طرابلس ـ وكالات ـ لندن ـ ‘القدس العربي’ من احمد المصري: استهدف اعتداء دام الاثنين بنغازي، مهد الثورة التي اطاحت نظام معمر القذافي، وهو آخر فصل دام في ليبيا التي تشهد انفلاتا امنيا متزايدا على خلفية ازمة سياسية.
وقد طرحت السلطات حصائل متناقضة للهجوم. فوكيل وزارة الداخلية عبد الله مسعود قال ان ’15 شخصا قتلوا واصيب ثلاثون على الاقل’، فيما تحدثت وزارة الصحة في وقت لاحق عن اربعة قتلى وستة جرحى.
من جهته، اكد المسؤول في قيادة شرطة بنغازي طارق الخرز لشبكة ليبيا الاحرار مقتل 13 شخصا واصابة 41.
واشار مسعود الى ان هذه الحصيلة ‘موقتة’، موضحا ان ‘انفجار سيارة مفخخة دمر مطعما بالكامل والحق اضرارا جسيمة في مبان قريبة’ من مستشفى.
وقال مسؤول في امن المدينة ‘لا نعرف حتى الان هل استهدف الهجوم مدنيين ام شخصا بعينه كان في المكان’.
وانتقد وزير العدل صلاح المرغني هذا ‘العمل الارهابي’، مؤكدا ان السلطات ‘ستقوم بكل ما في وسعها لتوقيف المجرمين’، داعيا الليبيين ‘الى توحيد صفوفهم ضد هذه الاعمال الارهابية’.
واستهدف عدد كبير من الاعتداءات بالمتفجرات الاسبوع الماضي مفوضيات للشرطة في بنغازي، ما يؤكد تزايد التفلت الامني في ليبيا حيث تخوض السلطات التي تواجه صعوبة في انشاء اجهزة امنية فعالة، اختبار قوة مع الميليشيات المسلحة.
وقد وقع الهجوم بعد رفع الحصار عن وزارتي الخارجية والعدل في طرابلس، الذي فرضته منذ اكثر من عشرة ايام ميليشيات كانت تطالب في البداية بقانون للعزل السياسي يطاول قدامى المسؤولين والمتعاونين مع نظام القذافي.
وبعدما تبنى المؤتمر الوطني العام القانون طالب المحتجون باستقالة رئيس الوزراء علي زيدان.
الى ذلك أقرّ رئيس الحكومة الليبية علي زيدان، امس الاثنين، بهشاشة الأوضاع الأمنية في بلاده، داعياً الليبيين الى ضبط النفس والصبر.
وقال زيدان في بيان تلاه على الصحافيين مساء امس، إن السلطات المختصة في السابق لم تتمكن من اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة هذه الأوضاع الأمنية الهشّة في البلاد، معتبراً أن مثل هذه الترتيبات تحتاج إلى دول مقتدرة.
وأضاف أنه ‘من السهل أن نلقى باللائمة، لكن وضعية البلد واضحة والتحديات التي تستهدفها، سواء من أتباع النظام السابق أو من فئات خارجية كلها تعمل باتجاه أن لا تقوم لليبيا قائمة’.
ودعا زيدان الليبيين إلى ‘ضبط النفس والتضامن والصبر، باعتبار أن الاستهداف للبلاد كبير ويحتاج من الجميع الوقوف معا’.
وقال إن ‘التفجير الذي شهدته مدينة بنغازي يعد حادثاً جللاً، وليس عرضياً بل يأتي في إطار سلسلة الحوادث التي تستهدف ليبيا ومكوناتها لعرقلة بناء الدولة’.
وأعلن أن وزارة الداخلية وجهاز المخابرات يتابعان الأمر، وأن التحريات جارية لمعرفة الفاعلين ومن يقف خلفهم.
جاء ذلك فيما أعلن لواء من الثوار الليبيين، الاثنين، عن حلّ نفسه وتسليم كافة أسلحته ومقرّاته لجهاز المخابرات، في خطوة وُضعت في إطار تعزيز سيطرة الدولة على الأوضاع الأمنية في البلاد.
وبحضور كبار المسؤولين الليبيين وفي مقدّمتهم رئيس الحكومة علي زيدان، تم الإعلان في احتفالية أقيمت بمقر البرلمان بالعاصمة طرابلس، عن حل ‘لواء أحرار ليبيا’ لنفسه، وتسليم ما بعهدته من مقرات عسكرية ومعدّات حربية وإدارية إلى جهاز المخابرات العامة.
من جانبه استنكر رئيس مجلس ثوار العاصمة الليبية طرابلس ورئيس حزب ‘القمة’ عبدالله ناكر التفجيرات، منتقدا في نفس الوقت الحكومة الليبية وحملها مسؤولية الانفلات الامني الذي تشهد عدة مدن ليبية.
واضاف ناكر في اتصال اجرته ‘القدس العربي’، ‘ان هذه التفجيرات تدل على ضعف الحكومة وعدم قدرتها على تسيير الامور في البلاد، كان الاولى ان تفرض حالة الطوارىء، وجود للحكومة صوري لا امن ولا استقرار، عندما كان الثوار يحكمون البلاد كانت الامور تسير بشكل جيد والامن كان اكثر’.
وقال ناكر ‘بنغازي تشهد هذه الانفجارات منذ فترة وهذا يدل ان الثورة مستهدفة خاصة وان بنغازي هي مهد الثورة الليبية، وسنقتص ممن قاموا بهذا العمل الجبان، لن نسمح بعراق ثانية’.
وكرر ناكر هجومه على الحكومة الليبية مطالبا اياها بـ’التنحي’ في حال عدم قدرتها على ادارة البلاد، وقال ‘ستتم ازاحت هذه الحكومة اذا استمر هذا القتل اليومي، لقد سلمناهم ليبيا ليبنوا ليبيا التي نحلم بها، هذه الحكومة منتهية الصلاحية، كيف تريد ممن كان يعيش في فنادق الخمس نجوم ان يحافظ على امن البلاد؟ ما الذي يعرفه عن ليبيا؟ لقد عاشوا اغلب عمرهم خارج ليبيا ولا يعرفون ما نحتاج، الان الكل يتناحر على السلطة والذي يناصر الاخوان يريد الاخوان ان يحكموا والذي يناصر الليبراليين يريد الليبراليين ان يحكموا، احذرهم من ان تدخل البلاد في نفق مظلم، وان يتقوا الله، واحد تدعمه امريكا وواحد تدعمه قطر وواحد تدعمه السعودية، يجب ان يفكروا في ليبيا فقط، سنحاسبهم كما حاسبنا القذافي’.
وطالب ناكر بتطبيق قانون العزل في جميع الوزارات والمناصب الحكومية في ليبيا وقال لـ’القدس العربي’، ‘نحن مع تطبيق قانون العزل السياسي، لماذا لم يسرعوا استحقاق الدستور الوطني حتى الان، كل دولة عندها دستور وقانون ونحن ابقينا على القانون القديم’.
واتهم ناكر الحكومة الليبية بـ’الفساد’ وقال ‘اين الجيش واين الشرطة واين المليارات التي صرفت على الاجهزة الامنية، هناك عملية نهب للمال العام’.
وحول محاكمة سيف الاسلام القذافي في مدينة الزنتان وعدم قبول ثوار الزنتان تسليم نجل الزعيم الليبي الراحل للدولة لمحاكمته في العاصمة طرابلس قال ناكر لـ’القدس العربي’، ‘الدولة غير قادرة على حماية سيف الاسلام، لو سلمنا سيف للحكومة، لتمت تصفيته او تهريبه خلال يومين، اتذكر كيف تم قتل المتهم باغتيال عبد الفتاح يونس في السجن في مدينة سرت؟’.
واضاف في مجمل حديثه لـ’القدس العربي’، ‘نحن في الزنتان متمسكون بحسن معاملة الاسير ليس سيف فقط، نحن نعامل جميع الاسرى بالحسنى لا ضرب ولا اهانة، سيف عبء على مدينة الزنتان لكننا تحملنا هذا العبء’.
واضاف ناكر ‘سنحاكم سيف الاسلام داخل ليبيا وفي الزنتان، وسيحظى بمحاكمة عادلة، لقد توصلنا الى تسوية مع المحكمة الدولية ووافقت على بقائه ومحاكمته في الزنتان، لقد ارتكب جرائمه ضد الليبيين ويجب ان يحاكم في ليبيا وليس في محكمة دولية’.
وحول زيارة ناكر الى سورية قال لـ’القدس العربي’، ‘لقد ذهبت الى سورية لتفقد اخوتنا السوريين وجمعنا لهم المال والسلاح والدواء وذهبنا لتسليمه لهم، لكن للاسف وجدنا ان السلاح الذي نرسله الى سورية يباع في الشوارع’، واضاف ناكر في مجمل حديثه لـ’القدس العربي’، لقد تفقدت أحوال المقاتلين الليبيين، لكنني رايت متاجرة بالدم السوري وولاءات تباع وتشترى بالمال السياسي، يجب ان تتوقف اراقة الدماء السورية من الطرفين ويجب ان يتنحى (الرئيس) بشار الاسد’.