منذ عدة أسابيع تحلق طائرات الاستطلاع الإسرائيلية «الدرون» على ارتفاعات منخفضة في أجواء قطاع غزة، محدثة حالة من الخوف والقلق لدى المواطنين، مع تزايد التهديدات الإسرائيلية بالعودة إلى سياسة الاغتيالات ضد قادة المقاومة في غزة، مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية، وتوعد المقاومة في غزة بالرد على التغول الإسرائيلي.
وتجوب سماء قطاع غزة أنواع مختلفة من المسيّرات الإسرائيلية ليلاً ونهاراً بغرض التجسس وجمع المزيد من مواقع الأهداف، وأفسدت أصواتها نوم المواطنين وأوقات دراسة الطلاب، إلى جانب تشويش بث المحطات الفضائية.
ومنذ أن دأبت المؤسسة الأمنية في إسرائيل بالحديث عن قتل قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار، بعد اتهامه بالتحريض على تنفيذ هجمات مسلحة ضد الإسرائيليين، تواصل طائرات الاستطلاع التحليق المكثف في سماء غزة، وسط تخوف المواطنين من شنها غارات وتنفيذ اغتيالات.
ويعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل كبير على طائرات الاستطلاع المسيّرة التي تقوم بعدة مهام منها التصوير والمراقبة، وتنفيذ الهجمات، وتوجيه الطائرات الحربية لتنفيذ الضربات ضد الأهداف.
وتزامنا تواصل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة إخلاء عدد من مقارها الأمنية الحساسة، إضافة إلى وقف التدريب العسكري لأفراد الشرطة داخل مواقع التدريب، تحسباً لأي استهداف من قبل الطائرات الإسرائيلية.
ولا يخلو حديث المواطنين في غزة عن سبب كثافة تحليق طائرات الاستطلاع في الأجواء، وما يرافق ذلك من قلق وإزعاج لما يعني لهم أن هذه الطائرات هي نذير شؤم وموت، وتتسبب باضطرابات نفسية خاصة على الأطفال وكبار السن، كما أن انزعاج المواطنين يزداد مع تشويش هذه الطائرات على دراسة طلبة الثانوية العامة الذين يتجهزون لتقديم الامتحانات منتصف حزيران/يونيو الجاري.
المواطن أمير أبو فايد 39 عاماً يشتكي من صعوبة ممارسة حياته الطبيعية مع أفراد أسرته بفعل حالة التشويش والضغط النفسي الذي تتسبب به طائرات الاستطلاع، والتي تصدر صوت طنين مرتفع يزداد مع حلول الليل.
ويقول لـ«القدس العربي» إن «طائرات الاستطلاع الإسرائيلية تسبب لي ولأفراد أسرتي حالة من التوتر النفسي، نتيجة صوتها المرتفع عدا الخوف من تنفيذ هجمات مباغتة» معتبراً أن إسرائيل تحاول من خلال تكثيف وجود طائرات الاستطلاع في سماء غزة، شن حرب نفسية على المواطنين إلى جانب حروبها العسكرية.
وبين أن أصوات الطائرات المسيّرة يسمعها جميع سكان القطاع ويشتكون من ضجيجها، إذ بقي هذا الصوت مرتبطا بالحرب في نفوسهم و«ربما هذا يجعلنا أكثر خوفا وقلقا من احتمالية وجود تصعيد عسكري قريب، تزامناً مع تصاعد التوتر بين المقاومة وإسرائيل».
ويقول الخبير الأمني الدكتور محمود العجرمي إن إسرائيل تعتمد بشكل كبير في جمع أهدافها العسكرية وغيرها على الطائرات المسيرة، كونها تصل إلى أهداف دقيقة، وتنفذ مهامها بشكل مباغت وتستغني إسرائيل من خلالها عن العملاء على الأرض. ويشير لـ«القدس العربي» إلى أن هذه الطائرات تسببت بقتل مئات الشهداء الفلسطينيين، كما أن خطورتها تكمن في بطاريتها التي تؤهلها للتحليق ساعات طويلة قد تصل إلى يومين من دون الاضطرار إلى الهبوط والتزود بالوقود، عدا عن امتلاكها جهاز مراقبة شديد الدقة قادر على الرصد في الليل والنهار.
ويوضح الخبير الأمني أن إسرائيل تصنع أنواعا مختلفة من هذه الطائرات وتجربها في الأراضي الفلسطينية قبل الترويج لها وتسويقها في أسواق السلاح العالمية، ومن أشهر طائرات الاستطلاع التي تستخدمها إسرائيل في غزة بالتحديد، كواد كابتر وهيرمز، وهما تستخدمان للرصد الليلي، وكذلك طائرة سكاي رايدر التي تعمل مع الوحدات الأرضية لتحديد الأهداف، إضافة إلى العديد من الأنواع الأخرى ذات الأهداف المخصصة.
ويلفت إلى أن تحليق الطائرات بشكل مكثف خلال هذه الفترة، يأتي ضمن مناورات «عربات النار» التي تقوم بها إسرائيل، بهدف جمع أهداف للمقاومة داخل غزة والاستعداد لأي تصعيد عسكري جديد، في ظل توتر الأوضاع في مدينة القدس والمسجد الأقصى على خلفية عمليات الاقتحام المتكرر للمستوطنين والاعتداء على المقدسيين.
يشار إلى أن إسرائيل استخدمت طائرة الاستطلاع منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول/سبتمبر 2000 لأغراض المراقبة ورصد تحركات عناصر المقاومة، وبعد ذلك طورت من استخداماتها، من خلال تزويدها بصاروخين موجهين لهما القدرة على ضرب الهدف بدقة عالية.