أجريت الانتخابات البرلمانية في النمسا يوم الأحد الماضي وأسفرت عن تراجع حزب اليمين المتطرف، حزب الحرية، ما يقرب من 10 نقاط مقارنة بانتخابات 2017 التي كان قد حصل بها على 26 بالمائة من أصوات الناخبين وتمكن في أعقابها من المشاركة في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب النمساوي (حزب اليمين المحافظ). في 2019، وبعد أن أسفرت فضيحة فساد تورط بها الرئيس السابق لحزب الحرية (فضيحة ايبيزا) عن انهيار الحكومة الائتلافية، عاقب الناخبون اليمين المتطرف الذي دأب ممثلوه على اتهام الأحزاب التقليدية في اليمين واليسار بالفساد واستغلال المنصب العام لتحقيق المصلحة الخاصة واتضح تهافت اتهاماته وحامت حوله هو شبهات الفساد.
وأفاد من التصويت العقابي للناخبين النمساويين حزبان، حزب الشعب الذي أضاف مقارنة بانتخابات 2017 أكثر من 6 نقاط ليحصد ما يقرب من 38 بالمائة من الأصوات وحزب الخضر اليساري الذي رفع نسبته من 3.8 بالمائة في 2017 إلى ما يقرب من 13 بالمائة في 2019 وليصبح أحد المرشحين للائتلاف مع حزب الشعب لتشكيل الحكومة الجديدة.
أما حزب اليسار التقليدي، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، فقد عاقبه أيضا الناخبون لغياب الهوية السياسية الواضحة كحزب معارض ولاقتصار برنامجه الانتخابي على عموميات العدالة الاجتماعية ورفض خطاب الكراهية الذي يصدره اليمين المتطرف وخسر حول 6 نقاط ليسجل حول 20 بالمائة.
تتقاطع نتائج الانتخابات البرلمانية في النمسا مع طيف من التطورات السياسية التي تشهدها القارة الأوروبية في الآونة الأخيرة. فقد انهار الائتلاف اليميني الحاكم في إيطاليا واستبعد من الائتلاف الجديد الذي شكله رئيس الوزراء جوزيبيه كونتي حزب الرابطة اليميني المتطرف. وحال تحقيق الحزبين المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا لنتائج انتخابية جيدة في 2019 دون وصول حزب البديل لألمانيا إلى مواقع المشاركة في ائتلافات حاكمة على مستوى الولايات في الشرق.
هل تشهد السياسة الأوروبية المزيد من التراجع لليمين المتطرف ويتحول اليسار الجديد ممثلا في الخضر إلى الرابح الأكبر والشريك الأقرب لأحزاب اليمين المحافظ ولليسار التقليدي؟
وتقاوم النخب السياسية والفكرية والإعلامية في بريطانيا ومعها السلطتان التشريعية والقضائية التوجهات والسياسات الشعبوية لرئيس الوزراء بوريس جونسون الذي هزم في معركة تعطيل عمل البرلمان، وخابت مساعيه لتمرير خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وباتت تحوم من حوله شبهات الفساد واستغلال المنصب العام للتربح الخاص (وهي شبهات تعود إلى وقت توليه منصب عمودية لندن بين 2008 و2016). كذلك، لم يبتعد صعود حزب الخضر في النمسا عن الاتجاه الأوروبي العام. فقد سجل اليسار الجديد بانحيازه الصريح لسياسات حماية البيئة وللتحديث الاقتصادي وللمساواة فيما خص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بين المواطنين والمقيمين وطالبي اللجوء نجاحات متتالية في بلدان الشمال وصار يقترب بقوة من المشاركة في الحكومات الائتلافية على المستوى الوطني (ألمانيا كنموذج مستقبلي).
فهل تشهد السياسة الأوروبية المزيد من التراجع لليمين المتطرف ويتحول اليسار الجديد ممثلا في الخضر إلى الرابح الأكبر والشريك الأقرب لأحزاب اليمين المحافظ ولليسار التقليدي؟
ظني أن تراجع اليمين المتطرف يظل تراجعا مرحليا وتظل خلفياته متفاوتة بين شبهات الفساد التي تحوم من حول الأحزاب المتطرفة، والأداء البرلماني والحكومي الرديء لممثليها وسياسييها، واستفاقة بعض قطاعات الناخبين التي أغواها خطاب كراهية الأجانب ورفض استقبال اللاجئين في ظروف اقتصادية صعبة وأزمات اجتماعية متراكمة. غير أن اليمين المتطرف والذي أضحى خلال السنوات الماضية مكونا ثابتا في السياسة الأوروبية سيواصل الاعتياش الشعبوي على مسألة اللاجئين والأجانب ومزاعم الدفاع عن الهويات الوطنية الأصلية وهي أمور تشغل قطاعات سكانية ليست بالصغيرة في البلدان الأوروبية. يصعب من ثم توقع التراجع المستمر لليمين المتطرف أو التصفية الكاملة لخطابه وبرنامجه.
أما اليسار الجديد، فقد مر على حضور أحزابه الخضراء في السياسة الأوروبية عقود طويلة وأصبح انحيازه لحماية البيئة وللتحديث الاقتصادي وللمساواة بين المواطنين والمقيمين وطالبي اللجوء يتموضع في الوسط المجتمعي. تتسع دوائر التأييد الشعبي والانتخابي للخضر عمريا فيما وراء الشباب ومهنيا فيما وراء الحاصلين على شهادات جامعية وسكانيا فيما وراء قاطني المدن، ويتواكب مع هذا الاتساع ازدياد عدد المقاعد في البرلمانات وارتفاع فرص المشاركة في الائتلافات الحاكمة. ولأن قضايا اليسار الجديد لن تفقد أهميتها المجتمعية في المستقبل المنظور ولأن أحزاب اليمين المحافظ واليسار التقليدي تعجز عن الاقتراب منها على نحو صريح (السياسات البيئية للحزب المسيحي الديمقراطي وللحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكمين في ألمانيا مقارنة بسياسات حزب الخضر مثالا)، ستتواصل نجاحات الخضر في أوروبا وقد تصير بالفعل صانعة الملوك بين اليمين المحافظ واليسار التقليدي.
كاتب من مصر
وماذا عن مصر وتقلباتها ؟
السيد بلحةيطغى في البلاد ويتفرعن دون وطنية الفراعنة ودفاعهم عن البلاد، وتضحياتهم في سبيلها،
ويوالي الأعداء النازيين اليهود،
ويستبيح دماء أبناء مصر الأبرار، ويبذر أموالهم ويدمر قدراتهم،ليحيا على الكرسي حليفا للصهاينة والأعراب، وخادما للغرب الاستعماري. بينما الغرب الاستعماري يمنح شعوبه فرصة التنافس بين أحزا بها واتجاهاتها دون قيود أو قمع أو استبداد أو نخب باعت شرف الكلمة والموقف وانقلبت على إرادةالشعب والحرية والديمقراطية. تقلبات مصر لا بدأن تصل إلى السكينة في يوم ما، وهي سكينة الروح والحرية والأمل والتناغم وإنهاء حكم البيادة والحثالة!
تحليل موضوعي عميق من كاتبنا المبدع عمرو حمزاوي
تحية لك من ميونخ
منصورين بعون الله