كلما تحدث سوري عن سقوط النظام ذات يوم يرد عليه عشرات السوريين بالسخرية والتهكم، ويقولون له: «لو بدها تشتي كانت غيّمت»، أي أن السوريين لطالما حلموا بإسقاط النظام منذ بداية الثورة، لكن أحلامهم كانت دائماً أضغاث أحلام برأي المستعجلين في التخلص من بشار الأسد وزمرته. لكنه غاب عن بال الساخرين أن ضباع العالم لا يُسقطون الأنظمة بكبسة زر، بل يطبخون مشاريعهم ومخططاتهم على نار هادئة خدمة لمصالحهم بعيدة المدى التي ترضي أطماعهم، ولا علاقة لها مطلقاً بتلبية طموحات المساكين من الشعوب كالسوريين وغيرهم.
حتى جماعة الأسد يتحدثون في جلساتهم الخاصة أن السيناريو العراقي انتقل إلى سوريا منذ سنوات، وأن ما حدث للعراق سيحدث لسوريا عاجلاً أو آجلاً، لكن على مراحل وحسب المخطط المرسوم. تعالوا نتذكر الآن كيف بدأ المخطط في العراق وكيف انتهى. بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990، جندت أمريكا عشرات الدول لطرد القوات العراقية من الكويت، وقد تم ذلك بنجاح، فخرج صدام حسين رغماً عنه من الكويت بعد سبعة أشهر، وبعد أن تعرض جيشه إلى ضربة قاصمة وهو عائد إلى قواعده في العراق، وانتهى به الأمر إلى توقيع اتفاق الإذعان في خيمة صفوان الشهيرة، وانكفأ صدام إلى بغداد بعد أن فقد السيطرة على الشمال والجنوب بفعل حظر الطيران شمال العراق وجنوبه. لكنه فوجئ بالانتفاضة الشعبانية بعد شهرين فقط على خروجه من الكويت، حيث تمكن العراقيون وقتها من السيطرة على أربع عشرة محافظة عراقية من أصل ثمان عشرة محافظة. وقد ظن المنتفضون العراقيون وقتها أن أمريكا التي طردت قوات صدام حسين من الكويت ستقف إلى جانبها لإسقاط النظام، لكن الطيران الأمريكي الذي كان يراقب الشمال والجنوب، لم يتدخل مطلقاً في الانتفاضة العراقية، لا بل إنه ساعد صدام حسين بطريقة غير مباشرة لسحق الانتفاضة واستعادة كل المحافظات الساقطة بأيدي المنتفضين. لاحظوا هنا أن الأمريكي الذي كان يمكن أن يستغل الانتفاضة لإسقاط نظام صدام لم يتدخل، لا بل وقف ضد الانتفاضة بطريقة ما، لكن ليس دفاعاً عن نظام صدام ولا خذلاناً للانتفاضة الشعبية، بل خدمة للمخطط الأمريكي الذي سينضج لاحقاً بعد حوالي ثلاثة عشر عاماً. وقد قال الجنرال الأمريكي نورمان شوارتسكوف الذي قاد معركة تحرير الكويت عام 1991 إن واشنطن كانت قادرة بسهولة على إسقاط نظام صدام وقتها، لكنها لم تفعل خدمة لمصالحها القادمة. وبدلاً من ذلك أحكمت أمريكا الحصار على العراق وفرضت قيوداً صارمة حتى على أبسط الحاجيات اليومية التي كان يحتاجها الشعب العراقي كأقلام الرصاص. وكلنا يذكر اتفاق النفط مقابل الغذاء، بحيث لم يسمح للعراق أن يبيع نفطه إلا من أجل الحصول على الغذاء فقط.
وعاش العراق بعد غزو الكويت حوالي ثلاثة عشر عاماً من العذاب والتنكيل المنظم على أيدي الأمريكيين وحلفائهم. وظل صدام حسين حاكماً كل ذلك الوقت بينما كان الشعب العراقي يموت من الجوع والفقر والفاقه. وقد كان بإمكان أمريكا أن تسقطه في أي لحظة لو أرادت بعد أن فقد السيطرة على مناطق كثيرة وصار محصوراً في بغداد. لكن ساعة الصفر لم تحن إلا عام 2003 عندما غزت أمريكا العراق وأسقطت النظام، ثم لاحقت صدام نفسه وألقت القبض عليه ثم حاكمته وأعدمته بواسطة عملائها العراقيين التابعين لحليفها الإيراني.
ألم يكن بإمكان أمريكا وإسرائيل إسقاط النظام السوري على مدى التسع سنوات الماضية بعد أن فقد السيطرة في أوقات معينة على ثمانين بالمائة من الأراضي السورية، وبعد أن وصل الثوار إلى مشارف القصر الجمهوري؟
تعالوا الآن إلى الوضع السوري لنرى كيف يتشابه مع المخطط العراقي. ألم يكن بإمكان أمريكا وإسرائيل إسقاط النظام السوري على مدى التسع سنوات الماضية بعد أن فقد السيطرة في أوقات معينة على ثمانين بالمائة من الأراضي السورية، وبعد أن وصل الثوار إلى مشارف القصر الجمهوري؟ بالطبع نعم. لكن أمريكا لم تفعل، بل ساعدت في إعادة مناطق كثيرة للنظام، تماماً كما فعلت مع صدام حسين المفترض أنه عدوها عندما غضت الطرف عن استعادته لأربع عشرة محافظة عراقية من المنتفضين العراقيين في بداية عام 1991. وكلنا يعرف أن الروسي والإيراني لم يكونا ليتدخلا لمساعدة الأسد لولا الضوء الأخضر الأمريكي والإسرائيلي. لكن هل هذا يعني أن أمريكا تقف مع النظام السوري؟ بالطبع لا، بل هي تنفذ مخططاً سينتهي بسوريا والنظام على الطريق العراقية.
ما أشبه «قانون قيصر» الأمريكي بخصوص سوريا بالقوانين الأمريكية التي سنتها واشنطن لخنق العراق وحصاره وتجويع شعبه والتنكيل به ثم الانقضاض عليه عندما أصبح يتمنى الموت ولا يجده. ولا تنسوا الكتاب الأمريكي الشهير بعنوان «التنكيل بالعراق» للكاتب جيف سيمونز. ولا ندري إذا كان هذا الكاتب أو غيره سيؤلف لاحقاً كتاباً مشابهاً بعنوان «التنكيل بسوريا» بعد أن يكون قانون قيصر قد أخذ مجراه وفعل أفاعيله بسوريا والسوريين.
باختصار نستطيع أن نقول للسوريين الذين باتوا يائسين من إمكانية سقوط النظام وأنه صار شبه مستحيل بعد أن تأخر كثيراً، نقول لهم: فقط انظروا إلى المخطط الأمريكي في العراق وكم استغرق لإسقاط نظام صدام حسين مع أنه كان متاحاً منذ بداية خروجه من الكويت. أمريكا وبقية ضباع العالم لا تعمل من أجل طموحاتي وطموحاتكم وأحلامكم، بل تعمل من أجل مصالحها ومخططاتها، وهي تنفذها في الوقت الذي يناسبها وليس في الوقت الذي يرضيكم. نتمنى أن لا يُلحق قانون قيصر الذي سيبدأ تنفيذه قريباً الأذى بالشعب السوري كما فعلت القوانين الأمريكية السابقة بالشعب العراقي، مع أن التاريخ سيعيد نفسه في سوريا الأسد، وسيبقى بشار وعصابته جاثمة على صدور الشعب السوري بضوء أخضر أمريكي وإسرائيلي، وسيبقى بشار وجماعته يأكلون الكافيار ويشربون الويسكي ويتصارعون على المليارات المنهوبة، بينما الشعب السوري لا يجد ثمن رأس بصل، تماماً كما كان صدام يدخن السيجار الكوبي الفاخر أيام الحصار الأمريكي بينما كان كثيرون من العراقيين البائسين يفتشون عن لقمة الخبز في المزابل. هل سينتهي السيناريو الأمريكي في سوريا الأسد على عكس ما انتهى إليه في عراق صدام، أم أنه يتكرر بحذافيره وبتفاصيله المملة وبشخوصه…ونهاياته؟
كاتب واعلامي سوري
[email protected]
ما كتبه فيصل القاسم صحيح لأن شخصية «قيصر» هي «شخصية وهمية استخباراتية» ابتدعتها اميركا. حدا بيعرف ليش قيصر، الذي يخفي رأسه رغم أنه يسكن واشنطن، لا تزال شخصيته غير معروفة بحجة الخوف من النظام؟
و طبعاً من الصعب نسخ ٥٥ ألف صورة على لاپتوپ دون أن يعرف أحد في النظام عند النسخ، سيما ان هذا النسخ يحتاج لوقت طويل على أجهزة كمپيوتر لدى النظام ليست متطورة وقتها.
كل العقوبات التي أقرتها أميركا ضد الأنظمة الديكتاتورية كانت نتيجتها «تقوية الأنظمة و إضعاف الشعب». و لذلك فإن قانون قيصر لا يخرج عن هذا السياق. لو طُبّق القانون، سيقوي نظام الأسد و سيضعف السوريين.
هناك مثل اميركي يقول؛ «إذا أردت قتل فكرة، ادعو لاجتماع عليها». اميركا تتهرب من أخذ اي عمل ضد النظام «بأخذ تشريعات و قوانين» ضده ليس لها اي تأثير. الرئيس الاميركي لا يحتاج لإذن او لتشريع من الكونغرس لضرب النظام السوري إذا أراد.
الإختلاف بين السيناريو العراقي والسوري هو روسيا بوتين! لو كانت روسيا تدعم صدام, ما تم السيناريو الأمريكي بالعراق!! ولا حول ولا قوة الا بالله
لا تنس يا دكتور القواعد الروسية بسوريا! روسيا بوتين أصبحت اللاعب الأول بسوريا الأسد, والعدو الأول للسوريين!! ولا حول ولا قوة إلا بالله
تحياتي لك دكتور فيصل
تحية للجميع
انا هنا لا تريد الانتقاص من احد ولا التحدث عن سوريا ولكن ان يكتب عن صدام والكويت والانتفاضة التي لم يسميها كل الاعلام العربي حينها بهذا الاسم وفترة الحصار بهذه الطريقة ولو رجعنا الى الفضائيات المهمة والاكثر متابعة في بداية التسعينيات الى الا عام 2003 كلها كانت تمدح صدام وتقف حتى ضد الكويتيين وضد من يقف ضد صدام وينتقده وقد قال احد الاعلاميين المعروفين في نلك الفترة ان العراق يعيش افضل فتراته وانه زار شارع ابو نواس واكل سمك المسكوف العراقي وان كل شبء على ما يرام
يا دكتور فيصل هلق قبل قانون قيصر سوريا اصبحت أفقر دولة بالعالم…ماذا سيحصل أكثر من ذلك!!
برأيي يطبق القانون والشعب كلو رح ينتفض
بسبب الجوع ورح يسقط حكم الأسد..
ها أمريكا قدر ؟
طبع لا … فهي تدور في فلك القدر مثلنا، وكل ما في الأمر إنه دورها في هذا الوقت من دورة الحياة .
سوف يتباكون على بشار حين يسقط ولن يعود لهم وطن ابدا ابدا وسف تتحول سوريا لساحة حرب للمتنازعين حتى يستنزفو كل قواهم بعدها تقسم سوريا دويلات صغيره ….. وتكبر اسرائيل وتكون اكثر امان ويتحول الشعب السوري الى شتاة مثل شعب فلسطين ويوم لاينفع ندمك ولن تغفر لك االارض والسماء
طنجره اللحم العربي كغيرها يلزمها منظومة ذباح وطباخ وسفرجي متفاهمين فيما بينهن .. فلا يصح تغير الذباح قبل تغير الطباخ والسفرجي
تحليل موضوعي وواقعي دكتور فيصل لكن تجب الإشارة أن صدام حسين رحمه الله كان يدخن السيكار الكوبي الفاخر إضافة لأناقته وشياكته المعهودة ليغيض ويستفز أعداءه الكثر الذين كانوا يتربصون به من كل جانب.
صدام حسين لم يكن فاسدا ومهرب أموال كمعظم الحكام العرب،لقد بحثت أمريكا عن حساب ولو يتيم له ولرفقائه فلم تجد فلسا واحدا في جميع البنوك العالمية.
على مر التاريخ لم يوجد زعيم أمة يعيش حياة متواضعة وشعبه محاصر وجائع من أعتى الإمبراطوريات،صدام كانت له كاريزما قل نظيرها وقد شغل وقتها الدنيا لذلك فمن غير لائق أن يظهر ضعيفا ومتذبذبا أمام الذين يحبون له المؤامرات ليل نهار…