تشكل مهنة الصيد ثاني مصدر دخل للمواطنين في قطاع غزة بعد الزراعة، وقد ضعفت بشكل كبير بسبب الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 14 عاماً. ونتيجة الملاحقة الإسرائيلية للصيادين في عرض البحر وتضييق مساحة الصيد، باتت علامات الحزن والبؤس واضحة على وجوه الصيادين الذين يجلسون في غرفهم بين شباكهم، ينتظرون خبر رفع الحظر عن الصيد وممارسة مهنتهم في كافة مناطق بحر غزة من دون أي قيود، خاصة في ظل تراكم الديون على الصيادين الفلسطينيين، مع استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع الصيد.
ولم تسلم قوارب الصيد ومعدات الصيادين من انتهاكات الإحتلال، فهي الأخرى طالها القصف والتخريب والمصادرة والاستهداف المباشر، وهذا الأمر جعل الصيادين بحاجة إلى قطع غيار وأدوات جديدة، دون أن يتمكنوا من تسديد ثمنها للتجار وأصحاب ورش النجارة والحدادة المنتشرة في غزة، حيث خصصت دولة قطر قبل ثلاثة أعوام، مبلغ مليوني دولار لسداد الديون المتراكمة على عدد كبير من الصيادين.
وأنهت دائرة شؤون الصيادين التابعة للشرطة البحرية في غزة خلال العام المنصرم، عدة خلافات مالية بين الصيادين وإحدى شركات بيع معدات الصيد بلغت قيمتها 127 ألف شيكل بعد تراكم الديون لعدة سنوات، وعملت اللجنة المكلفة على حل القضايا، بعد توافق جميع الأطراف على السداد والتراضي فيما بينهم بإشراف ومتابعة الشرطة البحرية.
وعلى طول شاطئ بحر قطاع غزة، تتراكم مئات قوارب الصيد المصفوفة بجوار بعضها في مناطق متفرقة، وهذه القوارب غير صالحة بما يكفي لإعالة صياد وأسرته ليس لهم مصدر دخل سوى صيد الأسماك، فيما يلجأ الصيادون في العادة إلى شركات وتجار محليين لصيانة قواربهم، التي تتعرض للتلف إما أثناء العمل أو بسبب مرور زمن طويل عليها، وإما بسبب إطلاق النار من قبل زوارق البحرية الإسرائيلية صوب هذه القوارب، ما يسبب أعطالاً كبيرة فيها تمنع من الإبحار بها.
وأكد خالد جرادة صاحب شركة لبيع أدوات ومعدات صيد الأسماك، إن تجارة معدات وأدوات الصيد تمر بأسوأ أحوالها، بسبب استمرار الحصار ومنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي دخول 90 في المئة من هذه المعدات، و«هذه التجارة أصبحت تعاني من انهيار كامل، وقد انعكس ذلك سلباً علينا كتجار نعتاش من وراء هذه المهنة».
وقال جرادة لـ«القدس العربي» إن هناك العديد من المعدات الأساسية تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي إدخالها إلى قطاع غزة بسبب إزدواجية الاستخدام، ومن هذه المعدات مواد لتصنيع قوارب الصيد، وقطع غيار ضرورية مفقودة من السوق المحلي منذ سنوات، تعتبر أجزاء أساسية لهذه القوارب.
وأوضح أن قيمة الديون على الصيادين تفوق 30 ألف دولار، تراكمت في السنوات الأخيرة بسبب تردي ظروف الصيادين وتراجع الصيد، في حين أن العديد من الصيادين يلجأون للشركة لشراء معدات وأدوات ضرورية جداً بالنسبة إليهم، غير أنهم في أحيان كثيرة لا يملكون ثمن هذه المعدات، فيضطرهم ذلك إلى الحصول عليها على أن تسجل ضمن الديون، إلى حين تمكن الصياد نفسه من سداد قيمتها مما يصطاده من أسماك ويبيعها في السوق المحلي.
في سياق ذلك قال نقيب الصيادين نزار عياش، إن حياة الصيد الفلسطيني كلها دين في دين، وبات غالبيتهم لا يستطيعون سداد الديون المتراكمة عليهم، وبالكاد قادرون على توفير قوت يومهم وهذا كله بسبب استمرار انتهاكات بحرية الاحتلال بحق الصيادين، إلى جانب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع الصيد.
وبين عياش لـ«القدس العربي» أن العديد من جمعيات الصيادين والشركات المحلية، لديها ديون مستحقة على الصيادين تفوق قيمتها 200 ألف دولار، وديون أخرى تراكمت على الصيادين لأصحاب ورش الصيانة والحدادة، والفيبر غلاس والقروض البنكية أيضاً.
وأوضح أن الصيادين وصلوا لدرجة لا يستطيعون الانفاق على أسرهم أبداً، والاحتلال مدرك أن الصياد وضعه الاقتصادي صعب ولكن لا يعنيه حل مشكلة الصيد، لأن فئة الصيادين هي شريحة عريضة من المجتمع تعيل 50 ألف أسرة وهي ثاني قطاع اقتصادي، لذلك الاحتلال يريد تدمير جميع شرائح الشعب الفلسطيني، وكافة المنافذ الاقتصادية التى يعيشون من ورائها.
ويسجل لدى نقابة الصيادين في قطاع غزة أكثر من 4000 صياد على امتداد ساحل شاطئ قطاع غزة، وهؤلاء يعيلون أكثر من 50 ألف شخص، إضافة إلى 1500 عامل يعملون في مهن مرتبطة بمهنة الصيد، وبذلك فإن العدد الاجمالي للذين يعتمدون على مهنة الصيد، يصل إلى 60 ألف شخص.
نريد اقامة علاقة صداقة معكم