قد لا يكون «الأزهر الشريف» أقدم جامعة دينية في العالم الإسلامي، فقد سبقته إلى الوجود جامعة «القرويين» في المغرب و»الزيتونة» في تونس، لكن الأزهر يظل بامتياز هو الجامعة الأكثر تأثيرا من نوعها، وعنده الكلمة الفصل الأعظم اعتبارا، وهو «فاتيكان» الدنيا الإسلامية، إن جاز التعبير، رغم أن الإسلام ينكر معنى السلطة الدينية، فكل مسلم طائره في عنقه، وليس في الإسلام رجال دين، بل علماء ومتفقهون، يؤخذ عنهم ويرد عليهم، وبقدر ما يطمئن المسلم الملتزم بالقرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة المتواترة بغير ارتياب .
وقد برز دور الأزهر وشيخه في الجدال الأخير المتصل، مع حملات الافتراء على الإسلام في فرنسا والغرب بعامة، ومع رسوم الإساءة البذيئة للنبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ومع جرائم تشويه الإسلام من قبل جماعات التكفير والتفجير والإرهاب، التي تصب في طاحونة العداء للإسلام نفسها، وتزود الكارهين بمدد لا يتوقف من أسباب الكيد للإسلام ولنبيه الكريم، وكان لشيخ الأزهر أحمد الطيب كلمته الفاصلة الهادية، التي أدانت قطعيا عمليات الإرهاب الأخيرة من باريس إلى نيس وفيينا وغيرها، وعدّتها عدوانا جهولا على أصول الإسلام، واجتراء متنطعا على دعوة النبي الأعظم إلى حفظ حرمة النفس البشرية، في غير حالات القتال دفاعا عن ديار المسلمين ضد المحتلين، ثم دعوة شيخ الأزهر إلى تشريع دولي، يجرم ويحرم صنوف الكراهية والتمييز والإساءة للأديان وأنبياء الله، وقد أعاد الشيخ الجليل بيان دعوته في الاحتفال السنوي بذكرى مولد النبي الشريف، وهو تقليد معمول به في مصر من مئات السنين، وبحفاوة شعبية ورسمية، لا ترى مثلها سوى في عدد من دول ومراكز انتشار المذهب الشيعي، رغم أن مصر سنية المذاهب عموما، لكن هوى المصريين شيعي كما يقال مجازا، ومحبة آل البيت عندهم طاغية، فمصر لا تعرف هذه المذهبية المقيتة المنغلقة، والجامع الأزهر نفسه نشأ في ظل حكم المعز لدين الله الفاطمي، وكان مذهب الأزهر شيعيا حين تأسس، قبل ألف وخمسين سنة، واسمه هو مذكر «الزهراء» فاطمة بنت النبي الخاتم.
ومع حكم صلاح الدين الأيوبي محرر القدس، ومن جاءوا بعده، جرى طرد الفاطميين الشيعة، وغلق الجامع الأزهر نفسه لنحو مئة سنة، ثم أعيد فتحه في زمن حكم المملوكي الظاهر بيبرس، وصارت سيرته العلمية سنية أساسا، وإلى أن جرى الاستقرار على تقليد إنشاء منصب «شيخ الأزهر» في الزمن العثماني، وصولا إلى الشيخ الحالي الرابع والأربعين في الترتيب الزمني، وهو «مالكي» المذهب، تماما كأول شيخ للأزهر محمد بن عبد الله «الخراشي» الذي دخل لقبه في عامية المصريين بعبارة «يا خراشي» وهى صيحة يطلقونها كلما استهولوا ظلما حاق بهم، فشيخ الأزهر له مكانة معنوية سامية عند المصريين وغيرهم من المسلمين، لا تمنع الخلاف معه طبعا، لكنها لا تغفل واجب توقيره، وبقدر علمه وسلوكه وحمايته لكرامة الأزهر من تغول سلطات السياسة.
الأزهر هو الجامعة العلمية الأكبر لعموم المسلمين، وليس دارا لتحزب أو تطييف أو تنطع أو تفريق لصف الأمة
وقد دخل الشيخ الطيب من أوسع الأبواب في تاريخ الأزهر، ليس فقط لنفسه المستغنية عن مطامع الحياة الدنيا، فالرجل عالم متبحر بروح متصوفة، ولا يتقاضى مليما من راتبه، وهو في درجة رئيس الوزراء وظيفيا، ويدفع من راتبه وأموال عائلته الميسورة لفقراء المسلمين وعوامهم، ورغم أنه لا يعد معارضا للسلطة السياسية، وقد عاصر حكم مبارك فحكم الإخوان ثم حكم السيسي، عبر السنوات العشر الفائتة من عمر توليه مشيخة الأزهر، إلا أن الرجل أبدى صلابة لافتة، ودافع بجسارة عن حياض الأزهر واستقلاليته العلمية، وفاز بأحدث معاركه قبل شهور قليلة، وبالتحديد في 24 أغسطس 2020، حين جرى إحباط مشروع قانون حمل عنوان «إعادة تنظيم دار الإفتاء» واضطر مجلس النواب لسحب المشروع الذي كان وافق عليه مبدئيا أواسط يوليو من العام نفسه، لكن «قسم التشريع» بمجلس الدولة رفض نصوص القانون، واعتبرها غير دستورية، وتعتدى على دور الأزهر المنصوص عليه في المادة السابعة من الدستور، التي تقرر أن «الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم، وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره، ومن بين أعضاء هيئة كبار العلماء» وقانون الأزهر ينص أيضا على اختيار «كبار العلماء» لمفتي الديار المصرية، ويعتبر دار الإفتاء هيئة متصلة علميا بالأزهر، وهو ما أراد القانون المسحوب تغييره، وإلحاق دار الإفتاء بتبعية مستحدثة لمجلس الوزراء، وكان لافتا أن شيخ الأزهر اعتبر سحب القانون المريب، انتصارا للدستور قبل المشيخة، فالرجل مع علمه الديني الأزهري الغزير، حاصل على دكتوراه الفلسفة من جامعة «السوربون» واجتهاداته في «الدولة الوطنية الدستورية» المحققة لمقاصد الإسلام معروفة للكافة، واستمساكه بالعروة الوثقى بين نصوص القرآن وأحاديث السنة النبوية الصحيحة، دفع السلطات أحيانا إلى مضايقته، بل شن حملات إعلامية مناهضة جارحة، صمد الرجل في وجهها، وبتأييد شعبي جارف، حصده الشيخ بثباته وبلاغة بيانه، وبحفظه ما استطاع لمكانة الأزهر، الذي يدير هيئات علمية بحثية كبرى، وشبكة تعليمية هائلة الاتساع، تضم الملايين من المراحل الابتدائية حتى الجامعة، فجامعة الأزهر بكلياتها الدينية والعملية، تضم اليوم نحو نصف مليون طالب، والوافدون من غير المصريين إليها سنويا، أكثر من 40 ألف طالب في كليات الجامعة الدينية، ومن نحو 120 دولة، يتلقون تعليمهم الديني وتأهيلهم اللغوي، وتصرف لهم منح شهرية، ويقيم غالبهم ضيوفا في «مدينة البعوث الإسلامية» التي نشأت في زمن حكم جمال عبد الناصر، وكان الأخير هو صاحب قانون تطوير الأزهر عام 1961، وتوسيع مناهجه لتشمل علوم الدنيا إلى جوار علوم الدين واللغة، فقد كان عبد الناصر يؤمن كما قال بأنه «طول عمر هذه المنطقة وهي تدافع عن الدين، ولم تمكن أيّ خارج عن الدين من أن يكون صاحب سلطة فيها» وكان عبد الناصر يتبنى ويبلور التفسير التقدمي للدين في مواجهة التفسيرات الرجعية الراكدة، ويرى في الإسلام دين التطور والعدالة والحياة، وهو ما برز ظاهرا في المذكرة الإيضاحية لقانون تطوير الأزهر، وقد جاء بنصها أن «الإسلام في حقيقته لا يفرق بين علم الدين وعلم الدنيا، والإسلام يفرض على كل مسلم أن يأخذ بنصيبه من الدنيا، وكل مسلم يجب أن يكون رجل دين ورجل دنيا» وقد زاد عبد الناصر ميزانية التعليم الأزهري بثمانية أضعاف من 1952 إلى وقت رحيله أواخر 1970، وقفز بدور القوة الناعمة للأزهر والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أشواطا غير مسبوقة ولا ملحوقة، ولم تكن لنهضة الأزهر أن تتم بغير الثروة العلمية الهائلة لرجاله ومشايخه، رغم أن قانون تطوير الأزهر جرت معارضته بضراوة من دوائر متكلسة، واشتدت الحملة عليه بعد الانقلاب على اختيارات عبد الناصر في السياسة والاقتصاد عقب حرب أكتوبر 1973، وكان أبرز فرسان الحملة الظالمة، رجل بشعبية الداعية محمد متولي الشعراوي، الذي عاد قبل وفاته أواسط 1998، وزار ضريح عبد الناصر، واعتبر قانون تطوير الأزهر من الحسنات الصالحات الباقيات لجمال عبد الناصر، ونشرت الصحف وقتها صورة الشيخ الشعراوي، وهو يقرأ الفاتحة ترحما على روح عبد الناصر «خادم الإسلام» كما قال .
ورغم الحروب الطائفية المستعرة اليوم في عالمنا العربي والإسلامي المنكوب، والانشقاقات المذهبية المزرية، وحملات قطع رؤوس المسلمين بيد من ينسبون أنفسهم للإسلام، إلا أن «الأزهر الشريف» ظل على موقفه العلمي الديني التاريخي الرصين، يدين الإرهاب بحزم قاطع، ومن دون أن يكفر أحدا حتى «الدواعش» فالإسلام الصحيح لا يكفر ناطقا بالشهادتين، ولا «يشق قلب أحد» حسب توجيه النبي الأكرم، ولا يفرق بين رسل وأنبياء الله جميعا، ولا يزدري طائفة مسلمة تؤمن بالقرآن وهدي النبي، وقد كان للأزهر الشريف سبقه الملهم، منذ أصدر شيخه العظيم المجدد محمود شلتوت فتواه الملزمة، أواخر خمسينيات القرن العشرين، التي تقرر «جواز التعبد على المذهب الشيعي الجعفري، كما المذاهب السنية الأربعة الكبرى» كانت الفتوى تريد إعادة توحيد المسلمين دينيا، بعد أن تفرقوا قبلها شيعا على مدى ثلاثة عشر قرنا، منذ حروب «الفتنة الكبرى» ولا يزالون، فالأزهر هو الجامعة العلمية الأكبر لعموم المسلمين، وليس دارا لتحزب أو تطييف أو تنطع أو تفريق لصف الأمة.
كاتب مصري
أين شيخ الأزهر من الدماء البريئة التي أراقها العسكر في رابعة والنهضة
مايسمى بقانون تطوير الأزهر هو من اكبر جرائم البكباشى فى حق الأزهر !
كان شيخ الأزهر قبل قانون البكباشى عبناصر يأتى بالانتخاب ولا يدين بالولاء لأحد إلا لله، البكباشى جعل من شيخ الأزهر مجرد موظف مدنى فى دولة العساكر يدين بالولاء لمن جاء به بصرف النظر عن الحلال والحرام والحق والباطل، وقضى تماماً على إستقلالية الأزهر وشيخه!
ومن ينسى دور الأزهر فى مقاومة الغزاة والمحتلين!
كتبت عن تاريخ الإزهر وشيخه ودورة فى حياة اهل المحروسة، ياريت بقى المرة الجاية تكتبلنا عن عصابة العساكر الحرامية وبلحتهم المأمعة ودورهم فى النكبات والنيبات والنكسات والوكسات والخراب والدمار الذى حل بالمحروسة وأهلها على مدار سبعين سنة!
ياريت بالمرة تكتبلنا عن الهلع والرعب وحالة التبول اللاإرادى التى حلت بعصابة ابو منشار وعصابة ابو منقار وعصابة العساكر الحرامية من فوز بايدن الرئيس المنتخب لأمريكا!
ياترى حيكون فى كيمياء مشتركة بينه وبين بلحة!!!
القانون 103 لسنة 1961 جعل شيخ الأزهرتابعا لوزير في حكومة البكباشيالذي صادر أوقافهولم تعد حتى الآن بينما أعيت أوقاف الكنيسة فامتلكت استقلالها وقدرتها على التحدي. لولا الشيخ عبد الحليم محمود رحمه الله الذي استقال ثلاث مرات ثم عدل عن الاستقالة بعد أن استرضاه السادات، ورد إليه بعض الاعتبار، وجعله بمرتبة رئيس الوزراء، ما كان للأزهر اليوم وجود. ولولا ثورة يناير ودستورها الموءود ماكان لشيخ الأزهر أن يستمر في منصبه دون تهديد بالعزل
الكروي داود النرويج وسمير الإسكندرانى ….. بدنا علي كمان ههههههههه
شكرًا أخي عبد الحليم قنديل. بصراحة لم أتوقع هذا الثناء على شيخ الأزهر وكنت أنتظر بعض الكلمات عن العلاقة بين شيخ الأزهر ونظام السيسي خاصة. وهي علاقة ننظر إليها بعيون نقدية وربما بحق بالنظر إلى واقعنا المؤلم. لكن على العموم برأيي يجب أن يكون الأزهر هيئة دينينة مستقلة تماما وبعيدة عن التعايش ربما القسري مع السياسة. في حين أن جامعة الأزهر كمؤثة علمية أو تعليمية يجب أن تكون مثل بقية الجامعات المصرية تابعة لوزارة التعليم العالي.
بالنسبة للدواعش والله ياأخي هم أشد ظلمًا وكفرًا من الكفار, ولكن عذرًامن هم الكفار؟ أنا أرى في ذهني أو تصوري الشخصي ربما الطفولي, أنهم المجرمين بحق البشر بأسوأ مايستطيعون! وبهذا المنطق أرى أنه ينطوي تحت ذلك: بشارون وشارون وهتلرون وداعشون …… والقائمة تطول ومعروفة. ولهذا أعتقد أن هذه المصطلحات أي الكفار ومثيلاتها, يجب إعادة صياغتها حتى لا يختلط الحابل بالنابل, كما الحال اليوم.
واين رأي الأزهر الشريف من الأعراب المطبعين مع المغضوب عليهم والذين باعوا دينهم وشرفهم وتعاليم ديننا الصريحه الواضحه بخصوص اليهود ؟
حراك عالمي ضجر لما يقع في مصر من اعدامات بالجملة وهدر من كرامة الإنسان وسج بالابرياء في السجون ولا يتحرك؛ هذا يملا عيناك؛ أين الكرامة بالله عليكم؛ قليل من الحس الإنساني.