بيروت-“القدس العربي”: أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون، عزمه العمل بالتعاون مع مجلس النواب والحكومة، وبما تبقّى من ولايته، على تحقيق الإصلاحات التي التزمها على الرغم من كل العراقيل، لافتاً إلى أن “أولى الخطوات الإصلاحية إقرار خطة التعافي المالي والاقتصادي خلال الأسابيع المقبلة، وذلك تمهيداً لمناقشتها مع صندوق النقد الدولي لبدء مسيرة النهوض من جديد، بالتزامن مع التدقيق المحاسبي الجنائي في مصرف لبنان والإدارات والمؤسسات والمجالس الأخرى”.
وفي كلمة أمام أعضاء السلك الدبلوماسي في غياب سفراء دول خليجية، تجاهل عون تعطيل مجلس الوزراء لأشهر، لكنه ردّ ضمناً على الحملات التي يشنّها حزب الله على دول عربية، فقال “لبنان يحمل لدولكم وشعوبكم كل الخير والمحبة والرغبة الصادقة في أن تكون علاقاته معها، علاقات تعاون بناء واحترام متبادل. ولبنان بطبيعته ليس ممراً أو مقراً لما يمكن أن يسيء إلى سيادة دولكم وأمنها واستقرارها ولا يشكل تدخلاً في شؤونها الداخلية وخصوصاً الدول العربية الشقيقة”، آملاً “أن تكون مواقف بعض الدول مماثلة لمواقف لبنان، بحيث لا تستعمل ساحته ميداناً لتصفية خلافاتها أو صراعاتها الإقليمية، ولا تدعم فئات أو مجموعات منه على حساب فئات أخرى، بل تتعاطى مع جميع اللبنانيين من دون تمييز أو تفرقة”.
ورأى”أن لبنان الذي يرزح اليوم تحت أعباء اقتصادية ومالية واجتماعية وإنسانية صعبة، أسّس لها نظام سياسي ونهج مالي واقتصادي، وزادت من حدتها أزمة تفشي كورونا وأحداث من غدر الزمان، لبنان هذا يتطلع دوماً إلى أشقائه وأصدقائه في العالم ليعملوا على مساعدته كي يتجاوز الظروف القاسية”.
وإذ شكر عون الدول لتقديم العون والدعم للبنان وشعبه لاسيما بعد الانفجار المدمر الذي وقع في بيروت”، لاحظ “أن جهات تجاوزت واجب التنسيق مع مؤسسات الدولة و تعاطت مباشرة مع جمعيات ومجموعات بعضها نبت كالفطر بعد انفجار المرفأ، وتعمل على استثمار الدعم المادي والإنساني لأهداف سياسية وتحت شعارات ملتبسة، خصوصاً وأن لبنان على أبواب انتخابات نيابية”، مؤكداً “أن الانتخابات النيابية ستتم في موعدها”.
وأضاف رئيس الجمهورية “دعوت قبل أيام إلى طاولة حوار للبحث في اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة وفي الاستراتيجية الدفاعية وخطة التعافي الاقتصادي، لكن بعض القيادات السياسية لم تستجب، ما دفعني إلى التمسك بالدعوة إلى الحوار لاقتناع ثابت لدي بأنه الطريق إلى الخلاص”.
وتابع: “بالرغم من حق لبنان الدفاع عن أرضه وسيادته بكل الوسائل، فإنه التزم تطبيق القرارات الدولية لاسيما منها قرار مجلس الأمن 1701، في وقت تواصل فيه إسرائيل تجاهل مندرجات هذا القرار”، مجدداً “استمرار رغبة لبنان في التفاوض من أجل ترسيم حدوده البحرية الجنوبية على نحو يحفظ حقوقه في المنطقة الاقتصادية الخالصة”، موضحاً “أن الاستقرار في الجنوب لن يتعزز إلا من خلال استقرار المنطقة، وهو أمر لن يتحقق إلا من خلال السلام العادل والشامل والدائم الذي أرست قواعده مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت في عام 2002، ومن خلال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بحيث تتحقق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم ويسقط نهائياً مخطط التوطين الذي يرفضه جميع اللبنانيين”.
الرئيس عون: إني على يقين بأن الاستقرار في الجنوب لن يتعزّز إلا من خلال استقرار المنطقة، وهو أمر لن يتحقق إلا من خلال السلام العادل والشامل والدائم الذي أرست قواعده مبادرة السلام العربية التي أقرّتها قمّة بيروت في العام ٢٠٠٢، ومن خلال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) January 20, 2022
وأضاف “أمل أن يعود الاستقرار إلى سوريا، بحيث يعود النازحون في لبنان إلى أرضهم وممتلكاتهم، خصوصاً أن لبنان ينظر بريبة إلى مواقف دولية تحول حتى الآن دون هذه العودة على الرغم من توقف القتال في مناطق واسعة من سوريا، ما يطرح علامات استفهام حول أسباب عرقلتها”.
وكان السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري ألقى كلمة باسم السلك الدبلوماسي، فشجّع “جميع اللبنانيين على الثبات في التزامهم بالحرية والحقوق الأساسية والديمقراطية والتضامن، لكي يستمروا في بعث الأمل بإمكانية العيش المشترك المتناغم والتقدم”، ولفت إلى أن “المصاعب التي تعرّض لها لبنان في العامين الماضيين، مع كل ما حملت معها من آلام، لم تطفئ شعلة الحرية ولا روح التضامن لدى اللبنانيين”، وقال: “لا حلول يمكن التوصل إليها، من دون حوار صادق، قائم على أساس احترام الآخر”.
وركّز على “أهمية الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في الربيع المقبل”، معتبراً أنه “قد يكون من المفيد أن توقع الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات المقبلة اتفاق احترام متبادل، بدل اللجوء إلى حملات التشهير، صوناً لكرامة كل مرشح وكل حزب وكل انتماء”.
“الوفاء للمقاومة”
وفي المواقف، رأت “كتلة الوفاء للمقاومة” “أن إعلان حزب الله و”حركة أمل” موافقتهما على العودة إلى حضور جلسات مجلس الوزراء، حرّك الركود السياسي المحلي وفتح الطريق أمام درس مشروع الموازنة من جهة، ووضعِ اللمسات الأخيرة على خطة التعافي الاقتصادي، من أجل إعادة الانتظام إلى الدورة الاقتصادية في البلاد”. وأعلنت الكتلة أنها “ستواكب المناقشات الوزارية خلال جلسات الحكومة في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، وهي ترقب أن تأتي خطة التعافي متوازنة وأن تتسم الموازنة بالواقعية وأن تكون غير محبطة للمودعين وللمعسرين اللبنانيين ولذوي الدخل المحدود من جهة، وغير خاضعة للشروط التعجيزية للمانحين من جهة أخرى”.