية. وتبرز مصر في المشهد كمثال حي لثوار وسياسيين يدفعون مصر بكبرياء المراهقين نحو الهاوية دون تردد فيما تـــــزال ليبــــيا رهنا في يد حفنة من المسلحين المراهقين. إن الديمقراطية تعني فيما تعني الإتفاق على مجموعة قيم ناظمة لتكون الإطار العام الذي يختلف فيه السياسيون ويتنافسون بشكل حضاري الأمر الذي يتطلب وجود قيادات وأحزاب وطنية وواعية تملك خططا واقعية تلامس حاجات المواطنين. كما أن الديمقراطية تتجاوز في طريقها نحو البناء والمستقبل الأفضل تتجاوز العشائرية والجغرافيا والعرق واللون والطائفة والأيدولوجية والحزبية فالديمقراطية ليست شعارا براقا وليست صندوق إقتراع مغلفا بعباءة زعيم أو مختار وحتى ينضج السياسيون العرب يبقى العرب رهنا لشطحات مراهقين. نايف بجالي