“عودوا أيها الأبناء”.. جمعية يهودية تعتدي على كنيسة في حيفا وتهدد: “لن نكتفي بالهيكل”

حجم الخط
0

عندما وصل الحريديم الأسبوع الماضي في جنح الظلام، كان الشبان المسيحيون مستعدين؛ لقد أمضوا الليلة في ساحة دير ستلا مارس الموجود في حيفا في انتظار قدوم الزوار غير المدعوين، بعد أسابيع طويلة من الازعاجات المتكررة. ولكن الحريديم الذين وصلوا الى المكان بالباصات – حسب أقوالهم من أجل الصلاة – لم يتراجعوا، حتى عندما تقدم الراهب نحوهم وهو يلوح بصليب كبير. سرعان ما تطورت مواجهات في المكان. استدعيت الشرطة للمرة الثانية في نفس الأسبوع، وأغلق الشارع المؤدي للكنيسة.

بدأ الحريديم بالوصول إلى ستلا مارس قبل عدة شهور. كانوا في البداية واحدا أو اثنين. كانوا يصلون بالقرب من حائط المبنى ويغادرون. في أيار، تم تجاوز خط: اثنان منهم دخلا الكنيسة، ووقفا بالقرب من مدخل المغارة الموجودة داخل الكنيسة – قدس أقداس المكان. توجه إليهم أحد الكهنة من أجل استيضاح سبب زيارتهم، أجاباه بأنهما قررا الصلاة قريباً من قبر النبي إليسع، والذي، حسب ادعائهم، موجود هناك. في الأسبوع الماضي، وصلت حافلة تقل عشرات المصلين. وحسب أقوال شخصيات رفيعة من الكنيسة ونشطاء من الطائفة المسيحية في حيفا، كان عدد من الحريديم ينتمون الى المدرسة الدينية “عودوا أيها الأبناء” في القدس، التي يترأسها اليعيزر برلند.

مناحم مالكا، من أتباع برسلاف من القدس والمرتبط بالمدرسة الدينية “عودوا أيها الأبناء”، يعمل على بلورة مجموعات تحج إلى قبور الصديقين. في إطار نشاطه، اعتاد مالكا إحضار مجموعات إلى ستلا مارس. “نحن أتباع برسلاف، اعتدنا على زيارة كل قبور الأولياء في البلاد والعالم” قال مالكا، “في كل مكان نصل إليه، نعرف كيف نحترم من يسيطرون على المكان”.

وادعى مالكا أيضاً أن كل ما يريده الأتباع هو الصلاة بالقرب من قبر إليسع. “حتى إنه ليس لدينا أي مطالبة بالدخول إلى الدير، فهذا محظور علينا حسب الشريعة”، وأضاف: “للأسف، نواجه في الشهور الأخيرة عنفاً فظيعاً من قبل عشرات الشبان، دون أي إدانة. “نأمل بوضع حد لهذا الأمر، ويمكن لكل أبناء الأديان القدوم والصلاة في هذا المكان المقدس”.

قبل حوالي شهر، اعتقل مسيحي بتهمة الاعتداء، بعد أن صور وهو يضرب حريدياً جاء الى الكنيسة. هدف الاعتداء، هو يشاي حزان الذي أجريت معه مقابلة فيما يتعلق بالحادث في القناة 14 وأوضح أنه جاء ليصلي قرب قبر النبي إليسع. وأجاب على سؤال ما إذا كان الحديث يدور عن نوع احتجاج منظم: “هذا مثلما يأتون إلى قبر أحد الأولياء”. في مقابلة أعطاها قبل ثلاث سنوات لموقع “أخبار الهيكل” قال حزان إنه يحاول الحج الى جبل الهيكل (الأقصى) كل يوم، وإن أهدافه “هي احتلال هذا المكان، وبالطبع لا نكتفي بهذا. نحن ذاهبون حتى النهاية، إلى أن يتم بناء الهيكل، وليس أقل من هذا”.

ولكن المحامي رجا جمال، المستشار القانوني للرهبان الكرمليين الحفاة في حيفا وفي البلاد، قال للصحيفة إنه ليس صحيحاً تسمية الحريديم بـ”مصلين”، فهم لا يأتون إلا للاستفزاز، ادعى المحامي جمال، “هؤلاء المشاغبون، الذين يدوسون على الحقوق، يأتون عنوة لكي يهينوا الناس. مؤخراً، جاء خمسون منهم أثناء القداس الرئيسي يوم السبت، الذي تم بثه في كل أوساط الرهبان الكرمليين في العالم”.

الأب جان جوزيف برجارا، رئيس الدير وممثل الأب رئيس الرهبان الكرمليين الحفاة العالمي، أضاف: “عمل هؤلاء الاستفزازيين، تعصبي وعنيف. يقفون ضد مجتمع ديمقراطي وتعددي، وهنا يطرح السؤال على الجمهور الواسع: أين تقفون؟ يجب أن نجتمع معاً وندافع عن الديمقراطية من التعصب العنيف”.

هذا الأسبوع وبعد مئات السنين التي كانت فيها كنيسة ستيلا مارس حرة، تقرر تسييج هذا الموقع. آباء الدير اتخذوا هذا القرار لعدم وجود خيار آخر. يرمز هذا المكان في الثقافة المسيحية الكرملية الى بوابة الأرض المقدسة والتي يجب على المصلين أن يمروا فيها. “لقد تقرر إقامة الجدار من أجل المحافظة على سلامة المؤمنين، المصلين، الضيوف ورهبان الدير”، أوضح المحامي جمال، وأضاف: “التسييج يرمز إلى سلطتهم وأحقية الكرمليين على المكان”. “وزير الأمن الوطني يقول إنه يريد نظاماً، وأنا أسأله: أين هو النظام؟”، قال للصحيفة الدكتور يوسف متى، رئيس أساقفة الكنيسة اليونانية الكاثوليكية في حيفا وعكا والناصرة والجليل. “أريد من سلطات الدولة أن تتحمل المسؤولية، لأن هذا الاشتعال يعرض للخطر ليس فقط المسيحيين بل دولة اسرائيل كلها”.

بصاق وتخريب للممتلكات

في الشهور الأخيرة بدأت يسكا هيرني، وهي باحثة في الطوائف المسيحية في إسرائيل، بتلقي المزيد من الشكاوى من المسيحيين والكنائس التي تعرضت إلى تطاول وتنمر أو من تمييز على خلفية دينية. توجه إليها أشخاص كانوا شهوداً على أحداث من هذا النوع. الأحداث التي قفز عددها بالمقارنة مع سنوات سابقة، تضمنت البصاق على مسيحيين، وإلقاء أغراض على مؤسسات دينية وعمليات تخريب. في ضوء ارتفاع كبير لعدد الأحداث، قررت هيرني فتح خط ساخن، يمكن فيه التبليغ عنها. من بداية تموز وحتى منتصفه، كان هنالك 17 شكوى – معظمها من منطقة القدس. “نتلقى تقارير في كل يوم، أحولها للشرطة وكذلك للفاتيكان”، قالت هيرني.

هيرني ليست هي الوحيدة التي لاحظت هذا التوجه؛ ففي المجلة الإلكترونية للفاتيكان “لاؤوزيرفاتور رومانو”، كتب في الأسبوع الماضي أنه “في الشهور الأخيرة تزايدت أعمال التخويف، والتهديدات العنيفة تجاه المسيحيين في الأراضي المقدسة، لا سيما في أرض إسرائيل”. وتطرقت هذه المجلة إلى “متطرفين يهود” حاولوا “احتلال عدد من الكنائس في مدينة حيفا”.

تقدر هيرني بأنه لاندلاع أعمال العنف هذه والتي تضم الأحداث في ستيلا مارس، علاقة بالحكومة التي تصنع مناخا يسمح بذلك. “منذ تشكيل حكومة اليمين الحالية، أصبحت هذه الأحداث أكثر تواتراً وعلانية”، أوضحت.

دكتور اريئيل سيمونسون رئيس دفيئة بحث الأديان في جامعة حيفا، يشاركها في رأيها: “أعتقد أن هؤلاء الحريديم يعتقدون أنه الوقت المناسب لتنفيذ ما أرادوا تنفيذه في الماضي”، قال.

من وزارة الخارجية وردنا: “وزير الخارجية ايلي كوهين، التقى قبل عدة أسابيع مع وزير خارجية الفاتيكان رئيس الأسقف بول جراجر، وخلال اللقاء أدان بشدة كل عنف ضد المسيحيين في القدس”. من وزارة الداخلية وردنا: “بشكل عام، المسؤولية عن معالجة حالات العنف عموماً ومن بينها تلك التي على أساس ديني، هي مسؤولية الشرطة. مع ذلك وفي ضوء الوضع، فإن قسم الطوائف الدينية في وزارة الداخلية يعمل بصورة مستمرة لصالح التسامح بين الطوائف في اسرائيل، ويواصل نشاطه في حيفا أيضاً”.

عيدي حشمونائي
هآرتس 4/8/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية