غزة – “القدس العربي”:
لا يزال الأسيران خليل عواودة (40 عاما) من بلدة إذنا غرب الخليل، ورائد ريان (27 عاما) من قرية بيت دقو شمال مدينة يواصلان خوض “معركة الأمعاء الخاوية” رفضا لاعتقالهم الاداري، وللمطالبة بإطلاق سراحهما، فيما يستمر باقي الأسرى في خطواتهم النضالية التي تتمثل في مقاطعة محاكم الاحتلال.
ويستمر الأسير عواودة في إضرابه عن الطعام لليوم الـ 54 على التوالي، فيما يستمر الأسير ريان بالإضراب لليوم الـ 20، وكلاهما بات في وضح صحي غير مستقر، بسبب الاجهاد وعدم تناول الطعام طوال هذه الفترة.
ولا يزال الأسير عواودة في عيادة سجن الرملة التي تفتقر لمعظم الأجهزة الطبية، بعد أن نقل إليها بسبب وضعه الصحي الخطر، قبل عدة أيام من زنازين العزل الانفرادي في سجن عوفر.
وذكرت زوجته أن المحامي الذي تمكن من زيارته أبلغ العائلة بتدهور وضعه الصحي، لكنه مصر على خوض الإضراب حتى تحقيق مطالبه بتحديد سقف لاعتقاله الإداري، وأشارت الى أن الرسائل التي يحملها المحامي من زوجها أسبوعيا، هي سبيلهم الوحيد للاطمئنان عليه حيث يرفض الاحتلال طلبات العائلة بزيارته.
وذكرت مؤسسة مهجة القدس، التي تعنى بالشهداء والأسرى، أن عواودة يعاني وضعا صحيا صعبا في ظل عدم استجابة سلطات الاحتلال لإنهاء اعتقاله الإداري والإفراج عنه.
في قسم السجناء اليهود
وأوضحت أنه يعاني من أوجاع وآلام في كافة أنحاء جسده، وأوجاع شديدة جهة الكلى، وصعوبة في الكلام، وأصبح لا يستطيع ابتلاع الماء، وأنه بالكاد يشربه، ويتقيأ كثيرا، وبات أيضا يتقيا دما.
وقالت إن سلطات الاحتلال تضعه وحده في عيادة السجن في غرفة في قسم السجناء المدنيين اليهود، مشيرة إلى أنه مستمر في إضرابه عن الطعام دون أي مدعمات أو أملاح أو سكر، وأنه فقط يشرب الماء، بعد أن رفض طلب المحكمة الإسرائيلية منه بأخذ المدعمات والفيتامينات.
الأسرى “الإداريون” يقاطعون المحاكم الإسرائيلية لليوم الـ116 على التوالي
واعتبرت مهجة القدس أن عرض المحكمة على الأسير خليل عواودة المدعمات والفيتامينات “يهدف لإطالة أمد إضرابه والإضرار بصحته”، لافتة إلى أن الطلب يدلل بما لا يدع مجالا للشك أن محاكم الاحتلال ونيابته العسكرية “صورية بامتياز وتأتمر بأوامر ضباط مخابرات الاحتلال”، داعية كافة الجهات والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان وخاصة اللجنة الدولية للصليب الأحمر للضغط على الاحتلال لإلغاء سياسة الاعتقال الإداري بدون اتهام والإفراج الفوري عن الأسير عواودة وكافة الأسرى الإداريين من سجون الاحتلال، محملة حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة هذا الأسير، والآثار المترتبة على المساس بحياته، في ظل رفض سلطات الاحتلال الاستجابة لطلبه بإنهاء اعتقاله الإداري، أو التعاطي معه، في ظل تراجع وضعه الصحي بشكل ملحوظ.
والجدير ذكره أن الأسير عواودة أب لأربع طفلات، وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلته بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، وحولته للاعتقال الإداري بدون أن توجه له أي اتهام، كما اعتقل سابقا في معتقلات الاحتلال عدة مرات.
وفي السياق، فإن الأسير ريان والمحتجز حاليا في سجن عوفر اعتقل بتاريخ الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد مداهمة قوات الاحتلال لمنزله واستجواب ساكنيه، حيث تم تحويله للاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر، إلا أنه وبعد قرب انتهاء مدة الاعتقال تم تجديده إداريا لمدة 4 أشهر إضافية، ليعلن بعدها إضرابه المفتوح عن الطعام
يشار إلى أن عشرات الأسرى الإداريين نفذوا في أوقات سابقة إضرابات عن الطعام، وصل بعضها أكثر من أربعة أشهر متتالية، فقدوا خلالها الكثير من أوزانهم، وتحولوا الى أشبه بهياكل عظمية، ولم يتمكنوا بسبب طول المدة من الحركة وأصيبوا بإعياء شديدة، لكنهم أصروا على خوص المعركة، وتمكنوا في نهايتها من تحقيق مطالبهم بالحرية، وذلك باستجابة سلطات الاحتلال لمطالبهم بتحديد سقف اعتقالهم أو إطلاق سراحهم فورا.
وفي السياق واصل نحو 500 معتقل إداري مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال الإسرائيلي تحت شعار “قرارنا حرية”، لليوم الـ 116 على التوالي، في إطار مواجهتهم لسياسة الاعتقال الإداري.
وكان المعتقلون الإداريون قد اتخذوا مطلع شهر يناير/كانون الثاني الماضي موقفا جماعيا يتمثل بإعلان المقاطعة الشاملة والنهائية لكل إجراءات القضاء المتعلقة بالاعتقال الإداري (مراجعة قضائية، استئناف، عليا).
والاعتقال الإداري هو اعتقال يكون دون تهمة أو محاكمة، ودون السماح للمعتقل أو لمحاميه بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، في خرق واضح وصريح لبنود القانون الدولي الإنساني، حيث أن إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة، وتتذرع سلطات الاحتلال وإدارات السجون بأن المعتقلين الإداريين لهم ملفات سرية لا يمكن الكشف عنها مطلقا، فلا يعرف المعتقل مدة محكوميته ولا التهمة الموجهة إليه.
وفي أغلب الأحيان تقوم سلطات الاحتلال بتجديد مدة الاعتقال أكثر من مرة لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية، وقد تصل أحيانا إلى سنة كاملة، ووصلت في بعض الحالات إلى سبع سنوات كما في حالة المناضل علي الجمال.
المزيد من أوامر الاعتقال
ويؤكد نادي الأسير إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل إصدار المزيد من أوامر الاعتقال الإداري بحق العشرات من المعتقلين، حيث تجاوز عدد الأوامر الصادرة منذ بداية أبريل/نيسان الجاري إلى أكثر من 140 أمرا، فيما قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن أعداد المعتقلين الإداريين المحتجزين في سجون الاحتلال ارتفع ليصل إلى 650 معتقلا.
وفي السياق، أكد نادي الأسير أن إدارة معتقلات الاحتلال الإسرائيلي نقلت المعتقل الجريح نور الدين جربوع من معتقل “الرملة” إلى مستشفى “مدني” مجددا، بعد تدهور جديد طرأ على وضعه الصحي، موضحا أن المعلومات المتوفرة تشير إلى ان هذا الأسير عانى من ارتفاع مفاجئ في حرارته، ومن مشاكل في الأمعاء وعلى إثر ذلك جرى نقله، وهو الآن منوم تحت أجهزة التنفس الاصطناعي.
وكانت إدارة معتقلات الاحتلال قد نقلت المعتقل جربوع مؤخرا من مستشفى “رمبام” إلى معتقل “الرملة” رغم صعوبة حالته الصحية وحاجته الماسة للبقاء تحت المراقبة الطبية، الأمر الذي يندرج ضمن جريمة الإهمال الطبي (القتل البطيء) التي تنفذها إدارة المعتقلات بحق المعتقلين المرضى، كما عقدت قبل يومين جلسة محاكمة له، وجرى تمديد اعتقاله مجددا، وكانت قوات الاحتلال اعتقلت نور الدين جربوع من مخيم جنين، في التاسع من الشهر الجاري، بعد إطلاق النار عليه، ما أدى لإصابته بعدة رصاصات، استقرت إحداها في العمود الفقري.
وأبلغ المعتقل القاصر حسين عبيد (17 عاما) من بلدة العيسوية في مدينة القدس المحتلة، محاميته أنه تعرض للتنكيل والاعتداء بالضرب الشديد من قبل جيش الاحتلال، أثناء اعتقاله، والتحقيق معه. وأشار إلى أنه بعد عملية الاعتقال التي تعرض فيها للضرب والتعذيب، نقل إلى زنازين معتقل المسكوبية بظروف صعبة جدا، وغير إنسانية، حيث أن تلك الزنازين لا تصلح للعيش الآدمي، لافتا إلى أن وجبات الطعام المقدمة سيئة النوع والكمية، ولا يوجد سوى بطانيات وفرشة رقيقة بدون وسادة، وذلك قبل أن ينقل الى سجن الدامون.