‘قاطعوا اسرائيل دولة الابرتهايد’

حجم الخط
0

قبل بضعة أيام تجولنا زوجتي وأنا في مدينة روان في فرنسا. وفجأة لاحظنا صورة جندي اسرائيلي يوجه بندقيته نحو طفل فلسطيني وعائلته الباكية، وكتب عليها: ‘هكذا يبدو الاحتلال الاسرائيلي’. وفيما كنت مندهشا رأيت شابين يضعان صور مشابهة في قلب الميدان. وكتب على قميصيهما شعار ‘قاطعوا اسرائيل، دولة الابرتهايد’، وفوقه ثلاثة احرف: BDS (الاحرف الاولية بالانكليزية لكلمات المقاطعة، الامتناع عن الاستثمار والعقوبات).
يدور الحديث عن مجموعة من منظمات اليسار المتطرف، مع خليط من الاسلام المتطرف واليمين المتطرف. هذا ائتلاف منظمات ‘حقوق الانسان’، الذي يضم بالطبع العديد من الفلسطينيين والذي يشن حملة نزع شرعية ضد اسرائيل. وفكرة ناشطيه هي: نظام أبرتهايد جنوب افريقيا سقط بفضل المقاطعة والعقوبات من الاسرة الدولية، وطريقة المقاطعات هذه يجب استخدامها ضد اسرائيل.
وقد نشأ حديث معهما، ‘لماذا المقاطعة على اسرائيل بالذات، واي أبرتهايد يوجد فيها؟’، سأل. ‘لانه يوجد سور، لانه يوجد احتلال قامع، لانه يوجد حصار على قطاع غزة، لاننا بام أعيننا رأينا كيف ترتكب اسرائيل جرائم حرب، تقتل الاولاد’، اجابا. الحقائق لا تعنيهما، فهما مفعمان بالايمان بالمسكنة الفلسطينية وبحيوانية دولة اسرائيل. وفي النهاية فقط يخرج الارنب من الكيس الفرنسي طليق اللسان عندما يسُأل هل برأيه يستحق الشعب اليهودي دولة. ‘ما الدعوة؟ لا يستحقون! أنتم على الاطلاق لستم شعبا. يجب أن تكون دولة واحدة، ديمقراطية وعلمانية تعيشون فيها بسلام مع الفلسطينيين’. فأنت جدي، أأنت حقا تؤمن بهذا؟ سألت. فاجاب بالقطع: ‘نعم’. لم يكن هذا حوار ازدواجية أخلاق. ذات الفرنسي عرض بالشكل الاكثر بساطة لب الموضوع: ليست تصفية ‘الاحتلال الاسرائيلي’ هي الهدف، بل تصفية دولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي.
وها أنا في المساء أقرأ مقالا للنائبة حوتوبيلي تقترح حلا من خمس مراحل للمشكلة الفلسطينية، حيث الهدف هو ضم المناطق، منح الفلسطينيين بالتدريج مواطنة اسرائيلية وجلب مليوني يهودي آخرين الى البلاد. وعندها سيكون الحال خيرا. يصعب عليك أن تصدق ما تقرأه من ترهات كهذه، تنبع على ما يبدو من ايمان يهودي متزمت. هي وذاك الفرنسي يوجدان ظاهرا في قطبين متعارضين تماما، ولكن الهدف النهائي مشابه: نهاية دولة اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.
إذن لماذا نلوم ‘الاغيار كارهي اسرائيل’ و’الاوروبيين اللاساميين’، اذا كان لب المشكلة في داخلنا، في أوساط تيار سياسي واعلامي يسعى عمليا الى الحل الذي يقوض اساسات دولة اسرائيل. بالفعل، ‘هادموكِ ومخربوك منك يخرجون’. في بناء وتوسيع المستوطنات (باستثناء الكتل الكبرى) يكمن برأيي، خطر زائد إذ انهما يجسدان اللحظة التي يفرض فيها الواقع على دولة اسرائيل ان تصبح دولة ثنائية القومية. وعندها، فان المليوني يهودي الذين تتحدث عنهم حوتوبيلي ورفاقها سيأتون الى البلاد على سجادة ساحرة.

معاريف 15/7/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية