غثيانْ

ما إنْ أخرُجُ من بيتي
حتّى يبتدِئَ الغَثَيانْ
ألمَحُ ما خلفَ الأعينِ
أقرأُ ما لا تتلفّظُ فيهِ شِفاهٌ
وأجسُّ مساميرَ مصافحةٍ
من يسكنُ بغدادَ الآنْ!
إنّي لا أعرِفُ هذي الأوجهَ
لا أتبيَّنُ مَنطِقَها
بُدِلَتْ أسماءُ شوارعِها
دنَسٌ ومتاريسُ بكلِّ مكانْ
حتّى شارعُها (المتنبّي) نخرَتْهُ العُثَّةُ كالسَّجّادْ
لا ليسَتْ تُمطرُ في بغدادْ
ثَمّةَ سقفٌ من طُحلُبةٍ تمتصُّ سماءً
فحدائقُها كالحةُ الألوانْ
كانَت صادحةً أجراسُ كنائسِها
وقبابُ مساجدِها روضاً لحمامٍ أبيضَ أبيضَ
واليومَ أنا لا أُبصِرُ غيرَ الغِربانْ
معلوماً عددُ الدورِ بها قد كانْ
وعلى الحيطانِ يُسجَّلُ رقمُ الدارِ وصاحبُهُ
خُلِعَتْ تلكَ الأرقامُ وأُغمِدَتِ الراياتُ
ولكنْ هذي الراياتُ ستُمحى حَتْماً
فهي دخانْ..

٭ شاعر من العراق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية