تزامناً مع استعدادات الفلسطينيين للمشاركة في الانتخابات التشريعية والتي من المقرر إنطلاقها في 22 ايار/مايو المقبل، يرى اقتصاديون أن الانتخابات ستنعش عدداً من القطاعات بشكل مؤقت، ومن أبرز هذه القطاعات المطابع وحركة النقل والخريجين، حيث ستفوق تكلفة إجراء الانتخابات بحسب الخبراء، 50 مليون دولار سواء على صعيد غزة أو الضفة.
ويعاني الفلسطينيون من آثار الانقسام الذي ضرب مئات القطاعات الصناعية والاقتصادية، خاصة في قطاع غزة بعد أن بسطت حماس سيطرتها على القطاع، وفرضت إسرائيل في الأثناء الحصار عليها إلى هذا الوقت، حيث شكلت حالة التوافق الفلسطيني مؤخراً نحو ترميم الآثار السلبية المترتبة على الانقسام، والذهاب إلى الانتخابات بعد مرور أكثر من 14 عاما على الانقسام، طوق نجاة للعديد من القطاعات المتضررة لاسيما الخريجين، الذين يتكدسون في كل عام بالآلاف من دون أفق الحصول على فرص عمل.
وبلغت تكلفة إجراء آخر انتخابات تشريعية في فلسطين عام 2005 ما يقارب من 7 مليون دولار، لكن اليوم هذه الأرقام مرشحة للزيادة بحيث تصل تكلفة إلى أكثر من 16 مليون دولار، والرئاسية إلى أكثر من 13 مليون دولار، وذلك بسبب ارتفاع أعداد الناخبين اليوم مقارنة بما قبل 15 سنة، وحدوث ارتفاع في أسعار الأدوات والمعدات والقرطاسية المستخدمة في العملية الانتخابية.
في سياق ذلك، قال الخبير الاقتصادي الفلسطيني معين رجب، إن الانتخابات الفلسطينية إن جرت بالفعل، فإن العديد من القطاعات تنشط في وقت الانتخابات، حيث يفسح المجال في ذلك لتشغيل أيدي عاملة ولا سيما خريجي الجامعات، كما تنشط الشركات والمكاتب العاملة في مجال الطباعة والإعلان، ويستعيد قطاع النقل والمواصلات عافيته، كذلك المطاعم وشركات إنتاج العصائر والمياه المعدنية ستشهد انتعاشاً ملحوظاً.
وأشار رجب لـ»القدس العربي» أن السلطة الفلسطينية قبل إجراء الانتخابات بموعد قصير، تقدم ميزانية كبيرة للجنة الانتخابات، تحصل عليها من الموازنة العامة وتدرج تحت نفقات وزارة المالية، إلى جانب ذلك فإن الدول المانحة بدورها، تعمل على تقديم الدعم الكامل لتأمين سير عملية الانتخاب.
وأضاف أن لجنة الانتخابات المركزية تتكفل بدورها بالمصاريف الإدارية، والتي تشمل شراء أثاث وأجهزة وبرامج متخصصة للانتخابات، وإنشاء شبكات كمبيوترية ودفع إيجارات، والإنفاق على التدقيق والحسابات وتأمين الموظفين والمركبات، ونفقات الاتصالات والمواصلات والتدريب والخدمات، وكل هذا ينعش دخل القطاعات المعنية.
وبين رجب أن تطور خدمة الإنترنت في الأراضي الفلسطينية وما صاحب ذلك من بروز دور مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات، سيساعد الناخبين في خفض التكلفة التي ينفقونها على الدعاية والترويج إذا ما قورنت مع الانتخابات السابقة، وبإمكان ذلك أن يحقق فرصا واسعة للخريجين العاملين في مراكز الانتخابات.
وأوضح أنه تم رصد قرابة 40 مليون دولار لعمل لجنة الانتخابات المركزية، في حين أن هذا التمويل يتكفل به الاتحاد الأوروبي، وبحسب الخبير الاقتصادي فإنه من الممكن أن يتخطى إنفاق المرشحين للانتخابات سواء المدعومين من الأحزاب السياسية أو المستقلين، حاجز الـ 50 مليون دولار وجميع هذه الأموال التي تنفق، تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد حتى وإن كانت مؤقتة.
أما الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، فقد بين أن الانتخابات الفلسطينية ستعمل على تشغيل عدد كبير من الخريجين من كلا الجنسين سواء في غزة أو الضفة، وهذا سيحقق دخل وفيرا للأيدي العاملة، في ظل تصاعد معدلات البطالة حتى ولو كانت فترة العمل قصيرة.
وأوضح الطباع لـ»القدس العربي» أن الانتخابات في حال جرت وأحدثت تقدماً، فستعمل على تغيير الواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه قطاع غزة، فالعديد من الفئات الشبابية والقطاعات الاقتصادية، ستتحسن أوضاعها المعيشية في حال تم التوافق على تشكيل حكومة فلسطينية تقود البلاد نحو الأفضل.
وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية، توفر مبالغ مالية كبيرة من أجل سير الانتخابات بشكل منظم، ولكن في حال حدوث أي عملية تزوير أو طعن في العملية، فإن ذلك سيرفع من ميزانية الانتخابات ومن الممكن أن يحدث خللا فيها.
وتابع الطباع لقد حان الوقت للم الشمل الفلسطيني، وإنقاذ ما تبقى من القطاعات الاقتصادية التي باتت مهددة في أي لحظة بالانهيار، نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة وفرض حكومة رام الله وغزة ضرائب على البضائع والسلع الآتية من الخارج، وهذا يرهق التجار وأصحاب القطاعات المختلفة.