عمان – «القدس العربي»: التفاعلات التي تعيشها الأوساط السياسية الأردنية العميقة وغير العميقة على هامش “تجدد جدال القضية الفلسطينية” ومنذ سجلت زيارة بنيامين نتنياهو إلى عمان، لا يمكن إسقاطها من حسابات البيدر السياسي الأردني الإقليمي والدولي، خصوصاً أن زيارة الملك عبد الله الثاني الأخيرة لواشنطن انطوت علناً على”مكاسب سياسية ودبلوماسية” من الصعب إنكارها.
لكن المكاسب في الجدال النخبوي المحلي ليست وحدها، بل تجلس إلى جانبها “مخاطر الانخراط والتكيف” خصوصاً بعد الحديث عن مساهمة الأردن في حزمة “تصورات وترتيبات أمنية الطابع” لم يكشف النقاب بعد عن تفاصيلها لا السياسية ولا البيروقراطية وتحت إلحاح الحاجة الأردنية الموضوعية لتمكين “التهدئة” في الأراضي المحتلة وللحفاظ على “ما تبقى من مؤسسات السلطة والنظام القانوني”.
احتمالان
الأردن الرسمي مهتم جداً بوقف حالات التصعيد عشية شهر رمضان المبارك غربي النهر حتى في ظل “غياب الأفق السياسي”. وعندما سئل وزير الخارجية أيمن الصفدي مؤخراً في ندوة مغلقة عن “سيناريو الوضع العام” تحدث عن “احتمالين”، لكنه نفى قطيعاً وجود سيناريو باسم “الخيار الأردني” الذي تداولته مؤخراً خوفاً أو قلقاً العديد من التقارير.
والتحذير من مخاطر التكيف والتعايش مع اليمين الإسرائيلي حصراً كان قد شمل مؤخراً أكثر من 219 مثقفاً وسياسياً أردنياً أصدروا بياناً يحذرون فيه من “السيناريو الأردني”، علماً بأن الناشط الإسلامي البارز الدكتور رامي العياصرة حذر مبكراً عبر “القدس العربي” من سعي اليمين الإسرائيلي إلى “أردنة” مشكلات الضفة الغربية المحتلة في الوقت الذي أصر فيه وزير البلاط الأسبق والخبير مروان المعشر على أهمية “عدم تصديق” أي رواية لا عن اليمين الإسرائيلي الحاكم اليوم ولا عن من ينقل عنه ضمانات.
ورغم ذلك ورغم الوضوح الذي نتج عن الزيارة الملكية الأخيرة إلى الولايات المتحدة، فإن القوى السياسية والاجتماعية الأردنية في أقصى حالات التحسب والحذر والتحوط. وهنا حصرياً يبرز موقف التيار الإسلامي الأردني أكبر وأكثر المهتمين بالملف السياسي عموماً، حيث مقاربة التيار الخاصة تبحث عن تموقع سياسي في مواجهة تداعيات القضية الفلسطينية الحساسة وانعكاساتها على الوضع الداخلي الأردني. الإسلاميون في حالة حيرة وتساؤل وتردد بين عدة محطات حول أفضل السبل التي يمكن الجلوس بقربها في مواجهة التداعيات غربي نهر الأردن.
وهنا على الأرجح عقدت مشاورات وأجريت مباحثات على مستوى المؤسسات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين والحركة الإسلامية، خصوصاً بعد ظهور شكل أو نمط من أنماط التسرع في دعم الموقف الرسمي إثر التصريحات التي صدرت عن حديث ملكي شهير لمحطة سي ان ان، التي لا يمكن المزايدة وطنياً عليها، خصوصاً مع الحديث عن الخطوط الحمراء الأردنية وعن دعم حقوق الشعب الفلسطيني.
لعبة مضللة
وبعد تلك التصريحات لجأ التيار الإسلامي الأردني إلى إصدار مواقف وبيانات مثله مثل غيره من التيارات، تحاول تدعيم الموقف الرسمي الأردني والبقاء بالقرب منه لا بل وتمتدحه. كل ذلك استمر عملياً إلى أن ظهر بنيامين نتنياهو في لعبته الحراكية المضللة في عمان العاصمة. وشكل استقباله رسمياً وإقامة نوع من المشاورات معه على أهميتها بالنسبة للمقاييس والمواصفات الأردنية السياسية صدمة حقيقية لجميع الأطراف. وتسببت تلك الزيارة بمراجعة حالة التموقع وحالة الجلوس وإجراء قراءة مستجدة في الموقف أملاً في الحصول على إجابات عن أسئلة عالقة.
ومن المرجح أن الحيرة التي يمكن أن يجلس في منطقتها أي تيار معارض في الأردن تساهم في تبديد الصورة وتشتيت الهدف وتحرم الأردنيين أيضاً ومن المرات النادرة من إمكانية تأسيس مساحة ومسافة مشتركة ما بين الموقفين الرسمي والشعبي، كما حصل في مسألة التحرز على الثوابت الأردنية في مدينة القدس.
مفارقات وسجالات
وهنا برزت مفارقات وجدالات وسجالات، لأن العديد من البيانات الرسمية سواء عن الأحزاب المعارضة أو غيرها في دعم الموقف الرسمي والتأكيد عليه وتشجيعه على المضي قدماً بالانعزال عن تداعيات صفقة القرن وعن السيناريوهات التي ترسم في المنطقة أو الانخراط فيها كان من العلامات الفارقة. وكل ذلك يبدو أنه تأثر الآن بزيارة نتنياهو، ولاحقاً ببيان الخارجية في “إدانة عملية القدس”، وثم بظهور تقارير عن مساهمة الأردن بترتيبات أمنية تقلق حتى بعض المسؤولين.
القراءة المعارضة للمشهد، التي وجدت بأنها تستطيع توفير مساحة لمبادرة مشتركة مع الموقف الرسمي تختلف عن القراءة الرسمية.
زيارة نتنياهو بالسرد الرسمي حققت اختراقاً وإن صدمت الجميع، ولم تكن نتائجها بكل حال بمقدار ما يخطط له الموقف الرسمي، خصوصاً بعد تصريحات إيتمار بن غفير إثر تلك الزيارة وبعد اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمصلى المرواني في المسجد الأقصى بصورة تعتدي مجدداً على الوصاية الأردنية. وما يحاجج به الإسلاميون وغيرهم هنا أن الموقف الرسمي بعد استقبال نتنياهو بدا أقرب إلى مسار التكيف حتى على حساب الثوابت الأردنية المعلنة.
وهو ملف حساس، ويتدحرج الآن في نقاشات الأردنيين فيما بينهم بعد ما تبين بأن البوصلة تاهت عملياً مجدداً وأرسلت رسائل متعاكسة في مسألة الموقف الرسمي الأردني، جزء منها يتمسك بالثوابت وهو القادر على استقطاب الشارع الأردني والخطابات والبيانات الشعبوية والحزبية، وجزء آخر منها يتعلق بالتكيف حتى على حساب تلك الثوابت تمهيداً لنشاطات مرتبطة بمشروع السلام الاقتصادي الإقليمي مثل النقب 2. وهو الجزء الذي يقلق حلفاء مفترضين للموقف الرسمي في وسط وعمق المجتمع الأردني.
إسرائيل تسعد بترويج الأردن نفسها دولياً كراعية لعرب فلسطين 1948 والضفة وغزة وترويج الأردن كدولة ترحب بدخول 3 مليون من 4 دول جوار عبر عقدين وتقدم خدمات لهم مجاناً وتشغلهم بدل مواطنيها، فإسرائيل تريد تهجير فلسطينين للأردن لحل مشكلتها الديمغرافية وهذا الترويج للأردن ستعتبره إسرائيل وداعميها مكمل لخططهم بالتهجير، وبالتالي على الأردن من الآن فصاعداً انتهاج سياسة طاردة ترفض استقبال من يحاول عبور حدودها وترفض تقديم خدمات مجانية لهم وتشغيلهم وترفض مساعدات دول أخرى لهم لا تشمل قبول تسفيرهم للدول المانحة.
تعامل الاردنيون اكثرمن مرة مع ابو يائير وفي كل مرة لم يلتزم نتانياهو بالوعود التي قطعها مع الاردن ..الواضح ان نتانياهو يلعب على الحبلين فهو من جهه يريد لحكومته الاستمرار مع اليمين المتطرف وبنفس الوقت الحفاظ على الوضع القائم في الحرم…