كان جوزيف غوبلز المسؤول عن البروباغاندا، الدعاية وتزييف الوعي، للحكم النازي في ألمانيا بين 1933 و1945.
استخدم الرجل كافة الأدوات المتاحة آنذاك، من صحف وإذاعة ونشرات سينمائية وأفلام روائية والمناهج الدراسية والجامعية وغيرها، للترويج لعبادة الفرد (القائد) ولسمو الجنس الآري وللعداء للسامية ولحتمية إبادة اليهود. وبالقطع، لم يسمح النازيون بتعدد الأفكار أو الآراء أو التفضيلات. بل قمعوا التنوع، وجرموا التداول الحر للمعلومات، وتعاطوا مع الألمان كقطيع يساق إلى حيث يراد له.وكانت النهاية ملايين القتلى والجرحى في أوروبا والعالم، ودمار شامل لألمانيا التي احتلت وقسمت.
تخلصت البشرية من إجرام النازيين في 1945، وذهب الحكم في الجزء الشرقي من ألمانيا إلى الحزب الشيوعي الذي سانده الاتحاد السوفييتي السابق. زال النازي، غير أن أدوات غوبلز الذي انتحر هو وزوجته مع هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية وقتلت زوجته أطفالهما قبل الانتحار، أدواته هذه تواصل استخدامها.
روج حكام ألمانيا الشرقية لعبادة الحزب الشيوعي ولسمو الإيديولوجية الماركسية-اللينينية التي قاد تطبيقاتها الاتحاد السوفييتي كما روجوا للعداء للإمبريالية الأمريكية ولحتمية النصر النهائي على المعسكر الغربي. وبالقطع، قمع الشيوعيون التنوع في الفكر والرأي والفن باسم التقدمية، وفرضوا قناعات الحكام كحقائق مطلقة لا تقبل لا الاختلاف ولا مجرد الجدل.
تعامل الشيوعيون مع الناس كقطيع عرف كطبقات عاملة ومنتجة، وحددت سلفا مطالب الشعب وأهدافه وأحلامه، وشرعن لاضطهاد المختلفين الذين صنفوا كخونة أو متآمرين أو عملاء أو مارقين.وكانت النهاية الهروب الجماعي «للقطيع» وانهيار ألمانيا الشرقية وزوال الاتحاد السوفييتي ومعسكره واستمرار المعسكر الغربي إلى اليوم.
ينتج العنصريون والمتطرفون خطابا للكراهية يشرعن لاستخدام السلاح لمنع اللاجئين من دخول الأراضي الألمانية
انهارت ألمانيا الشرقية بين 1989 و1990، وانتهى حكم الحزب الشيوعي الألماني الذي فرض الماركسية-اللينينية كإيديولوجية والتقدمية كبرنامج بين 1949 و1989. إلا أن محاولات فرض الرأي الواحد وسوق الناس كقطيع انتقلت في شرق ألمانيا من الشيوعيين إلى الحركات العنصرية والمتطرفة التي استبدلت العداء للإمبريالية بالعداء للأجانب، وكراهية الولايات المتحدة الأمريكية بكراهية غير الأوروبيين، وحتمية النصر النهائي للشيوعية بحتمية «تطهير» أوروبا من المهاجرين واللاجئين وعموم غير الأوروبيين. كل ذلك، على الرغم من حقائق التنوع العرقي والتعايش بين الثقافات في أوروبا.خلال السنوات الماضية، وجدت الحركات العنصرية والمتطرفة ضالتها في الكثير من مواطني ألمانيا الشرقية السابقة. اعتيادهم على استمرارية الرأي الواحد واستساغتهم لأكاذيبه وسيكولوجية القطيع التي روج لها من قبل النازيين والشيوعيين، مكنت لنشر العداء للأجانب والدعاية لمقولات الكراهية. ولم يغير من هذه الحقيقة المريرة اختلاف محتوى البروباغاندا من سمو الآريين وإبادة اليهود مرورا بالأوهام الشيوعية وصولا إلى المطالبة بطرد الأجانب.
تورط بعض مواطني ألمانيا الشرقية السابقة في تأييد النازي في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين ثم في الإيمان بقدسية الحزب الشيوعي وفي مناصرة الأفكار التقدمية للشيوعيين ومن بينها رفض العنصرية والعداء للسامية بين خمسينيات وتسعينيات القرن العشرين ثم تورطوا في الترويج للموبقتين العنصرية والعداء للسامية وصنع بيئة مجتمعية معادية للأجانب خلال العقود الاولى من القرن الحادي والعشرين.والنتيجة اليوم هي ولايات ألمانية شرقية يجتاحها العنصريون والمتطرفون، ويرسخون لوجودهم المشين في برلماناتها المنتخبة ديمقراطيا من خلال الترويج للأكاذيب عن الأجانب واللاجئين، ويشجعون على العنف بحق من قدموا ألمانيا بحثا عن ملاذات آمنة من القتل والحروب والفقر. ينتج العنصريون والمتطرفون خطابا للكراهية يشرعن لاستخدام السلاح لمنع اللاجئين من دخول الأراضي الألمانية.
سطوة الرأي الواحد هذه تمثل كارثة أخلاقية وإنسانية ومجتمعية في البلدان الديمقراطية، لا فارق في ذلك بين ألمانيا الغنية والمتقدمة والديمقراطية وبين الديمقراطيات محدودة التقدم كالهند. بل أن شيئا من الافتتان بالرأي الواحد ومن الاستسلام لسيكولوجية القطيع يجتاح الديمقراطية الأمريكية ذات الاقتصاد الأغنى عالميا. في الولايات المتحدة الأمريكية يجلس على رأس السلطة التنفيذية رجل لا يمل من تكرار الأكاذيب والترويج لخطاب الكراهية تماما كما اعتاد جوزيف غوبلز أن يفعل وتماما كما اتهمه منافسه الديمقراطي جوزيف بايدن. ترامب كغوبلز لا يمل من الترويج للأكاذيب والادعاءات العنصرية وادعاء احتكار الحقيقة المطلقة ونزع المصداقية عن المختلفين معه من بايدن إلى إلهان عمر.
كاتب من مصر
1- ألا يمكن القول إن السيسي استخدم الأن الأدوات المتاحة كافة، من صحف وإذاعة وتلفزة وذباب أزرق ونشرات سينمائية وأفلام روائية ومناهج دراسية وجامعية وأحزاب كرتونية وتجار سلاح ولصوص كبار وصغار ومهربي مخدرات وقارعي طبول في كل العصور، للترويج لعبادة الفرد (القائد) المخلص المنقذ وسمو الجنس العسكري والعداء للإسلام والمسلمين وحب اليهود وتثبيت وجودهم العدواني في فلسطين وتأمين احتلالهم للقدس والمسجد الأقصى، ومساعدتهم في تنفيذ مخططهم لإقامة دولة النيل إلى الفرات، ولم يسمح بتعدد الأفكار أو الآراء أو التفضيلات. بل قمع التنوع، وجرم التداول الحر للمعلومات، وتعاطى مع المصريين بوصفهم قطيعا يساق إلى حيث يراد له. والنتيجة حتى الآن آلاف الشهداء والمعتقلين والمطاردين في الداخل وأوروبا والعالم، ودمار شبه شامل للاقتصاد والزراعة والصناعة واستدانة تستنفد دخل مصر ومواردها ، وبيع للغاز وتيران وصنافير، وتنازل عن النيل الذي هو عصب الحياة للمصريين؟
2-جوبلز انتحر هو وزوجته مع هزيمة ألمانيا، ولكن هل يمكن أن تنتحر العصابة
عندما سقط جدار برلين، اصطف عشرات الآلاف من الألمان الشرقيين لتحصيل منحة (welcome money) والتي كانت تقدمها ألمانيا الغربية للزائرين من الشرق، وكان هناك حينها من يأخذها للمرة الأولى، وتخيلوا ماذا اشتروا بها…هجموا على المحلات واقتنوا كل الموز الموجود فيها، والذي كان عملة نادرة في ألمانيا الشرقية…
يحس بعض الألمان الشرقيين ب (ostalgie) وهو مصطلح ألماني يشير إلى الحنين لمظاهر الحياة في ألمانيا الشرقية، أو تحت ظل النظام الاشتراكي وهو لفظ مشتق من الكلمتين الألمانيتين Nostalgie والتي تعني نوستالجيا وكلمة Ost والتي تعني شرق…وهو إحساس نابع ربما من اعتقادهم بأنهم لم يتوحدوا مع ألمانيا الغربية بل تم ضمهم إليها…
هذا الاعتقاد عند بعضهم بأنه تم إنكار وطمس هويتهم كشعب كان ذا خصوصية، في ألمانيا الموحدة، هو ربما ما يولد هذه العدوانية وهذا التعصب اللذان يجدان قناة لتصريفهما في فئات هشة كالمهاجرين.
3-العساكر في حكمهم الذي قارب السبعين عاما استبدلوا العداء للمحتلين الغاصبين حبا وسلاما وتطبيعا وتنسيقا، مثلما استبدل الشيوعيون الألمان وغيرهم العداء للإمبريالية بالعداء للإسلام، وكراهية الولايات المتحدة الأمريكية بكراهية المسلمين، وحتمية النصر النهائي للشيوعية بحتمية «تطهير» أوروبا من المهاجرين المسلمين ليمنعوا – كما يدور في أذهانهم أسلمة أوربة!
لا أعرف لماذا أجد الانتخابات الأمريكية نهاية هذه السنة تشبه انتخابات 2004 والتي واجهت بين بوش الإبن الذي جاء أصلا إثر انتخابات جدلية في سنة 2000 (كان المراد منه فيها على مايبدو بدء غزو أفغانستان والعراق وإعلان الحرب على الارهاب) ثم أنهى ولايته الأولى على وقع فضيحة دخول حرب العراق دون غطاء أممي ودون أن تثبت حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل…(انتخابات 2004)هذه، واجهته بجون كيري الذي لايتميز بأية كاريزما، وليس لديه حتى “اللوك” الذي يميز الرؤساء الأمريكيين عبر العصور والذي يزيد من حظوتهم لدى الناخب الأمريكي…
وبعده كما يعرف الجميع، أحضر رئيس “ملون” ليقوم بمهمة الإخراج الخائب للقوات الأمريكية من العراق، وليرسل خطابا مهادنا للمسلمين.
بوش الابن الذي يوصف بأنه أغبى رئيس في تاريخ أمريكا
السيد عمرأصبت بتحديد بعض سمات النازية والكوارث التي خلفتها على الصعيد المحلي والأوربي. لكن تشبيه النازية بالشيوعية أمر غير صائب . أنا لست شيوعيا ولست في موقف الدفاع عنها لكن أمر لا يمكن التغاضي عنه. للعلم فقط في مقاطعات (ألمانيا الشرقية سابقا) يوجد نازيين معادين لللأجانب وللسامية ولكن اليساريين والشيوعيين السابقين يقفون على نقيض ذلك تماما وهم من ينزل للشوارع للتصدي لليمين النازي في تلك المقاطعات
هناك إيجابيات وسلبيات لكل نظام سياسي. أنا لا أنسى بأنه رغم إختلافي مع مواقف المعسكر الشرقي تجاه الإعتراف بالكيان الصهيوني, إلا أني لا أنسى أنه بوجود ذلك المعسكر كانت موازين القوى لا تسمح بوجود قواعد أمريكية في الخليج العربي وبأنه بعد انتهاء ذلك المعسكر وتفرد أمريكا بالعالم, لم تكتفي أمريكا بإحتلال منابع النفط وتدمير بعض الدول كالعراق, بل استباحت الخليج ونفطه وأمواله وأصبحت قرارات دوله أرخص من تكتيكات مرشحي الرئاسة الأمريكية.