من اللحظات التي تروق للأستاذ، تلك التي تأتي غير مبرمجة، غير متوقعة، دائما وأبداً هي أحلاها، أكثرها نقشا في الذاكرة، واستمرارا في مسيرة لا تفتأ تحتاج لوقود فكري، وما أكثر الطلاب القائمين بالمهمة.
كنت عاقدا العزم على الحديث عن «مسبار الأمل» الرحلة الاستكشافية الفضائية الإماراتية إلى المريخ. طبعا، كان لا بد من تناول الرحلة من زاوية أهدافها العلمية: دراسة الغلاف الجوي للكوكب، دراسة مناخ المريخ، تسرب ذرات الهيدروجين والأوكسجين (أي بقايا المياه الوفيرة من المريخ) إلى الفضاء. لكن ثمة نواحي أخرى كانت هي أيضا تلح علينا في المقاربة، فالمهمة علمية، طبعا، إلا أنها كذلك اقتصادية، سياسية، بل ثقافية واجتماعية. كل هذه الجوانب مشمولة في التحليل، لأن اقتصاد الفضاء جانب من جوانب اقتصاد المعرفة، الذي يمكن وصفه بدوره باقتصاد الغد.
وعندما نتحدث عن الوجه السياسي للمسألة، حري بنا البدء من فكرة أن الإمارات صارت عضوا من أعضاء النادي المغلق جدا للدول الخمس، التي ترتاد الفضاء لهذه المهمة (المتكون، فضلا عن الإمارات، من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وأوروبا والهند). نعم.. يمكن قراءة هذه الواقعة كتسجيل لدخول دبي حلبة منافسة من نوع جديد، منافسة تكثفت هذا الشهر تحديدا، لتكون دبي أولى ثلاث بعثات تصل إلى الكوكب الأحمر، تليها الصين بمسبارها «تيناوين 1» ثم الولايات المتحدة بمركبة طوافة أخرى كبيرة. أجل، كان من حقي طرح السؤال على الطلبة «ما هي الخطوط العريضة لمشروع مسبار الأمل، وما هو هدف دبي من ورائه؟».
أي حضارة، تسجل انتصارات تكتب لها على صفحات كتب التاريخ، بغض النظر عن تعاقب الفترات الزمنية
لكن هناك سؤلا آخر كان جديرا بالطرح أيضا: «يندرج إطلاق مسبار باتجاه كوكب المريخ في إطار مشاريع غزو الفضاء. ما رأيك في مشاريع غزو الفضاء وقدرة الدول العربية على الاستفادة منها ؟». سؤال كبير.. وأعجبني جواب أحد الطلاب: «قدرة الدول العربية على الاستفادة منها» هذا يعني يا سيدي عودة العرب.. عودة العرب إلى ماذا؟ قلت وقد فاجأتني حينها الجملة الاسمية التي نزلت كعنوان عريض على صدر جريدة، ثم دار بيننا الحوار التالي:
ـ آه تعني ما يقصد بـ«العصر الذهبي. (الذي ينطبق على كل حضارة).
ـ نعم يا سيدي: فترة الخوارزمي والمعادلات الحسابية.
ـ والطب والترجمة
ـ لكن بصيغة العولمة ـ أردفت قائلا
ـ دبي تفرض نفسها إقليميا وعربيا ودوليا، ختمت. حينها اكتسبت العبارة بعدا آخر جعلني أتلمس اهتمام طلابي بموضوع أساسي يكمن في ثنايا «العنوان العريض» وهو موضوع الهوية، الهوية العربية التي لا تفتأ تغذي بمحاورها الثقافية، الاقتصادية، الاجتماعية نقاشا محتدما. بالنسبة لي لم تكن هناك عودة، لأنه لم تكن هناك مغادرة. أعرف جيدا أن القراءة التقليدية للتاريخ تتناول، أياً كانت الحضارة، موضوع الازدهار والانحطاط والنهضة الجديدة، والنظرية الخلدونية لتعاقب الدول (بمعنى أنظمة الحكم) تصب في هذا الإطار الإبيستيمولوجي. قد تكون هذه القراءة ذات وزن، لكن هناك قراءة أخرى ممكنة وهي أن حضارة، أي حضارة، تسجل انتصارات تكتب لها على صفحات كتب التاريخ، بغض النظر عن تعاقب الفترات الزمنية. هذا ما حدث، خارج ثنائية العودة أو المغادرة، سجلت دبي انتصارا لها، للعرب وللعالم.. وكفى.
باحث أكاديمي وإعلامي فرنسي
المال الذي صرف من أجل شراء الإنجاز إياه، دون أي إسهام فني أو معرفي، كما حدث معي عندما إشتريت تلفازا، يكفي كي يرمي الحوتي السلاح ويسلم اليمن دون قتال، ولزرع السودان، سلة العالم العربي، بالقمح لإطعام كل جياع العالم،و لتحديت كل جامعات العرب و مدارسهم من المهد إلى اللحد، ولإنجاز أكبر عملية تحديث في العالم العربي والقضاء التام على الفقر والبطالة. هذه الإنجازات هي التي ستسمح للعرب بدخول التاريخ أو العودة إليه، أما التسوق من محلات المسابير والمكوك فهو لا يسمح بالعودة للتاريخ، بل يجعل أصحاب تلك الفعلة أضحوكة في العالمين. و شخصيا تابعت شيئا من ذلك في قنوات فرنسية مثلCNEWS، ولا شك أنك تابعت ذلك أيضا.
رحم الله أحمد بهاء الدين الذي كتب يوما أن التقدم ليس القوة العابرة البراقة.
/لكن هناك قراءة أخرى ممكنة وهي أن حضارة، أي حضارة، تسجل انتصارات تكتب لها على صفحات كتب التاريخ، بغض النظر عن تعاقب الفترات الزمنية/.. اهـ
قبل كل شيء، كان عليك تعريف الـ«حضارة» الأولى بأل التعريف لاكتمال وجهة النظر بما يقبل النظر، من جهة أولى، والتيقن من أن هذه النظرة إلى التاريخ لا تعدو أن تكون نظرة ماكيافيلية في الجوهر، من جهة أخرى.. لو نظرت إلى فرويد، في هذا السياق، لوجدت أن هذه «الانتصارات» ليست سوى علائم تمويهية «يوفورية» منظورة لما سمَّاه بـ«الكبت العضوي».. !!
لو كان بامكاننا القول أن قطعة واحدة في المسبار من صناعة عربية لقلنا عنه عربيا, حتى أنت يا بطرس.
سبحان الله، فرنسي (بيير لوي ريموت)، مما فهمته عنه، يُجيد العربية والصينية،
في جريدة القدس العربي ينشر تفاصيل تحت عنوان (عودة العرب)، ومن التعليقات على المقال، تفهم أنّ هذا، حتى ضد طريقة أسلوب وتفكير كثير من معلقي الموقع، ولا حول ولا قوة إلا بالله،
الحمدلله، زيارة البابا ممثل الكاثوليك، في عام 2021، وخط سير رحلته، أعادت تصحيح ما تم تدوينه في كتاب العهد القديم (التوراة) من كتاب الإنجيل، لأهل المسيح، من إيران إلى العراق،
لأنّ اللغة، كوسيلة تدوين، وليس وسيلة الفكر الضبابي لعقلية الفذلكة اللغوية، من أجل التعدي على حقوق فلان وبالتأكيد على حساب حقوق علان من الأسرة الإنسانية،
وعن اللغة، كوسيلة تدوين حضارة الإنسانية، بدأت من وادي الرافدين، باللغة الأبجدية (المسمارية (السومرية))، أو باللغة الصورية (الهيروغليفية/الفرعونية)، أو بلغة الأشكال (الماندرين (المبسطة للصين الشعبية أو التقليدية للصين الوطنية (تايوان)))،
اللغة والترجمة بين اللغات، تغيرت على زمن الثنائي:
– أبو الأسود الدوؤلي،
– الخليل بن أحمد الفراهيدي،
عندما أمرهم (علي بن أبي طالب) بعد نقل عاصمته إلى بلد التدوين، من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما نقل الاسكندر المقدوني قبله، أو كورش بعد تحرير اليهود من السبي البابلي، حيث تم تدوين العهد القديم (التوراة) من كتاب الإنجيل قبلهما،
عبقرية تصميم هذا الثنائي، إن كان على مستوى، الحرف، أو الكلمة أو الجملة،
جعلت حتى اليابان، وليس فقط الصين وبقية دول آسيا وأفريقيا، في كتابة أصوات ألسنة مجتمعاتهم بها،
وما زالت اللغة الچاوية، ولغة الأوردو، واللغة الفارسية مثل الدولة العثمانية تكتب بنفس تصميم الحرف، بسبب مرونة تمثيل أي صوت، كما تُلفظ تُكتب، سبحان الله،
اللغة، على أرض الواقع، وسيلة الحوار، والتجارة من خلال الآلة أو وجها لوجه في سوق أجواء العولمة،
وليست فقط، وسيلة الإنتاج أو وسيلة التسويق، ، ،
لا بد لي أن أشكر ، أولا ، الأخت آصال أبسال على ملاحظاتها اللمَّاحة والثاقبة كما عهدناها دائما ؛
أستاذ بيير لوي ريمون ، استنتاجك “اليوفوري” هذا لا يختلف ، من حيث المبدأ ، عن الاستنتاج المقابل والقابل للحدوث باحتمال أكبر حتى لو فعلت إسرائيل ذات الشيء في مجال الفضاء (وبإمكانهاأن تفعل حتى أكثر منه بالمساعي الأمريكية) : “هذا ما حدث، خارج ثنائية العودة أو المغادرة، سجلت إسرائيل انتصارا لها، للعبرانيين (وليس لليهود) وللعالم.. وكفى” !!!!؟؟
أنا أعلم بأن ما نسميها بـ«الخوارزميات»، أو ما تسموها بـ«اللوغاريتمات»، هي الأساس العلمي الرياضي لسائر منجزات العصر الرقمي في كل من الفضاء السايبرنطيقي والفضاء الهايبرنطيقي
ولكنك يا بيير قد تعلم أن أول صانعة الاستعمار الحديث في العالم هي إنكلترا (حتى نابليون بعظموته كان يحسدها على هذه الأولوية)، وأن هذه الـ «إنكلترا» هي التي صنَّعت ما سُمِّي أخيرا بـ«الإمارات العربية المتحدة»، سواء جغرافيا أو سياسيا أو حتى سلاليا (من حيث تولية السلالة الحاكمة)
وبالتالي، فإن ما تدعوه انتصارا من طرف هذه «الإمارات» في مجال الفضاء إنما هو حقيقةً انتصارٌ من طرف تلك الـ«إنكلترا» في هذا المجال في المقام الأول، وليس انتصارا للعرب ولا للعالم كما تظن
أخيرا، تحية شكر وتقدير خاصة لكل من الأختين الكريمتين آصال أبسال وسلمى سعيد
عزيي السيد خليل: ربما كنت تقصد الخوارزميات و الالقرثميات Algorithms. حيث ان اللوقارثميات Logarithms كانت من اكتشاف عالم الرياضيات الاسكتلندي جون نابيرJohn Napier (١٥٥٠-١٦١٧).
الأسكتلندي نابيير (القرنان السادس عشر والسابع عشر م) وقبله الفارسي العربي الخوارزمي (القرن التاسع م) وقبله العربي الكندي (القرن التاسع م) وقبله اليوناني إقليد (القرنان الخامس والرابع ق م) وقبله المصريون (القرن السادس عشر ق م) وقبلة البابليون (القرن السادس والعشرون ق م) ؛ حتى الأجانب والغربيون يعترفون بذلك
تصويب : إقليد / إقليدس (القرنان الرابع والثالث ق م)
عودة العرب حين يكون مع بعضهم يحسب لهم حساب وإذا تصرف كل كيان عربي لوحده بشكل مستقل لن يؤثر بشي وسيكون ظهور مؤقت
اللهم اجمع شمل أمتنا يارب