نقلت عدة جهات إعلامية عديدة، منها صحيفة «واشنطن بوست» وموقعا «اكسيوس» الأمريكي و«والا» الإسرائيلي، تفاصيل عن لقاء سرّي استضافته أبو ظبي الخميس الماضي، لمناقشة خطط ما يسمى «اليوم التالي» بعد انتهاء الحرب على غزة.
إضافة إلى وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، ضم اللقاء كبير مستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط برت ماكغورك، ومسؤولين إسرائيليين كبيرين هما وزير الشؤون الاستراتيجية رون درمر، والذي يعتبر رجل السر المقرب لنتنياهو، ورئيس الطاقم السياسي ـ الأمني في وزارة الحرب درور شالوم.
حسب كاتب تقرير «والا» فإن اللقاء جرى بعد أن عبّر بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، عن رغبته في أن تكون الإمارات جزءا من خطة اليوم التالي. ترتكز الخطة على ثلاث قوائم، عسكرية، تتولى فيها أبو ظبي إرسال جنود، ومالية، عبر دفع تكاليف إعادة إعمار غزة، و«تعليمية» تقوم عبرها بتغيير منظومة التعليم في القطاع!
جرى نقاش هذا الطرح، حسب المصادر التي نقلت المعلومات، بالتزامن مع رفع نتنياهو ثلاث لاءات تم إبلاغها للإماراتيين والأمريكيين، تتمثّل الأولى برفضه وقف الحرب التي يشنها على الفلسطينيين حاليا، والثانية برفض أي دور للسلطة الفلسطينية في إدارة القطاع، والثالثة برفض استئناف عملية السلام القائمة على حل الدولتين!
الأغرب من ذلك، حسب مصادر إسرائيلية، هو أن نتنياهو كان رافضا لهذه الخطة، التي تقدم بها يوآف غالانت، وزير الحرب (وشريكه في الاتهام على قائمة محكمة الجنايات الدولية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية) وأنه قطع عليها الطريق لأشهر، لكنه كلّف الآن فريقه بترجمتها للإنكليزية واقتراحها على الأمريكيين والإماراتيين باعتبارها اختراعه.
قامت أبو ظبي بأشكال عديدة من الإعلان عن انخراطها في الخطة كما حصل في مقابلة مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية، لانا نسيبة، التي قالت في مقال نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، الأسبوع الماضي، عن استعداد بلادها لإرسال قوات للمشاركة في قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات بغزة، فيما نسبت «واشنطن بوست» لأحد المسؤولين الذين حضروا اللقاء بأن بن زايد «طرح أفكارا حول كيفية إدارة الأمور الأمنية والسياسية» وأن جوهر الاقتراح يستند على «سلطة فلسطينية إصلاحية».
طرح الاجتماع، على ما توارد، أسماء بعض الشخصيات الفلسطينية التي توافق عليها الإمارات، ويمكن أن توافق عليها إسرائيل، غير أن انفتاح باب المناقصات، عبر طرح وجمع لاءات نتنياهو، مع تجارب أبو ظبي العسكرية ـ الأمنية العربية، وتقريب ما تطمح إليه إسرائيل والإمارات، سيُحيل عمليا إلى قطعان بن غفير وسموتريتش و«شباب التلال» وأجهزة الشاباك والمستعربين، من جهة إسرائيل، و«قوات الدعم السريع» في السودان، و«المجلس الانتقالي الجنوبي» في اليمن، وقوات الجنرال خليفة حفتر في ليبيا، من جهة الإمارات.
حسب هذه الأفكار فإن على تلك «الحمائم» الفلسطينية التي اقترحت اسماؤها أن تقبل بدفن حل الدولتين، وبإلغاء دور السلطة الوطنية الفلسطينية، وبقبول التكليف بـ«القضاء على حماس» وبالتالي، تحمّل المسؤولية السياسية عن الإبادة الجماعية الإسرائيلية للفلسطينيين.
حصل الاجتماع، على حد قول مسؤول عارف بتفاصيل اللقاء لـ«واشنطن بوست» لأن الإماراتيين «شعروا بالإحباط بسبب الافتقار إلى التفكير الإبداعي بشأن غزة» والحقيقة أن الأمر يحتاج إلى روائي على شاكلة الإنكليزية ماري شيلي، مبدعة شخصية فرانكشتاين، كي تتناسب «حمائمية» الشخصيات الفلسطينية المطلوبة، مع المهام الدموية الرهيبة المطلوبة منها!