قاومنا امبراطوريتين قبل ستين عاما… وإثيوبيا تستأسد علينا الآن… وغضب كنسي بسبب كتاب

حسام عبد البصير
حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: على نحو لافت اهتمت صحف أمس الاثنين 26 يوليو/تموز بالحدث الأهم في تاريخ المصريين قبل 65 عاما، وبعد 4 أعوام من ثورة الضباط الأحرار أعلن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قراره التاريخي بتأميم قناة السويس، ردا على رفض البنك الدولي تمويل مشروع بناء وتشييد السد العالي. وكان السؤال اللافت حول سر الاهتمام الكبير بذكرى التأميم، إذ ذهب البعض إلى أنه محاولة من الكتاب للفت أنظار أنصار السلطة لزمن كانت فيه مصر فتية قبل أن تتحول لعجوز، تتداعى عليها ضباع افريقيا، وتستحوذ إثيوبيا على كنزها الكبير، بينما العالم غير مكترث بحق المصريين في الحياة.
وأعادت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين، للأذهان ما جرى في ليلة 23 يوليو/تموز 1952، حيث قام تنظيم الضباط الأحرار بثورة حظت بدعم شعبي، نتيجة لما وصفه كتاب الصحف بحالة الفساد المستشرية في البلاد في العهد الملكي. ولم تنس الصحف وهي تحتفي بذكرى تأميم القناة أن تعلن عن سعادتها، بما تشهده تونس من أحداث، على اعتبار أنه يدفع بأهلها نحو سيرتهم الأولى قبيل زمن ثورات الربيع العربي، ويعيد دولتهم لزمن الجمهوريات الكلاسيكية، حيث البحث عن رغيف هو غاية الأمر ومنتهاه.
ومن تقارير أمس: قال الدكتور محمد معيط وزير المالية، إن إيرادات هذا العام، أكثر من إيرادات السنة الماضية بقيمة 119 مليار جنيه، لافتا إلى معدل زيادة الإيرادات هذا العام أكثر بـ12.2 مليار، رغم الظروف الاقتصادية، وانتشار جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، ونقص إيرادات بعض الأنشطة تصل إلى 50%، مثل أنشطة الفندقة والمطاعم وغيرها المرتبطة بقطاع السياحة، وضرائب الطيران، ورسوم المغادرة، وإيرادات الموانئ، حيث انخفضت بمعدلات أكثر من 50% وأحيانا بـ55%. وأضاف أن حصيلة مصر من إيراداتها الضريبية لهذا العام، زادت عن العام السابق بسبب توسيع القاعدة الضريبية، وضم فئات جديدة. واهتمت الصحف بأزمة الأطباء التي خلفتها محنة ممثلة، حيث قال الدكتور أسامة عبد الحالي السكرتير العام لنقابة الأطباء، إن هناك هجمة شرسة وغير أخلاقية على الأطباء بسبب الأخطاء الطبية بعد واقعة ياسمين عبد العزيز، مطالبا بوجود قانون يمنع نشر أي أخبار عن الأخطاء الطبية، إلا بعد التأكد من حقيقة هذا الأمر، لأن هذا يشكك الناس في الأطباء، ويسيء إلى سمعة الطب المصري. وتابع “السكرتير العام لنقابة الأطباء: “الطبيب هيحجم عن علاج الحالات الصعبة، بسبب وجود سيف على رقبته، عند حدوث أي مضاعفات طبية، بسبب الهجوم على الأطباء”، ولفت إلى أن حدوث مضاعفات لأي مريض لا يعني وجود خطأ طبي، لأن المضاعفات واردة عند إعداد أي أجراء جراحي، وهذا ما حدث مع حالة الفنانة ياسمين عبد العزيز، معقبًا: “ما حدث مع ياسمين عبد العزيز مضاعفات، وليس خطأ طبيا”.

تخريب الذاكرة

اكد عبد الله السناوي في “الشروق” على أن أعز ما يملكه أي شعب ذاكرته الوطنية، القضايا التي تبناها والمعارك التي خاضها والأثمان التي دفعها لكي يرفع رأسه عاليا، والأخطاء التي ارتكبت حتى لا تتكرر مرة أخرى. وشدد على أن هناك فارقا جوهريا بين المراجعة بالنقد والتهجم بالتجهيل. رغم مرور (65) عاما على تأميم قناة السويس فإن هناك من يطلب إلغاء التاريخ بمعانيه وتضحياته وتبعاته الاستراتيجية. تحمل جمال عبدالناصر مسؤولية القرار، لكنه لم يكن لينجح لولا استعداد الشعب المصري، أن يدفع باقتناع كامل أثمان استقلاله الوطني من دم أبنائه. هنا ـ بالضبط ـ موضوع الغارات المتعاقبة على الذاكرة الوطنية، حتى يفقد المصري العادي ثقته في نفسه وفي قدرته على صنع التاريخ واكتساب حقوقه المشروعة، أيا ما كانت التضحيات. لم يكن بوسع أحد في العالم توقع تأميم قناة السويس قبل إعلانه من فوق منصة «ميدان المنشية» في الإسكندرية في ذلك اليوم البعيد، الذي تقادمت عليه السنين، ولا كان مطروحا تسليم شركة قناة السويس إلى مصر بعد انتهاء عقد الامتياز عام (1968). كانت قناة السويس أهم مشروع هندسي في العالم في القرن التاسع عشر، دولة داخل الدولة، وقيدا حديديا على المصير المصري، ومصر كلها رهينة للقناة، أهينت واستنزفت واحتلت (1882) حتى تمكنت من تأميمها منتصف القرن التالي، ودفعت بالدماء ثمن استقلالها الحقيقي في حرب السويس. بقرار التأميم رد اعتبار الوطنية المصرية، وتمكنت دولة من العالم الثالث من تحدي الامبراطوريتين السابقتين البريطانية والفرنسية في صلب مصالحهما الاستراتيجية في الشرق الأوسط، حيث منابع النفط الذي تمر حمولاته عبر قناة السويس. جسارة التحدي تأخذ معناها الحقيقي من سياقها في الصراع على الشرق الأوسط، فقد حاولت مصر بعد ثورة يوليو/تموز الخروج من دوائر النفوذ الاستعمارية، قاومت الأحلاف العسكرية وسياسات ملء الفراغ، كسرت احتكار التسليح بصفقة الأسلحة السوفييتية، أيدت حركات التحرير الوطني في العالم العربي، ولعبت دورا جوهريا في تأسيس قوة دولية جديدة.

ليحترمنا العالم

شددد عبد الله السناوي، على أنه إذا كان هناك من يعتقد أن استقلال القرار الوطنى يُمنح ولا يُنتزع فهو واهم، فلكل استقلال تكاليفه وتضحياته ومعاركه. اكتسبت مصر استقلالها الوطني الكامل في حرب السويس بفواتير الدم المبذولة، وشجاعة أبنائها الذين هرعوا لحمل السلاح في مواجهة العدوان الثلاثي، البريطاني ــ الفرنسي ـ الإسرائيلي، لا بـ«اتفاقية الجلاء» التي وقّعها عبدالناصر نفسه عام (1954) وانطوت على تنازلات تتيح للقوات البريطانية حق العودة لقاعدة قناة السويس، إذا ما تعرض بعض حلفائها للخطر. هناك من يتصور أن مصر كان يمكنها تجنب العدوان عليها، إن لم يُقدم عبدالناصر على قرار التأميم. بالوثائق هذا استنتاج متعجل، فلم يكن مسموحا لمصر بأن تتطلع لاكتساب قرارها الوطني بالتأميم، أو بغير التأميم. بحسب تقرير استخباراتي أمريكى ـ ربيع (1956) ـ كشف عنه الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابه «ملفات السويس»، فإن خطط الانقلاب والغزو وقتل جمال عبدالناصر سبقت قرار التأميم. لم يكن كلاما في فضاء الاجتماعات السرية، بقدر ما كان شروعا في تحديد الأدوار قبل التنفيذ. لم يكن رفض البنك الدولي تمويل مشروع بناء السد العالي، السبب الرئيسى لتأميم قناة السويس بالفعل ورد الفعل. منذ احتلال مصر وهي تتطلع إلى هذا اليوم، الذي تستعيد فيه الشعور بالكبرياء الوطني، والقدرة على الدفاع عن حقوقها الأصلية. فكرة التأميم لم يخترعها جمال عبدالناصر، ولا طرأت على رأسه فجأة. قبل يوليو/تموز، ترددت دعوات متناثرة تضمنتها ـ أحيانا ـ دراسات تتبنى هذه الخطوة، لكنها كانت أقرب إلى الأحلام البعيدة والتخيلات المحلقة. لم يكن أحد يتصور أن يأتي هذا اليوم فعلا، حتى أن أغلب الذين دعوا للتأميم قبل يوليو لم يحتملوا المفاجأة عندما صارحهم بها عبدالناصر، وهو يتأهب لإعلان قراره خشية ردات فعله. وبين الاقتراحات التي عُرضت عليه أن يقدم على «نصف تأميم» حتى لا يستثير القوى العظمى.. بعد تحدي السويس خرجت مصر قوة إقليمية عظمى، وتحولت عاصمتها القاهرة إلى أحد المراكز الدولية، التي لا يمكن تجاهلها. اكتسبت مصر أدوارها القيادية في افريقيا بوضوح سياساتها وقدرتها على المبادرة والإسناد لتحرير القارة.

فلنخاطبهم بلسانهم

لأن العالم كما أوضح أحمد ابراهيم في “الوطن” لا يتعامل بالعقل ولا بالعاطفة بل بالمصلحة، لذلك يجب أن نخاطبه بهذه اللغة، وهي أن الآثار السلبية من هذا السد المشؤوم لن تتحملها مصر وحدها، ولكن المنطقة بالكامل وأولها الاتحاد الأوروبي، وأن هذا السد سوف يكون سبباً في زيادة الهجرة غير الشرعية، ولن تستطيع القاهرة منعها كما كانت تفعل، الأمر الآخر هو أن يكون تركيز خطابنا الإعلامي والسياسي على الأضرار الحقيقية وبالأرقام في حالة عدم الوصول إلى اتفاق ملزم لإثيوبيا في إدارة وتشغيل السد، فالأرقام تقول إن الله يرسل أكثر من 1000 مليار متر مكعب من المياه للثلاث دول، حصة مصر منها 55 ملياراً فقط، والسودان 18 ملياراً، وإثيوبيا أكثر من 900 مليار. والأرقام تقول إن 95% من أرضنا صحراء جرداء بسبب عدم توافر المياه، وإن نهر النيل هو المصدر الرئيسي لحياة المصريين، وإننا دولة تستورد من الخارج أكثر من نصف السلع الغذائية الاستراتيجية، بسبب نقص المياه، كما أن حصتنا في النيل ثابتة منذ عشرات السنوات، رغم تضاعف عدد السكان عدة مرات، كما أننا نعيد استخدام المياه أكثر من مرة، وهذا يكلفنا أموالاً طائلة، بالإضافة إلى جهود الدولة المصرية في مجال تحلية المياه وتحويل نظم الري من الأساليب القديمة إلى الحديثة، وهذا يكلفنا أيضاً مئات المليارات.

معركة صعبة

وقال أحمد أبراهيم إن المعركة مع إثيوبيا ليست سهلة، لأن من يديرها خلف الكواليس لا يريد لمصر الأمن والاستقرار، لذلك هي ليست فقط مسؤولية الرئيس أو الحكومة، ولكنها مسؤوليتنا جميعاً، ولن يجدي معها إعلامنا الذي يخاطب نفسه، نريد لغة إعلامية مختلفة تخاطب شعوب العالم قبل حكوماته، وباللغة التي يفهمها، وهي المصلحة لنا ولهم، أو الأضرار علينا وعليهم. لا شك في أن التحديات التي تواجه بلادنا بسبب أزمة سد النهضة تكاد تكون الأصعب في تاريخها، وربما تتجاوز مرحلة ما قبل حرب أكتوبر/تشرين الأول، هذه التحديات تتطلب من جميع المواطنين أن يكونوا على مستوى الحدث والتلاحم الوطني خلف القيادة السياسية، وأيضاً أن يكون لهم صوت مسموع في العالم كله، لأن حقوقنا في النيل ليست فقط تاريخية، ولكنها أيضاً مكتسبة. ومصر أقرت بحق إثيوبيا في التنمية، مقابل حق مصر في الحياة، رغم أن سد النهضة أهدافه إعلامية سياسية أكثر منها تنموية، أو ربما هدفه بيع المياه، وذلك يتنافى مع القيم الإنسانية، ويكون بداية صراع لن ينتهي في كل الدول التي تربطها أنهار مشتركة. يجب أن نخاطب العالم بلُغته من خلال الشخصيات المصرية الدولية الوطنية المحترمة «قوتنا الناعمة»، فالقضية ليست سياسية دبلوماسية فقط، بل شعبية، كما يجب أن تتواصل هيئة الاستعلامات مع خبراء الري المصريين وتترجم آراءهم ومقالاتهم باللغات الأجنبية وترسلها إلى الإعلام الدولي، أيضاً على رجال الأعمال المصريين تنظيم حملات إعلانية في أهم وسائل الإعلام العالمية.

طاقية الإخفاء

يبدو والكلام لأشرف أبو الهول في “الأهرام” أن حكومة أبي أحمد في أديس أبابا دخلت التاريخ بعد أن حولت حلم اختراع طاقية الإخفاء إلى واقع فعلي، والدليل على ذلك أن الإعلام العالمي بكل قدراته يعجز عن رؤية ما يحدث داخل الدولة الإثيوبية بكل مكوناتها، وبالتالي لا ينقل إلا ما تروجه الحكومة الإثيوبية، سواء ما كان متعلقا بالأوضاع الداخلية في هذا البلد الذي يشرف على الانهيار، أو ما يتعلق بتصريحات المسؤولين الإثيوبيين عن مشروع سد بني شنقول، وآخرها الادعاء بنجاح الملء الثاني للسد، رغم أن الصور الحديثة للأقمار الصناعية تؤكد وبوضوح الفشل الإثيوبي الذريع، بينما وسائل الإعلام سواء العالمية مثل “فرانس 24″ أو العربية كـ”الجزيرة” تتغزل في النجاح الإثيوبي. والطريف أنه بينما ينقل الإعلام العالمي عن حكومة أبي احمد أن الشعب الإثيوبي يقيم الاحتفالات ويرقص ابتهاجا بالملء الثاني، فإن الواقع يقول إن السفارات الأجنبية في أديس أبابا تحزم أمتعتها استعدادا للفرار من المدينة، ومعها مئات الآلاف من السكان بعد أن باتت في مرمى مدافع جبهة تحرير أوروميا المعروفة باسم أونج شيني التي تزحف إليها من إقليم أوروميا لاحتلالها، وإسقاط نظام حزب الازدهار بزعامة أبي احمد، الذي زور الانتخابات البرلمانية، وأعلن الفوز الكاسح وقبلها حطم الجيش الإثيوبي ومعه الجيش الإريتري في مغامرة تيغراي الفاشلة، لدرجة أن مقاتلي تيغراي المنتصرين لم يكتفوا بالآلاف من الأسرى ومعظمهم من الأمهرة، بل طاردوا بقايا قوات الحكومة إلى داخل إقليم العفر القريب من أديس أبابا، وأبادوا فرقا كاملة منها، وكل ذلك والإعلام العالمي لا يرى ولا ينقل شيئا، ويكتفي بنشر أكاذيب نظام كل همه الإضرار بجيرانه ومنع المياه عنهم بينما بلاده في طريقها للتفكك.

معاركهم الفانية

تستفز مصطفى عبيد كما قال في “الوفد” المعارك الصغيرة للكُتاب. يُحزنني انجرار البعض للملاسنات والدخول في مقارعات لا طائل منها، الشخصي منها أكبر من القيمي. أستعين باعتراف الكاتب الراحل عبد الرحمن الخميسي «عشت أدافع عن قيثارتي ولا أعزف ألحاني» لأعتبره قانوناً عاماً لعملى في الكتابة، لأتعلم أن معارك الكُتاب والمثقفين بعضهم مع بعض عبثية، لا طائل منها : المنتصر فيها مهزوم. في تاريخ الصحافة الحديثة معارك صاخبة، علت واستطالت وتنوعت أسلحتها وأساليبها لكنها لم تترك خيراً. أتذكر قبل أكثر من عشر سنوات حربا طاحنة جرت بين الكاتب الراحل عبد الله كمال، والأستاذ عادل حمودة، لم تُسفر عن أي جمال. كتب كلاهما كلاما موجعا عن الآخر لكن، لا شيء يُذكر لأن ما ينفع الناس وحده هو الباقي. قبلها كانت ثمة معركة صاخبة أخرى بين أحمد فؤاد نجم، وعادل حمودة، لأن الأخير كتب مقالا بعنوان «الجياد لا تباع في السوبر ماركت» استنكارا لاحتفاء نجيب ساويرس بنجم، كشاعر ثوري مناضل، وهو ما اعتبره نجم إقحاماً له في معركة عادل حمودة الخاصة مع ساويرس، ورد بكتاب ساخر خفيف يحمل عنوان «أنا بقى وعادل حمودة» وحكى لي بعض السابقين في مهنة المتاعب كيف وصل الصراع بين موسى صبري وخصومه من الكُتاب إلى كشف خبر زواجه بالمطربة اللبنانية الكبيرة وكأنه فتح عظيم، والتلسين المسف على خصوصياته.

شريرون بطبعهم

كذلك والكلام ما زال لمصطفى عبيد في “الوفد” وصل الصراع بين الأستاذين هيكل ومصطفى أمين إلى حد وصم كل واحد منهما للآخر بكل نقيصة أخلاقية، ورغم عملهما السابق معا، فإن الصراع الدائر بينهما أولا على عقل عبد الناصر، ثم على لقب أستاذ الصحافة، وصل بهما إلى تحطيم كل إنساني بينهما. أتذكر ذلك وأنا مندهش لمعركة هشة بدت كأبرز ما شهده معرض القاهرة الدولى للكتاب الأخير، إذ طرح أحد الروائيين كتاباً لإهانة كاتب آخر له جمهور، لفتا للأنظار، وهو ما آثار استياء المثقفين، فأقام الدنيا ولم يقعدها عندما قرر الناشر تجميد إصدار الكتاب نظراً للضجة المثارة. وغضب مني الروائي الصديق لأنني استهجنت فعله، ورفضته، وانتقدته علنا، لكني لم أتجرجر لأن أدخل معه في معركة. فكرت بهدوء: ماذا لو أنفق صاحبنا وقته في كتابة نص جميل، طرح فكر مغاير، تحليل موقف ما، استقراء ابداع ساحر، والتفتيش في دفاتر منسية؟ أتذكر كاتب الحكايات الجميل بتسامحه ولطفه إبراهيم عبد المجيد، عندما كان يجد أي صراع في أي مكان يعمل فيه ينسحب بهدوء. كان المبدع الكبير يندهش من صراع مَن هم حوله على منصب، مكافأة، أو مكانة ما، ويضحك بذكاء ويبتعد منشغلاً بمشروع إبداعي جديد. كانت كتابة الرواية بالنسبة له أجمل فعل، وشغل عقله وروحه ووجدانه دائما بها، لذا صار كما نراه الآن مبدعا جميلا ومتجددا. أقول وكم قلت: لا جدوى للصراعات والحروب الكلامية. لا منطق في الانشغال بما يتصوره البعض تصفية حسابات. لا ثارات تحيى للأبد، فالزمن كفيل بمحو أي غل إنساني تجاه الآخر. إن كان لديك عسلك فلا تنشغل بمناحل الآخرين. امنحه للناس. ستربح.

ليه يا بحر

يقول بشير حسن في “فيتو” إن علاقته بالفنان إيمان البحر درويش اقتصرت على لقائين يفصل بينهما خمسة عشر عاما، الأول عندما أجريت معه حواراً صحافياً بمناسبة اعتزاله الفن، وبعد نشر الحوار هدد بمقاضاتي، لا لأنني ادعيت في الحوار ما لم يقل.. ولكنها المقدمة التي لم ترق له، والتي تناولت وصفاً لأجواء روحانية كان يعيشها. أما اللقاء الثاني فكان تلفزيونياً، عندما دعوته ليكون ضيفاً في أحد البرامج، وما حدث بعد الحوار الصحافي حدث بعد اللقاء التلفزيوني، اعتراض على طريقة الحوار، وتهديد باللجوء للقضاء. كل هذا لا يعيب الرجل، فمن امتهن الصحافة قابل هذه النوعية المترددة، أو الحريصة عشرات المرات. ولم يعب إيمان البحر درويش انتقاده للحكومة، ولا اعتراضه على تعاطيها مع بعض الملفات، فهذا حقه، وحق الحكومة أو من يمثلها الرد عليه، وحتى لا يساء فهمي من جانب إيمان، ومن يصفقون لأدائه كمعارض.. فأنا أحترم الرجل كفنان استمتعت ومعي الملايين بكل ما قدم في مجالات الفن المختلفة، لكني أتحفظ على بعض الجوانب في شخصيته، وأعترض على طريقته في المعارضة، وهذا حقي باعتباري أحد المتعاطين لفنه، والدالين عليه لبناتي عندما أخذ بأيديهن إلى فن راق ينأى بهن عن هبوط في الأداء والذوق. إيمان البحر درويش وضعني في حرج مع صغيرات أرشدتهن إلى فنه، عندما استخدم (الشخر) أسلوبا لمعارضته أداء الحكومة، و(الشخر) مصطلح ربما تسمح فصاحته باستخدامه في الكتابة، لكن ممارسته كفعل تحمل إهانة لممارسه، ولم يضبط معارض قديماً أو حديثاً اختاره أسلوباً للمعارضة. أتمنى أن ينأى إيمان البحر درويش بنفسه عن هذه الطريقة، وهو الذي جربته موسوساً ومدققاً في كل شيء، ولو أجهد نفسه لدقيقة لعلم أن كلمة (شخر) معناها نهيق الحمار.

الكنيسة تندد

نتحول إلى”المصري اليوم” وأزمة كنسية اهتم بها حمدي رزق: يقيني كمسلم احترام العقائد الإيمانية، وكمسلم محب لأهل الكتاب متخلقا بأخلاق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، أبتعد بمسافة عن المسائل العقدية، فلكلٍّ عقيدته، ويستوجب احترامها. وكمسلم، لا أقبل أن يتعرض كتابنا الكريم (القرآن) لأي محاولة للتشكيك، وأرفض التعرض لما جاء فيه من آيات محكمات من كَائِنٍ مَنْ كَانَ.. هذه عقيدتي وأنا مؤمن بها. إذن وبالقياس فإن صدور كتاب أو منشور «يهرطق» الكنيسة المصرية من باحث مسلم لأمرٌ بالغ الخطورة، ويثير جملة من علامات الاستفهام مزعجة وطنيا.. لا تزال معلقة في الهواء. ما هو المراد من إصدار كتاب «نقد التقليد الكنسي.. الكنيسة المصرية نموذجا»، للباحث محمد هنداوى، الذي يعمل مشرفا على الأكاديمية الإسلامية في «النرويج»، ويُعرف نفسه بالأزهري، بما حواه من كيد ظاهر للعيان. الكتاب استثار ثائرة من اطلعوا عليه من أساقفة الكنيسة المصرية، واستنفر ظهور الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة في فيديو مطالبا بتحرك المجمع المقدس لمصادرة الكتاب، وقيل (ولم أتثبت من صحته) إنه تمت مصادرته خلال فعاليات معرض الكتاب. وإلى أين سيذهب بنا هذا الكتاب بعد أن أعلنت دار «رسالتنا» المسيحية عن عزمها نشر كتاب مضاد بعنوان «دحض نقد التقليد الكنسي» للقس مينا القمص إسحق وموريس وهيب، للرد على ما جاء في الكتاب. بعيدا تماما عما ورد في الكتاب، وأترك نقده للمختصين، مسيحيين ومسلمين، في أكاديميات متخصصة، فليس هذا ما يعرض بضاعة على العوام، أخشى فتنة تستعر من تحت أقدامنا، مثل هذه الكتب مردودها سلبي تماما على السلام المجتمعي.

النفخ في النار

وحذّر حمدي رزق في “المصري اليوم” من أن الدخول على العقائد الإيمانية جد خطير، وما لا يقبله المسلم على كتابه الكريم، لا يرتضيه على المسيحيين، الذين استهدف عقيدتهم المؤلف بشكل يثير غضب الأوساط المسيحية، ويستنفر ردودا غاضبة ومزعجة تماما (كما هو واضح من التعليقات الأولية)، تسمع في الجوار المسيحي همهمات غاضبة. والسؤال: لماذا الآن؟ ولماذا الدخول على العقائد؟ وما الهدف من وراء هذا الإصدار المزعج لإخوتنا؟ ومن المستفيد من وراء فتنة صدور هذا الكتاب؟ القضية التي يثيرها الكتاب ليس محلها هذه السطور، ما يعنينا هو التأثير السالب لمثل هذه الإصدارات في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في وطننا الرحيب، وما يخلفه مثل هذا الإصدار من احتراب ديني نحن في غنى عنه، وفي توقيت خفتت فيه إلى حد بعيد وتيرة الاحتقان الطائفي في ظل دعوات التجديد الديني المثمرة، ووشائج العلاقات المستقرة بين المؤسسات الدينية التي تذهب إلى المستقبل حوارا وتفاعلا، ما يجمع ولا يفرق بين أبناء الوطن الواحد. غضبة الأنبا أغاثون مشروعة تماما، رجل دين يدافع عن عقيدته، ولكن يستوجب حصار مثل هذه الفتن، فالنار من مستصغر الشرر، وكافٍ الرد على الكتاب من رجال الدين المسيحي دفاعا عن العقيدة المسيحية في أطر محكومة أكاديمية، بدون التعرض للدين الإسلامب حتى لا تصير فتنة نحن في غنى عنها، فرائحة الكتاب مزعجة كنسيا، وأنوف شعب مصر المتسامح تأنف مثل هذه الروائح النفاذة.

لله يا محسنين

اهتم مختار محروس في “الوفد” بمعاناة الباحثين عن اللقاح: أصبح التطعيم مسألة حياة أو موت للعديد من الأسباب منها؛ منع الإصابات بالفيروس أو على الأقل الحد منها، كما أن التطعيم يحول دون وصول المصابين للحالات الحرجة، ويحد من الحالات التي تحتاج إلى دخول المستشفيات، والأهم هو أن التطعيم يقلل من أعداد الوفيات. شاهدنا وشهد العالم كله والبشرية جمعاء تحسن الوضع الصحي والوبائي في العديد من الدول التي حققت خطوات متقدمة لتطعيم مواطنيها والمقيمين فيها كأمريكا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا والكثير من الدول التي تعاملت بجدية مع الجائحة، والتزم المواطنون بالاجراءات الاحترازية، وشاهدنا كيف تخطت هذه الدول الأزمة ووصلت بمواطنيها إلى بر الأمان، أو بالأحرى مناطق آمنه تحول دون هلاك مواطنيها. فالصين مثلاً مركز الوباء بلغ عدد الإصابات فيها 64 ألف إصابة وبلغ عدد المتوفين نحو 4 آلاف شخص، منذ اكتشاف الوباء وحتى الآن. كما أن العديد من الدول العربية حققت نتائج جيدة وخطوات واضحة للسيطرة على الوباء منها المغرب والسعودية والإمارات، فقدر اهتمام الدول بكيفية مواجهة الوباء وتطعيم مواطنيها باللقاحات التي اعتمدتها؛ حققت هذه الدول نتائج جيدة، خاصة في ظل التحورات التي تطرأ على الفيروس، وأن هذه السلالات الجديدة لها من الخطورة وسرعة الانتشار ما يفوق السلالة الأصلية للفيروس. إذا نظرنا للوضع الحالي في مصر نجد أن هناك عدم وضوح في رؤية وزارة الصحة تجاه توافر اللقحات وتطعيم المواطنين، وأن الوزارة ما زالت مستمرة في نهج «كله تمام» وبعيدا عن الحقائق على أرض الواقع، وهذه الحقائق في إمكان أي أحد أن يعرفها من خلال العديد من المصادر والمواقع الخارجية التي ترصد الوضع الوبائي والصحي وكل الأمور المتعلقة بتطورات الوضع، داخل أي دولة لكون الجائحة جائحة عالمية تضرب أرجاء المعمورة كافة.

لنا حق أيضاُ

اقترح معتمر أمين في “الشروق” مبادرة لإعادة التشجير، من أجل حياة كريمة في المدن أيضا، فكما تحافظون على الرقعة الخضراء في الريف، لا بد من الحفاظ على توسيع الرقعة الخضراء في المدن. وكما يحتوى تصميم العاصمة الإدارية الجديدة على النهر الأخضر، أكبر حديقة في مصر، نرجو ألا تحرم المناطق الآهلة بالناس من المساحات الخضراء، التي تقلصت بشدة بعد تطوير الطرق. وطالب الكاتب بتوفير مربعات على الأرصفة لكي تتم إعادة زراعتها بالشجر. ومن أجل التنسيق العمراني، والشكل الجمالي، والحفاظ على المظهر والصحة العامة، من الأفضل تحديد أنواع الشجر لكل شارع أو منطقة، بحيث يراعى استخدام أنواع من الشجر تعتمد على أقل نسبة مياه في العام لترشيد الاستهلاك. وبعد إتاحة هذه الأماكن يمكن فتح حساب في فروع البنوك لكل منطقة ليساهم أهل كل منطقة في إعادة تشجيرها، بما يضمن حدا أدنى من التشجير في كل شارع. ولتكن المبادرة مفتوحة لمؤسسات وجمعيات المجتمع المدني للمساهمة الإيجابية، وأيضا للشركات، وحتى الأندية الرياضية والمستشفيات. بمعنى آخر، لكل الهيئات العامة والخاصة. ولكي تنجح المبادرة، لا بد من عمل شبكة ري بالتنقيط، لضمان الاستعمال الأمثل للمياه، بحيث يمكن تجميع وإعادة استخدام كل قطرة مياه عدة مرات. وإليكم هذه الفكرة التي يتم تطبيقها كنموذج في مناطق متفرقة ويمكن تعميم الاستفادة منها. لقد طورت عدد من مؤسسات المجتمع المدني مشروعا لإعادة تدوير مياه الوضوء بحيث يستخدم لتر المياه على الأقل مرتين. الفكرة ببساطة عمل خزان مياه يجمع مياه الصرف الناتج عن الوضوء في المساجد، مع إضافة بعض المواد الصلبة التي تفلتر أي شوائب في المياه. ثم يعاد استخدام المياه في ري الحدائق حول وأمام المسجد. وفي بعض المساجد الموجودة في مناطق مأهولة التي لا تملك حديقة، يوجد نموذج آخر لإعادة استعمال مياه الضوء، عن طريق استعمالها في غسيل السيارات، مع عمل مصفى تجمع المياه لإعادة استخدامها.

فوضى الشوارع

أما بهاء أبو شقة في “الوفد” فقال، الحديث عن الفوضى في الشوارع لا ينقطع، طالما أن هناك قوانين معطلة لا تجد سلطة تنفيذية تقوم بتفعيلها، والظواهر السلبية الكثيرة التي تفشت لا حل لها سوى تفعيل القوانين.. وأحد القوانين المهمة هو قانون التشرد والاشتباه المعطل بدون تفعيل.. وهو ما خلق فوضى عارمة في الشارع، أبرزها على الإطلاق هو انتشار ظاهرة التسول البشعة بشكل غير مسبوق في الشوارع، كبارا وصغارا، سيدات ورجالاً يقومون بالتسول بشكل لافت للأنظار في ظاهرة غير طبيعية. السبب وراء هذه الظاهرة هو عدم تفعيل قانون التشرد والاشتباه، ورغم أن هذا القانون كفيل بردع هذه الظاهرة، إلا أن السلطة التنفيذية لا تقوم بتفعيله، والناس تضجر مرّ الشكوى خاصة أن هناك أطفالًا صغارًا علمهم أهلهم احتراف التسول والتشرد. وكأن هؤلاء يتحدون علنا القانون، ولا يعملون له أي حساب، فنحن نرى من يوجه ضربات على زجاج السيارات ويسعى إلى انتزاع ما في جيب المواطن عنوة. إنها ظاهرة مؤسفة تشهدها الشوارع ولا أحد يقوى على مقاومتها أو صدها، في حين أن تطبيق القانون كفيل بردعها وزوالها.. فلماذا لا يطبق وينفذ؟ هذا المشهد غير الحضاري لا سبيل لمواجهته والقضاء عليه إلا بتفعيل القانون، وساعتها يشعر المواطن بأن هناك تغييرا حقيقيا حدث في حياته.. ولا حل أيضا للعشوائية التي يعيش فيها الناس سوى بتفعيل القانون، وطالما أن هناك نصوصا عقابية تردع هذه العشوائية لماذا لا يتم تفعيلها؟ كلنا يعرف أن المصريين عاشوا زمنا طويلا ولا يزالون في عشوائية، بسبب عدم تفعيل القوانين التي هي مظهر حضارى للشعوب. وطالما أن الجميع يخضع لسطوة القانون ساعتها تستعيد البلاد وجهها الحضاري المحرومة منه. وتحت ستار عدم تفعيل قانون التشرد والاشتباه ترتكب جرائم كثيرة لا حصرلها، ويتم استفحال الظاهرة ويغرق المسؤول التنفيذي في عمليات المكافحة، أو وقف هذا الغول الذي يشوه البلاد. قانون التشرد والاشتباه ليس مقصوراً على ردع ظاهرة التسول وحدها وإنما لمكافحة كل المشتبه فيهم في الشوارع الذين يتسكعون أو الذين يقفون أمام دور السينما للتحرش بعباد الله، سواء كان هذا التحرش بسيدات أو ارتكاب جرائم أخرى مثل السرقة أو النشل وخلافها.

فاتورة دلال

أكد أحمد السنوسي في “الأخبار”، أن تكلفة إقامة الليلة الواحدة في وحدة الرعاية الفائقة لمريض فيروس كورونا في المستشفى التي مكثت فيها الفنانة دلال عبدالعزيز، تتراوح قيمتها ما يقرب من 17 ألف جنيه، وبضربهم في 90 يوما فتتجاوز مدة الإقامة 1.5 مليون جنيه؛ هذا بخلاف الأدوية والمتطلبات الخارجية للمريضة، كما أن المستشفى يشترط لدخول المريض لديه وضع مبلغ 60 ألف جنيه تحت حساب المريض. وكانت مصادر طبية مطلعة على الحالة الصحية للفنانة دلال عبد العزيز، التي تم نقلها قبل أيام من المستشفى الدولي الذي كانت تعالج فيه في منطقة النزهة الجديدة، لمستشفى حكومي، أكدت المصادر على أن ما حدث ليس إلا إجراء خاصا بأسرتها. وأضافت المصادر أن الفنانة دلال عبدالعزيز، اقتربت إقامتها من 3 أشهر داخل المستشفى، كما أن الحالة الصحية لها تستدعي أن تمكث فترة إضافية أخرى لأنها تعاني من تليف في الرئة، تأثرا بإصابتها بفيروس كورونا، أواخر شهر إبريل/نيسان الماضي، كما أنها تحتاج لأوكسجين بصورة دائمة من أجهزة مساعدة على التنفس، لكنها لم توضع على جهاز تنفس صناعي “فنتيلتور”. وأكدت المصادر على أن الفنانة دلال عبد العزيز شفيت من الإصابة بفيروس كورونا، لكنها لم تشف من تبعات الفيروس التي أثرت في حالتها الصحية، موضحة أن الحالة الصحية للفنانة دلال عبد العزيز تحتاج لوقت لعودة الرئة لما كانت عليه قبل الإصابة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول علي:

    مع ترحيب الشعب بالتأميم ، فإن هناك من كان يرى لو انتظر البكباشي عشر سنوات نهاية امتياز القناة، وتعود إلى مصر بلا تعويضات تدفعها من خزانتها، ويتجنب العدوان الثلاثي الذي لم يستعد له ، وكان قائد طيرانه يقول مفسرا عدم خروج الطائرات لضرب قوات العدو المتقدمة : لم يكن هناك وقود؟ قائد طيران ينسى أن يزود طائراته بالوقود على خط المواجهة؟ ياللعجب! والأعجب أن هذا القائد استمر عشر سنوات بعد العدوان ليكون قائدا مزمنا للطيران، فيضربه طيران العدو على الأرض ويجطم طائراته في الصباح الباكر بينما كان القائد ( العظيم) قد تهيأ للنوم العميق بعد ليلة ساخنة مع نجمات الرقص والفن وخلافه في قاعدة إنشاص بمنطقة بلبيس!

إشترك في قائمتنا البريدية