‘من بالضبط هنأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتهنئة عيد الميلاد المصورة التي زل فيها وسمى اسرائيل ‘الدولة اليهودية’؟ نظن أن التهنئة وجهت الى مواطني اسرائيل المسيحيين لأنهم مواطنو اسرائيل وهو رئيس حكومتهم وهذا يوم عيدهم. فهذا الفرض مفهوم جدا من تلقاء نفسه، وكانت الشماتة المُسفة بسبب الفضيحة كبيرة جدا بحيث لم يشك أحد في أن نتنياهو كانت نيته مراسمية وخالصة. ألا يهنيء رئيس الولايات المتحدة مواطنيه اليهود بقوله عيد أنوار سعيد؟ إنه يهنيء! ومن هنا هنأ نتنياهو مواطنيه المسيحيين. لكن الامر ليس كذلك. فالمقصودون بالتهنئة ليسوا مواطني اسرائيل المسيحيين. فمواطنو اسرائيل المسيحيون هم عرب في الأساس وهذه هي هويتهم العرقية والقومية. إنهم عرب. فالسكان المسيحيون في الناصرة وحيفا وشفا عمرو عرب فلسطينيون. ونتنياهو لا يهنيء العرب. ماذا دهاكم. وبماذا يُهنؤون أليسوا عربا. وهم يسكنون اسرائيل ولهم حق في التصويت وهذا مؤسف جدا. فليسوا هم موضوعا للتهنئة بل للشكوى. وقد استمرت تهنئة نتنياهو ثلاث دقائق تقريبا ولم يتلفظ فيها نتنياهو حتى ولا مرة واحدة بكلمة ‘عرب’. بل إنه لم يبدأ التلفظ بها. بل يُقال في حقه إنه لم يخرج من فمه حتى الحرف الأول. كان يمكن أن يكون ذلك فشلا حقيقيا لأن اسرائيل هي الدولة اليهودية وتوجد هفوات لا تصدر عن نتنياهو. يوجد عيد ميلاد اذا وتوجد تهنئة، ولا يوجد عرب. فاذا كان الامر كذلك فمن هم عرس الفرح؟. عيد ميلاد سعيدا قبل الجميع لنائب الوزير اوفير ايكونيس، اليهودي. وعيد ميلاد سعيدا ايضا للحلقة لأجل تجنيد أبناء الطائفة المسيحية للجيش الاسرائيلي. في العالم كثير من الحلقات العجيبة فأنا مثلا عضو في حلقة فيس بوك لاشخاص ينقلون الغسيل النظيف من الكرسي الى السرير وهكذا دواليك، ولا يطوونه أبدا. هذا هو هدفنا الأعلى. أما الحلقة لأجل تجنيد أبناء الطائفة المسيحية للجيش الاسرائيلي فتعمل في تعاون مع ايكونيس (ماري كريسمس يا اوفير، وأقول هذا من أعماق قلبي) لأجل تجنيد مواطني اسرائيل المسيحيين للجيش الاسرائيلي. وقد أصبح نشطاؤها القليلون حبيبين جدا الى عضو الكنيست ميري ريغف والى حركة ‘اذا شئتم’، وبحق. لأن عددا منهم يزعمون أنهم ليسوا عربا بل مسيحيين فقط. ويعتبر المسيحيون بين أكثر العرب منبوذين للنفور منهم ولأنهم خونة يحاولون قسمة المجتمع العربي. إن نتنياهو هنأهم هم فقط. وفعل ذلك بصورة مصغرة وعارضة وفي النهاية فقط. وقد شد على أيديهم في أكثر الوقت ووعدهم بالحماية من معارضيهم وكأن الحديث عن كوماندو طلائعيين صهاينة أُنزلوا وراء قوات العدو الخلفية. ويريد رئيس الوزراء أن يرفع روحهم المعنوية الى أن يأتي المدد. وليس واضحا لماذا اعتبر نتنياهو صفة ‘اليهودية’ زلة لسان. أليسوا يعلمون؟. هذه ظاهرة نفسية آسرة. فقد استوعب نتنياهو الذي توجد اسرائيل اليهودية في مركز تصوره العام، فجأة أنه توجد هنا مشكلة وأن تعريف اسرائيل بأنها دولة يهودية يوقع التمييز على حلفائه المسيحيين بل يُشعرهم بالاهانة. وفي مثوله أمام القلة من العرب الأقل عروبة في العالم، بخلاف حماس أو حنين الزعبي، شعر بأنه محتل ولم يكن ذلك طيبا فسارع الى اصلاح قوله فقال: ‘دولتنا’. دولة كل مواطنيها. لكن لا تقلقوا، فقد سارع كما هي عادة زلات اللسان الى كتم ذلك والاستمرار في حياته المعتادة.