قاآني وكوثراني يسعيان لتجنب الانقسام الشيعي وإقناع الصدر بالعدول عن موقفه

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: بدأت بوادر «الانشقاق» تهدد وحدة «الإطار التنسيقي» على خلفية تأييد قادة في الأخير ما يطرحه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، من التجديد لرئيس الوزراء العراقي الحالي، مصطفى الكاظمي، للإعداد للانتخابات المبكّرة، مقابل رفض قادة آخرين، وإصرارهم على المضي، بإجراءات تشكيل الحكومة الجديدة.
وأفادت معلومات عن تواجد قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، اسماعيل قاآني، والمسؤول في «حزب الله» اللبناني، محمد كوثراني، في العراق، وعقدهم لقاءات مع شخصيات سياسية شيعية بارزة بهدف حلّحلة الأزمة.
المعلومات المتوفرة تفيد، أن زيارة الشخصيتين الإيرانية واللبنانية إلى العراق، تأتي بهدف المشاركة في زيارة «الأربعين» فضلاً عن محاولة الإسهام في حلّ الأزمة السياسية، والتأثير على الصدر، للعدول عن موقفه المقاطع للعملية السياسية، والقبول بالتمديد لحكومة مصطفى الكاظمي (مطلب الصدر) وإقناع قادة «الإطار» بهذا الحلّ.
لكن ذلك يصطدم بموقف بزعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، وقادة الفصائل الشيعية، مقابل ترحيب زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، ورئيس ائتلاف «النصر» حيدر العبادي.

مدخل لانقسام التحالف

ويبدو أن الخلاف على بقاء الكاظمي من عدمه في المنصب، يهدّد وحدة «الإطار التنسيقي» الشيعي، وقد يكون مدخلاً لانقسام التحالف، حسب رأي الكاتب والمحلل السياسي العراقي، علي البيدر، الذي قال لـ«القدس العربي» إن «الدور الإيراني واضح في العراق، ولا يمكن للمنظومة السياسية العراقية تجاهله أو إنكاره».
وزاد: «هذا الدور أكثر حضوراً على الأرض من الدور الأمريكي، كون أن بعض القادة العراقيين (الشيعة) يوالون إيران عقائدياً، وهم لا يعتبرون الأمر أنه مصلحة كما في التعامل مع الجانب الأمريكي وحلفائه في العراق».
ورأى أن «إيران تخشى ضياع العراق من بين أيديها، بسبب السجالات السياسية الدائرة وعملية فرض الإرادات، حتى لو خسرت جزءاً من هذا النفوذ، لكنها تريد الإبقاء والهيمنة لأطول فترة ممكنة، سواء عبر الكاظمي أو غيره» مبيناً أن «إيران تحاول إرضاء الصدر حتى لا يذهب في اتجاه التصعيد، وكي تخفّف من حدّة تحركاته على الأرض».
وأكد أن «مهمة قاآني وكوثراني في العراق تنحصر ضمن هذا الإطار» لافتاً إلى إن الشخصيتين «نجحتا في إقناع يسار الإطار التنسيقي (في إشارة إلى العامري والعبادي) في هذه المهمّة، وهم في طريقهم إلى إقناع ما تبقّى من الإطار (اليمين المتمثل بالمالكي وقادة الفصائل الشيعية) في الإبقاء على الكاظمي».
وحسب قوله، فإن «يمين الإطار التنسيقي المتمثل بنوري المالكي، والأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، «يستقطب قادة الفصائل المسلّحة، ويقرّبها منه أكثر، بهدف زيادة الحضور في المشهدين الأمني والسياسي» منوهاً في الوقت عيّننه بأن «هناك صراع شخصي بين الصدر والمالكي من جهة، وبين الصدر والخزعلي من جهة ثانية».
ورجّح أن يكون هذا الخلاف «سبباً في تشظّي الإطار مستقبلاً، كون أن الإطار قائم أمنياً على وجود الخزعلي فيه، وسياسياً على وجود المالكي» معتبراً أن الأخير «المالكي أبعد شخص عن إيران يتواجد في الإطار التنسيقي» حسب قوله.
ولم يستبعد ذهاب قوى «يسار الإطار» للتحالف مع الصدر والسنّة والأكراد، وتشكيل حكومة يرأسها الكاظمي مجدّداً، مقابل ذهاب «يمين الإطار» إلى المعارضة.
وواصل: «هذا الخيار سيكون مفصلياً في المشهد العراقي» عازياً السبب في ذلك إلى امتلاك «يمين الإطار» خيارين للمعارضة، «الأول مسلّح والآخر سياسي» لافتاً إلى أن «حكومة الكاظمي الجديدة لن تستمر طويلاً في حال واجهت هذه المعارضة».

إعادة ترتيب التحالف

ومما يشير إلى تعمّق الخلاف الشيعي ـ الشيعي داخل «الإطار» هو حديث الأمين العام لـ«كتائب الإمام علي» المنضوية في «الحشد» شبل الزيدي، عن أهمية إعادة ترتيب هذا «التحالف الشيعي».
وقال في «تغريدة» على «تويتر» إنه «لا تجديد لولاية ثانية ولا ثالثة ولا حتى محاولات ولا أي شيء من هذا القبيل إلا أفكار وتخيلات لنفوس مريضة».
وأضاف أن «إعادة ترتيب الإطار والعلاقة فيما بينهم أصبح واجبا شرعيا وأخلاقيا ولن نبقى بين المطرقة والسندان».
وسبق للزيدي أن تحدث عما وصفها «عقدة الخيانة وهاجس المؤامرة» لدى السياسيين الشيعة، باعتبارها السبب فيما تمر به العملية السياسية حالياً.
وقال في «تدوينة» سابقة، إن «مرض الوسواس القهري وعقدة الخيانة وهاجس المؤامرة والصراع الرخيص، تربية وطبع عند بعض الساسة انعكس بظلاله على شكل العملية السياسية برمتها وشكل التحالفات الحالية وما وصلنا اليه».
وأضاف: «هم يتحملون دفع السنة للتخوف من التحالف مع الإطار التنسيقي، وهم ذاتهم يعطلون تفاهم التحالف الكردي ويدسون الدسائس ويتدخلون بما لا يعنيهم في القضية الكردية، وهم ذاتهم يمنعون الانسجام والتفاهم والتوحد أو الخروج برؤية موحدة او قيادة موحدة للإطار».
وتابع: «كانوا السبب في تعطيل تسمية مرشحنا لرئاسة الوزراء، إلا أنهم وضعوا تحت الأمر الواقع. مشكلة التحالف الشيعي مزدوجة، وقعنا بين المطرقة والسندان».

«تسوية سياسية»

غير أن موقف ائتلاف «النصر» بزعامة حيدر العبادي، من الأزمة السياسية الحالية، جاء أكثر هدوءًا عندما دعا إلى «تسوية سياسية» تعيد للعمية السياسية في العراق «شرعياتها».
وقال، ائتلاف العبادي، المحسوب على «يسار الإطار» في بيان صحافي أمس «نعمل وندعم أي حوار وتقارب بين القوى السياسية لإنهاء أزمة الانسداد السياسي» مبيناً أن «نجاح وفشل الدولة لخدمة المواطن عمل تضامني».
وأضاف: «لا جديد لدينا من مواقف بما يتصل بالمرشّح لرئاسة الوزراء، وما يشاع من مواقف ومواقف مضادة تقودها (الجيوش الإلكترونية) تأتي لتمرير أجندات ومصالح خاصة لا علاقة لها بحل الأزمة وتفادي الانسداد والفوضى».

التجديد للكاظمي يعمّق الخلاف بين جناحي «الإطار التنسيقي»

وأشار إلى أن «مبادرات العبادي تؤكد دوماً على ضرورة اعتماد المسار الصحيح لحل الأزمة بغض النظر عن اسم المرشح لرئاسة الوزراء» لافتاً إلى أن «الأهم هو اتفاق الأطراف السياسية على خريطة طريق تنهي الانسداد السياسي، وتخرج البلاد من عنق الأزمة، وهذا ما نعمل عليه دوماً سواء داخل الإطار التنسيقي أو مع غير».
وأوضح أن «الخلافات بين القوى السياسية يجب أن لا تتمحور حول المرشح الأفضل لمصالح هذه القوى أو تلك، بل كيف يتم الحكم ووفق أي معايير صالحة وممكنة تُدار المرحلة الراهنة والمستقبل المنظور. وهذا ما ينتظره الجمهور من قواه الوطنية».
ورأى أن «واجب القوى المعنية بالدولة اليوم هو العمل لإنتاج تسوية سياسية دستورية تهيئ الظروف المناسبة لانتخابات مبكرة تعيد الشرعية للعملية السياسية لدى المواطنين، وليس الصراع على مواقع الدولة أياً كانت».
ووسط ذلك، علق عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني، علي الفيلي، بشأن ملف تسمية رئيس الوزراء المقبل لتشكيل الحكومة الجديدة.

حل وسط

وقال في لقاء تلفزيوني لإحدى المحطات المحلّية القريبة من «الإطار» إن «مرشح الاطار لرئاسة الوزراء، محمد شياع السوداني، شخصية مرموقة. المشكلة ليست فيه وإنما المشكلة سياسية بين الإطار والتيار، ويمكن الوصول إلى حل وسط بين إبقاء الكاظمي وترشيح السوداني».
وزاد: «حسب المعطيات الأخيرة، لا الكاظمي يستمر ولا السوداني سيشكل حكومة، بل شخصية أخرى أكثر مقبولية لدى التيار الصدري، وهو إطاري بحت سيمضي بتشكيل الحكومة المقبلة» حسب قوله.
وواصل: «تم الاتفاق في آخر لقاء بين مسعود بارزاني (زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني) وبافل طالباني (رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني) على تسمية مرشح الرئاسة، ولكن تم تاجيل إعلان الاتفاق بطلب من الاتحاد الوطني».

مرشح تسوية

ووسط إصرار «الاتحاد» على التجديد لمرشحه برهم صالح لولاية ثانية، ما يزال «الديمقراطي» متمسكاً بمرشحه (وزير داخلية إقليم كردستان العراق) ريبر أحمد، لشغل المنصب الرئاسي، فيما يجري الحديث عن بوادر لطرح المستشار الأقدم في رئاسة الجمهورية من (الاتحاد ومقرّب من الديمقراطي) عبد اللطيف رشيد، لتولي رئاسة الجمهورية كمرشح تسوية.
ووفقاً للفيلي، فإن «الموقف الكردي حاليا موحد بالذهاب إلى بغداد بمرشح واحد، والإعلان الرسمي يتعلق بالجهود المبذولة بالذهاب بوفد مشترك إلى الحنانة (مقرّ إقامة الصدر في النجف) للقاء السيد الصدر، وحاليا جميع الجهود منصبة في تشكيل الوفد للذهاب إلى الحنانة بعد عودة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني من بريطانيا».
وأكد أن «الاتفاق تم وحتى الاسم حدد بين الحزبين الكرديين، وعدم الإعلان عنه قسم منه يتعلق بالوضع السياسية، واتصالات الديمقراطي ولقاءاته مستمرة على مستوى القيادات في التيار الصدري».
في الطرف المقابل، يبرز دور القوى السياسية الناشئة، والمستقلين، في الإسهام بإيجاد حلّ للأزمة السياسية المتفاقمة منذ انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأعلن تحالف «من أجل الشعب» الذي يضمّ «حراك الجيل الجديد» بزعامة السياسي الكردي الشاب، شاسوار عبد الواحد، وحركة «امتداد» المنبثقة عن حراك تشرين/ أكتوبر الاحتجاجي، بزعامة علاء الركابي، موقفه من الانتخابات المبكرة وإعادة عقد جلسات البرلمان.
وذكر عضو التحالف، ريبوار رحمن، للقناة الرسمية، إن «التحالف بين حركة امتداد والجيل الجديد يجب أن يبقى من خلال العمل الذي يقوم به وانضمام القوى اللأخرى خصوصا القوى الناشئة» موضحاً «ناقشنا آليات تقوية التحالف لنثبت للشعب العراقي أن التحالف باق وسيتم تقويته».
وأضاف أن «رئيس التحالف ساشوار عبدالواحد، ورئيس التحالف في البرلمان وبحضور النواب والقادة قرروا أن تستمر الاجتماعات، وأن تكون لدينا مواقف من الأزمات الحاصلة ومحاولة التقرب إلى النواب المستقلين أكثر إذ لدينا أفكار مشتركة معهم».
وزاد: «بالنسبة لانتخاب رئيس الجمهورية، فنحن في الجيل الجديد لدينا مرشح وسنصوت له» مبيناً «منذ البداية قررنا أن نكون معارضة وملتزمين بهذا القرار».
وأوضح أن «تحالف من أجل الشعب يصل نوابه الآن ما يقارب الـ30 نائبا، وسيكون لدينا دور فاعل في مجلس النواب وفي التصويت للحكومة» مبيناً أن «مسألة المشاركة في الحكومة ترجع الى رئيس التحالف ورئيس الكتلة، لكن لحد الآن موقفنا هو عدم المشاركة في الحكومة».
وأكد أن «التحالف مع إعادة عقد جلسات البرلمان وقيام مجلس النواب بدوره لتشريع القوانين ولخدمة الشعب وتشكيل الحكومة» لافتاً إلى أن «الانتخابات المبكرة ضمن الخيارات المطروحة. ليست لدينا مشكلة في الانتخابات المبكرة كحزب الجيل الجديد حتى وإن كانت الأسبوع المقبل، وفي حالة أعيدت الانتخابات ستصل مقاعدنا لأكثر من 15 مقعد».
وأكد أن «التحالف على استعداد أن يذهب مع الشعب إلى الشارع إذا احتاجوا لنا، ونطالب بحقوقهم إينما يكونوا».
يأتي ذلك بالتزامن مع كشف عبد الواحد، نتائج اجتماع تحالفه وموقفه من التظاهرات.
وقال في مؤتمر صحافي عقده في بغداد، مساء أول أمس، إن «التحالف اجتمع في بغداد وخلال الأيام المقبلة ستكون لنا عدة اجتماعات أخرى لاتخاذ بعض القرارات التي تخص العراق» مبيناً أن تحالفه «يؤيد أي تظاهرة شعبية سواء كانت في بغداد أو المحافظات او إقليم كردستان، كما يؤيد تظاهرات 1 تشرين الأول/ أكتوبر المقبلة».
وتستعد أحزاب سياسية مؤيّدة لحراك الاحتجاجي في العراق، إلى المشاركة مع جماهيرها في إحياء ذكرى احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول، مطلع الشهر المقبل.
وعليه، أكد الركابي، خلال المؤتمر، أن «الاجتماعات ستكون في الأيام المقبلة في محافظات مختلفة، وكلنا نؤمن بمبدأ المواطنة» مبينا أنه «تمت خلال الاجتماع مناقشة القرارات في الفصل التشريعي الأول لمجلس النواب».
وأضاف، أن، «على الرغم من الأزمات السياسية فإن تحالفنا باقٍ وخلال الأيام المقبلة سيكون فاعلا بحل الأزمات، وما تمر بها البلاد».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية