عين الى مصر ناظرة

حجم الخط
0

اعتيد في الجيش الاسرائيلي مدة سنوات، وربما اليوم ايضا، أن تُرسم على الخرائط ‘قوات العدو’ بألوان حمراء و’قواتنا’ بألوان زرقاء. وفي مطلع ثمانينيات القرن الماضي مع نشوء السلام مع مصر، توجه رئيس هيئة الاركان آنذاك موتي غور الى وزير الدفاع عيزرا وايزمن وقال له: الآن وقد أصبح يوجد سلام مع مصر بأي لون نلون الجيش المصري في الخرائط؟
وحكّ وايزمن رأسه وفكر لحظة وأمر فورا تقريبا قائلا: الوردي يا حبيبي. اللون الوردي.
اذا تركنا الفكاهة والالوان فانه يكمن سؤال أكثر أساسية وعمقا وصعوبة وهو كيف ننظر الى جيش ضخم يهدد دولة اسرائيل، لكن قادة دولته وقعوا على اتفاق سلام ويحرصون (تقريبا) على كل حرف من مواده؟ ماذا نفعل بالخرائط والخطط التنفيذية والملاحظات السرية والتصريحات العلنية؟ إنها مشكلة.
نقول بالمناسبة انهم في الجيش المصري حلوا المشكلة بسهولة، فدولة اسرائيل والجيش الاسرائيلي يُعرفان بأنهما ‘عدو’ بلا اسم خاص واسم عائلة. ووجهت كل الأسهم في الخرائط وكل المخططات الميدانية على اسرائيل، بيد أنهم لا يذكرون اسمها. فهي ‘دولة العدو’. وقد نشأ لمصر في هذه الاثناء في الحقيقة أعداء آخرون، لكن اسرائيل والجيش الاسرائيلي بقيا العدو بأل التعريف.
كان الجيش وما زال العامل المهيمن في مصر، فالامور تسير بحسب ارادته. ونحن ‘الذين مزقنا صورتهم’ في الايام الستة وعضضنا الشفاه كي لا نخسر في حرب يوم الغفران، نميل الى الاستهانة به لأننا كما تعلمون أسياد العالم ونحن الأذكى والأكثر حكمة والله الرحيم الى جانبنا في وقت الشدة.
لكن الجيش المصري اليوم ليس هو الجيش المصري الذي عرفناه في الماضي، فقد درس كل قادته تقريبا في مدارس عسكرية امريكية. وهم ينتجون دبابتهم الحربية ‘أبرامز’ في مصر وطائراتهم امريكية والتوجه كله امريكي، وقلوبهم وعقولهم في الغرب. إن لهذا الجيش مشكلات صعبة خاصة به، ومع كل ذلك ربما يجدر أن نُجدد الخرائط مع الأسهم الوردية. فان المفاجأة (والاذلال) في المرة السابقة كانا كافيين لنا.
سنقول الحقيقة هنا والآن وهي ان السلام مع مصر الى الآن هو سلام معادٍ. فالمصريون بعامة يكرهوننا ويريدون محونا. ومع كل ذلك استمر هذا السلام 33 سنة. وفي هذه المدة الطويلة قُتل 27 اسرائيليا أكثرهم مدنيون بعمليات ارهابية في مصر أو بنار أُطلقت من الحدود المصرية، وحتى لو كانت كل نفس عالما كاملا فان الحديث عن أقل من قتيل واحد لكل سنة سلام. ويبدو أن هذا أقل من عدد الضحايا اليومي في حوادث الطرق في اسرائيل.
لا إحصاء لمزايا السلام مع مصر مثل امكانية عدم اقامة فرق عسكرية نظامية واحتياطية في مواجهة شبه جزيرة سيناء ومواجهة أقوى جيش عربي (الى الآن على الأقل). ومثل القدرة على العمل سنين طويلة في جبهة اخرى (لبنان مثلا) من دون اهتمام زائد بجبهات اخرى، مع ألف ميزة اقتصادية وأمنية وغيرها.
كان الجيش وما زال في جميع التقلبات الاخيرة في مصر مرساة استقرار، واليه تتطلع العيون كلها هناك، من بور سعيد الى أسوان. ويتحمل الجيش المصري الآن ادارة الدولة وتدل تجربتنا على أن ناسه يعرفون جيدا قيمة وأهمية السلام وآثاره على الحياة في بلدهم النازف. ومن الجيد بالنسبة الينا وهذه بالطبع أنانية خالصة، أن الجيش يسيطر على الحياة هناك. قد لا تكون تلك هي الديمقراطية الخالصة الحسنة، لكن هذا ما نريده ونحتاجه نحن هنا في اسرائيل.
وفي الاثناء ننتقل الى الصمت وننشد نشيدنا مع تصحيح طفيف قائلين: ”، لأنه لم يغب عن عيوننا الناظرة ان الاخوان المسلمين غير مستعدين للتخلي عن السلطة التي وقعت في أيديهم وأن ارهابيي القاعدة في سيناء يستعدون لعمليات توجه الى اسرائيل. إن ال مفتوحة.

يديعوت 10/7/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية