عندما يغضب الروس الدب متوتر

حجم الخط
2

قبل اسبوع هددت اسرائيل الاسد على لسان مصدر سياسي مغفل، في صحيفة أمريكية بان حكمه في خطر. وأول امس أعلن مصدر استخباري اسرائيلي، هذه المرة في صحيفة بريطانية بان اسرائيل تفضل بالذات حكم الاسد. فجأة هو أهون الشرور. هكذا تبدو استراتيجية الفزع، التي يديرها هواة، بواسطة تسريبات مغفلة، متضاربة، الى الصحافة الاجنبية. فجأة فهموا عندنا بان الروس غاضبون في المسألة السورية علينا وعلى الامريكيين وفزعوا.
والروس غاضبون حقا. وعندما يغضبون، فانهم مستعدون لتحطيم الاواني. عندما يعلنون بان في نيتهم ان يبيعوا للسوريين الرادارات الحديثة لصواريخ شاطئ بحر ‘ياخنت’ فهذه ليست مناورة سياسية اخرى هذا عقاب، هذا توتر من الدب الروسي المهان.
قبل سنتين، عندما بدأت الاتصالات لبيع صواريخ ‘ياخنت’ للسوريين، نجح الغرب في اقناع الروس بعدم ادخال العناصر التكنولوجية الاكثر تطورا، بما فيها الرادارات المتطورة الى الصفقة. وفي كل الاحوال، فان هذه الصواريخ اشكالية جدا: فاذا سقطت في ايدي الايرانيين، فانها تعرض للخطر حاملات الطائرات الامريكية في الخليج الفارسي، واذا سقطت في ايدي حزب الله، فسيكون لديه صاروخ جوال سريع ودقيق يمكنه ان يصبح صاروخا بريا، او يغلق حركة السفن في وجه اسرائيل.
الروس، قبل سنتين، راعوا طلب الغرب. اما هذا الاسبوع فقد تصرفوا كمن يعلنون: انتم تديرون سياسة مستقلة في سورية، من دون مراعاة مصالحنا، وبالتالي فاننا غير ملتزمين بأي مصلحة لكم. كل التفاهمات التي كانت بيننا في الماضي في الموضوع السوري لاغية وملغية.
إذن صحيح، ان الرئيس بوتين استقبل نتنياهو على عجل، ولكن يمكن التخمين بان الطلبات التي طرحها عليه رئيس الوزراء بشأن تسليح سورية وخطر تسريب هذا السلاح، استجيبت بنظرة متهكمة وبارادة من العيون الفولاذية لضابط الاستخبارات المتقاعد: من أنتم لتقولوا لنا ما نبيع وما لا نبيع؟ فأنتم من أكبر مصدري السلاح في العالم. هل انتم من ستشرحون لنا عن الخطر الكامن في بيع السلاح؟ لقد سبق للروس أن قالوا لنا ذلك غير مرة في الماضي، وليس تلميحا. معقول الافتراض ان نتنياهو سمع هذا من بوتين الاسبوع الماضي ايضا. من ناحية الروس، صواريخ SA300 هي سلاح دفاعي للدفاعات الامنية، ولا يوجد ما يدعو الى وقف الصفقة. كما ان صواريخ ‘ياخنت’ هي الاخرى يعرضونها كصفقة سلاح دفاعي.
والروس غاضبون اساس على اسرائيل بسبب التدخل العسكري العلني لها في سورية، الذي يفسر كمساهمة اسرائيلية في اسقاط الاسد. في القصف الثاني في دمشق حسب مصادر أجنبية، بالطبع اجتازت اسرائيل حافة الصبر الروسي. فالروس يعرفون ان الاسد ضائع، ولكنهم لا يعتزمون هجره علنا، مثلما فعل الامريكيون بمبارك في مصر. وعندما تهاجم دولة اسرائيل زبونك وتعمل، على حد فهمهم ضد مصالحهم الاستراتيجية الصرفة فانها ستدفع الثمن. الروس يوظفون استثمارات هائلة منذ أربعين سنة في بناء معقل في البحر المتوسط وفي العالم العربي، وهم لا يعتزمون التخلي عنه بسهولة، مع الاسد وبدونه.
ولكن اسرائيل وقعت في فخ سياسة امنية خطيرة، في مركزها ‘استغلال الفرص العملياتية’، من دون التفكير بسلم اولوياتها في المنطقة. ان عظمة السياسي هي أن يعرف كيف يضبط نفسه حتى أمام الفرصة المغرية، التي ستجعله ينال التصفيق الداخلي، ولكنها ستصرفه عن المصلحة المركزية: الموضوع الايراني.
الهجوم الثاني في دمشق (بعد أن كان تسريب امريكي أشار الى اسرائيل كمن نفذت الهجوم الاول) يعود الى مجموعة الاخطاء هذه. وعلى الاخطاء يدفع المرء الثمن. بعد أن سمع نتنياهو شروحات تربوية من بوتين وفهم حجم الغضب الروسي، ركض من ركض ليسرب لـ’التايمز’ اللندنية بان اسرائيل على الاطلاق لا يهمها أن يبقى الاسد. يا له من سلوك سياسي بائس.

يديعوت 19/5/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول يحيي ابو دبورة النرويج:

    لقد دفع الإسرائيليون الثمن و حلفاءهم ، لقد قلنا الجيش العربي السوري هو المنتصر بإذن الله !

  2. يقول Hana Zeidan:

    أيها الصهاينة عليكم أن تفهموا أن المعادلة تغيرت فأنتم أداة بيد أمريكا وأمريكا الأن في أسوء أحوالها وهي بحاجة لمن يساعدها ، وروسيا و الصين الأن لهم دورهم القوي فحضروا أنفسكم للهزائم ولا تنسون إيران و حزب الله و سوريا أما المسلحين المجرمين الذين يتلقون المساعدة منكم فسوف ينقلبون عليكم !!!!!

    أمركم أيها الصهاينة ليس بيدكم و عليكم أن تحسبوا ألف حساب قبل التعدي على سوريا و حزب الله ، جاء دوركم لكي تذقوا العذاب ألوان و سوف تهجرون و تقتلون فالحقوا حالكم و إنصرفوا عن أرض فلسطين لكي يعود أهل فلسطين إلى أرضهم و بيوتهم يكفينا 65 عاما من التشرد ، لقد إشتقنا إلى فلسطين و فلسطين مشتاقة لأهلها.

    هذه بداية النهاية يا صهاينة ، العرب لم و لن ينسوا فلسطين فنحن ليس هنود حمر و لا تستطيعون تدميرنا ، فالمصائب تزيدنا قوة سنعود قريبا ما دام نصر الله و الأسد و إيران يصنعون المعجزات فلسطين ستعود لأهلها.

إشترك في قائمتنا البريدية