عن زوال الكابوس وزالزال سقوط الأسد… سوريا أمام مرحلة جديدة فهل ستترك وحيدة؟

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

كان سقوط بشار الأسد وهروبه السريع من دمشق بترتيب من حلفائه الروس إلى موسكو، بمثابة نهاية حقبة مظلمة ومؤلمة في تاريخ سوريا والمنطقة وبداية مرحلة محفوفة بالكثير من المخاطر والتوقعات.
وبات مستقبل سوريا بيد حكامها الجدد الذين تتدافع دول الخارج لفهم نواياهم وما يخططون له لهذا البلد الذي تحول فيه الربيع العربي الذي انطلق نهاية 2010 و2011 إلى معركة دموية قتلت أكثر من نصف مليون سوري وشردت نصف سكان البلاد الذين كان يبلغ عددهم قبل الثورة حوالي 23 مليون نسمة ودمرت معظم بلدات ومدن ومعالم البلاد وأرهقت اقتصاده لدرجة تحولت فيها سوريا إلى أكبر مصدر للمخدرات في العالم، حيث ذهبت موارد الكبتاغون للأسد وعائلته التي انتفعت من آلام السوريين. والآن أصبح الأسد جزءا من الماضي المؤلم ويتطلع السوريون إلى بداية جديدة محملة بالأمل. وكما قالت صحيفة “الغارديان” (13/12/2024) سيعيش مجهولا مع عائلته في حي من أحياء موسكو بعيدا عن أعين الناس ولا يحلم أبدا بالعودة إلى بلاده. مع أن هروبه حرم الشعب السوري من تحقيق العدالة ضده.
وأعلن الحاكم الفعلي الجديد لسوريا، أحمد الشرع، المعروف سابقا بأبو محمد الجولاني أن كل أركان النظام المتورطين بجرائم ضد الشعب ستتم ملاحقتهم ومعاقبتهم على جرائمهم.
ولكن سقوط نظام الأسد السريع، هز الكثير من اليقينيات في السياسة الخارجية الغربية والإقليمية.
فقد كانت حملة المعارضة التي بدأت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر واستيلائها على حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا وقلبها الاقتصادي ذات مرة بداية الانهيار في نظام الأسد. وتوصل جنود وضباط الجيش السوري أنه لا يوجد أي مبرر للدفاع عن نظام فاسد فارغ ومتهالك. وهو ما يفسر تداعي المدن وسقوطها الواحدة بعد الأخرى، بطريقة أدهشت حتى الداعمين لحملة المعارضة السورية التي قادتها هيئة تحرير الشام وفصائل متحدة تحت مظلة الجيش الوطني السوري، أي تركيا التي كانت على معرفة بالحملة وأخرت في تشرين الأول/أكتوبر هجوما على حلب، ردا على انتهاكات الجيش السوري والجماعات الموالية لإيران، لوقف إطلاق النار الموقع برعاية تركية-روسية عام 2020.
إفراغ السجون
ومنذ سقوط دمشق ووصول قادة سوريا الجدد إليها ونحن نتابع أحداثا متسارعة، حيث أفرغت سجون النظام من المعتقلين، في وقت تدفق فيه الناس على معتقل صديانا سيء السمعة وأخذوا يحفرون بحثا عن ناجين في أقبيته. وبدأت دول الخارج تتدافع وتبحث عن طرق للتعامل مع الوضع الجديد. وقامت الإستراتيجية الأمريكية على منع انهيار النظام بشكل يفتح الباب أمام فراغ في السلطة. وقد أطلق صناع السياسة على هذا اسم سيناريو “النصر الكارثي”، لكنهم الآن يعيدون النظر فيما حدث من هزيمة سريعة لنظام الأسد وبالضرورة هزيمة للنظام الإيراني الذي استثمر مليارات الدولارات وخسر الكثير من جنوده ومقاتليه ومسؤوليه البارزين في الحرب التي أطلق عليها “الدفاع عن الحرم” أي مزار السيدة زينب في دمشق.
كما ويعتبر هزيمة قاسية لطموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المنطقة وخاصة قواعده العسكرية التي بناها على الشاطئ السوري، والتي قالت تقارير إخبارية أنه سحب معداتها والجنود فيها كما جاء في تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز”(13/12/2024)، خلافا لتقارير أشارت إلى أن روسيا تحاول ترتيب بقائها العسكري مع حكام سوريا الجدد.
تغيير جذري
ومهما يكن فقد غير انهيار نظام الأسد يقينيات السياسة بالمنطقة، وبرز خاسرون ورابحون، فإلى جانب خسارة طهران وموسكو، فإن الرابح الأكبر حتى الآن هي تركيا، التي لعبت دورا في دعم المعارضة السورية منذ بداية الثورة عام 2011 وسمحت لها بالتخطيط والتنظيم من على أراضيها. ولكن رحلة تركيا مع المعارضة السورية لم تكن سهلة، فقد تحول وجود ملايين اللاجئين السوريين إلى صداع للحزب الحاكم، الذي خسر انتخابات بسبب تصاعد المشاعر المعارضة للسوريين. وهو ما دفع الرئيس رجب طيب اردوغان للبحث عن طرق للتخلص منهم. ومن هنا فمغامرته الأخيرة التي أنهى فيها الحرب الأهلية السورية، تحمل الكثير من الوعود والمخاطر. فلطالما ظلت تركيا منشغلة بالخطر الكردي على حدودها الجنوبية، ما أدى لتوتير علاقاتها مع الولايات المتحدة التي دعمت الانفصاليين الأكراد السوريين، والذين تعتبرهم أنقرة فرعا لحزب العمال الكردستاني، بي بي كي. وترى غونول تول في “فورين أفيرز” (12/12/2024) أن نجاح مقاتلي المعارضة كان مفاجأة لتركيا. والآن، وقد أصبح الأسد خارج الصورة تماما، يستعد اردوغان للاستفادة من استثماره الذي دام سنوات في المعارضة السورية. وفي الوقت نفسه قد يتم الإعلان عن حكومة صديقة في دمشق، مستعدة للترحيب باللاجئين العائدين. وربما فتح رحيل الأسد نافذة أمام القوات الأمريكية المتبقية للرحيل، وتحقيق هدف طالما سعت إليه أنقرة. وإذا تمكنت تركيا من تجنب المخاطر المحتملة المقبلة، فقد ينتهي بها الأمر إلى الفوز الواضح في الحرب الأهلية في سوريا.
وأكدت تول أن كل شيء يعتمد في سوريا على القوى الخارجية والطريقة التي ستتصرف فيها حكومة المعارضة الجديدة، ففي حالة فشلها في إنشاء حكومة شاملة، ديمقراطية تتعامل مع التنوع السوري، فهناك فرصة لأن تنزلق سوريا في حرب أهلية جديدة، وهو ما يعني تعامل تركيا مع جار غير مستقر ويرسل المزيد من المهاجرين عبر الحدود، وقد يندم الرجل القوي في تركيا على النجاح الكارثي الذي حققه المعارضون في سوريا.
رابحون وخاسرون
وبالضرورة فقد أعاد سقوط نظام الأسد ترتيب موازين القوة في الشرق الأوسط. وترى منى يعقوبيان في صحيفة “نيويورك تايمز” (11/12/2-24) أن هناك ديناميات متغيرة آخذة بالتبلور في المنطقة، وهو ما يقلل بشكل حاد من نفوذ إيران وروسيا ويضع تركيا في موقف يسمح لها بالاضطلاع بدور حاسم في تشكيل مستقبل سوريا ما بعد الأسد. وتعتقد يعقوبيان أن الحرب الأهلية السورية التي استمرت لـ 14 عاما انخرطت فيها أكثر من ستة جيوش أجنبية، ما يؤكد على المخاطر الجيوستراتيجية الكبرى التي كانت على المحك. فخسارة إيران قد تكون مكسبا لممالك الخليج الغنية. فسقوط الأسد، الذي ينحدر من الأقلية العلوية، يمثل استعادة القوة السنية في قلب الشرق الأوسط وقد يفتح المجال أمام تحالف دول الخليج مع سوريا. ولدى دول الخليج فرصة لاستخدام مواردها الكبيرة لتمويل إعادة إعمار سوريا والمساعدة في تشكيل مسار البلاد مع تعزيز رؤيتها للنمو الإقليمي والتكامل الاقتصادي. وعلى نحو مماثل، قد يفتح خروج الأسد الطريق لمعالجة التهديدات للأمن الإقليمي الناجمة عن التداعيات المزعزعة للاستقرار للصراع المتفاقم في سوريا، مثل الإتجار بالمخدرات والإرهاب وتهريب الأسلحة كما تقول يعقوبيان.
تداعيات عالمية
ونظرا للأهمية الاستراتيجية لسوريا، فقد ترك انهيار النظام آثاره على موازين القوة العالمية، فمن ناحية أدى سقوط عميل روسيا السوري إلى توجيه ضربة كبيرة للنفوذ الروسي في الشرق الأوسط. ووصف الاستراتيجيون الروس سوريا مرة بأنها أول نجاح لروسيا بعد الاتحاد السوفييتي، إلا أن رحيل الأسد سيقوض بلا شك هيبة روسيا في الشرق الأوسط وخارجه.
وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن سوريا ما بعد الأسد تشكل فرصا وتحديات محتملة. من ناحية أن سوريا الجديدة ربما مثلت تهديدا للمصالح الأمريكية، وخاصة أن حكامها الجدد هم فرع سابق لتنظيم القاعدة، مع أن هيئة تحرير الشام، فعلت كل ما تستطيع لتقديم صورة معتدلة، وحاولت تأكيد حالة من الطبيعية على الوضع في البلاد، من ناحية إرسال الرسائل الصحيحة لكل الشعب السوري، وأنها عازمة على حكم الجميع بمساواة.
وهذا لم يمنع الكثيرين في الإعلام الغربي للاشتراط بأن أي تحول في التعامل مع هيئة تحرير الشام، يجب أن يكون بسوريا تعددية تحترم حقوق الإنسان، ديمقراطية وتعطي المرأة حقوقها وكذا الأقليات.
دعونا نفرح
ورأت بعض المرسلات الإعلامية أن هناك فرصا لأن تنجح سوريا بعد الأسد أو تفشل، حالة حاول الشرع وجماعته الاستئثار بالسلطة بدون منح الآخرين فرصة للمشاركة. وفي الوقت الحالي يبدو أن الجماعة الفاعلة تحاول تطبيق تجربة إدلب على سوريا، وهو ما يثير الشكوك حول المستقبل، مع أن الإدارة الجديدة تقول إنها تريد الاستفادة من بقايا النظام وأن الإدارة مؤقتة لمدة عام لحين إجراء انتخابات. وحاول البعض اللعب على هوية الحاكم الفعلي، الجولاني والشرع، وأي من الهويتين ستطغى في النهاية وبالتالي تحديد مسار البلاد. ورأت مجلة “إيكونوميست” (12/12/2024) أن التحديات كبيرة أمام سوريا ما بعد الأسد، وأي شيء قد يعيد البلد إلى الحرب الأهلية، إن من حكام سوريا الجدد أو القوى الخارجية. والدرس هو أن هذا البلد لا يمكن أن تحكمه طائفة واحدة كما فعل آل الأسد على مدى أكثر من نصف قرن، ولكن المجلة تدعو للاحتفال مع السوريين بنصرهم قبل أن نحاول شطب المستقبل. وكانت المجلة قد انتقدت الإجراءات الإسرائيلية من احتلال جبل الشيخ وتوسعها في الجولان السوري وما تقوم به من عمليات تدمير كل الأرصدة العسكرية السورية، بذريعة عدم وقوعها في أيدي إيران، التي لم تعد وللمفارقة قوية أو جماعات معادية لإسرائيل. وقالت “إيكونوميست” (9/12/2024) أن إسرائيل تستغل أحداث ما بعد انهيار الأسد في عملية “احتلال وقائي” لا ضرورة له ولا أساس قانونيا له. وقالت إن سوريا لم تعد خطرا على إسرائيل بعد هزيمة إيران وضرب حزب الله وحماس في غزة. وكان من الأولى التركيز على وقف إطلاق النار في غزة بدلا من استغلال ضعف دولة تعيش مرحلة انتقالية. وأشار معلقون نقلت عنهم المجلة إلى أن إسرائيل لديها فرص في سوريا اليوم أكثر من محاولة خلق مشاكل لها. وقالوا إن هيئة تحرير الشام لم تشكل تهديدا على إسرائيل وأنها تريد التركيز على وضع سوريا. ولكن إسرائيل المهووسة بمنع 7 تشرين الأول/أكتوبر ثانية، لا تفكر بهذه الطريقة وتحكم على النوايا حتى قبل أن تتشكل.
هزة أرضية
وبالمحصلة، فمع تراجع النشوة بزوال نظام الأسد أمام الواقع المعقد في سوريا، بدأت التحديات المرتبطة بحكامها الجدد في الظهور. ولان سوريا مركزية، فما حدث على مدى 11 يوما التي وصفها البعض بأنها هزت الشرق الأوسط كان في حقيقته زلزاليا، وفتح المجال على احتمالات كثيرة. وفي مقاربة طويلة كتبتها الصحافية جان دي جيوفاني في مجلة “فانيتي فير” (12/12/2024) تساءلت فيها عن معنى الفرح بسقوط نظام الأسد، بعد أن استعادت ويلات الحرب الأهلية والدمار الذي أحدثه نظامه وفشل العالم بحماية سوريا والسوريين: “لكن ما الذي يجعلنا نحتفل؟ نعم، فبعد مرور أكثر من عقد بقليل على انتصارات الربيع العربي وإخفاقاته، شهدنا كوارث جسيمة. ولكن الحقيقة هي أن العديد من الطغاة قد رحلوا. ومرة ​​أو مرتين في العمر، تشهد أحداثا زلزالية تغير الخريطة الجيوسياسية إلى الأبد. وقد حدث ذلك في نهاية الأسبوع الماضي في دمشق.

العودة إلى الذات
وأثار انهيار نظام الأسد حالة من العودة إلى الذات في إيران، فرغم لهجة المرشد الأعلى، أية الله علي خامنئي الصارمة واتهامه أمريكا وإسرائيل بإسقاط النظام ودولة ثالثة، تركيا إلا أن الإيرانيين وبكل أطيافهم تساءلوا عن ثمن دعم الأسد بالمال والبشر، بل وطرحوا أسئلة حول الإستراتيجية الإيرانية من أساسها والتي تبنتها طهران على مدى العقود الأخيرة والتي جعلتها قوة إقليمية مهيمنة لمواجهة إسرائيل وداعمتها الرئيسية الولايات المتحدة، وهي استراتيجية قامت على دعم طهران مجموعة من الجماعات شبه العسكرية في معظم أنحاء المنطقة، فيما أطلق عليه “محور المقاومة”. ورأت فرناز فصيحي في صحيفة “نيويورك تايمز” (12/12/2024) أن النقاش الصريح لا يمكن وصفه إلا بأنه غير عادي، وذلك بالنظر إلى أن القادة الإيرانيين صوروا على مدى السنين الماضية دعمهم لسوريا والجماعات المسلحة المتحالفة معها التي تقاتل إسرائيل باعتباره مبدأ من مبادئ الثورة الإسلامية غير قابل للتفاوض ويعتبر قضية حاسمة بالنسبة للأمن القومي. ونقلت عن محلل قوله إن “النقاش حول خسارة سوريا يدور على جميع مستويات المجتمع، ليس فقط في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بل وفي اللقاءات اليومية في كل مكان. ويتساءل الناس: لماذا أنفقنا الكثير من المال هناك؟ ماذا حققنا؟ ما هو مبررنا الآن بعد أن اختفى كل شيء؟”. ورأت نيكول غراجوسكي في “مدونة ديوان” وهي مدونة تابعة لبرنامج الشرق الأوسط التابع لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن إيران التي استثمرت ما بين 30- 50 مليار دولار على مدى العقود الماضية بدأت ترى ومنذ العام الماضي أن نفوذها الكبير على دمشق يتآكل بشكل مطرد، حيث كان الأسد يرسم وبشكل متزايد مسارا مستقلا يتعارض غالبا مع أهداف طهران الإقليمية. وتعمقت شكوك إيران في الأسد بعد سلسلة من التسريبات التي كشفت عن تحركات مسؤولي الحرس الثوري الإيراني والتي بلغت ذروتها بضربات إسرائيلية على هؤلاء المسؤولين في سوريا.
والآن أصبح المستقبل بيد الشعب السوري، ومن هنا علينا أن نتعلم الدروس التي فشل الغرب في تعلمها في محاولاته لتشكيل مصير الشرق الأوسط ويبدو أن إسرائيل مصرة على ارتكابها المرة بعد الأخرى، فبدلا من الوقوف على الحياد تقوم بالتدخل وتخريب سوريا.
دروس
وهنا أشار شادي حميد في “واشنطن بوست” (13/12/2024) إلى أن دروس حقبة الأسد هي بمثابة شجب للجميع، ولكن الولايات المتحدة وحلفائها لم يتعلموا منها بعد، فقبل عدة أسابيع كانت الدول العربية تعمل بحماس لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد. وبعد مراجعة داخلية توصلت إدارة بايدن إلى أنها لن تقف في وجه التطبيع.
وكان تردد سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع نظام الأسد السابق هي الكلمة الخطيرة وهي أن سوريا كانت “هادئة” إن لم نقل صراعا مجمدا، ولكن ما فشل المسؤولون الأمريكيون بفهمه هو أن الدول الديكتاتورية عادة ما تكون قاسية ومتوحشة ولكنها هشة من الداخل، فمظهر القوة هو تعبير عن ضعف.
ويقول حميد إن أحد مسؤولي إدارة باراك أوباما أخبره بأن “الديمقراطية يمكن أن تجلب إلى السلطة منظمات معادية لإسرائيل وستهدد أمن إسرائيل، وأعني، لماذا يجب أن نهتم كثيرا”. وقد ظل مارتن أنديك، أحد مسؤولي إدارة بيل كلينتون وأوباما يروج للديمقراطية في كل مكان إلا الشرق الأوسط، حيث تمسك بما أسماه “خصوصية الشرق الأوسط”. وتعيد الأشكال نفسها مرة بعد الأخرى، ذلك لأن صناع السياسة الأمريكيين لم يكونوا قادرين على تخيل رموز بديلة في الشرق الأوسط.
وجاءت كل الإدارات باسثناء دونالد ترامب وقالت كل الأشياء الجميلة عن الحرية والديمقراطية، وكلها انتهت بعمل ما وصفه أوباما وإن في حديث خاص”الديكتاتوريين الأذكياء”. وفي الحقيقة لا يوجد هناك ديكتاتوريون أذكياء ولكنهم كانوا قادرين على إقناع العالم أنه لا يمكن الاستغناء عنهم، فالأسد ربما كان “الشيطان الذي لا يمكننا الاستغناء عنه، ولكن الشياطين هم في الحقيقة شياطين”. ولعل “الهدوء” الذي تحدث عنه الساسة الأمريكيون لم يكن نابعا من متانة النظام ولكن من البنادق والطائرات الروسية وجماعات إيران واستثماراتها في نظام متهالك. ولأن كلا البلدين أضعف بحروب أوكرانيا وضربات إسرائيل لإيران وحلفائها، فقد انهار النظام. ولأنه اعتمد على قوى خارجية للنجاة، فقد استمر لمدة أطول لكنه لم يبق للأبد، تماما كالشعار الذي كتبه أنصار الأسد مرة على الجدران “سوريا الأسد إلى الأبد”. كتب الأسد نهايته منذ البداية عندما عاند مرؤوسيه في الخارج، فلطالما أغضب المسؤولين الروس بتعنته، وهو ما أشار إليه أندرو تابلر في صحيفة “نيويورك تايمز” (10/12/2024) وتخلى الجميع عنه، جيشه وداعموه، وخرج هاربا تحت جنح الليل وبدون إخبار حتى شقيقه كما كشف موقع بلومبيرغ.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية