مينسك: اعترضت مقاتلة بيلاروسية الأحد طائرة ركاب تابعة لشركة “راين إير” بين ركابها ناشط معارض اعتقل عند وصوله إلى مينسك، ما أثار استنكار الدول الأوروبية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي طالب بفتح “تحقيق دولي”.
أفادت شبكة “نكستا” الإعلامية المعارضة أن رئيس تحريرها السابق رومان بروتاسيفيتش اعتقل بعدما حطت الطائرة التابعة لشركة “راين إير” وكانت متوجهة من أثينا إلى ليتوانيا، وقد أكد التلفزيون البيلاروسي العام الخبر.
تمكنت الطائرة مساء من استئناف رحلتها إلى ليتوانيا العضو في الاتحاد الأوروبي، وقد وصلت إلى وجهتها.
ولم يعرف إن كان المعارض غادر ي الطائرة أيضا.
وكان الاتحاد الأوروبي دعا بيلاروس في وقت سابق إلى السماح للطائرة بالإقلاع مع “جميع ركابها”.
وانتقد التكتّل تصرف مينسك “غير المقبول”، وقد أعربت عدة دول أعضاء مثل ألمانيا وفرنسا وبولندا عن الموقف نفسه، في حين طالب الأمين العام لحلف الناتو بالتحقيق في “الحادثة الجدية والخطيرة”.
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء البولندي ماتيوز مورافسكي الحادثة “إرهاب دولة”. وسرعان ما أدرج قادة الاتحاد الأوروبي مسألة فرض عقوبات على بيلاروس على جدول أعمال قمّتهم المقررة الإثنين.
وبحسب مينسك، غيّرت الطائرة مسارها بسبب “تهديد بوجود قنبلة”، في وقت قالت “نكستا” إن الهبوط الاضطراري جاء إثر “شجار” بدأه عملاء مخابرات بيلاروسيين في الطائرة ادعوا وجود قنبلة على متنها.
ونقلت وكالة أنباء “بيلتا” الرسمية عن مطار مينسك أن التهديد بوجود قنبلة “مغلوط”، وذلك بعد تفتيش الطائرة وهي من طراز بوينغ.
وكان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أمر شخصيا مقاتلة من طراز “ميغ 29” باعتراض طائرة الركاب بعد التحذير من وجود قنبلة، حسب ما أفاد مكتبه الصحافي.
وواجه لوكاشينكو حركة احتجاج غير مسبوقة في الصيف والخريف الماضيين شارك فيها عشرات الآلاف من الناس لعدة أسابيع في العاصمة ومدن أخرى، وهي تعبئة ضخمة في البلد الذي يناهز عدد سكانه 9,5 مليون نسمة.
لكن شعلة الاحتجاج خفتت تدريجا في ظل حملات اعتقال جماعي وعنف أمني خلف أربعة قتلى على الأقل، إضافة إلى المضايقات القضائية المستمرة وأحكام سجن مشددة في حقّ نشطاء وصحافيين.
في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أدرجت الاستخبارات البيلاروسية بروتاسيفيتش (26 عاما) ومؤسس شبكة “نكستا” ستيبان بوتيلو على قائمة “الأفراد الضالعين في أنشطة إرهابية”.
وقال رئيس تحرير “نكستا” الحالي تاديوس جيكزان إن عملاء استخبارات بيلاروسيين كانوا في الطائرة.
وأضاف جيكزان “عندما دخلت الطائرة المجال الجوي البيلاروسي، بدأ العناصر شجارا مع طاقم راين إير” زاعمين وجود قنبلة في الطائرة.
في اتصال مع وكالة فرانس برس، قالت متحدثة باسم المطارات الليتوانية إن مطار مينسك أعلمهم بنشوب شجار بين ركاب وطاقم الطائرة.
ووفق صور من موقع “فلايت رادار 24” المتخصص، تم اعتراض طائرة البوينغ فوق الأراضي البيلاروسية على مسافة قصيرة من الحدود مع ليتوانيا.
ترأس رومان بروتاسيفيتش سابقا تحرير شبكة “نكستا” الإعلامية التي لعبت دورا رئيسيا في موجة الاحتجاجات الأخيرة ضد إعادة انتخاب لوكاشينكو الذي يشغل منصب الرئيس منذ العام 1994.
تأسست الشبكة العام 2015، وقد نسّقت بشكل بارز تجمعات في جميع أنحاء بيلاروس، ونشرت صورا ومقاطع فيديو للاحتجاجات وأعمال العنف.
سرعان ما دانت زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا اللاجئة في ليتوانيا اعتقال الناشط، وأكدت عبر تويتر أن رومان بروتاسيفيتش يواجه “عقوبة الإعدام”.
والجمهورية السوفيتية السابقة هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي لا تزال تطبق عقوبة الإعدام.
من جهتها، طالبت ألمانيا بـ”تفسير فوري” بعد تحويل مسار الطائرة. ونددت فرنسا بـ”تحويل وجهة” الطائرة “غير المقبول”، كما استدعت خارجيتها السفير البيلاروسي في باريس.
وقال رئيس الوزراء الإيرلندي ميشال مارتن عبر تويتر إن “الإنزال القسري لطائرة ركاب في بيلاروس اليوم (الأحد)لاعتقال صحافي أمر غير مقبول على الإطلاق”.
أما الرئيس الليتواني غيتاناس نوسيدا الذي منحت بلاده وضع اللاجئ لرومان بروتاسيفيتش، فقد اتهم النظام البيلاروسي بالوقوف وراء هذا “العمل الخسيس”.
وحذرت المملكة المتحدة بيلاروس من أنها تواجه “عواقب وخيمة”، وقال وزير خارجيتها دومينك راب “ننسق مع حلفائنا” حول هذا الموضوع.
أدى القمع المتواصل في بيلاروس إلى فرض عقوبات غربية عليها دفعت ألكسندر لوكاشينكو إلى الاقتراب أكثر من نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
(أ ف ب)