‘قانون تنظيم التظاهر’ يخول قوات الأمن ضرب أي مظاهرة وفضها بالقوة المسلحة إذا ارتابوا في أي شخص

حجم الخط
1

القاهرة ـ ‘القدس العربي’ كان الموضوع الأبرز في الصحف الصادرة امس الاثنين 25 تشرين الثاني/نوفمبر هو صدور القرار الجمهوري بقانون تنظيم المظاهرات والمسيرات السلمية، ويتكون من خمس وعشرين مادة، والبدء في تطبيقه فورا، مما يعني تعرض المشاركين في مظاهرات الإخوان الى العقوبات الواردة فيه. ولقي القانون ترحيبا شعبياً كبيراً، لأنه صدر بعد ضغوط شعبية طالبت بوضع حد للمظاهرات اليومية التي يقوم بها الإخوان، ويترتب عليها سقوط قتلى وجرحى منهم ومن الأهالي الذين يتصدون لهم، والجميع في النهاية أبناء وطن واحد، وما يترتب عليها من تدمير سيارات وواجهات محلات خاصة ومؤسسات عامة. وصحيح انها فقدت أية قوة دفعن ولكن أعصاب الناس لم تعد تتحملها، لدرجة اتهام وزراء في الحكومة ورئيسها الدكتور حازم الببلاوي بالخوف من التصدي لها، أو التواطؤ مع الإخوان، ووصفها بأنها حكومة مرتعشة والمطالبة بإقالتها، مادامت عاجزة عن تطبيق القانون الموجود فعلا. وإصدار قانون جديد ينظم حق التظاهر، وعلى العموم، فإن التأخر في إصدار القانون، كانت له فائدة مؤكدة، وهي انه صدر تحت ضغط شعبي ومطالبات بالضرب بيد من حديد على أعمال إثارة الفوضى والإرهاب، وفقدان الجماعة لأي تعاطف شعبي معها، وأبرز ما في القانون من مواد، انه على من يريد تنظيم مظاهرة أو مسيرة ان يخطر بها، كتابة لقسم الشرطة الذي تقع المظاهرة في دائرته قبلها بثلاثة أيام، أما إذا كان الاجتماع لغرض الانتخابات فيتم تقديم الطلب قبلها بيوم، ويتم تحديد موعد بدء المظاهرة وانتهائها ومسارها، وأسماء الجهة أو الأفراد المنظمين لها، ويجوز للأمن الاعتراض عليها إذا وجدت خطورة منهان وعلى المنظمين اللجوء للقضاء إذا اعترضوا، وتتولى قوات الأمن حماية المظاهرة أو المسيرة، وحظر ارتداء الأقنعة أو حمل الأسلحة أو الألعاب النارية، والاعتداء على المرافق والمحلات، وتعطيل المرور والعمل، والسجن سبع سنوات لمن حاز سلاحاً نارياً أو مفرقعات. كما حدد القانون أساليب الشرطة في فض المظاهرات والمسيرات بعد انتهاء المدة المسموح لها بهان وعدم انصراف المتظاهرين، وكلها مواد مأخوذة من قوانين عدة دول أوروبية.
أيضاً أشارت الصحف الى حدوث مظاهرات محدودة داخل جامعة القاهرة بمناسبة مرور مئة يوم على فض اعتصام رابعة، ظهرت فيها الدكتورة باكينام الشرقاوي الاستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومستشارة الرئيس السابق. كما قام طلاب الإخوان بمظاهرات في عدة جامعات أخرى وحاولوا تعطيل امتحانات نصف السنة، وبعضهم رفض دخولها. وبدأت الحكومة في إعداد مشروع قانون بإلغاء كل قرارات العفو التي أصدرها مرسي وشملت المحكوم عليهم بالإعدام وتجار مخدرات وإرهابيين، ومن بينهم ابن عم لاعب الأهلي محمد أبو تريكة، الذي كان محكوماً عليه بالسجن في قضية تزوير.
كما أشارت الصحف الى استمرار عمليات الجيش والشرطة في سيناء ومقتل أربعة من التكفيريين في اشتباك مع الجيش، واعتقال ثمانية وعشرين منهم، كما لاتزال التساؤلات مستمرة حول الاسباب الحقيقية لوقف حركة قطارات الوجه القبلي بعد أن تم تشغيلها، وان كان المؤكد هو اكتشاف الشرطة عمليات كان يجهز لها الإخوان بالهجوم بالأسلحة الآلية والقنابل على القطارات أثناء سيرها، وخلع فلنكات الخطوط الحديدية حتى تنقلب العربات، ومع ذلك لم يتم الإعلان عن أسباب ووقائع محددة لوقف حركة القطارات.
وإلى بعض مما عندنا:

‘جنرال الموت إلبس نظارتك السوداء’

وإلى المعارك والردود، وقد بدأها يوم الأربعاء في جريدة ‘الحرية والعدالة’ صاحبنا القاضي الإخواني عماد أبو هاشم، بقصيدة خطيرة جداً، وهي الثانية له ومما قاله فيها مهاجماً الفريق أول عبدالفتاح السيسي:
‘اشطر قلبي نصفين
وبماء النار اغسله
لن تخرج من قلبي
فيضان النيل
إشطر قلبي نصفين
ثم ارمهما في ماء النهر
قلبك نجوم البحر
يتحول في الأعماق إلى قلبين
أشطر قلبي نصفين
واغرق في بحر دمائي يا فرعون
ستحنط في تابوت التاريخ الأسود
وستدفن في أمعاء الأرض
بدون صلاة
جنرال الموت
البس نظارتك السوداء
عيناك وقلبك يأكل فيها الدود’.
مشورة، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهكذا سأحتاج إلى مشورة زميلي وصديقي في ‘القدس العربي’ الشاعر الكبير أمجد ناصر لكي يشرح لي هذه المعاني المختفية وراء هذا الشعر وهل ينافس به صاحبه، المتنبي وأبو العلاء المعري، والفرزدق وجرير والجواهري والبياتي، وأمير الشعراء وأحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم، شطر القلب نصفين، من دون أن يوضح أي نصف سيتم غسله بماء النار، وهل سيتبقى منه شيء إذا تم سكب ماء النار عليه؟
أم انه يقصد بالقلبين في الأعماق أغنية شادية، ما أقدرش أحب اثنين، علشان ماليش قلبين، أو المثل الشعبي: يا قلبي يا كاتاكت ياما انت شايف وساكت؟

قنوات فضائية تؤجج ناراً خبا لهيبها

والمعركة الاخرى ستكون يوم الأربعاء لصاحبنا الوفدي إبراهيم القرضاوي، وقوله:
‘الشيوعيون والناصريون وأصحاب الاشتراكية العلمية الموجودون في القنوات الفضائية تحديداً، هم ظهير قوي لبعضهم بعضا، وظالم لجماهير الشعب وللحقيقة والتاريخ، وكما يقول الشاعر:
لا تسألن عن امرء واسأل به .. إن كنت تجهل أمره ما الصاحب
وكما يقول:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه .. فإن القرين بالمقارن يقتدي
وهؤلاء لا يريدون أن يسمعوا إلا الأصوات المنطلقة أو المنغلقة في رؤوسهم، ففي الوقت الذي يحتاج فيه المصريون إلى التوازن والثبات تخرج علينا قنوات فضائية لتؤجج من جديد ناراً خبا ونضب لهيبها، ولتعرض مجددا بشكل مركز ومكثف ومستفز وفي توال عن مسيرة وسيرة جمال عبدالناصر، وكأنه علامة مبهرة في التاريخ لم يخطف من أحد استحقاقاً له بعد أن دان له الأمر والواقع. لم يكذب ولم يتطاول على من أمنوه من رعب وخوف’.
هذا، وكنت قد طالبت من قبل مجمع اللغة العربية بإلغاء كلمة القرضاوي، بعد أن لاحظت أن كل من يحمل هذا الاسم يهاجم خالد الذكر، وكنت متأثراً في هذا بالفنان الراحل وعميد المسرح العربي يوسف وهبي بك، عندما وقف على خشبة المسرح قبل عرض احدى مسرحياته عام 1953 يوم إعلان الجمهورية وإلغاء الملكية، وطالب بإلغاء حرف الفاء من اللغة العربية لأنه يذكرنا باسم الملك فاروق.

مبارك: التعنت بتاعي وداني
في داهية أنا والأولاد

وأخيراً، الى مجلة ‘المصور’ وزميلتنا أمينة الشريف، التي حصلت على نصر صحافي غير مسبوق، عندما سجلت مناقشة حامية بين الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك، والسابق محمد مرسي وقامت بتفريغها وكان نصها:
‘المخلوع: عارف يا مرسي ياخويا ساعات أفكر في اللي حصل وأقول لنفسي أنا زدت العيار شوية كبيرة وضغطت على الشعب وهو ميستاهلش كل ده، وكان لازم أتنازل حبه عن التعنت بتاعي اللي وداني في داهية أنا والأولاد، أنا آمنت أخيراً ان الشعب المصري ده جبار وصبور ومجاهد ومفيش حاجة تعصى عليه، ورغم ظروفه الصعبة، يعمل ثورتين في سنتين، مش أنت معايا برضه، الاعتراف بالحق فضيلة.
المعزول: أنا رئيس بالصندوق، اتكلم عن نفسك أنت عملت بلاوي كتير في البلد طول ثلاثين سنة، فساد وإفساد وانهيار وحرق للأجيال المتعاقبة وبطالة، أنا حيا الله كنت رئيس سنة واحدة بس.
المخلوع: لأه بقى يا مرسي ياخويا اسمحلي أقولك وأنورك واسمع كلامي، انت بصراحة ما شفتش قدامك وما تعلمتش من الدرس بتاعي.
المعزول: أمرك عجيب يا أخي دلوقت بتديني نصائح، كنت انصح نفسك قبل فوات الأوان، مش أنت اللي قلت أنا أو الفوضى لو الإخوان حكموا مصر، والكلمة لزقت في عقول الناس ومطاقوش حكم الجماعة سنة، هوه أنا لحقت أعمل حاجة والله كنت ناوي أعمل حاجات كثيرة للبلد.
المخلوع: فلقتنا بالصندوق، وضاحكاً، إلا قوللي يا مرسي ياخويا، أنا ساعات كنت أحسدك على الساعات الطويلة اللي بتقول فيها خطاباتك منين بتجيب الكلام ده كله؟ أنت طلوقة، أنا كنت يادوب أقرأ كام صفحة تكتب لي ببنط كبير عشان أشوفها كويس، ما أصدق أخلص وأطلع أجري اتفرج شوية على التليفزيون، وكله كوم وصباعك كوم تاني، كان المفروض يكون خطيب في جامع.
المعزول: والنبي نقطني بسكاتك، سبني في حالي عايز أشوف البلاوي اللي أنا اترميت فيها ده، من القصر الى السجن، أنا مش مصدق لحد دلوقت، ومكتب الإرشاد كان ينفخ فيا ويتصرف في الرياسة على مزاجه ومحدش عمل حساب اليوم ده، بس أنا راجع تاني القصر’.
الأمل في الله أن يمحو
ما في الصدور ويؤلف بين قلوبنا

والى مقال مهم لصاحبنا الإخواني أحمد سيد، يوم الأربعاء بجريدة ‘الحرية والعدالة’ يقول فيه:
‘لماذا يكرهوننا؟! وقبل أن نحاول بعون الله البحث في إجابة هذا السؤال: نوضح أولاً أنه، ما دفعنا إليه إلا تألمنا من هذا الواقع المؤسف ورغبتنا في مد جسور الصلة وعودة دفء الإخاء والمودة بيننا وبين أهلنا، الأمل في الله كبير أن يمحو ما في الصدور من وحشة وأن يؤلف بين قلوبنا وأن تجمعنا في الدنيا على طاعته وفي الآخرة، تحت ظل رحمته، ونوضح ثانيا: اننا ما نبرئ أنفسنا من بعض أسباب هذا الشقاق وأنه ربما وقع منا ما حملهم أو ساعدهم على إبداء العداوة والبغضاء على هذا النحو، ومن ثم فهذه محاولة نسأل الله أن تكون متجردة بحق للمراجعة والتصحيح والاعتذار إن وجب لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.
أولاً: لعل من أسباب كراهيتهم لنا الأخطاء التي وقع فيها الإسلاميون أنفسهم، وإن كان أكثرها هيناً لا يستحق هذه الموجة من الكراهية، ولكن الناس عامة ينظرون الى من يتكلم في الدين أو يدعوهم إليه نظرة يعتريها التقديس الخاطئ، الذي يستوجب في نظرهم أن يكون الداعي مبرءاً من كل عيب وذنب، فإن وقع منه بعض مخالفة لما يدعو إليه شنعوا عليه واستنكروا وهاجموه، ولعل هذا الأمر ليس بجيد في ساحة الدعوة، فقديما قال شعيب عليه السلام: ‘وما أريد أن أخالفكم الى ما أنهاكم عنه’ ‘هود: 88′ فهو يؤكد لهم أنه إنما يقوم بنفسه بما يدعوهم إليه من قسط وعدل في الميزان، ومن هذه الأخطاء التي قد نكون وقعنا فيها: الشعور بالاستعلاء، خصوصاً في الفترة التي من الله علينا فيها بالحرية والانفتاح على المجتمع، فأقبل علينا من كان يخاف الاقتراب منا خشية أن تطاله يد البطش، فهذا التغير في موقف الناس قد يتسرب منه إلى النفوس لبعض الإسلاميين شعور بالاستعلاء عليهم، والنظر لهم بمنطق الآن’.

ربط كل أمر مستقبلي بإذنه ومشيئته
ومدده وتوفيقه اساس النجاح

وفي اليوم التالي الخميس نشرت الجريدة، بيانا آخر من جماعة ‘دعاة من أجل الإصلاح’ وجهت فيه نقداً آخر للإخوان وحاولت ان تجيب عن تساؤلات بعضهم، عن أسباب عدم نصرة الله لهم، فقالوا في بيانهم:
‘من أخطر الممارسات التي قد تتسبب في تأخير المدد والنصر:
الوثوق الذاتي بالنفس وأننا بذواتنا نستطيع أن نفعل كذا والتحدث عن المستقبل بطريقة وبألفاظ ومصطلحات جازمة مثل ‘مكملين’ و’يوم كذا مرسي سيكون في القصر’ و’6 أكتوبر آخر يوم’ ‘حنحبط الإحباط’ من دون أن نربط هذا الكلام بمشيئة الله وإذنه، ولا يجوز التعلل بأننا في وضع يسمح لنا بهذه التجاوزات، فنحن عبيد الله في كل الأوقات وإن هذه الطريقة في الكلام لها مخاطر جمة في تأخير النصر لأنها تبعدنا عن دائرة إخلاص الاستعانة بالله عز وجل والإخلاص كما نعلم هو من أهم شروط استجلاب النصر علينا إذن سريعاًَ أن نعيد صياغة ألفاظنا وأن نحرص على سبغها في الشعارات والأناشيد والكلمات بصبغة العبودية لله وربط كل أمر مستقبلي بإذنه ومشيئته ومدده وتوفيقه وأن نعمل على استحضار المعنى الحقيقي للاستعانة والتوكل وممارسته قبل كل عمل فهو سلاحنا الذي نواجه به مؤامرتهم وكيدهم’.

‘قانون تنظيم التظاهر’ طريقة
في دلع الأسماء الخشنة وسيئة السمعة

ويبقى قانون منع التظاهر مثار اهتمام الصحافة وقد تناول رئيس تحرير جريدة ‘المصريون’ هذا الموضوع في مقال مميز له بعنوان ‘قانون منع التظاهر .. رسالة لمن؟’: ‘أخيرا أصدر المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس الجمهورية المؤقت، الذي نصبه الفريق أول عبد الفتاح السيسي، قرارا بقانون منع التظاهر الذي يسمى من باب الدلع ‘قانون تنظيم التظاهر’، وهي طريقة في دلع الأسماء الخشنة وسيئة السمعة، التي درج النظام السياسي الجديد على استخدامها مؤخرا من باب الملاطفة للرأي العام، فهو يستخدم البلطجية ضد المظاهرات ويطلق على البلطجية إعلاميا وصف ‘الأهالي’ من باب تدليع البلطجة، ثم هو يصدر قانونا يعطي قوات الأمن ضرب أي مظاهرة وفضها بالقوة المسلحة إذا ارتابوا في أي شخص فيها، وإذا ‘رأوا’ أن شخصا واحدا على الأقل فيها ارتكب خطأ أو جريمة فيستباح الباقون ولو كانوا مليونا، ليس هذا فقط، بل من حق قوات الأمن أن تمنع المظاهرة من حيث الأصل ولا تسمح لها بالخروج إذا ‘توقع’ حضرة الضابط أو ‘نما’ إلى علمه أنه يمكن للمظاهرة أن يكون فيها عنف أو شيء ‘مش كويس’، بل ومنح قوات الأمن حق استخدام قنابل الغاز وخراطيم المياه وذخيرة الخرطوش والذخيرة الحية ضد المتظاهرين، حسب تقديرهم للموقف، لكن القانون ـ للأمانة ـ اشترط الرجوع إلى القضاء إذا رغبوا في استخدام قوة مفرطة أبعد من الذخيرة الحية والخرطوش، ربما يقصد طلب قوات الأمن استخدام صواريخ آر بي جي مثلا، أو دانات المدافع والدبابات لفض المظاهرة، قانون منع التظاهر من باب الشياكة قال ان حق التظاهر محفوظ طبعا، وكل ما على المتظاهرين فعله وكل المطلوب منهم أن يتقدموا بإخطار لجهات الأمن يطلبون منهم السماح بالتظاهر ضد الحكومة والأمن، ووزارة الداخلية بما عرف عنها من حب للتظاهر وحنو على المتظاهرين وإيمان كامل بحق الشعب في التظاهر، ستنظر بعين الشفقة والعطف والتسامح في طلب التظاهر ثم ترى ما هو أصلح للمتظاهر الشريف العفيف، وتقرر في ضوء ذلك قرارها، تسمح له أو لا تسمح، فإذا كان من المواطنين الشرفاء الذين يحملون صور الفريق السيسي، أو كانت أسماؤهم مسجلة في قوائم الوزارة حسب درجات المسجلين خطر المعروفة والموضوعة تحت السيطرة، فإن الغالب أن الوزارة والحكومة سترحب بتظاهراتهم تعبيرا عن روح الديمقراطية التي تسود البلاد ورياح الحرية التي تهب كنسيم الصباح على مصر بعد 30 يونيو، أما إذا كانوا من المشاغبين بتوع 6 أبريل أو ائتلافات ثورة يناير أو بتوع محمد محمود، فضلا عن أن يكونوا من أنصار الرئيس المعزول أو من يرفعون بأصابعهم علامة رابعة ‘الإرهابية’ فهؤلاء ـ من باب الحرص على أمنهم وأمانهم ـ لن يتم السماح لهم بالتظاهر، وسيتم الرد على طلبهم وفق الأدبيات الفرعونية العتيقة: فوت علينا بكره يا سيد .
معتوه من يتصور أن صدور هذا القانون لم يكن من أجل قمع المظاهرات ومنع مظاهرات أنصار مرسي وشباب ثورة يناير، الذي بدأ يستعيد عافيته وغضبته من جديد، وأزعج قوات الأمن التي تتوحش الآن بشراسة غير مسبوقة في القمع والاستباحة، كل العالم يرى ويعلم أن هذا قانون لمواجهة المظاهرات وقمعها وسحقها، كما أن العالم كله يعرف أيضا أن القوانين لا تمنع الشعوب من الاحتجاج والنضال السلمي، وكل ترسانة مبارك القانونية القمعية لم تمنع الشعب من تحديه وتحديها وسحق كل قوانينه والتمرد عليها وإسقاط نظامه، والجميع يرى ويعرف أن ما يجرى ضد المظاهرات الاحتجاجية الأخيرة، حتى بدون قانون تظاهر، هو سلوك قمعي عنيف ولا تخلو مظاهرة من قتل وإصابة وسجن لمتظاهرين بالعشرات، بل إن الاتهامات التي توجه ضد أي متظاهر يقبض عليه الآن هي أسوأ بكثير من الاتهامات التي ستوجه إليه إذا حوكم بسبب قانون التظاهر، على الأقل سيحكم عليه بغرامة أو سجن خفيف، بينما الاتهامات الجاهزة الآن لأي متظاهر يتم توقيفه هو الاتهام بالقتل والشروع في القتل وحرق المنشآت والاعتداء على سلطات الأمن، ومع ذلك لم تتوقف التظاهرات ولم تضعف بل تتزايد، وتجذب كل يوم المزيد.
اضطرار المستشار عدلي منصور إلى التصديق على قانون التظاهر بعد طول تردد يعني أن هناك توترا متزايدا في السلطة، وإحساسا أكبر بالخطر والفشل في مواجهة الاحتجاجات المتوالية، وأعتقد أن القانون ليس موجها لأنصار المعزول، فهم يقمعون على كل حال به أو بدونه، ولكنه رسالة تهديد وترويع للقوى الشبابية الأخرى التي تتزايد دعواتها للنزول إلى الشوارع من جديد’.

تنظيم التظاهر كناية شاعرية
عن قانون منع التظاهر

ونبقى مع جريدة ‘المصريون’ ومع موضوع الساعة ‘قانون التظاهر’ ومقال الكاتب درويش عزالدين الذي يتساءل فيه عن اسباب تظاهر المصريين:’ لك الله يا مصر فما اغرب ما يفعله بك ابناؤك، فلو اجتمع ألد اعدائك على التمثيل بك لا يأتون بمثل ما اتى به من ينتسبون اليك، واذكر هذا بمناسبة ما اثير عن اعتماد قانون التظاهر، او ما اطلق عليه تنظيم التظاهر في كناية شاعرية عن قانون منع التظاهر، ولكن على عادة ما يحدث على ارض بلادي يمكنك ان ترى متظاهرا يضرب ويهان وربما يقتل قنصا على قناة فضائية، بينما قناة اخرى يتحدث فيها متحدث باسم السلطات عن رقي الطريقة التي يتم التعامل بها مع المتظاهرين، وعن مدى انسانية ورحمة رجال الداخلية في التعامل مع همجية المتظاهرين، فالمطلوب او قل هو شعار المرحلة ان تصدق ما تسمع وتكذب ما ترى على الارض، والا وحسب قاعدة السلطة المتوترة فانت في خانة الاعداء، فالامر لديها الان معي او ضدي فلو استنكرت عنفا او استحرمت دما حراما فانت متهم بانك اخواني او ارهابي، او ما الى ذلك من ليستة الاتهامات المعلبة الجاهزة يشجع على وجودها هذا التوتر الذي نشعر به من جهة الحكومة ومسؤوليها.
لكي ندرك او نبلغ حلا لمشكلة لابد ان نتساءل عن اسبابها، ولذا عطفا على قانون التظاهر لا بد ان نسأل انفسنا لماذا يتظاهر الناس في مصر لاننا نعرف ان وضعنا في التظاهر او مجال حقوق الانسان عموما نختلف بالكلية عما يطلق عليها الدول المتقدمة التي تحترم حقوق الانسان، فالانسان لديهم يتظاهر للتعبير عن رأيه او للمطالبة بتحسين وضع معين، لان حاجاته الاساسية مؤمّنة، وبالتالي يتظاهر هؤلاء بتلك الطريقة الحضارية التي يفرضها الواقع لديهم بان لكل فرد حقوقا يكفلها القانون مهما كان انتماؤه وتتكفل السلطة الحاكمة بتأمين تلك الحقوق والمحافظة عليهان بل ومساءلة من يخرج عن الخط بينما اذا عدنا الى واقعنا المؤلم نجد ان البعض يتظاهر لمنع ابادته، مثلما يفعل الاخوان، والبعض يتظاهر اعتراضا على فشل حكومي في تأمين اسطوانة غاز او اعتراضا على واقع سيئ معاش يهوي بالبلاد من سيئ الى اسوأ، اي ان دوافع التظاهر عندنا تختلف عما هي عليه في الدول المتقدمة، فاذا ربطنا ذلك بكيفية التعامل مع المتظاهرين من قبل رجال الجيش والشرطة وهو ما يملي الشبكة العنكبوتية من فيديوهات الاهانة والاعتداء والتهديد بالاغتصاب والعنف والاستهداف بالذخيرة الحية، بل والقتل او الحرق فهنا لابد ان نتساءل اذا كان هذا القانون المشار اليه يهدف فعلا الى تنظيم التظاهر لماذا لم يذكر بندا بالعقوبات التي ستوقع على المخالف من قوى الشرطة او الجيش، لان عدم وجود بند مثل هذا يشكك كليا في الهدف من مثل هذا القانون، ثم اين هو الحوار المجتمعي قبل اقرار هذا القانون بتلك الصورة، ومع من تم هذا الحوار واذا لم يتم كيف تسمح الحكومة والرئيس المؤقت والسيسي بهذا التجاوز في حق الشعب؟’.

كيف يمكن أن يُسمع صوت العمال والفلاحين؟

وننتقل الى جريدة ‘المصري اليوم’ وموضوع لا يقل اهمية عن موضوع قانون التظاهر، وهو موضوع لجنة الخمسين لاعداد الدستور ومقال للكاتبة هدى جمال عبد الناصر بعنوان ‘لجنة الخمسين البرلمان القادم رأسمالي رجعي’ تقول فيه: فاجأتنا ‘لجنة الخمسين’ المكلفة بوضع الدستور، في 18 نوفمبر الجاري، بقرار كان صدمة للقوى التقدمية المصرية، وإن لم يكن غير متوقع! فكما ركب الإخوان المسلمين ثورة 25 يناير بعد أسبوعين من قيامها، الآن تسرقها الرجعية!
لقد ألغت ‘لجنة الخمسين’ بكل بساطة- نسبة الـ50′ المقررة للعمال والفلاحين في المجلس النيابي. وقد شعرت على الفور بالتناقض الصارخ بين روح الثورة التي قام بها الشعب في 25 يناير، لتحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وبين تداعيات هذه الثورة، بالقضاء على آخر المكتسبات الشعبية، وهي حقوق العمال والفلاحين في أن يُمثلوا في البرلمان بنسبة دورهم في المجتمع وفي العملية الإنتاجية.
إن الموضوع كله طبقي، وإن ‘لجنة الخمسين’ بإلغائها نسبة تمثيل العمال والفلاحين في البرلمان والمجالس الشعبية بعد 50 عاما من إقرارها- إنما تعود بنا إلى ما قبل ثورة 23 يوليو 1952. وأصبح يبدو لنا كما لو كانت ثورة 25 يناير هي خطوة إلى الوراء، وهذا مستحيل! فإن تعريف الثورة الشعبية يتضمن دائما التغيير الجذري إلى الأمام.. إلى التقدم.. إلى تحسين ظروف المعيشة بالنسبة للشعب.. إلى مزيد من المشاركة السياسية للعناصر المهمشة.. إلى تولي الشعب مهمة الحصول على حقوقه المفقودة في النظام القديم. وباختصار: فإن منطق الثورة هو أن تؤدي إلى نوع من الديمقراطية المباشرة، ووعي المواطنين بمصالحهم، واستبشار بإمكانية تحقيقها.
وهنا أتساءل عن طبيعة المجتمع المصري: هل تقدم، ونما اقتصاديا إلى الحد الذي تحقق به مجتمع الرفاهة، فارتفعت مستويات المعيشة، وشمل التعليم كل المصريين، وارتفع الوعي السياسي والمستوى الثقافي بينهم، وتحقق تكافؤ الفرص والعدالة للجميع، بحيث نقدم على إلغاء نسبة الـ 50′ تمثيل العمال والفلاحين في البرلمان؟ لقد دخل العمال والفلاحون المعترك السياسي الرسمي لأول مرة بنسبة 50′ في المؤتمر الوطني للقوى الشعبية، برئاسة جمال عبدالناصر في 1962 (محاضر اجتماعاته على موقع: www.nasser.org). ناقشوا الرئيس على قدم المساواة، وعرضوا مشاكلهم، وهم الأقدر على ذلك. وأثبتوا فعلا أن صاحب المصلحة هو الأصلح في التعبير والدفاع عنها، وشاهد على ذلك برلمانات ما قبل ثورة 23 يوليو 1952- وآخرها برلمان الوفد في يناير 1950- التي خلت من تمثيل طبقة العمال والفلاحين المقهورة.
وهنا أتساءل بعد قرار ‘لجنة الخمسين’ المغرض: أين العمال والفلاحون- في غياب نسبة الـ 50′- بالأموال التي تضمن لهم كرسيا واحدا في البرلمان؟ وقد رأينا في الانتخابات السابقة التي أتت بالإخوان إلى الحكم، كيف لعب المال الدور الحاسم في انتخابات جرت في بلد 41′ من سكانه تحت وحول مستوى الفقر، طبقا لإحصاء الأمم المتحدة!
كيف يمكن إذن أن يُسمع صوت العمال والفلاحين؟
إن العامل الحاسم في تكوين أي مجلس نيابي هو الطبقة، فهي التي تحدد توجهه، ولمصلحة من تصدر قراراته. ومن هنا أرفض كوتة المرأة أو الطوائف والأديان المختلفة، فالطبقة تجب كل ذلك، والصراع الطبقي هو السمة الأساسية في المجتمع المتخلف، الذي تتفاوت فيه الفوارق بين الطبقات بشكل لا إنساني، لا يمكن قبوله. إننا أصبحنا مجتمعا تتركز فيه الثروة في يد قلة محدودة، مجتمع سُحقت فيه الطبقة الوسطى التي هي عماد التقدم والنمو والتحضر، مجتمع أغلبيته من العمال والفلاحين والفقراء. هذا هو واقعنا الأليم الذي يجب ألا نغض الطرف عنه ونتجاهله’.

انخفاض الثقة في المؤسسة العسكرية

اما الزميل الكاتب فهمي هويدي فيقرع لنا اجراس الحقيقة في مقال له في جريدة ‘الشروق’ يقول فيه:’ في أجواء الاستقطاب الراهنة في مصر بات متعذرا علينا أن نتحصل على قراءة نزيهة ومحايدة للواقع، الذي استجد بعد عزل الرئيس محمد مرسي، إذ ضاقت الخيارات بحيث إنك إذا لم تكن مع ما جرى فأنت متهم ومصنف في معسكر الضد. إلا أن غيرنا أعفانا من المغامرة وفعلها. ذلك أن مؤسسة زغبي ذات المصداقية العالية في عالم الاستطلاعات والبحوث أجرت استطلاعا في مصر حول مؤشرات واتجاهات الرأي العام، ورجعت في ذلك إلى عينة من المواطنين في عشر محافظات. الاستطلاع تم في شهر سبتمبر من العام الحالي، وقورنت نتائجه بقياسات مماثلة للرأي العام جرت في المحافظات ذاتها خلال شهري مايو ويونيو السابقين.
المهمة كانت عادية بالنسبة للباحثين المتخصصين في المؤسسة الأمريكية. ذلك أنهم يباشرون العملية ذاتها في العديد من أقطار العالم، وحتى إذا أسفرت الاستطلاعات عن مفاجآت أو مفارقات، أيا كان نوعها، فإن ذلك لا ينال من صدقيتهم أو يضيرهم في شيء. إلا أن نشر نتائج الاستطلاع في مصر كان مغامرة من جانب الدكتور مصطفى النجار الذي عرضها في مقالة له نشرتها جريدة ‘الشروق’ يوم الجمعة الماضي 22 نوفمبر. ذلك أن النشر صدم معسكر المهللين الذين استسلموا لغرائزهم وملأوا الفضاء المصري بضجيج حناجرهم، الأمر الذي أشاع جوا من الإرهاب الفكري الذي لم يسلم الدكتور النجار وأمثاله من رذاذه وسهامه. وهي السهام التي ما برحت جريدة ‘الشروق’ تتلقاها منذ اختارت أن تفسح صفحاتها لمختلف الآراء، وقبلت بأن تدفع ثمن ذلك الموقف الذي لا يريد أن يغفره لها آخرون.
من أبرز النتائج التى توصل إليها الاستطلاع ما يلي:
إن الثقة في المؤسسة العسكرية انخفضت من 93′ في يوليو الماضي إلى 70′ في شهر سبتمبر. والثقة في القضاء انخفضت من 67′ في مايو إلى 54′ في سبتمبر. أما الشرطة فالثقة فيها مستقرة نسبيا، حيث كانت 52′ في مايو مقابل 49′ في شهر سبتمبر.
الثقة في الحكومة الانتقالية لم تتجاوز 42′ في حين أن الذين فقدوا ثقتهم فيها كانت نسبتهم 52′. بالنسبة للقادة السياسيين فإن الفريق السيسي يحتل أعلى نسبة تأييد (46′) بينما يرفضه 52′. والثقة في الرئيس المؤقت عدلي منصور لم تتجاوز 29′ بينما رفضه 58′. أما الرئيس المعزول محمد مرسي فقد بلغت نسبة تأييده 44′ في حين رفضه 54′ من المصريين.
في ما خص القوى السياسية فإن نسبة مؤيدي الإخوان في شهر سبتمبر بلغت 34′ وكانت 26′ في مايو و24′ في يوليو. وقد أعرب 59′ عن رفضهم لهم. حزب النور انخفضت نسبة مؤيديه إلى 10′ مقابل 86′ لا يثقون فيه. ومثله جبهة الإنقاذ التي تدنى تأييدها إلى 13′ بينما رفضها 84′ أعربوا عن عدم الثقة فيه. وحركة تمرد عانت بدورها من تراجع الثقة. فقد رفضها 62′ من المصريين مقابل 35′ أيدوها. أما نسبة المصريين الذين ليست لديهم ثقة في أي حزب فقد بلغت في شهر سبتمبر 17′ بعد أن كانت في شهر مايو 39′.
في تقييم الموقف من عزل الدكتور محمد مرسى بعد ثلاثة أشهر من العملية أبدى 46′ من المصريين تأييدهم لتلك الخطوة، في حين رأى 51′ أن عزله بتلك الطريقة لم يكن صوابا بما ترتب عليه من نتائج، ورأى 35′ أن مصر أحسن حالا بعد 30 يونيو و46′ قالوا إنها صارت أسوأ، بينما قال 18′ إنه لم يتغير شيء.
عن موقف المصريين من المصالحة وإدماج الإخوان سياسيا رأى 50′ ضرورة حظرهم، بينما رأى 42′ ضرورة إيجاد صيغة لإدماجهم. ورأى 79′ من المصريين أهمية المصالحة بشكل عام. حين رفضها 21′. ليس ذلك آخر كلام بكل تأكيد، لكنه ليس أي كلام. أعني أننا لا نستطيع أن نعتبر هذه النتائج قراءة نهائية للواقع المصري، إلا أننا أيضا لا ينبغي أن نتجاهلها تماما. ذلك أن أهميتها تكمن في أنها ــ حسب علمي على الأقل ــ أول محاولة من نوعها سعت لدراسة الواقع المصري بأسلوب علمي، بعيدا عن التشنج والتهويل الإعلامي والتهريج السياسي. في ذات الوقت فإنها تدفعنا إلى إعادة النظر في فكرة ‘التفويض’ التي اطلقت في الفضاء السياسي. وعند الحد الأدنى فإنها تنفي الادعاء بأنه كان تفويضا على بياض.
لن أستبعد أن يهب نفر من الناس غاضبين وقائلين بأن المؤسسة المذكورة جزء من المؤامرة الأمريكية. وأن جيمس زغبي استعاد أصوله اللبنانية والتحق سرا بالتنظيم الدولي للإخوان. وقد تفاجأ بفتوى تدعي أنه في الأصل كافر لا تسمع شهادته. لن أستغرب شيئا من ذلك بطبيعة الحال. لكن الذي أستغربه وأحذر منه أن نصدق تلك الدعاوى، بما يجعلنا ندفن رؤوسنا في الرمال ونصر على تجاهل الواقع وإنكاره.
إننى لا أدعو إلى الانطلاق من نتائج ذلك الاستطلاع، لكنني أدعو فقط إلى استعادة الوعي والانتقال من السكرة إلى الفكرة، بحيث نكف عن الاستسلام للأوهام والغرائز وننصت إلى أجراس الحقيقة قبل فوات الأوان’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د محمد مصر:

    الا خ اللى شايف مشكلة الاخوان فى مصر ان عباراتهم ليس فيها ان شاء الله والتانى اللى بيقول استطلاعات الراى لا تمت للواقع بصلة واستشهد بحاجة بسيطة يوم لما طلب الفريق السيسى تفويض بمكافحة ارهاب الاخوان خرج مايزيد عن 30 مليون والله فعلا انت ناس مغيبة

إشترك في قائمتنا البريدية