يشتكي أصحاب المحال التجارية في قطاع غزة من تراجع إقبال المواطنين على شراء الملابس مع قرب حلول عيد الفطر، حيث يشكل هذا الموسم من كل عام طوق نجاة للباعة، ويمكنهم من تجميد إيجارات المحال والعمال والكهرباء والديون المتراكمة عليهم لكبار التجار، لكن هذا العام بات عدد كبير من الباعة في حيرة من أمرهم، حيث يجدون صعوبة في الاستمرار في المهنة التي يعتاشون منها.
ويواجه سكان القطاع أزمات متراكمة، فهناك آلاف الخريجين والخريجات بلا عمل، كما أن آلاف الأسر الفقيرة لم تتمكن من شراء مستلزمات العيد هذا العام ولاسيما مستنفعي الشؤون الاجتماعية، الذين لم تدفع لهم وزارة الشؤون الاجتماعية التابعة للسلطة منذ العام الماضي.
في الأثناء يواجه العمل الإغاثي هو الآخر تحدياً كبيراً، وذلك بعد تلقي العديد من مؤسساته إشعاراً من الممولين بالتوقف عن دعم العديد من برامج الإغاثية، حيث أن جزءاً كبيراً من برامج الإغاثة التي تنفذها هذه المؤسسات يعتمد على تمويل تقدمه هيئات مانحة من دول أوروبية وشرق أوسطية، لكن المانحين علقوا تمويلهم بسبب التطورات العالمية وفرض الولايات المتحدة حظرا على استقبال بنوك غزة الأموال من العديد من الدول المانحة، وهذه الخطوة أدت إلى تراجع خدمات أكثر من 200 جمعية إغاثية تخدم ما يقارب من 40 ألف أسرة.
ويشتكي المواطنون من حالة الارتفاع الجنوني في أسعار ملابس العيد هذا العام، ما دفع غالبية كبيرة منهم إلى التراجع عن شراء مستلزمات أطفالهم من الملابس.
في سوق مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، بدت محال بيع الملابس خالية من المشترين بشكل غير معتاد، خاصة في الأيام التي تسبق عيد الفطر، حيث تغزو المحال أصناف من ملابس الأطفال والنساء والرجال، لكن حسب عدد من الباعة فإن تكلفة البضائع مرتفعة هذا العام، بسبب فرض جمارك وضرائب إضافية على البضائع الداخلة إلى غزة، حيث تأخذ إسرائيل وحكومة رام الله وحكومة غزة نصيباً ما أثر على أسعارها.
في حديثه لـ«القدس العربي» يقول سامي أبو دية صاحب محل لبيع الملابس النسائية، منذ الأربعة أعوام السابقة، تكبدنا خسائر نتيجة أزمات أصابت الحركة الشرائية في الأسواق، تمثلت في أول عامين بتأثير جائحة كورونا على حركة التسوق والإغلاقات المتكررة للأسواق، وخلال العام الماضي نشوب حرب مع إسرائيل خلال شهر رمضان، وهذا العام تراجع الدعم المقدم للأسر الفقيرة وخوف المواطنين من تكرار سيناريو الحرب، في ظل تصاعد المواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويقول أبو دية إنه بات بفكر بشكل جدي بترك العمل في هذه المهنة المستمر فيها منذ 10 سنوات، نتيجة تراكم الديون عليه للتجار ومالك المحل، وصعوبة توفير لقمة عيشه من مردود المحل المتدني، ولا يريد أن يغرق في مزيد من الديون، خاصة وأن هناك غيابا واضحا لأي بوادر إيجابية للواقع الاقتصادي والمعيشي في القطاع.
واشتكت مجموعة من النساء في السوق من ارتفاع أسعار ملابس الأطفال هذا العام، وسط رفض الباعة مراعاة الزبائن في الأسعار. فتكلفة شراء فستان أو بدلة صغيرة تجاوزت 60 شيكلاً أي ما يقارب من 25 دولارا، مقارنة بالأسعار خلال الأعوام الماضية التي لم تتجاوز 40 شيكلاً أي 15 دولاراً.
أم يزن تقول لـ«القدس العربي» إنه «رغم الظروف المعيشية التي أعانيها، عقدت العزم على إدخال فرحة العيد على وجوه أبنائي الثلاثة، فقمت بالتجول في العديد من أسواق غزة كي أحصل على ملابس بأقل الأسعار، ولكن نتيجة ارتفاع الأسعار لم أتمكن من توفير ملابس لجميع أبنائي».
أما أم وديع فتوضح لـ«القدس العربي» أنها تمكنت قبل حلول شهر رمضان من شراء ملابس لأبنائها، حيث تشهد الحركة ضعفا شديدا من قبل المواطنين، وذلك يجبر الباعة على تخفيض أسعار البضائع.
وتزامناً مع الارتفاع الحاد في أسعار البضائع، تتجه الكثير من العائلات لسد احتياجاتها من خلال شراء الملابس المستعملة البالة من المحلات المنتشرة في القطاع، وهذه الملابس عبارة عن بقايا مصانع أو متاجر يتم التخلص منها بتصديرها إلى غزة، وتباع بأسعار منخفضة جداً مناسبة للفقراء.
ويقول أبو صلاح في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار لم أتمكن من شراء ملابس لأولادي من الأسواق والمحال التجارية هذا العام، فأنا عاطل عن العمل واحتاج لمبلغ كبير من المال لشراء ملابس، وأفكر بالتوجه خلال الأيام المقبلة للبالة، فهي تمتاز بالماركات العالمية إضافة إلى سعرها المناسب.
ويشير في حديثه لـ«القدس العربي» إلى أن ارتفاع أسعار البضائع بشكل ملفت، سيكبد الباعة والتجار خسائر كبيرة، فرغم وجود بعض الحركة على المحال التجارية، إلا أنها لن تسعف الباعة، وكان من الأجدر بهم الاعتراض على شراء البضاعة بتكلفة عالية من التجار، كون الظروف المعيشية في غزة في تراجع ويصعب على الكثير توفير كامل مستلزماتهم.