قاتلوهم ولكن بعقل

حجم الخط
1

البشرى قاسية ومثيرة للغضب، لكن لا أحد في دائرة متخذي القرارات فوجيء حقا. بالعكس: كان فرض العمل الذي صاحب اعمال البحث هو أن المخطوفين ليسوا أحياءً. وكان الجهد العظيم الذي بذله «الشباك» والجيش الاسرائيلي على الارض يرمي الى انهاء هذه القضية، والى إزالة عدم اليقين عند العائلات والجمهور، وأن يُستل القتلة بالطبع من مخبئهم، وأن يُعثر على كل من كان مشاركا في فعل الارهاب المخيف هذا ويعاقَب.
لم يكن السؤال ما الذي سيكشف عنه بل متى وأين. ولأنه لم يفاجأ أحد كان يوجد وقت كاف للجهات جميعا لتصوغ رأيا فيما يجب أن يُقال ويُفعل بعقب الكشف. لا يستطيع أحد منهم أن يقول في يوم الحسم إنه عمل صدورا عن هياج نفس أو إنه أصيب بصدمة أو إن الزعزعة شوشت عليه رأيه.
إن المعضلة موضوعة على طاولة رئيس الوزراء ووزراء المجلس الوزاري المصغر. ويفترض أن يتوصلوا الى قرارات تلبي مصالح مختلفة ومتناقضة احيانا. ولا سبب يدعو الى أن يُحسدوا.
آمل أن يفكروا قبل كل شيء في مواجهة العدو من الخارج وأن يواجهوا الضغوط من الداخل بعد ذلك فقط. يجب على اسرائيل أن تستمر على ضرب حماس فهذا مهم للردع ومهم للامن ومهم لمستقبل العلاقات بالسلطة الفلسطينية. لكن يجب فعل ذلك بطريقة عاقلة وبوسائل جراحية. وينبغي اعتقال اشخاص – المفرج عنهم بصفقة شليط الذين لم يعتقلوا بعد – مثلا، لكن مع ترك السكان يعيشون حياتهم. فالاجراءات الشاملة والعقاب الجماعي قد يحثان السكان في الضفة الى ذراعي حماس ويفضيان الى توسيع الارهاب بدل احباطه.
إن مصلحة الدولة الآن أن تعزل أبو مازن عن حماس. وهو يعزل نفسه بتصميم ايضا من غيرنا لكننا نستطيع أن نساعد. والفعل الغريزي هو أن نوحد الفلسطينيين جميعا دون تفرقة وكأنهم كيان واحد.
يقول مسؤولون كبار في الجهاز يعرفون الفلسطينيين جيدا إن الجمهور العريض قدّر الاختطاف وربما القتل ايضا لكنه ابتعد عن منفذيه كابتعاده عن النار. وهو يُجلون حماس لجرأتها ويكرهونها لأنها أفسدت عليهم رمضان. إن حكومة اسرائيلية قصيرة النظر تجمعهم جميعا في رزمة واحدة، أما الحكومة الحكيمة فتُفرق بينهم.
يسمع رئيس الوزراء ووزراؤه الاصوات من المستوطنات التي تسكنها العائلات، ومن نشطاء احزابهم ومن الشارع ويشعرون بالحاجة الى الرد على هذه الاصوات ايضا. ويخشون أنه اذا لم يستقر رأيهم على عملية حاسمة وصاخبة وثورية فان جهات في اليمين الاسرائيلي ستبدأ عمليات انتقام من قبلها. وقد شهدنا مثل هذا الامر في ثمانينيات القرن الماضي من الجبهة السرية اليهودية. فالغرائز هي نفس الغرائز والاخطار هي نفس الاخطار. يجب على «الشباك» أن يستعد الآن لهذه الامكانية مع استعداده للامساك بالقتلة. لكن «الشباك» غير كاف من وجهة نظر وزراء اليمين، بل يجب على الحكومة أن تبرهن لناخبيها أنها تنتقم لهم.
الهياج في الشارع يأتي ويذهب، ولا يجب على الساسة أن يدفعوا عنه ثمنا بقرارات غير موزونة. وبرغم ذلك يشعر رئيس الوزراء ووزراؤه بالمزاج العام في الشارع. ويخشون أن يُصوروا أنهم عاجزون، ومسؤولون كثيرا ومغفلون للعدو من حماس. والخوف هو مستشار غير حكيم. يريد رؤساء حزب البيت اليهودي ايضا بدء حرب عامة في المناطق، حرب تعرض ناخبيهم قبل الجميع للخطر، وأن يستقر الرأي ايضا على «رد صهيوني مناسب» هو البناء الكثيف في يهودا والسامرة. وهم يريدون دما ويريدون دماءً ويسهل عليهم فعل ذلك كلما لا تكون المسؤولية ملقاة على عاتقهم.
وهم يعتمدون على أن الغرب يقلقه أكثر الآن سيطرة منظمات ارهاب سنية على أجزاء من العراق وسوريا وربما من الاردن قريبا. صحيح هذا هو ما يقلق الغرب. لكنهم ذهلوا من رؤية الاضرار التي تسببها المستوطنات للاقتصاد الاسرائيلي ومكانة اسرائيل هناك. فالردود الصهيونية المناسبة من هذا القبيل ليست صهيونية ومناسبة إلا في اسرائيل.

يديعوت 1/7/2014

ناحوم برنياع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dr. abufahd UK:

    عزيزي ناحوم برنياع / حيث أنك من أكبر صحفيي اسرائيل نرغب فى معرفة هل هذا الخبر صحيح أم لا .
    حذف تغريدة من صفحة الجيش الإسرائيلي على “تويتر”تشير لتسرب نووي بمفاعل ديمونة بعد إصابته بصاروخ

إشترك في قائمتنا البريدية