ربما لن يكون اتفاق البرهان وحمدوك نقطة نهاية لأحداث المسلسل السياسي السوداني، فالقصة أكبر من تداول أو شراكة السلطة بين المدنيين والعسكريين، وأكبر مما يقال عنه مجازا «مليونيات» الجماهير السودانية الأخيرة، التي شارك فيها عشرات الآلاف من شباب السودان و»كنداكاته» وأبدوا بسالة وصمودا نادري النظير، وسقط منهم عشرات الشهداء والشهيدات، فوق مئات سبقوا وسبقن للشهادة في شهور الثورة قبلها، وعلى أمل العبور إلى ختام مدني مستقر لنظام الحكم، وإلى كسب الحرية والسلام والعدالة، وإلى غيرها من مطامح ثورة ديسمبر الشعبية أواخر 2018، التي أطاحت بسلطة الجنرال البشير و»كيزانه» بعد ثلاثين سنة من الاستبداد الدموي.
وفي حسابات اللحظة الحاضرة، يبدو الجنرال عبد الفتاح البرهان كأنه انتصر، فقد كان قائد الجيش قد استولى على السلطة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021، وتعرض لضغوط هائلة من أمريكا والدول الغربية، ومن مظاهرات توالت في الشارع السوداني، ألحت كلها على إعادة عبدالله حمدوك إلى منصبه رئيساً للوزراء، في حين قرر البرهان فرض إقامة جبرية مخففة على حمدوك، لم تمنع تواتر لقاءاته مع جهات دولية وغربية وعربية، إضافة لوساطات ومبادرات وطنية سودانية، انتهت في 21 نوفمبر 2021، إلى إعلان اتفاق سياسي جديد، يحتفظ فيه البرهان برئاسة الدولة ومجلس السيادة الجديد، الذي شكله بقراره المنفرد، وأعطاه حق الإشراف على خطوات المرحلة الانتقالية، حتى إجراء الانتخابات المقررة أواسط 2023، بعد أن كانت مدة رئاسته للمجلس السيادي القديم، شارفت على نهاياتها.
ظل جهاز الخدمة المدنية على بؤسه وتكاسله التاريخي، وهو ما قد يقود إلى معادلة سودانية جديدة، وإلى شراكة من نوع مختلف
ورغم تأكيد الاتفاق على «الوثيقة الدستورية» التي وقعها البرهان مع قوى الحرية والتغيير في 21 أغسطس 2019، ثم جرى تعديلها في 2020 بعد سلام «جوبا» مع أغلب حركات التمرد المسلح، لكن الاتفاق نص أيضا على تعديل «الوثيقة الدستورية» المتقادمة، وبشراكة أوسع هذه المرة، لا يرد فيها ذكر حصري لتحالف «الحرية والتغيير» الذي قاد الثورة، بل كلام عام عن قطاعات الشباب والنساء «الكنداكات» مع الإدارات الأهلية والطرق الصوفية، وتنظيم حوار واسع، لا يستثني من المشاركة فيه سوى حزب البشير المخلوع، المسجون في «كوبر» شمال الخرطوم، وبهدف تكوين «مجلس تشريعي» و»مؤتمر دستوري» والإعداد للانتخابات، وإلزام حمدوك العائد للصورة، بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة «تكنوقراط» بغير تمثيل ملزم لقوى «الحرية والتغيير» التي توالت انقساماتها قبل وبعد تحرك البرهان العسكري، ما بين جناح «المجلس المركزي» وجناح «الميثاق الوطني» وانشقاق جناح «المجلس المركزي» نفسه، واتجاه عدد متزايد من قادته لدعم اتفاق حمدوك مع البرهان، وتبادل الأطراف لاتهامات التخوين والعمالة، إضافة لدور «تجمع المهنيين» المعارض للكل، وجماعة الأحزاب اليسارية ولجان المقاومة، وقد وجدت نفسها في العراء بعد ما سمته «خيانة حمدوك» وبعد ضياع شعاراتها ولاءاتها عن رفض الشراكة، أو شرعية السلطة، أو التفاوض مع ما سمته الانقلاب العسكري، وبدا التخبط ظاهرا في تآكل الاستجابة لمظاهرات «مليونية» جديدة، فقد استثمر البرهان بذكاء خلافات الأطراف السياسية المدنية، وعجزها البين عن تكوين كتلة متماسكة، ونفور القواعد الشعبية من سيرة الأحزاب عموما، واستكمل البرهان خطته التي بدأها بتحرك 25 أكتوبر، ولم تنته بتوقيع اتفاق 21 نوفمبر، ونقل تبعية حمدوك من وصاية الأحزاب إلى إشراف المجلس العسكري عمليا، وبعناوين تصحيح مسار الثورة، واجتذب إليه تأييد «الحزب الاتحادي» وطائفته الصوفية الختمية، إضافة لقطاعات من «حزب الأمة» وطائفته المهدية، رغم أن دوائر في قيادة حزب الأمة، بالذات من ورثة زعيمه الراحل الصادق المهدي، من نوع السيدة مريم المهدي، التي كانت وزيرة الخارجية في حكومة حمدوك المنحلة، لا تزال تواصل رفضها لما سمته الانقلاب العسكري «المدعوم من مصر» وأطراف أخرى كما قالت، كذا رفضها لاتفاق البرهان مع حمدوك، وقدمت استقالتها بعد فوات الأوان، مع 13 وزيرا آخر من أحزاب «المجلس المركزي» للحرية والتغيير، وربما تكون هذه أعجب مرة في التاريخ، يتقدم فيها وزراء معزولون أصلا باستقالات لا محل لها من الإعراب السياسي، وكأنهم يصرون على إضفاء «مسحة كوميدية» على دراما المسلسل السوداني المتصلة حلقاته.
ورغم نص اتفاق البرهان ـ حمدوك، على ترك تفاصيل العمل التنفيذي الداخلي لحكومة «التكنوقراط» المستقلة عن الأحزاب، وعلى حق حمدوك وحده في تشكيلها، إلا أن الضرورات العملية المباشرة، قد تفرض على حمدوك تشاورا ملزما مع البرهان وقيادة الجيش، فقد تفيد عودة حمدوك في إلغاء عقوبات أمريكا والأطراف الغربية، وكلها لم تصف تحرك البرهان بالانقلاب العسكري، بل بمجرد «الاستيلاء المنفرد على السلطة» وطالبت بعودة شراكة العسكريين والمدنيين، ومن دون ذكر لأحزاب الحرية والتغيير، ولا لانقساماتها المتسلسلة، بعد صدمتها في سعى الرفيق حمدوك للتوافق مع البرهان، مع أن حمدوك لم يدع يوما للثورة على حكم البشير و»كيزانه» الإخوان، وظل معتصما بوظائفه المهنية في هيئات تابعة للأمم المتحدة، وامتنع فقط مرة عن قبول دعوة البشير لتوليته وزيرا للمالية، وهو ما لفت الأنظار إلى خبرته الفنية بعد ثورة الإطاحة بحكم البشير، فهو رجل «تكنوقراط» صرف، يفهم بالبداهة أنه لا سبيل لنجاح واستقرار حكومته، إلا بالتفاهم مع البرهان، الذي يصغر حمدوك بنحو خمس سنوات، ويقود الكتلة المتماسكة الوحيدة تقريبا في السودان الآن، ويحظى بتفاهم أفضل مع حركات التمرد المسلح السابقة في دارفور والجنوب والشرق، ويلتزم بدمجها في «جيش قومي» كما نص الاتفاق، ولديه قبول ظاهر عند قبائل «البجا» المتمردة المهمشة تاريخيا في شرق السودان، وقد بادرت إلى فتح موقوت لميناء «بورسودان» فور تحرك البرهان، وتنتظر التوافق حول اختيار ممثل الشرق في المجلس السيادي الجديد، وكلها مهمات لا يستطيعها حمدوك وحكومته المنتظرة، بغير رعاية وتدخل مؤثر من البرهان وقيادات الجيش، التي تترك لحكومة حمدوك وحدها تحمل عواقب السخط الشعبي الواسع من مضاعفات الأزمة الاقتصادية وضيق المعايش وموجات التضخم والغلاء الفلكي للأسعار.
القصة ـ إذن ـ أكبر من المفاضلات بين حكم المدنيين والعسكريين، وقد توالت دورات الحكم المدني، فالحكم العسكري على السودان منذ إعلان استقلاله في الأول من يناير 1956، ولم يثبت أي منهما جدارة ولا قبولا راسخا، بل كانت انقلابات العسكر تبدأ بتوافق مع أحزاب مدنية، كان انقلاب إبراهيم عبود في 1958 بتوافق مع «حزب الأمة» وكان انقلاب جعفر النميري في 1969 بتوافق مع اليساريين والناصريين، وجرى انقلاب حسن البشير بتوافق وتدبير مع حزب الترابي «الجبهة القومية الإسلامية» وكانت الانقلابات في أوائل سنواتها، توحي بانتظام وتحسين في أحوال المعيشة، كما جرى في أول عهد عبود بقفزة في إنتاج وتصدير القطن، وكما جرى في أول عهد النميري بحل مشكلة الجنوب باتفاق أديس أبابا، وكما جرى في أول عهد البشير، مع إنتاج وتصدير البترول، الذي ضاعت أغلب حقوله بانفصال جنوب السودان نهائيا عام 2011، لكن أزمات الاقتصاد كانت تعود دائما للتجدد، مع مآزق السياسة وخنق الحريات وشيوع الفساد وتكاثر المظالم، وعلى وقع اختناقات الاقتصاد، كانت انتفاضات السودان تتوالى مع تمدد أعمار الانقلابات، من ست سنوات مع الجنرال عبود، وصولا إلى 16 سنة مع الجنرال النميري، وإلى أطولها عمرا تحت حكم الجنرال البشير، فيما أظهر الشعب السوداني حيوية مدهشة في انتفاضاته الكبرى المتباعدة زمنيا أعوام 1964 و1985 و 2019، ولكن من دون توافر فرصة للوصول إلى صيغة حكم يحظى بالرضا الشعبي، فقد نافست فترات الحكم المدني أخواتها العسكريات في السوء، ولأسباب أبعد من انتهازية وفساد وعائلية وطائفية الأحزاب، فالسودان بلد واسع المساحة متنوع الأعراق هائل الموارد الطبيعية، في ما يبدو جهاز الدولة العسكري والمدني متواضعا، وعاجزا عن بسط سيطرته وفرض القبول العام، وهو ما دفع إلى تجريب متكرر متعاقب للحكمين المدني فالعسكري، ومن دون مقدرة على كسر الحلقة الخبيثة المفرغة، ولا الوصول إلى مشهد ختام، مع تغيرات تراكمت تدريجيا، زادت قوة الجيش، بينما ظل جهاز الخدمة المدنية على بؤسه وتكاسله التاريخي، وهو ما قد يقود إلى معادلة سودانية جديدة، وإلى شراكة من نوع مختلف واردة في الأفق المنظور، مع إجراء الانتخابات المقررة في نهاية المرحلة الانتقالية الراهنة، ورغم إعلان نيته الاعتزال وقتها، فقد لا يفاجأ أحد، إذا خلع البرهان بزته العسكرية، وتقدم لانتخابات رئاسة موسعة الصلاحيات، وقد تكون فرصة البرهان عندها أكبر في الفوز، وبالذات مع فراغ تركه رحيل القيادات التاريخية للأحزاب المدنية.
كاتب مصري
بدول العرب منتسبوا أجهزة عسكرية وأمنية وأقرباؤهم وأصدقاؤهم يجاوز نصف السكان وبيئة الأعمال والصناعة والأغلبية الصامتة والأقليات تفضلهم على الفوضى، بالتالي لا يصل موقع مسؤولية أو يبقى فيها إلا من كان منهم أو مدعوماً منهم ويتسلحون عادةً بثقافة عربية إسلامية سمحة جامعة مع تمسك بهوية وطنية فتصبح معاداتهم بمثابة خيانة عظمى للوطن والأمة، وبات الغرب يفضل أنظمة قوية تكافح إرهاب ومخدرات ولن يكرر تجارب فاشلة بتنصيب شراذم معارضة خارجية وداخلية بالحكم تنهب ثروات وتشيع فوضى وتتيح تدخلات إقليمية تسنزف الغرب.
سألت جدى ما الكيزان
قال؛الكيزان جمع كوز
قلت؛عارف ياجدى ان الكيزان جمع كوز،انا اسأل من المقصود بالسخرية
قال؛آه فهمت،هى كلمة يطلقها الشيوعيين السودانيين للسخرية من المسلمين! لكن تعرف ياسمير ياابنى مين هم الكيزان الحقيقيين
قلت؛مين ياجدى
قال؛الكيزان هم من يصدقون أن الانقلابات العسكرية هى ثورات وليست انقلابات!
الكيزان هم من يصدقون ان حكم العسكر يمكن ان يأتى بخير للبلاد! بالرغم من انه على مدى التاريخ لم يأت اى حكم عسكر بالخير لبلده!
الكيزان هم من يثقون فى العساكر بالرغم من خياناتهم وتاريخهم الاسود فى بلادنا المنكوبة
الكيزان هم من صدقوا بلحة(مسيلمة الكذاب)عندما وعدهم بأنهار من اللبن والعسل وان مسر حتبقى أد الدنيا
الكيزان هم من يصدقون كل عسكرى منقلب ظناً منهم انه سيكون احسن ممن سبقه من المنقلبين
الكوز هو من يسلك نفس الطريق وينخدع بنفس العصابة مرة ومرات ثم ينتظر نتائج مختلفة!
المنقلب السودانى قدم اوراق اعتماده للصهاينة مثلما قدمها من قبله المنقلب المصرانى
بصراحة انا افتح مقال الاستاذ عبد الحليم فقط من اجل قراءة محاورة السيد سمير الاسكندراني مع جده. حوار مفيق و رائع
شكرًا أخي عبد الحليم قنديل. ببساطة المقال جميل من حيث أنه يوضح حالة السودان بشكل موضوعي. لكن المشكلة أن البرهان من الواضح أنه أراد الإنقلاب على الإتفاق الذي وقعه بنفسه وهذه لم تكن لتحصل لولا أن انقلاب البرهان كان تحت رعاية الإمارات وإسرائيل، وهذه فاجعة للأنظمة العربية فكلهم منافقون أكانوا تحت رعاية إسرائيل أو تحت رعاية إيران. ومن يصدق هذه الأنظمة ويعتقد أنها تريد خدمة الوطن فهو كوز بالفعل! لكن ماعسى هذه الشعوب أن تقوم به فقد ضحت بدمائها بما يكفي وأعتقد أن علينا أن نستمر فالربيع العربي لن ينتهي إلا بنهاية هذه الأنظمة.
2-اشكرك يااستاذ ابو محمد وجدى كمان بيشكرك
قلت؛طيب ليه ياجدى بيقدموا اوراق اعتمادهم للصهاينة
قال؛يعنى انت عايزهم يقدموا اوراق اعتمادهم لمين ياسمير
قلت؛للشعب بالطبع
قال؛وكيف يقدم عسكرى منقلب اوراق اعتماده للشعب وهو من جاء على ظهر دبابة وكل مؤهلاته انه سفاح يعنى قادر على القتل وسفك دماء الاهالى دون ان يرمش له جفن
قلت؛طيب تقصد ايه ياجدى بحكاية اوراق اعتماده دى؟
قال؛يعنى الثمن ياسمير
قلت؛ثمن ايه
قال؛ثمن الكرسى
قلت؛طيب ليه ياجدى يدفعوا الثمن للصهاينة
فال؛ادرك الطغاه العرب منذ استسلام السادات ان ثمن الكرسى هو ان تقدم تنازلات لا نهائية عن مقدرات بلدك للصهاينة سواء كانت غاز او بترول او مياه او اموال او تطبيع او استسلام او خيانة او عمالة مثل قتل ابناء بلدك نيابة عن الصهاينة او اهدار كرامة او ذل وعار او كل ماسبق
قلت؛طيب ايه الدليل على الكلام ده ياجدى
قال؛انت مبتعرفش تقرأ ياسمير! شوف ياابنى اللى بيحصل سواء فى السودان او فى مشيخات الزيت الاسود او حتى المجرم حفتر وهو بيطلب العون من الصهاينة!