كدجلة في فيينا يترّنح الدانـوب
ترّنح سكران احتسى الشراب..
تحت ظلال مقهى ( الرينغ )(*).
يتذكّـر الغريب شارع الرشيــد..
فبين الاسمين بــون من الآهات؛
من شارلمان إلى هارون الرشيد
من كرستال الأرض إلى بغــداد
ومن فيينــا وصيفة الجمـال..
إلى بصرة السيّاب والنخيـل.
آه أيّها الغريب على الخليـج
الواجـم كعاشــق ذي مـزاج
وأنت تتأمّـل إيقاع الأمواج..
حتى الماء هنا كرستاليّ اللون؛
كأنّـه مُــزُن من ودق السّماء..
ليس فيه لا وحـل ولا طيـن..
بل: لبن وعسل وخمر ومـاء.
ها هو قادم التــرام الأصفـــر(**).
يشقّ المدينة كالنهر الأزرق (***).
يحمل النّــاس إلى مخادع الحــبّ؛
وأسواق الكتــب؛ وبيـوت الــربّ.
كلّ شيء في المدينة نبعـه الحـبّ.
أيّها الـعشق الغريب عن الخليـج:
متى نلتقي معــا قلــبا على قلـب؟
في فيينا النساء خلقــن خلـقا من
زعفـران مطيّـــب بعطـــــور..
كالحواري في عُــلا السّمــاء..
تجـــد فيهـــنّ دلال الحــــور؛
ونكهــة الرّيحــان والرّمـان..
فهنّ من الحور العين؛ عِيــن:
يشبهنّ ستيفاني أميرة البلوّر.
٭ ٭ ٭
بحثت عن الزمان في التماثيل
فوجدت شيـخا يبتسم للغريب؛
فقال: أنـا الزمان الذي رحـل
عن الخليج وحــلّ في خليـج.
الزمـان جوهـــرة الملــوك..
حين لا يجـد التـاج السعيــد
يهـرب إلى خـارج البـــلاد
كقلادة انفرطت عن جِيــد؛
ليدخل كسائح دون ضجيج؛
ويستقــرّ في ليالـي الأنــس..
مسحت رأس الشيخ كالحجيج
حينما يمسحون ذنوب إبليس؛
بلمـس رجل الآلهــة القدّيس..
لكن الذنــوب كثيرة يا صـاح؛
كمياه نهر الفـرات والــزاب..
هل ستروي وصيفة الدانوب؛
عطـــش هــــذا الغريـــــب؟
(*) الرينغ : الشارع الرئيسيّ في المدينة. (**) الترام الأصفر هو لونه في مدينة فيينا.
(***) الدانوب يسمّى بالنهر الأزرق والنهر الكرستاليّ.
كاتب وشاعرمن العراق