(1) في تصريحات له يوم الأربعاء الماضي، حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من خطر الطائفية في العراق، قائلاً إنها صدرت للعراق من الخارج. وحذر المالكي أشخاصاً لم يسمهم من ‘جعل مواقع الدولة مواقع لاحزابكم ولقومياتكم ولطائفتكم وللمخابرات الاقليمية’، وأضاف قائلاً: ‘عار على مسؤول ان يتحدث بلغة طائفية ليخرج من موقع المسؤولية وليذهب الى مستنقعات الطائفية لنعرف من هو وان يتكلم وهو بموقع المسؤولية تعد خيانة’.
(2)
نشكر السيد المالكي على تنويرنا وإزالة جهلنا. فقد كنا نعتقد خطأ أن الطائفية أصبحت هي دستور العراق، منذ أن تم تشكيل مجلس بريمر على أساس طائفي. ويسرنا أن نعلم أن المالكي يرفض الطائفية، ويقود حزباً تمثل فيه كل طوائف العراق غير الشيعية بنفس نسبتها في البلاد (أي صفر). ويسعدنا أن نعلم أن المالكي شكل جيشاً لا طائفياً كان مجرد مصادفة أن كل قيادات المناطق فيه هي من الشيعة، بسبب انعدام الكفاءات في كل مكونات العراق الأخرى. ونحمد الله كذلك على أن التحالف الوطني العراقي الذي يشكل الائتلاف الداعم لحكومة المالكي تشكل فيه نسبة الأحزاب غير الشيعية نفس نسبتها داخل حزب المالكي وجيشه اللاطائفي (أي صفر كذلك). فلعنة الله إذن على تلك القوى الأجنبية الشريرة التي صدرت الطائفية إلى العراق.
(3)
في يوم الأربعاء الذي سبق، طمأننا وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في كلمة ألقاها في موسكو بأن الجيش السوري لن يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد مواطنيه أو ضد إسرائيل، ‘وذلك لأسباب أخلاقية في المقام الأول ثم لأسباب قانونية وسياسية’. نحمد الله إذن على أن للقيادة السورية وازعاً أخلاقياً وإنسانياً، فقد كنا تحت وهم خاطئ بسبب الدعاية الصهيونية والامبريالية بأن مفاهيم مثل الأخلاق والإنسانية لا وجود لها في قاموس النظام السوري. نستغفر الله من الوقوع في حبائل التضليل، والدعاية الكاذبة حول وقائع مختلقة في تل الزعتر وحماة وسجن صيدنايا وتدمر وما تنشره القنوات المشبوهة كل يوم من صور وأخبار ملفقة عن تدمير لاأخلاقي ولاإنساني لكل سورية.
(4)
نحمد الله أن سوداننا الحبيب لا يعاني كحال العراق وسورية من طائفية محلية أو مستوردة، وليس فيه أي حروب أو نزاعات، بل يسود عندنا السلام والوئام. أما عن الديمقراطية، فحدث ولا حرج، حيث أصبح عندنا منها فائض نصدره الى بقية أرجاء الدنيا، كما أثبتنا خلال الأسبوع المنصرم باستضافة المؤتمر التأسيسي لمجلس الاحزاب الافريقية الذي نصح أحد المشاركين فيه زملاءه ـ على ما أوردت تقارير صحافية – بتحقيق تطلعات شعوبها وتبادل السلطة مع الاحزاب اسوة باوروبا وامريكا.
(5)
وليس أدل على ذلك من انتخاب الدكتور نافع علي نافع، نائب رئيس المؤتمر الوطني، وأحد رموز الديمقراطية في السودان، أميناً عاماً لهذا التجمع الافريقي، واختيار السودان دولة مقر له. فهل نحتاج الى شهادة على كون الخرطوم عاصمة تصدير الديمقراطية إلى القارة والعالم؟ ولا شك أن أوباما يتميز من الغيظ بعد أن خطفت الخرطوم من واشنطن دور الريادة في نشر الديمقراطية في أرجاء المعمورة.
(6)
لا نستبعد أن يسيء بعض المغرضين والحساد تفسير تصريحات د.’نافع بين يدي المؤتمر، التي جاء فيها أنه ‘سيشكل نواة اساسية لرفض المحكمة الجنائية الدولية’، وكذلك إشادته بانتخاب الكينيين رئيساً أصبح الزعيم الافريقي الثاني المطلوب للمحكمة. فقد يفهم من هذا خطأ أن السودان يريد أن تصبح القارة الافريقية كلها محكومة بمجرمي الحرب ومرتكبي الكبائر في حق شعوبهم، معاذ الله. فالدكتور معروف عنه أنه من أكبر دعاة حقوق الإنسان في القارة، ولا يؤيد من يرتكب الجرائم ضد الإنسانية أياً كان موقعه، ويطالب دائماً بتطبيق الشريعة الإسلامية التي لا تقبل بحصانة لزعيم ولا لنبي من القصاص.
(7)
المأمول هو أن يلقم الدكتور منتقديه والمغرضين حجراً، حيث سينقل الممارسات الديمقراطية التي شهدها المؤتمر الوطني وما يسوده من شورى ومؤسسية إلى كل الأحزاب الافريقية، حتى يثبت أن السودان منارة لكل من يطلبون الديمقراطية والحكم الرشيد. وبهذا يكذب ما يروج له الشانئون من أن المؤتمر الوطني الرائد ما هو إلا حزب كرتوني وأداة مخابراتية، لدرجة أن رئيس كتلته البرلمانية يقال من دون علم هذه ‘الكتلة’ البرلمانية، وغير ذلك من الافتراءات.
(8)
أن يرتكب السياسيون الجرائم والكبائر أمر لا يثير الاستغراب، وإن استدعى الإدانة والاستهجان. ولكن أن يضيفوا إلى آثامهم الكذب والتضليل فهذا ما لا يغتفر، لأنه أوضح دليل على إدراكهم لعظم ما ارتكبوا وخجلهم من الاعتراف به. فحين ينتقد المالكي الطائفية وهو عرابها الأول، وحين يتغزل الناطق باسم دمشق في إنسانية وأخلاقية النظام السوري، فإن هذا يعتبر جريمة إضافية في حق ضحاياهم.
(9)
بعض كرام الإخوة عابوا علينا انتقادنا لممارسات المالكي الطائفية بحسبان أنها تصب الزيت على النار، في وقت يجتهد فيه البعض في إذكاء الطائفية. وكان ردنا أن ما يذكي نار الطائفية هو الممارسات الإجرامية وليس إدانة الإجرام. فلم يحذر أحد أكثر مما حذرنا من إذكاء نار الطائفية كما تشهد هذه الصفحات. وقد خصصنا العراق بقسط واسع من تحليلنا لأننا نرى أن الوفاق الطائفي في العراق هو المفتاح لإطفاء نار الفتنة. ولكن السكوت عن الجرائم الطائفية ليس هو طريق الحل، وإنما إنكار منكرها بأعلى الأصوات. ويفضل أن يأتي هذا الإنكار من داخل الصف ليكون ذلك أبلغ.
(10)
في هذا المقام، أجدني مديناً باعتذار واجب للسيد مقتدى الصدر الذي انتقدت في الماضي ميول أتباعه الطائفية (وليس بدون أسباب مقنعة). ولكن السيد الصدر أثبت في الأسابيع الماضية أنه قائد يستحق الإشادة لوقوفه الصلب في وجه النعرات الطائفية وإدانته لممارسات حكومة المالكي الطائفية بدون أي مواربة. والإشادة كذلك واجبة بالشيخ صبحي الطفيلي لتحذيره من ممارسات حزب الله في وقوفه إلى جانب إجرام النظام السوري، مما قد يذكي الصراع الطائفي. كثر الله من أمثال هؤلاء القادة في كل مكونات المجتمعات العربية حتى يكونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسهم أو الوالدين والأقربين. فبهذا فقط ينتصر الخير على الشر والحق على الباطل.
كلامك غير دقيق أستاذنا فيما يخص الجيش العراقي، وزير الدفاع سني، وقائد العمليات البرية الذي شن الهجوم على الحويجة وهو الفريق علي غيدان سني أيضا، وقادة الفرق أربعة من تسعة سنة …بالنسبة للائتلاف الوطني يحتوي على شخصيات سنية عديدة متحالفة من شيوخ عشائر الرمادي الى اساتذة جامعات من بغداد …اما ما يخص حزب الدعوة وان تشكل من رحم الاخوان المسلمين ولكنه يخلو من السنة هذا صحيح…
السيد محمود، لو عُدنا بالزمن لأقل من مئة عام، لأول حكومة في تاريخ العراق الحديث، لوجدت بأن وزيرك للمالية عراقي، ديانته اليهودية. كان ملكنا فيصل، يعين السياسي الصحيح، في المكان الصحيح، فكانت دولة صحيحة. واليوم، أصبح السياسي مختوماً بخِتم الطائفة، فأصبحت دولة طائفية.. ببساطة: كما تكونوا، يولى عليكم. أما عن شيوخ العشائر، فحَدث يا سيدي ولا حرَج، بايعوا فيصل ملكاً، وباعوه، في عاشوراء ثانية، رضوا بعبد الكريم زعيماَ أوحداً، ثُم نسوه، قبضوا من صدام، وجددوا البيعة بعبائة وسيف مُذهب في كل عام. أما الجيش، وما أدراك ما الجيش، أسسه فيصل، وطوره عبد الإله، فانقلب على من بناه، وإنتهى جُملة، وتفصيلاً كموؤسسة مُستقلة، بمقتل الفريق عدنان خيرالله أوآخر ثمانينيات القرن. ودمتم
السودان الان في مفترق الطرق ويمر بأزمة كبيرة وصراعات داخل الحزب الحاكم واجنحة تتصارع من أجل السلطة وأفتقدت البلاد الحكماء والعقلاء المصلحين فالدكتور نافع لايصلح ابدا للقيادة ولا الوزارة وهو متكبر ومتجبر ومتطلع ويحاول دائما أن يقهر كل من يعارضه في الرأي حتي داخل الحزب المتهالك أنظر الي السودان اليوم كله شماله وغربه ووسطه بل الي الخرطرم واحداث ام دوم والسائحون ومعاملة السلطات اما الولايات فحدث ولا حرج كل ذلك بسبب سياسة المؤتمر الوطني وكنت قد تكلمت مع الكاتب المحترم الدكتور الافندي في قضايا شرق السودان التي أستفحلت والمرجو تسيلط الضوء عليها لتدارك الامر حتي لايشتعل الاقليم ولكوني أنتمي الي هذا الاقليم أري انها هنالك وميض من نار وفتنه يشعلها الحزب الحاكم ويهب مناصب لمن لايستحقون ويهدر امولا ويعين ولاة فاسدين وضد ارادة المجتمع ويهمش الصادقين المخلصين ويقرب أهل الاهواء والمنافع .
أنا يا سيدي أردت أن أقول أن الجريمة حكومية وليست طائفية، وإن يغلب على الحكومة متشيعيين سياسيا،
بل طائفية يا سيد محمود، إذ لا زِلت أذكُر الإنتخابات الأولى، وقد كُنت حينها في دولة الإمارات، وانتخبتُ، وأفتخِر، الملكية الدستورية، من منطلق إيماني بها كمظلة، ستحوي وتجمع كل العراق، تماماً كما عَرِفناها وما تناقَل من أهلنا، وهو ما يعرفه كل عِراقي قرأ بعضً من تاريخه. كم من الناس تَعرف، إختار بعقلِه يومها، وليس بعاطِفته؟ الدين يا سيد محمود، يفسِد السياسة، والسياسة يا سيدي الكريم، تفسِد الدين. ودمتم إخوه