غزة بين الوهم الاسرائيلي والخذلان العربي

حجم الخط
34

من الخضيرة الى تل ابيب واشكول، ومن القدس المحتلة الى حولون وسديروت، يبدو ان صواريخ المقاومة الفلسطينية نجحت في رسم خريطة استراتيجية ونفسية جديدة للصراع مع اسرائيل.
وعلى الرغم من مئات الغارات التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة منذ بدء هذه الحلقة الجديدة من عدوانها المستمرعلى الشعب الفلسطيني، الا انها في الحقيقة اصبحت تدرك حجم ما لحق بها من هزيمة تاريخية، لاتنفع معها التهديدات باجتياح بري، او حتى ارتكاب المزيد من المجازر سواء بين المدنيين او عناصر المقاومة.
واسهمت في الهزيمة الاسرائيلية عوامل استراتيجية واعلامية ونفسية، لينهار جدار هائل من الاوهام عملت الدولة العبرية على التحصن وراءه منذ قيامها، ولعب دورا حاسما في معاركها السابقة، ومنها:
اولا – كرس العدوان الجديد الفشل الاستخباري الاسرائيلي في مجرد تقدير الحجم الحقيقي لما تملكه المقاومة من قدرات، واعترف ضباط اسرائيليون بانهم فوجئوا باطلاق المقاومة صواريخ مضادة للطائرات من نوعي ستيلا وايغل، ما اجبر اسرئيل على اعادة حسابات القصف الجوي. واثبتت المقاومة انها قادرة على اخفاء عدد هائل من الصواريخ التي يطال بعضها مساحة اسرائيل بالكامل، في هذا القطاع الضيق ذي الارض المستوية والمكشوفة امام اسرائيل، على خلاف الطبيعة الجبلية التي تساعد المقاومة في جنوب لبنان على سبيل المثال.
ثانيا – ان كل صفارة انذار تنطلق في المدن الاسرائيلية تحسبا لسقوط صواريخ المقاومة، سواء نجحت او فشلت تلك الصواريخ في اصابة اهدافها، انما تعلن عن هزيمة نفسية مروعة بالنسبة للجمهور الاسرائيلي الذي افاق على حقيقة مرة: الجيش الاسرائيلي الذي «لا يقهر» عاجز عن تحجيم تنظيمات مسلحة تعمل من مساحة جغرافية ضيقة تعاني حصارا عسكريا واقتصاديا. ويختلف الامر تماما بالنسبة لسكان قطاع غزة الذين لم تمنع الغارات الاسرائيلية بعضهم من الخروج مساء امس الاول الى المقاهي لمتابعة مباراة في كأس العالم لكرة القدم. فقد واجه هؤلاء ما هو اسوأ كثيرا من هذا العدوان، ويصعب ان ينافسهم احد في القدرة على الصمود.
ثالثا- مع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، اكتشف الاسرائيليون ان اذاعة الجيش الاسرائيلي التي كانت لعقود مصدرهم الرئيسي وربما الوحيد للأنباء في مثل هذه الظروف، انها تتعمد التزييف والتعتيم على انجازات االمقاومة. وهرعت الشرطة الاسرائيلية الى اصدارات بيانات تطالب الناس بعدم نشر او تلقي الاخبار بشأن المواجهة من الفيسبوك او الواتس اب، في تذكير لما فعلته انظمة عربية من تعطيل للانترنت في محاولة فاشلة لتفادي السقوط.
رابعا- كشف العجز الاسرائيلي في منع المقاومة الفلسطينية من استهداف تل ابيب وما بعدها كبلدة الخضيرة، الى جانب قواعد عسكرية ومطارات، عن حجم الكارثة التي تنتظر الدولة العبرية اذا دخلت منازلة مع جيش نظامي يمتلك ترسانة صاروخية ستكون حتما اكبر قدرة من تلك التي تستخدمها المقاومة. صحيح ان «القبة الحديدية» نجحت في اعتراض عدد من الصواريخ، الا انه في مثل تلك الحروب يكفي ان يفلت صاروخ واحد، لتدفع اسرائيل ثمنا باهظا من مبررات بقائها نفسه في ظل انهيار»جدار التفوق الاستراتيجي» الذي طالما اختبأت خلفه.
اما على المستوى السياسي، فقد كشف العدوان الاسرائيلي عن خذلان واسع سواء من السلطة الفلسطينية او الحكومات العربية المنشغلة في «امور اخرى». وفيما كانت الغارات تدك منازل في غزة امس الاول، كان الرئيس محمد عباس يشارك بكلمة مسجلة في مؤتمر لصحيفة «هآرتس» الاسرائيلية، قال فيها انه مستعد لاستئناف المفاوضات لتسعة شهور جديدة بمجرد موافقة اسرائيل على اطلاق سراح دفعة رابعة من الاسرى (..).
ان الحديث عن المفاوضات في هذه الظروف بدلا من الذهاب مباشرة الى المحكمة الجنائية الدولية لحماية الشعب الفلسطيني، يعطي اسرائيل الضوء الاخضر للاستمرار في عدوانها، كما يعطي مبررا للحكومات العربية للاكتفاء بعبارات الشجب والادانة المعهودة، وان كان هذا لا يعفيها من واجبها في التحرك العملي بالضغط على «العراب الامريكي» لوقف العدوان، تزامنا مع التدخل الانساني، وهو اضعف الايمان، لتقديم المساعدات خاصة بعد ان اعلنت اسرائيل قرارات بعقاب جماعي ضد غزة.
ويشكل العدوان اختبارا اسرائيليا صعبا للرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي الذي اتصل بعباس وتعهد له بالتدخل سعيا الى وقف العدوان، الا انه يمثل فرصة ثمينة ايضا ليبرهن عمليا على ان «الخلافات مع اي جماعة لن تؤثر في الموقف من فلسطين» كما قال في خطابه الرئاسي الاول الشهر الماضي.

رأي القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابوداود الجهمي-اليمن:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    لقد صدقت التنباات في ما توقعناه من مامرات قادمه تستهدف القضيه الفلسطينيه (شرق اوسط جديد ) مطبع بطباعنا يااسرايل كلمه خفيفه باللسان ثقيله بالحساب طويلة المداا (كوندرايز) القتها لقادة عرب وقيادات عبريه في2006م اثناا تقدم صواريخ خيبر1ضواحي تل ابيب وحشود المسطوطنين نحوالسفارت في تل ابيب مطالبه ترحيلهم مع عوايلهم الابلدانهم الاصليه هذا مادفع الغرب تغيير سياستهم اان ذاك وان لاتكون في الحسبان كونها كلمه قصيره خفيفه ومن تاريخه الا الان لم تكتمل حساباتها لداا حكام الغرب واتباعها وعملااها في اوساطنا – ايها الواهمون ان المجازر الذي ترنكبوها في غزه اطفال ونساا ومسنين ولتعلموا كما افصحتم في 2006 انها تنبوابقدوم ثورات عربيه معاكسه لثورات الربيع ولشرق اوسط جديد لقد غضب الله عليكم بفعلكم الشنيع في اهل غزه امرالله قادم وانتم لا تامنوا مكرالله ايها المبلسون المتطبعون -وانتم يامن تتناحرو في سوريا والعراق اليمن لقد ادركتم انكم قد اخطااكم في خدمتكم لاعداا الله وشاهدكم نتايج تناحركم ياربيع في اطغال غزه(لقد صنعوكم معطيات لشرق اوسط جديد) انتم الهدف المرتقب للجزاا كما تجازو المجاهدون في اغغانستان بعد تحققت اهدافهم في تفتيت منضومة الاتحادالسوفيتي

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية